معارك الأشقاء: أبناء ولكن
يصبحون ألد الأعداء، ثم أفضل الأصدقاء، ثم ألد الأعداء مرة أخرى، وكل هذا في صباح واحد فقط.
يطلقون الشتائم في لحظة، ويتشاركون في لعبة ممتعة في لحظة أخرى، ينافسون بعضهم ويدعمون بعضهم، يهاجمون بعضهم ويدافعون عن بعضهم، يحبون ويكرهون ويتحملون أو لا يتحملون بعضهم، كل هذا بالتبادل عدة مرات في يوم واحد، يتشاركون الألعاب، المائدة، نفس السرير وربما الحجرة، نفس الوالدين.. إنهم باختصار «الإخوة».
بينما العلاقة بين الإخوة قد تكون مربكة بما فيه الكفاية، فإن وجود طفل صغير يصعب الأمور. فهو لم يتمكن بعد من صقل مهاراته الاجتماعية (كالمشاركة والتعاطف والمساعدة والمساومة)، ومازال يرى أنه ملك هذا العالم وأنه كله مسخر لخدمته، وكأهل عليكم أن تتعلموا متى تتدخلون أو تتوسطون أو تديرون ظهوركم لهم ليديروا شئونهم كما يحلو لهم.
ليس عليك أن تقلق من الغيرة بين الأطفال بل يجب عليك في الحقيقة توقعها، إنها إحدى حقائق الحياة التي لا مفر منها، والسؤال الصحيح ليس (هل يمكن أن تحدث؟) بل (متى سوف تحدث؟) وإلى أي درجة سوف تؤثر على العلاقة بينهما؟ لا تنس دائما أن أطفالك هم الأشخاص الوحيدون في المنزل الذين لم يختاروا العيش معا تحت سقف بيت واحد، ولا تقلق لن تنسى هذا فسوف يحرصون على تذكيرك به عندما يكبرون قليلا، وبينما هناك احتمال كبير جدا أنهم سوف يحبون بعضهم وبشدة، لكن لا شيء يضمن أنهم سوف يصبحون أصدقاء، فكون الطفل فردا من العائلة لا يعني أن لديه نفس الاهتمامات والتناغم مع إخوته.
الغيرة هي النتيجة الطبيعية عندما يتنافس شخصان أو أكثر على نفس الجائزة، وفي هذه الحالة الجائزة هي حب واهتمام الوالدين، لذلك يمكنك مبدئيا تقليل الشعور بالغيرة بإظهار حبك وتقديرك لكل أطفالك، وإليك بعض النصائح التي ستساعدك.
لا تفضل طفلا على الآخر
تفضيل طفل على آخر لا يؤدي إلا لمزيد من الاحتقان والعراك، وقد يؤدي إلى مشاكل نفسية معقدة قد تمتد للعمر كله.. بالنسبة للطفل غير المفضل، الشعور بالترك والغيرة العميقة ناحية أخيه المفضل هي النتيجة المحتملة، وقد يشعر بالحاجة لتنفيس غضبه في صورة عراك مع أخيه وإن كان في الحقيقة هو في أعماقه غاضب من والديه، بالنسبة للطفل المفضل، عبء أن تكون دائما الأفضل وأن تحاول دائما أن تصل إلى مستوى توقعات الأبوين المبالغ فيه، مما يؤدي إلى زرع فكرة الخوف من الفشل، ومن يخاف دائما من الفشل ينتهي به الأمر إلى أن يخاف حتى أن يحاول.
هنا لا أحد يخرج فائزا.
كن عادلا
أعط كل طفل كل ما يحتاجه فيما يختص بالوقت، الدعم، الحب، والحاجات المادية، لكي لا تجبر طفلك أن يقارن نفسه بأخيه، والمقارنة دائما ما تشعل المنافسة، وتذكر، أن تكون عادلا تجاه أطفالك لا يعني بالضرروة أن تعاملهم جميعا بنفس الطريقة!
كن مثالا يحتذى
علاقتك بزوجتك هي المثال الحي أمام أطفالك لما يجب أن تكون عليه المعاملة مع (الآخر). الاحترام، الاهتمام، الصبر، الكرم والحب تجاه زوجتك هو أفضل ما يمكنك أن تعلمه لأطفالك، عندما تسامح أو تغفر، عندما لا تتصيد الأخطاء، عندما لا تكثر من المطالب، عندما يكون لديك استعداد للتعاون أو التنازل، وقتها فقط أطفالك سوف يصبحون مستعدين لفعل ذلك.
