أوجستي بوش: تلميذ «تشافي» الذي احتاج لقطبي مصر واحتاجوا له
في فبراير /شباط من عام 2008، وافقت إدارة برشلونة الإسباني على رحيل المدرب الأسطوري، دوسكو إيفانوفيتش، عن فريق كرة السلة، وذلك بعدما رأى أنه قدم أفضل ما لديه، ولن يستطيع أن يضيف جديدًا، وقررت إسناد المهمة لمساعده الشاب تشافي باسكوال، والذي كان قد ترك وظيفة الهندسة للعمل بدوام كامل مع إيفانوفيتش.
بدأ تشافي مهام عمله على الفور، وهو يعلم جيدًا أنها فترة مؤقتة حتى التعاقد مع مدرب آخر يتولى زمام الأمور، إلا أنه لم يلبث حتى وجد نفسه في نهائي بطولة الدوري الإسباني أمام نادي ساسكي باسكونيا والذي عادة ما ينافس الغريمين برشلونة وريال مدريد على اللقب.
3 أشهر فقط على رأس الإدارة الفنية لبرشلونة، كانت كافية لتشافي من أجل إحراز لقبه الأول بعد الفوز بـ 4 مباريات مقابل 2، وتبدأ رحلة مهندس كرة السلة الأوروبية، كما وصفه المؤرخ فلاديمير ستانكوفيتش، في كتابه «31 عقلاً مدبرًا لكرة السلة الأوروبية».
وفي الوقت الذي تصدر فيه «تشافي باسكوال» المشهد، كان هناك إسباني آخر مغمور، يتحسس طريقه في عالم التدريب، وتعاقد معه النادي الكتالوني للعمل مساعدًا مع تشافي، هو «أوجستي جولبي بوش».
التلميذ النجيب
قضى أوجستي 5 سنوات كاملة مع تشافي كرجل ثانٍ في النادي الكتالوني، وهي الفترة التي يعتبرها المدرب الإسباني الأبرز في مسيرته المهنية؛ لأنها كانت بمثابة نقطة التحول من فرق ذات مستويات أقل، إلى مستوى أكبر على صعيد المنافسة والبطولات.
حقق أوجستي في الفترة من 2008 وحتى 2013، عدة ألقاب لا ينساها مع البارسا منها: 3 بطولات دوري إسباني، 3 آخرين في كأس الملك، إلى جانب لقب غالٍ في اليورباليغ عام 2010، ولكن يبقى الكنز دائمًا فيما تعلمه المدرب الواعد من أسطورة التدريب الإسبانية.
أوجستي كان قريبًا للغاية من تشافي باسكوال، الذي أصبح أصغر من يحرز لقب الدوري الإسباني، بالإضافة إلى تحقيق 19 لقبًا حتى مغادرة كتالونيا في عام 2016، وهو ما ساعده على تشرب أفكاره، والتي تبين فيما بعد أنه استفاد منها للغاية.
فلسفة تشافي اعتمدت بشكل أساسي على التكيف مع ما يتاح له من لاعبين دون النظر إلى فارق الإمكانيات، ورغم أن الأداء يغلب عليه الأسلوب الدفاعي، فإنه يرى أن الهجمة 48 ثانية، 24 منها في الهجوم، والباقي في الدفاع، ويجب على فريقه اللعب بطريقة ديناميكية بينهما.
المدرب الأول
في هذا الوقت حاول أوجستي الخروج من ظل تشافي في برشلونة، وخوض تحدٍ جديد على رأس الإدارة الفنية للمرة الأولى، رفقة فريق «El Prat»، في إقليم كتالونيا، ولكنه سرعان ما عاد مجددًا كرجل ثانٍ، وهذه المرة رفقة المدرب الكرواتي «فيليمير بيراسوفيتش»، في ساسكي باسكونيا عام 2015.
بعدها انتقل الثنائي معًا إلى تركيا، من أجل تولي المهمة التدريبية لنادي «أنادولو إفيس»، ولم يستمرا طويلًا، حيث أعلن النادي التركي في ديسمبر عام 2017، إقالة بيراسوفيتش بسبب النتائج، وتعيين أوجستي مدربًا مؤقتًا للفريق، ليتحقق الحلم الذي راوده منذ خروجه من البرسا.
