بعد الجلوس مشدوهين لما يقترب من الساعتين ونصف أمام هذا الفيلم الذي تم تصويره بالكامل بكاميرات I-Max، يمكننا القول إننا أمام واحد من أفضل أفلام الأبطال الخارقين، رحلة لواحد من أكثر الأشرار أيقونية وإيمانًا بما يفعل، ولكن كل هذا كان ممتعاً للغاية.

ضحكات حقيقية، لحظات درامية، لحظات ترقب وصمت، جمهور لم يغادر مقاعده حتى انتهت تترات النهاية، يمكنك على جانب استهلاك كم ضخم من المسليات أمام هذا الفيلم، وعلى جانب أخر فهذه حكاية تمثل قمة ما يشبه الأساطير الميثولوجية لجمهور واسع من الشباب.

هذا فيلم يمكن دون مبالغة وضع ملصقه الدعائي كمثال ممتع وكاف أسفل تعريف «أفلام الأبطال الخارقين المستقاة من حكايات مصورة».

هذا هو الفيلم التاسع عشر في عالم مارفيل السينمائي الذي بدأ منذ عام 2008. في التقرير التالي نرصد لكم بعض معلومات مرتبطة بأحداث هذا الفيلم سيق ذكرها في حكايات هذا العالم، كما نحلل عوامل إمتاعه وتصدره للتقييمات الجماهيرية – في المركز التاسع الآن عقب تصويت ما يزيد على 150 ألف مستخدم على منصة IMDb – كل هذا دون حرق لكافة أحداث الفيلم لمن لم يحظ بمشاهدته بعد، وهذا فيلم يحوى كمًا ضخمًا من الأحداث على أي حال.


كيف تصنع فيلمًا يجمع كل هؤلاء الأساطير؟

يمكننا أخيرًا إعطاء الفضل للمخرجين والكتاب في أحد أفلام الأبطال الخارقين، النجاح ليس فقط مجموعة من المطاردات المصممة وفقًا لبرامج المؤثرات الخاصة المتطورة للغاية في هذا العالم، ولكنه أيضًا نتيجة لعمل دؤوب ومتقن من مخرجي هذا العمل، فعلها مرة أخرى ،الأخوان روسو، أنطوني روسو وجوي روسو.

التحدي الأهم في هذا الفيلم هو ألا يتحول إلى فوضى، لديك أبطال Avengers الخارقون كلهم، بجانبيهم اللذين افترقا مؤخرًا في حربهما الأهلية، جانب ستيف روجرز «كابتن أمريكا»، وجانب توني ستارك «الرجل الحديدي»، لديك «ثور» ابن الإله، لديك «هالك» وما يقاسيه بروس بانر من أجل السيطرة عليه، لديك سكارليت جوهانسون «الأرملة السوداء»، وبالإضافة لكل هؤلاء لديك كافة حماة المجرة الذين لا يتوقفون عن إلقاء النكات، يأتي من بعيد «دكتور سترانج» وعالم السحرة المنتمي إليه،«الرجل العنكبوت الصغير» الذي يبحث لنفسه عن مكان في عالم جديد عليه، و«بلاك بانثر» الملك الأفريقي المنضم حديثًا لعالم مارفل الأسطوري، وأمام كل هؤلاء شرير قوي ومرعب هو «ثانوس».

اختار مخرجو العمل وكتابه التركيز على العامل المشترك الوحيد بين كل هؤلاء، محاولتهم تعطيل زانوس في رحلته لجمع الأحجار الست اللانهائية، هنا تظهر حيلة رائعة وهي تقسيم هؤلاء الأبطال إلى ثلاث مجموعات، تتقاتل كل منها في مكان ما من رحلة زانوس، وتتقاطع رحلاتهم وأحداثهم من وقت لآخر، لكل مجموعة تشكيل خاص يبدو أنه تمت صياغته بدقه شديدة، ليحافظ الفيلم في النهاية على سلاسة مبهرة، ولا يخلو من لحظات ساخرة تنتزع الضحكات وتخفف من حدة التوتر.

مرة أخرى يكسر صناع مارفيل الحاجز بين أبطالهم وبين الجماهير، فيسخرون من أنفسهم، لكي يذكرونا في النهاية أنهم ليسوا سوى أبطال في أفلام، يقدم بيتر باركر نفسه باسمه الحقيقي بيتر باركر، ثم يفاجأ بأن الجميع يقدم نفسه وفقًا لأسماء شخصيته الأسطورية، فيتراجع ثم يقدم نفسه مجددًا باسم «الرجل العنكبوت». نشاهد لحظات ضاحكة كثيرة مثل هذه طوال الفيلم، وسط معارك ومشاهد أكشن لا تنتهي.


ثانوس: شرير يملك الإيمان والإرادة

https://www.youtube.com/watch?v=flt-8OxfIQQ

بهذه الجملة يقدم لنا «ثانوس» نفسه في الإعلان الدعائي للفيلم الأحدث في عالم مارفل، العالم السينمائي الذي بدأ منذ 10 سنوات، ثانوس هو الشرير الأقوى في هذا العالم، شرير استغرق بناءه سنين.

يمكننا بداية من هذه الجملة وصف هذه الحرب الخيالية اللانهائية، جملة من شرير الحكاية ولكنها تحوي الكثير من المنطق وتعطي لهذا الشرير أفضلية واضحة عن كل منافسيه في هذا العالم، بمن فيهم أبطال أفينجرز الخارقون أنفسهم.

