البطارية: من فولتا إلى بطاريات الهواتف الذكية
كلنا نتذكر عندما كنا صغارا بداية معرفتنا الكهربية برؤية البرق الشديد في السماء في الليالي المطيرة، ثم قمنا بعد ذلك في المدارس بتوليد بعض الشحنات الساكنة عن طريق تدليك ساق زجاجية بقطعة من الحرير ثم تقريبها لقصاصات الورق فنتفاجأ أنها تنجذب لها. ثم تعلمنا بعد ذلك في دروس الكيمياء كيف تُخزن الطاقة الكهربية في البطاريات.
والآن وبعد سنوات لا يمكن لنا إطلاقا أن نستغني ولو دقائق عن البطاريات، ولا عن الكهرباء عموما. فكيف إذا تعمل هذه البطاريات وكيف تُخزّن فيها الطاقة؟
ألكساندر ڨولتا واختراع البطارية
قام الإيطالي ألكساندر ڨولتا بوضع النموذج الأوّل للبطارية لتخزين أول شحنات كهربائية في التاريخ وذلك بتوصيل شريحتين من النحاس والزنك بواسطك سلك معدني في محلول، مما ينتج فرقا في الجهد بين الشريحتين يساوي 1 ڨولت. إذ أنّ جهد النحاس في المحلول أكبر من جهد الزنك. وتفسير نشوء التيار الكهربي هو أنه عندما يتأيّن كل من النحاس والزنك في المحلول يكون لكل منهما شحنة تسري في السلك المعدني. وبالطبع فإن هذه البطارية على أهميتها وبساطتها ليست عمليةً كفاية للاعتماد عليها في الحياة اليومية.
ولهذا وعلى مدار عقود طور العلماء البطاريات حتى وصلت للشكل الذي نحن عليه الآن من صِغر الحجم وكِبر السعة.
أنواع البطاريات
تنقسم البطاريات من حيث قابليتها لإعادة الشحن إلى نوعين:
1. بطاريات غير قابلة للشحن: حيث يتم فيها التفاعل الكيميائي في اتجاه واحد وهو اتجاه إنتاج الطاقة الكهربائية. مثل البطاريات المستخدمة في مصباح اليد. حيث تقل تكلفتها ويمكن استبدالها بسهولة.
2. بطاريات قابلة للشحن: وفيها يحدث التفاعل الكيميائي في اتجاهي الشحن والتفريغ. مثل بطارية هاتفك المحمول.
وأيّا كان نوع البطارية فإنها تتكون من خلايا مُنتجة للطاقة التي بدورها قد تكون سائلة أو جافة:
1. الخلايا السائلة: التي تحتوي على سائل فيه الأيونات مثل حمض الكبريتيك المركز في بطاريات الرصاص التي تُستخدم غالبا في السيارات والشاحنات.
وفيه يتم استبدال السائل الذي يحتوي على الأيونات بمعجون يحتوي على القليل من الرطوبة الكافية لإحداث توصيل بين الأقطاب. مما يجعل هذه البطاريات تتخذ أي شكل أو طريقة تركيب لا يتسرب معها السائل.
وأشهرها بطاريات الزنك-الكربون التي تُستخدم في المصابيح اليدوية وألعاب الأطفال. وكذلك بطاريات الليثيوم في الهواتف والحواسب المحمولة.
ظاهرة الذاكرة
تعاني بعض البطاريات القابلة للشحن مثل بطاريات النيكل كادميوم من مشكلة تدعى تأثير الذاكرة. وتنجم هذه المشكلة عن تشغيل البطارية تحت ظروف مخالفة لظروف التشغيل القياسية الخاصة بها لفترة من الزمن. ويتلخص هذا التشغيل الخاطئ في أمرين:
– شحن البطارية (خاصة الشحن لأول مرة) حتى تصل إلى جهد أدنى من الجهد الأقصى لها.
– تشغيل أو تحميل أو تفريغ البطارية ثم إعادة شحنها قبل تفريغها تماما.
عند حدوث أمور كهذه فإن خلايا البطارية تتعامل (وكأنها تبرمجت) مع الوضع الجديد متناسية الخصائص الأصلية لها وبالتالي تعمل بكفاءة أدنى من المتوقع.
هناك مقترحات لتجنب مثل هذه المشكلة منها ما يلي:
عند شحن البطارية لأول مرة ينبغي شحنها لأطول فترة ممكنة (تحدد عادة من قبل الشركة المنتجة) وكذلك التأكد من وصولها للجهد الأقصى لها أو أعلى قليلا. وبعد مرور فترة على شحن وتفريغ البطارية العشوائي (لا يؤثر كثيرًا على الأداء) ينصح بإعادة تفريغها تماما ثم إعادة شحنها للجهد الأقصى مرة كل أسبوعين تقريبا من أجل إنعاش ذاكرة الخلايا.
