وزير القنبلة الذرية: عميحاي حفيد «أول صهيون»
عاصفة من الجدل أثارتها تصريحات عميحاي إلياهو وزير التراث الإسرائيلي بعدما دعا لإلقاء «قنبلة نووية» فوق قطاع غزة قبل أن يتراجع لاحقًا عنها ويصفه بـ«التعبير المجازي».
عميحاي إلياهو «עמיחי אליהו» هو حاخام (رجل دين يهودي) ينتمي لحزب اليمين المتطرف «עוצמה היהודית – القوة اليهودية»، وهو ابن الحاخام «صموئيل إلياهو» حاخام مدينة صفد، وحفيد الحاخام «مردخاي إلياهو» المُلقب بأول صهيون وهو لقب كان يُمنح للحاخام الأكبر لليهود في ظل الإمبراطورية العثمانية، واليوم يُمنح اللقب بعد إنشاء الحاخامية الكبرى لإسرائيل، فظل يُمنح لكل من اختير ليكون حاخامًا أكبر لليهود السفارديم أي يهود الشرق الأوسط.
يسَكن «عميحاي» مستوطنة «ريمونيم» في السامرة، عمره 44 عامًا، متزوج، اختير ليكون رئيس لجنة اتحاد الحاخامات المجتمع، الذي يضم 350 حاخامًا في الكنيست، وفي نوفمبر 2022 تم انتخابه ليكون عضوًا في الكنيست للمرة الأولى، ثم أصبح وزيرًا للتراث عام 2022.
ويذكر أن تاريخ إلياهو السياسي القصير حافل بالتصريحات المتطرفة، التي اضطر إلى الاعتذار عنها، ومنها: «قادة النظام الأمني يعملون في وضع التمرد»، في يونيو من هذا العام (2023)، أدلى بتصريح nخر على إذاعة «كول باراما»، أن محافظ بنك إسرائيل «أمير يارون»، إنه «يوسخ دولة إسرائيل ويضر بالتصنيف الائتماني للبلاد».
وأخيرًا التصريح المتطرف الآخر الذي فتح عليه النار من كل صوب: فصرح في مداخلة مع محطة الإذاعة الأرثوذكسية المتطرفة «كول باراما»، بأن «القنبلة الذرية على غزة – «هذا هو أحد الطرق».
ولم يكتف بذلك التصريح فأكمل: «في الحرب تدفع الأثمان، فهل حياة المختطفين أغلى من الجنود الذين يُصابون؟».
ليس وحده
لم يقف الوزير الإسرائيلي وحيدًا في ساحة المواقف المتطرفة تجاه الفلسطينيين وإنما أيده بها الحاخام المتطرف «إليشع وِلْفُسون»، رئيس مدرسة أمناء جبل الهيكل الدينية وهى حركة يهودية أرثوذكسية متطرفة هدفها إقامة -هيكل سليمان- مكان المسجد الأقصى وقبة الصخرة.
ويعتبر «إليشع» أحد الشخصيات البارزة في تلك الجماعة، ولديه تاريخ طويل في تدنيس ساحات الأقصى المبارك، وله فتوى تفيد بأن الشريعة اليهودية لا تؤمن بوجود أبرياء وقت الحرب، وبالتالي يجب قتل النساء والأطفال في غزة حتى لا يعرضوا حياة الجنود اليهـود للخطر، ودعم أيضًا تصريحات وزير التراث «عميحاي إلياهو» الذي طالب فيها بقصف غزة بالقنبلة النووية، وعلاوة على ذلك طالب الحاخام المتطرف بضرورة تهجير الفلسطينيين من غزة استنادًا إلى قول سارة لإبراهيم في التوراة: «فقالت لإبراهيم اطرد هذه الجارية وابنها لأن ابن هذه الجارية لا يرث مع ابني إسحق».