ظهر ثانوس للمرة الأولى في عالم مارفيل السينمائي خلال مشهد ظهر وسط تترات النهاية عقب فيلم The Avengers في عام 2012، لنعرف حينها أن هذا الشرير هو المتحكم في كل ما يواجه أبطال الأرض الخارقين، يظهر عقب ذلك ثانوس في أوقات متفرقة لنعرف أنه في رحلة لجمع 6 أحجار تملك قوة لا نهائية، ستعطيه القوة الكاملة واللانهائية لتطبيق إرادته بما يؤمن به، وهو إعادة التوزان للعالم عن طريق فناء نصف سكانه.

الأحجار اللانهائية هي، حجر الفضاء الأزرق وهو متواجد في أزجارد تحت حماية «ثور» البطل الخارق وأخيه صاحب التصرفات الشريرة أحيانًا «لوكي»، حجر الحقيقة الأحمر وهو متواجد مع رجل غريب الأطوار معروف باسم the collector أو الجامع، حجر العقل الأصفر وهو يمثل جزءًا من vision نظام التشغيل الاصطناعي وصديق توني ستارك القديم الذي تحول مؤخرًا لرجل بشري من أصل آلي، حجر القوة الأرجواني وهو في يد زانوس نفسه، حجر الزمن الأخضر المعلق حول رقبة Dr strange ويتيح له التحكم في الزمن، بالإضافة لحجر الروح السادس والذي لم يظهر مكانه أو لونه في الأفلام الثمانية عشر السابقة.

بحسب ما تم ذكره في الأفلام السابقة فإن هذه الأحجار تعود لعصر ما قبل تشكل الكون، وهي تعبر عن عناصره الأساسية، ومنذ خلق الكون فهي مشتتة، يحرسها سكان الكواكب المختلفة، وتزداد قوتها كلما زادت رحلتها، وكلما زاد علم الأجناس التي تحميها.

زانوس رجل فضائي صاحب لون أرجواني، ينتمي لكوكب هلك نتيجة فقر موارده وزيادة عدد سكانه، ومنذ ذلك الحين وهو مؤمن بأن الطريقة الوحيدة لإنقاذ الكون هي فناء عشوائي وغير متحيز لنصف سكانه.

زانوس في حكاية الأبطال الخارقين، ولكنه بالتأكيد هو البطل في حكايته. رجل مؤمن بما يفعل، نتعرف عليه بشكل قريب في هذا الفيلم مما يتيح للشخصية تطورًا عاطفيًا لم نره لأي شرير في أفلام مارفل السابقة، كما أنه يملك الإرادة والتصميم لتحقيق ما يؤمن به. حينما يتواجد زانوس فكل شيء مهدد. الجميع في خطر.


دراما شخصيات وترقب غير مسبوق

المتعة شيء لا ينتظره المرء حينما يكون هدفه إعادة التوزان للكون.

هذا ما يمكن اعتباره العامل الأبرز لنجاح هذا الفيلم جماهيريًا، فبالإضافة لخلطة مارفيل الناجحة المعتمدة على مشاهد أكشن ممتدة يتخللها لحظات كوميدية، فإن هذا الفيلم يكمل ما قدمه الأخوان روسو على مستوى دراما الشخصيات في فيلمي كابتن أمريكا الأخيرين ونقصد هنا Winter soldier في عام 2014 وCivil War في 2016، وهو خلق دراما واقعية للشخصيات تخلق عمقًا عاطفيًا وفكريًا لتصرفاتها.

هذه الدراما تمتد هنا لتطال الجميع، وتصل لذروتها في العلاقة بين غامورا أحد أعضاء فرقة حماة المجرة وأبيها بالتبني، الشرير الذي يهدد الجميع «زانوس». يضاف هذا الخط الدرامي الجديد لخطوط قديمة بين هالك والأرملة السوداء، الرجل الحديدي والرجل العنكبوت، كابتن أمريكا وصديقه القديم جندي الشتاء، بالإضافة لعلاقة رومانسية جديدة بين الرجل النصف آلي فيجن والفتاة الساحرة التي تتحكم في العقول والقلوب سكارليت ويتش.

في الأجزاء السابقة رأينا كيف تأثرت هذه العلاقات الدرامية الشخصية أثناء الحرب الأهلية ذات الدوافع المنطقية بين جانبي ستيف روجرز وتوني ستارك، حيث يؤمن كابتن أمريكا بأن أبطال أفينجرز يجب ألا يخضعوا لسيطرة أو رقابة من أي جهة، وأن يبقوا قوة حرة لحماية بني البشر، في حين يؤمن الرجل الحديدي أن أبطال أفينجرز يمثلون قوة تدمير هائلة، وأن معاركهم مع أعدائهم من خارج الأرض قد جلبت الخراب والموت للكثير من البشر أيضًا.

والآن تتجدد رحلة هذه العلاقات الشخصية وسط صراع حتمي وغير مسبوق مع عدو يبدو أنه لا يُهزم!

في كل أفلام الأبطال الخارقين تبدو الأحداث متوقعة، ولكن ما يفعله صناع هذا الفيلم ينقل الأحداث لمربع يصعب تمامًا التنبؤ به، ليتفق كل من شاهد هذا الفيلم أنه لا يستطيع الانتظار حتى يأتي ميعاد عرض الجزء التالي من هذه الحرب اللانهائية، وهذا ما سيحدث في صيف عام 2019.