والكلام ليس محصورا على زوجتك فقط، بل على جيرانك وأصدقائك وأفراد عائلتك أيضا.
تناقش بصورة متحضرة
مهما كنت تحب أو تحترم زوجتك، فالاختلاف بين وجهات النظر لابد أن يحدث، و لابد من حدوث الخلافات بين أي اثنين متزوجين، وهذا طبيعي جدا، لكن احرص على أن تتجنب الألفاظ أو الحركات النابية، لو رأى أطفالك نقاشا حادا بدون شتائم، بدون حركات بالأيدي أو «رزع للأبواب»، فسوف يتعملون إن عاجلا أو آجلا خوض المعارك مع إخوتهم أو الآخرين بصورة متحضرة.
احترم طفلك
احترم خصوصيته، تعمد الحفاظ على أشيائه، عامله تماما كما تحب أنت أن يعامل هو أخاه الأصغر. تأكد أنك لو ضربت ابنك فسيضرب هو أيضا أخاه.
تفهم مشاعر طفلك السلبية
اعترف أمامه أنه أحيانا يكون من الصعب أن نكون على وفاق طوال الوقت. أكد له أنه لا مشكلة أن نغضب أحيانا ممن نحب. استمع بحيادية وتعاطف إلى شكواه كاملة حتى لو كانت مفتعلة أو غير عقلانية أو بها تهويل. لا تعلق على أي وصف لأخيه (مثل أنه أناني أو ظالم ) أو حتى رسمة مثلا. تركك لطفلك يعبر عن مشاعره السلبية تجاه أخيه يعطيه فرصة لكي يجد مخرجا مناسبا لتلك المشاعر من ناحية، ومن ناحية ثانية لكي لا يشعر بالخوف كونك غاضبا عليه لغضبه من أخيه.
لكن لا تتفهم أفعاله السلبية!
كن واضحا معهم جميعا أنه ممنوع تماما الضرب، العض، أو أي نوع من الإساءة الجسدية في المنزل أو حتى خارج المنزل. دائما ذكر أطفالك أن الأمور تمشي أفضل حين يتم حل المنازعات بالكلمات لا بقيضة اليد.
تفهم دوافعهم
كل طفل يحس بالظلم وسط العائلة. الطفل الأكبر مثلا يشعر أنه مطالب دائما بأن يكون “الكبير” في العلاقة، وأن عليه أن يتنازل كثيرا، بينما أخوه الأصغر –من وجهة نظره- لا يقدم تنازلا أو تضحية تذكر.
والطفل الأصغر نظرا لصغر جسمه وقدراته الحركية واللغوية فلا يرى أي مجال لكسب التنافس إلا بسرقة ضحكات ونظرات بابا وماما.
ولذلك احرص على عدم ظلم ابنك الأكبر فقط لأنه مطالب بأن يكون الكبير، ودائما فكره بالمميزات التي تعود عليه كونه الأكبر. وساعد ابنك الأصغر بالتنفيس عن غضبه وبتشجعيه أن يأخذ حقه بأدب من أخيه الأكبر.
لا تتعجل بالتدخل
من المهم جدا أن تضع عينك عليهم جيدا في حالة حدوث أي تنازع. ولكن إذا لم يحدث أي تدخل جسدي أو تدمير للمقتنيات فدعهم يتولون أمورهم بأنفسهم.
ربما يكون العراك هو وسيلة أحدهم لشد انتباهك!
تدخل بحكمة
إذا كانت المعركة على شيء مادي (لعبة، قصة أو اختيار الأغنية على التلفاز مثلا) فحاول أن تصل لتسوية جيدة بأن كل واحد سيكون له دور مع استخدام التايمر مثلا.
وإذا فشلت محاولاتك لإيجاد تسوية فخذ منهم هذه اللعبة كأمر واقع، مع الفصل بينهم لحين الوصول لمرحلة الهدوء.
لا تكن حكما
احذر ! لكي تحكم لابد من أن تعلم الحقيقة جيدا، وغالبا لن تفعل.. لا تحكم على أي منهم بسبب ما قاله لك الآخر . لا تحكم على أحد إلا إذا كان الفعل واضحا وصريحا وحدث بالفعل أمام عينيك (رأيته بالجرم المشهود).
شجع السلوك الجيد
دائما وأبدا شجع أطفالك عند اتباع السلوك القويم. انتهز أي لحظة تعاون أو مشاركة بينهما، حتى وإن كانت نادرة، وشجعها بشدة.