عاد أوجستي إلى الدوري الإسباني من جديد في العام التالي، وهذه المرة من بوابة نادي «فوينلابرادا»، إلا أنها كانت التجربة الأقصر في مسيرة المدرب الإسباني، الذي أقيل بعد 5 مباريات فقط من تعيينه، وهو الأمر الذي عبر عنه بغضب عبر حسابه على تويتر.
تجربة الزمالك
احتاج أوجستي إلى 11 عامًا كاملة، انتقل خلالها ما بين الرجل الأول والثاني في التجارب التدريبية التي خاضها، ورغم ما حققه من بطولات كمساعد، فإنه فشل في تحقيق أي بطولة وهو يشغل منصب الحلم بالنسبة له في إسبانيا وتركيا.
تولى الساحر الإسباني مهمة نادي الزمالك التدريبية في أول تجاربه داخل القارة السمراء، في نوفمبر عام 2020، ولم يتأخر كثيرًا حتى برهن على جودته كمدرب، وأنه استوعب جيدًا تلك الخبرات التي اكتسبها ممن عمل معهم، حيث استطاع خطف لقبين في عام واحد.
هل تتذكر فلسفة التأقلم مع ما يتاح من اللاعبين والتي تبناها تشافي باسكوال؟ هذا بالضبط ما انتهجه أوجستي رفقة القلعة البيضاء، عندما فاز بلقب البطولة الأفريقية للأندية « BAL»، والتي أقيمت لأول مرة تحت تنظيم دوري كرة السلة الأمريكي «NBA» في رواندا.
ورغم استعانته باثنين من المحترفين على سبيل الإعارة، فإن الفريق شهد تطورًا كبيرًا على مدار مباريات البطولة، وأشرك أوجستي كل اللاعبين بنظام المداورة، وهو ما أدى إلى تألق بعض اللاعبين المصريين أيضًا، مثل: مهاب ياسر، وأنس أسامة.
الأمر نفسه تكرر، بعد شهر واحد تقريبًا في بطولة دوري السوبر، حين استطاع رجال أوجستي الإطاحة بالجزيرة في نصف النهائي، ثم الفوز بصعوبة على كتيبة أحمد مرعي في الاتحاد السكندري، والتي تسيطر على معظم البطولات في السنوات الأخيرة.
عودة الأهلي
بداية من الموسم الحالي، انتقل أوجستي إلى الغريم التقليدي النادي الأهلي، في صفقة أحدثت جدلًا بين صفوف جماهير القطبين، ولكنه كعادته وطبعه الهادئ، بدأ العمل سريعًا بما لديه من أدوات، عقب ميركاتو جيد من إدارة القلعة الحمراء.
بصمات الساحر الإسباني ظهرت مبكرًا، حين حصد لقب البطولة العربية مع الأهلي، وذلك لأول مرة في تاريخ النادي، وسط تألق لافت من إيهاب أمين الذي حصد جائزتي أفضل لاعب، إلى جانب تواجده في التشكيل المثالي أيضًا.
ثم عاد أوجستي ليحصد لقب دوري المرتبط، مع الفريق، حين تفوق على الاتحاد السكندري في المباراة الثانية، عقب الخسارة في المباراة الأولى على صعيد الكبار، حيث أخذ الأهلي الأفضلية بفضل فوزين حققهما فريق الشباب على شباب الأخضر، وهي البطولة الثالثة له عقب التتويج بدوري منطقة القاهرة أيضًا.
مسيرة أوجستي القصيرة مع الأهلي لم تشهد سوى هزيمة واحدة، في 20 مباراة خاضها المدرب الإسباني حتى الآن، إلى جانب تفوقه في المواجهات المباشرة مع أبرز مدرب مصري حاليًا، وهو أحمد مرعي، بـ 6 مباريات مقابل 4 مباريات للأخير، تلك الأرقام والبطولات تؤكد أننا أمام مدرب استثنائي، لا يشبع من حصد المزيد والمزيد.