ويأتي إباحة الحاخامات لقتل الأبرياء في الحرب من أجل حشد التأييد الشعبي لعمليات الإبادة التي ينفذها نتنياهو؛ دعمًا لمخطط تهجير أهل غزة وإعادة احتلال القطاع من خلال إضفاء الطابع الديني على العدوان الصهيوني.
أما عن حزب «القوة اليهودية» حزب اليمين المتطرف الذي ينتمي له الوزير ويقوده «إيتمار بن جفير» ووزير الأمن القومي في الحكومة الإسرائيلية، وجهت ضده عشرات الاتهامات، أدين بثمانية منها، ومن بينها تهمة تخريب عقارات وشغب، وعرقلة ضابط شرطة، وتهم عنصرية، يمتهن المحاماة وغالبًا ما يترافع عن أشخاص من ذات توجهه الفكري، وأصحاب القضايا الأيديولوجية.
عمره 47 عامًا، متزوج، يعيش في مستوطنة «كرييت أربع»، وهي تقع شرق حبرون أو مدينة الخليل في منطقة جبال يهوذا في الضفة الغربية.
بعد وقت قصير من اندلاع الحرب على غزة، نفذ ما كان يعمل عليه منذ عشرة أشهر وهو تخفيف في الاختبارات المطلوبة للحصول على ترخيص الأسلحة، أضيف مئات الآلاف من المواطنين إلى دائرة استحقاق حمل السلاح، وتعمل وزارة الأمن الوطني على الموافقة على آلاف الطلبات المقدمة منذ بداية الحرب، كما ذكرت القناة السابعة الإسرائيلية.
ابن الحاخام
وليس هذا فحسب في حين أن والده حاخام مدينة صفد، صرح عام 2016 «صموئيل إلياهو» وأحد زعماء الصهيونية الدينية في -إسرائيل- والد وزير التراث، في حديث نقله موقع «القناة العبرية السابعة»، أنه «يجب الانتقام من الفلسطينيين، وأن الانتقام من هؤلاء الوحوش فريضة تنص عليها التوراة، ويجب على دولة إسرائيل تطبيقها، اعتبر إلياهو أن «فريضة الانتقام وفريضة احترام وتقديس يوم السبت، متساويتان في الأهمية وأن الفلسطينيين وحوش وقتلهم والانتقام منهم فريضة دينية».
في حين ذكر موقع جريدة «يديعوت أحرونوت» الالكترونية، أن أغلق موقع اليوتيوب قناته التي يرفع عليها دروسًا للتوراة، بسبب عدم مطابقتها لسياسية الموقع، بما فيها من ازدراء وعنف وعنصرية، وفي السنوات الأخيرة، برز بمواقفه المحافظة والمعارضة للقضايا العامة المثيرة للجدل، مثل: حقوق المثليين، ودمج النساء في الجيش الإسرائيلي، ومعاملة العرب الإسرائيليين، ورفضه الزواج من الأجانب، وأثارت ضده تنظيمات يسارية وحركات ليبرالية طالبت أكثر من مرة بإقالته من مناصبه في الدولة أو تقديمه لتهم تأديبية.
بينما قام بالرد على التهمة التي وجهت له بالعنصرية وقال: «أنا أحب دولة إسرائيل، قدسية الأرض وقدسية كل شخص مخلوق على صورة الرب، وأوضح: «أنا أفرق بين البشر، اليهود وغير اليهود، المأمورين باحترامهم، وبين الأعداء الذين يسعون لإيذائنا».
وفي عام 2020 خضع للمحاكمة التأديبية بعد سلسلة من التصريحات ضد العرب ومجتمع المثليين: «تصريحاته تجاوزت الخط الأحمر»، حيث جاء في عريضة اتهامه: «فإن الحاخام يحرض بشكل مستمر الحشد اليهودي ضد المجتمع العربي، بما في ذلك الدعوة إلى طرد العرب من صفد وكلية صفد بشكل عام، والامتناع عن تأجير الشقق للمجتمع العربي، ومعاملة جميع العرب كأعداء وإرهابيين، وأكثر من ذلك.
