برشلونة 1-2 ريال مدريد: مِدْفَع زيدان
الثأر لهزيمة الدور الأول في البرنابيو، إيقاف سلسلة اللاهزيمة للغريم، تقليص الفارق لسبع نقاط، منع الكتلان من معادلة رقم فوز الملكي في الكلاسيكو، منع البولجا من تسجيل هدفه رقم 500 لبرشلونة، ودفعة معنوية هائلة لإستكمال مشوار دوري الأبطال..زيدان لم يضرب عصفورين بحجر كما ينص المثل الشعبي بل أحرق الشجرة بأكملها بصاروخ ماديرا الذي أحرز هدف التقدم بعد طرد راموس في لقطة معتادة للثنائي، خاصة في الكامب نو.
ورغم رداءة المستوى الفني للمباراة بشكل عام وغياب الإثارة في كثير من الأوقات، إلا أن ملك مدريد الجديد نجح في التعامل مع طريقة لعب برشلونة إلى حد كبير وأوقف كثيرًا من خطورة الثلاثي اللاتيني المرهق الذي بدا عاجزًا عن إيجاد الحلول.
سؤال الكلاسيكو
كان السؤال المطروح قبل المباراة عن قدرة زيدان على مواجهة ثلاثي البلاوجرانا المرعب، وكانت إجابة زيدان بكاتيناتشو مورينيو، تضييق للمساحات وتركيز عالي من خط دفاع ووسط الريال رغم رعونة راموس التي كادت تكلف زيزو المباراة بأكملها في أكثر من لقطة.
هزيمة للبارسا أم فوز للريال؟
سيسيل الكثير من الحبر بين هذا وذاك، لا شك أن عدد من توقعوا فوز الميرينجي كان أقل ممن توقعوا العكس، ولكن التحليل يُعنى في الأساس بتحليل الحقائق أكثر من الاحتمالات، وايضاح أسباب ما كان لا ما كان سيكون، والحقيقة الساطعة هي أن زيزو ولاعبيه قدموا أفضل مبارياتهم هذا الموسم أمام خصم قوي على ملعبه، ولعبوا بأفضل طريقة ممكنة.
أم المعارك
على غرار مباراة الذهاب في البرنابيو كانت معركة الوسط هي مفتاح المباراة، إدارة رائعة من زيدان وإدارة سيئة من إنريكي خالف فيها أبسط قواعد الكرة الشاملة المعتادة لبرشلونة، أسطورة الميرينجي استغل تكديس لوتشو للاعبيه في قلب الملعب بدلًا من نثرهم بعرضه كما هو معتاد، ومنح تعليماته لكارباخال ومارسيلو بالتقدم ومساندة الهجوم مطمئنًا في ظل غياب الضغط على الثنائي من قرينيهما نيمار وميسي الذي انتقل للقلب لتتحول خطة برشلونة إلى 4-4-2 الماسية مبكرًا بلا مبرر واضح، ما منح الملكي التفوق على الأطراف.
كلا المدربين غير الرسم التكتيكي لخط وسطه في 4-3-3 المعتادة بنفس الطريقة، فأصحاب الأرض في كثير من فترات المباراة شهدوا تراجع راكيتيتش إلى جانب بوسكيتس كمحور دفاعي إضافي يمنح إنييستا الحرية للصعود، على الجانب الآخر كانت تعليمات زيدان باختيار مودريتش لمساندة كازيميرو في القلب ومنح الحرية لكروس كلما أمكن، وبالإضافة إلى تفوق كازيميرو على ميسي في أغلب أوقات المباراة فإن كروس هو الآخر تفوق على إنييستا وتمكن من صنع الهدف الأول رغم قلة صعوده مقارنة بالرسام، وهو عكس ما حدث في المباراة الأولى.
كماشة زيزو
رغم أن البولجا كان ثاني أكثر اللاعبين صناعة لفرص التسجيل داخل منطقة جزاء الخصم (2) بعد نيمار (3) إلا أنه سجل 6 إنطلاقات في قلب الملعب فشلت 4 منها بسبب تصدي واحد لكازيميرو وآخر لراموس وإثنين لكروس، هذا يُلخص الأمر، الأرجنتيني عانى من حصار لاعبي وسط الريال عند إنطلاقه لوسط الملعب كما لم يعاني منذ فترة طويلة.
معاناة البرسا
رعونة غير معتادة أمام المرمى، تحركات سيئة من سواريث، أداء ضعيف من إنييستا وميل نيمار للاستعراض المهاري أكثر من تسيير اللعب، فشل الكتلان كان على عدة أصعدة لكن اللقطة التكتيكية الأبرز كانت فشل ميسي في القلب، خاصة في ظل تكاسل أو إرهاق من ثنائي الهجوم في هذه الحالة نيمار وسواريث.
عادة ما يتغير الرسم التكتيكي للبلاوجرانا إلى 4-4-2 الماسية بدخول البولجا إلى قلب الملعب كصانع لعب، ولا يتم ذلك إلا لسببين أولهما تأخر الهدف وثانيهما هو شعور البرغوث بالارهاق أو رغبته في توفير جهده وتوزيعه على دقائق المباراة التسعين.
رغم ما سبق إلا أنه لم يكن السبب الرئيسي في تفوق الريال في الدقائق الأخيرة، ولكن مخاطرة غير محسوبة من إنريكي عرضت الخط الخلفي للكتلان للكثير من الخطورة بقيادة بيل أفضل أجنحة المباراة وأفضل لاعب في السداسي الهجومي للفريقين.
تفوق الملك
عادة ما يطلق على لاعبي الميرينجي لقب الملوك نسبة إلى نشأة النادي، لكن عشب الكامب نو مساء السبت لم يشهد إلا ملكًا واحدًا هو زيدان والباقي أدوا دور المشاة بنجاح تام وتفاني لم يعتده أعضاء الجالاكتيكوس هذا الموسم.
وبالنظر لنقاط تفوق البرسا على ملعبه يمكننا بسهولة استنتاج أسباب نجاح زيدان.
زيزو مرّ من هُنا
أفضل الفرص تولد من رحم المعاناة والأزمات، زيدان تولى إدارة فريق منهار لم يفز في أية مباراة صعبة وخسر كل مواجهاته مع منافسيه المباشرين، لكن اجتهاده مكّنه من أن يحظي بما أراد وكسر قاعدة الخسارة في الكلاسيكو الأول، وإنريكي تلقى درسًا قاسيًا على ملعبه أفسد وداعية يوهان كرويف عرّاب الكتلان بشكل درامي، واقعية ملك العاصمة رقم 5 تفوقت على خيال ملك كتالونيا رقم 10، ومرّ زيزو اختباره الأصعب في هذا الموسم بنجاح لم يتوقعه الكثيرون.
«كما تعلم فهنا في مدريد لا شيء له قيمة إلا الفوز».