«البكتيريا»: الصديق الوفي لطفلك
تجلس وسط عائلتها تحكي كم تهتم بنظافة طفلها، وكيف أن منزلها لا يخلو من المُطهرات الصناعية أبدًا، حتى أن عنايتها الفائقة تصل حد غسل كل اللعب التي تقع من الطفل على الأرض قبل أن يضعها في فمه مرة أخرى.
هي ترى أنها لا يمكنها السماح لطفلها بوضع ما سقط على الأرض في فمه وتفخر بذلك، وهي لا تعلم أن طفلها علميًا يتضرر بشكلٍ مباشر بسبب عنايتها المبالغة تلك؛ فهي تخلق له جهاز مناعة هشًا. هكذا تؤكد العديد من الدراسات والتجارب، فالبحوث التي أجراها أربعة من العلماء في جامعة هارفارد، خرجت بنتيجة سبق معرفتها في أبحاث سابقة، لكنها تأكدت بصورة واضحة الآن:
وفي نفس الوقت تؤكد نفس الأبحاث العلمية التي أجريت على أيدي فرق بحثية في جامعات مرموقة؛ مثل أكسفورد وغيرها، ونشرت في مجلات علمية صارمة، أن التجارب السريرية التي أجريت على الحيوانات وتلك التي أجريت بملاحظة البشر أكدت أن:
لذا يُعَد من أركان التربية الصحيحة، قصد تمرير ميكروبات للطفل كل فترة والأخرى، ويحدث ذلك عن طريق:
1. السماح له بالاحتكاك المباشر بالبيئة (اللعب في الأماكن المفتوحة) دون الوقوف حائلاً بينه وبين التفاعل المباشر مع المحيط حوله، (لا تمسك ذلك بيدك/ لا تضع ذلك في فمك/ لا تركض هكذا كي لا تتضرر)… إلخ.
2.عدم غسل ألعابه بشكل متكرر، طالما ظلت في نطاق المنزل.
3. تقليل استخدام المطهرات الصناعية للحد الأدنى، وبصورة بعيدة عن الطفل. فبالنسبة له ا لصابون العادي كافٍ ويحمي من المايكروبات مثلما يفعل أشهر صابون شركات المطهرات العالمية؛ كما تقول إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA).
4. تناول الوجبات المصنوعة في الشارع كل فترة والأخرى طالما الطعام ليس مصابًا بأي أمراض مباشرة، لا نتحدث عن اللحوم المصنعة أو المحفوظة بالطبع، بل الطعام العادي المصنوع في الشارع وسط بيئة بكتيرية عالية، فالانخراط في المعاملة الحياتية العادية يقي الطفل من احتمالات الإصابة المتأخرة -العنيفة- بأمراض لم يقم بالتحصن منها عندما كان يمكن ذلك.. تخيل طفلة لا يطعمها أبواها إلا طعام المنزل، كيف سيكون رد فعل جسدها عندما تتناول مع صديقاتها ساندوتشًا من تلك العربة الواقفة في الشارع هناك أو طبق كشري من هذا المحل.. أنت تتخيل رد فعل جهازها الهضمي فلا داعي للوصف!
5. عدم الإطباق على الطفل ومحاوطته الدائمة أثناء لعبه البيئي، سواء في الحديقة أو أثناء سيره في الشارع؛ فلمس الطين والجلوس على الأرض، ومسك أوراق الأشجار، وربما بعض الحجارة أمر مهم للسماح بالتمرير البكتيري، كذا تعريفه بأنفسنا على الأشجار،واللعب في الطين والرمال وإمساك الأحجار.
6. الاحتكاك المتكرر بالحيوانات الأليفة المختلفة، فاللعب معها والاحتكاك المباشر كلمس الفراء وغيره؛سيقي الطفل بالدفع بجهاز مناعته لمستويات أخرى من الشراسة، تقيه وأمراض عديدة في المستقبل، مثل الحساسية كما نشرت إحدى دوريات الأكاديمية الأمريكية للحساسية والربو وعلم المناعة (AAAAI).
7. لعب الطفل مع أطفال آخرين في المساحات المفتوحة خارج المنزل.
8.الابتعاد عن استخدام المضادات الحيوية نهائيًا إلا عند وجود حاجة طبية مُلحة.
9. الولادة الطبيعية، فمرور الطفل ببكتيريا القناة المهبلية يعزز من مناعته بصورة كبيرة كما تشير الأبحاث.
11. حرفيًا،التقاط الطعام الساقط على أرضية المنزل والتهامة مرة أخرى. فببساطة عليك أن تسمح لطفلك أن يكون طفلًا! وهذا سبيلك لمناعة قوية لطفلك، هكذا تؤكد الأبحاث بصورة واضحة لا تحتمل اللبس.
ما الذي تقدمه الملوثات لطفلك؟
تقليل احتمالات إصابته بأمراض مختلفة مثل:
سكري الطفولة، الربو، أمراض الجهاز التنفسي، الحساسيات المختلفة، أمراض الأمعاء والجهاز الهضمي، التهابات الجلد، فالجراثيم والميكروبات البسيطة تُسمى «ا لأصدقاء القدامى» لما يقدمونه لنا من فوائد، بينما يمثل الابتعاد عنها أثرًا سلبيًا عامًا على صحة أطفالنا نلاحظه بقوة في الأيام الحالية في قطاعات عريضة من أطفالنا.
كذا حساسيات الطعام المشهورة التي باتت كالوباء بين الأطفال، يكمن جزء كبير من الوقاية منها في تعرض الطفل للبيئة والبكتيريا، فوفقا للدراسات، حساسية الطعام تكون أقل في أطفال التعامل المباشر مع البيئة والحيوانات -في الريف- عن أطفال المدن.
لذا في النهاية، أفضل خدمة يمكنك تقديمها لطفلك، معاملته معاملة طبيعية كطفل عادي دون الهوس بالنظافة..
هذا يتأكد من كل كل الفوائد السابقة مضافًا عليا الفوائد النفسية لطفل يلعب بحرية، والعقلية لطفل يُطور وعيه وينمو مع كل احتكاك مباشر مع عناصر ومفردات بيئته.
لذا لتعتبر من الآن أن النظافة المبالغ فيها.. هي طريقُ طفلك الدائم للطبيب!