استشهد القاضي بعدد من الأمثلة على تحريض الحاخام إلياهو ضد العرب، بما في ذلك منشور نشر على صفحة مكتب الحاخام على الفيسبوك بتاريخ 23 ديسمبر 2018، وجاء فيه: «في الوقت الحاضر، علينا أن نبذل جهدًا حتى ننتقم من أي شخص يضع يدًا على يهودي ليقتله. وهو لم يقتل حتى، بل ضربه أو أراد قتله فقط… وحتى في أيامنا هذه، وحتى في أيامنا هذه من المهم الاهتمام بتنظيم القانون بحيث يكون واضحا للجميع، بما في ذلك القتلة، أن الإرهابي أو الإرهابي الذي جاء لقتل اليهود – هذه هي نهايتهم، واجب ووصية على الجنود ورجال الشرطة والمواطنين القضاء عليهم، وليس تحييدهم أو الاستيلاء عليهم، بل إزالتهم من الدنيا ومن يحميهم يسفك الدماء في العالم».
أما عما يحدث الآن في غزة، فصرح للقناة السابعة الإسرائيلية «رد متناسب في الحرب؟ لا يوجد شيء من هذا القبيل في العالم».
اعترض على ما طلبه العالم من إسرائيل بأن ترد بشكل متناسب على ما ارتكبته حماس في المستوطنات المحيطة: وقال إن «هذه كذبة أخلاقية، يجب حرق تلك الكذب»، فلا يمكن الرد بشكل بسيط.
أقيلوا الوزير الغبي
فكان من شأن تلك التصريحات أن تدفع عديدًا من الوزراء والحكومة المعارضة لتنديد به وطلب إقالته الفورية، فصرحت عضوة الكنيست «يفعات شاشا بيطون»: «وزير غبي يدمر بتصريح واحد جهود المناصرة الحيوية لآلاف الإسرائيليين واليهود حول العالم، هذه ليست القوة اليهودية (تقصد اسم الحزب الذي ينتمي له)، إنها قوة الجنون والغباء والخطر» «لدولة إسرائيل، ومن أجل تقليل الضرر الذي يلحق بالدولة وبالحرب العادلة في غزة، هناك طريقة واحدة فقط للرد على كلام عميحاي إلياهو – إقالته الفورية».
وجاء رد آخر من منظمة «إخوان السلاح»، طالبوا فيه أيضًا بإقالة الوزير فورًا، «إذا كان نتنياهو وغانتس يريدان حقًا الحفاظ على الإجماع الوطني النسبي الموجود هذه الأيام والعلاقات مع العالم – فيجب إقالة الوزير عميحاي إلياهو الآن، الكلمات ليست كافية – هناك حاجة إلى أفعال».
أما هيئة عائلات الأسرى فلقد صرّحت قائلة: «إن تصريح الوزير إلياهو يمثل تنازل الحكومة الكامل عن التزامها الأساسي بإعادة المختطفين والمفقودين، علاوة على ذلك، لا يمكن لوزير في حكومة إسرائيل، بالتأكيد أثناء الحرب، أن يتصرف بهذا الشكل، فكل كلمة يقولها تعكس موقف الحكومة في الخارج، وعندما تُقال مثل هذه الكلمات التجديفية، فإن الضرر الذي يلحق بحكومة إسرائيل ودولة إسرائيل يكون هائلاً.
وصرح رئيس حزب «يش عتيد – יש עתיד»، عضو الكنيست يائير لابيد ورئيس المعارضة، عن كلامه: «تصريح صادم ومجنون لوزير غير مسؤول، أضر بعائلات المخطوفين، وأضر بالمجتمع الإسرائيلي، وأضر بمكانتنا الدولية، ووجود المتطرفين في الحكومة يعرضنا للخطر ونجاح أهداف الحرب – الانتصار على حماس وعودة المخطوفين، فعلى نتنياهو أن يقيله فورًا».