سعة البطارية
تُقاس سعة البطارية بوحدة الأمبير/ساعة A.h وتُعبّر عن شدة التيار الكهربي الموُلّد في الساعة. (انظر إلى ظهر بطارية هاتفك المحمول وإذا رأيت الرقم أكبر من 2000mAh فأنت تمتلك هاتفا ذو بطارية جيدة)
شحن البطاريات
هو عكس عملية تفريغ البطارية، بتحويل الطاقة الكهربائية من مصدر خارجي إلى طاقة كيميائية يتم تخزينها داخل البطارية.
ويُشترط في البطارية أن تتحمل الشحن الزائد وتوقف عملية الشحن بعد اكتماله توفيرا للطاقة وحفاظا على البطارية، وبالنسبة للشاحن فيُشترط أيضا أن يُنتج كمية كهرباء مساوية لاحتياج البطارية دون زيادة أو نقصان و أن يُعدّل من فرق الجهد وشدة التيار المُخرَج منه ليُلائم مدى أوسع من أحجام البطاريات.
(شاحن لا سلكي)
و الآن سأتوقف عن سرد المعلومات النظرية وأتجه إلى التطبيق العملي.
ما نوع البطاريات التي نستخدمها في هواتفنا وحواسبنا المحمولة؟
إنها بطاريات أيونات الليثيوم Lithium-ion التي تُعد الأفضل الآن لكثرة مميزاتها وقلة عيوبها، متفوقة على بطاريات النيكل كادميوم التي انتهى عصرها.
مميزات بطاريات أيونات الليثيوم:
1. خفيفة الوزن.
2. كِبر حجم الطاقة الناتجة وذلك بالنسبة لحجمها الصغير.
3. لا تتأثر بظاهرة الذاكرة وبالتالي لا داعي لشحنها شحنة كاملة أو تفريغها لـ 0% كما كان الحال قديما.
4. نسبة التفريغ الذاتي دون الاستخدام ضئيلة جدا.
5. قابلة للتطوير عن طريق استخدام مركبات جديدة لزيادة الكفاءة.
6. وأن عنصر الليثيوم ذاته قليل الأضرار عند التخلص منه مقارنة بباقي البطاريات.
بينما يظهر العيب في ضرورة إحكام البطارية لـسهولة تلفها وفي أنها تحتاج إلى وجود دائرة كهربية لحمايتها من ارتفاع الجهد الكهربي فوق طاقتها أثناء الشحن ومن انخفاض الجهد أثناء التفريغ.
بالطبع يستمر السعي الدائم لتطوير التكنولوجيا اليومية، ففي المستقبل القريب يتحدث العلماء عن استخدام خلايا الوقود الهيدروجينية في الأجهزة المحمولة، وهي التي يتم فيها إنتاج الطاقة الكهربائية من خلال تفاعل بين الهيدروجين والأكسجين مما يعطي طاقة أكبر ولفترة أطول، لكنها ما زالت مجرد أبحاث.
كيف تحافظ على كفاءة بطاريات الهواتف والحواسب المحمولة لمدة أطول؟
2. عدم تعريض البطارية -وبالتالي الجهاز ذاته- لدرجات حرارة عالية مما يقلل عمر البطارية ويُسرّع من تفريغها. 3. من الأفضل استخدام الهواتف المحمولة في غير أوقات الشحن، و ذلك لأن شحن البطارية يرفع درجة حرارتها. (النقطة السابقة) 4. من الأفضل تحديث نظام التشغيل كلما كان الأمر متاحا، وذلك لأن أغلب التحديثات تعمل على تخفيض استهلاك المعالج والذاكرة العشوائية RAM مما يعني استهلاكا أقل للطاقة وكفاءة أعلى للبطارية. 5. تجنب البرامج التي تُطيل عمل البطارية حيث أنها تستهلك جزءا أكبر من البطارية لأنها تعمل دائما في الخلفية، بل استبدلها بتقليل درجة السطوع للشاشة وإيقاف الـ WiFi في حالة عدم الحاجة له. 6. خدمة تحديد المواقع GPS: وهي نقطة جدلية لم أستطع حسمها: هل نغلق خدمة تحديد المواقع توفيرا للطاقة؟ أم هل نتركها تعمل لتسهيل العثور على الهاتف المحمول في حال ضياعه؟في رأيي، من الأفضل استخدام الـ GPS دائما حتى وإن استهلك جزءا من البطارية في سبيل معرفة مكان الجهاز دائما. لك أنت أن تُقرر.
7. في حالة التخزين: من الأفضل مراعات تخزين البطاريات في درجات حرارة مناسبة لتحتفظ بكفاءتها بمرور الزمن. وأيضا مرعاة تخزين البطارية مع احتفاظها بنسبة من الشحن حوالي 50% حيث أن تخزينها ممتلئة أو فارغة تماما يقلل سعة البطارية و يقصر من عمرها الافتراضي.