الذكاء الاصطناعي الشامل لا يزال حلمًا بعيد المنال
محتوى مترجم | ||
المصدر | ||
التاريخ | ||
الكاتب |
دائمًا ما تتحدث وسائل الإعلام – خاصة تلك المهتمة بالتطورات التكنولوجية الحديثة – عن اقتراب البشر من اختراع الذكاء الاصطناعي الكامل الذي يقترب من ذكاء الإنسان بل وقد يتفوق عليه. وقد أصبح الذكاء الاصطناعي عنصرًا يكاد يكون مشتركًا بين كل روايات الخيال العلمي والأفلام المبنية عليها. فلا تخلو تلك الروايات والأفلام من الحديث عن الإنسان الآلي الذي يحاكي البشر في الصورة والتصرفات، والمركبات والطائرات بل والآلات الحربية التي تقود نفسها وتتميز بردود الأفعال السريعة. ولكن، هل اقتربنا فعلاً من تحقيق هذه الصورة في أرض الواقع؟
بينما يتنبأ بعض العلماء بقرب وصولنا إلى هذا الأمر إلى الحد أن البعض منهم قد بدأوا يحذرون من حصول الآلات على «ذات واعية» خاصة بها في عام 2030 م، وأن ذلك قد يعني بداية النهاية للجنس البشري، وأن ذكاءها سيفوق الذكاء البشري، يرفض بعض العاملين في مجال البرمجيات هذه التنبؤات ويقولون إن البشرية لا تزال بعيدة كل البعد عن اختراع الذكاء الاصطناعي الكامل، وإن أمام البشرية قرونًا عديدة قد تصل إلى آلاف السنين قبل الوصول إلى ذكاء صناعي يمكن أن يضاهي الذكاء البشري.
وفي هذا السياق، كتبت كلارا لو، مديرة التسويق في شركة فايسينز للذكاء الاصطناعي المتخصصة في مجال البحث عن طريق الصور، في مقال لها على موقع تيك كرنش أن الاعتقادات الخاطئة والتباس الفهم هو ما يجعل البعض يظن أننا اقتربنا من تحقيق الذكاء الاصطناعي، وأن هذا الخلط يرجع إلى الأسباب التالية:
-
الخلط بين الذكاء والذكاء الخارق:
فالذكاء الاصطناعي الكامل أو الخارق يجب أن يمتلك جميع القدرات الذهنية البشرية بما فيها الوعي بالذات والإحساس بالوجود اللذين يعدان أهم عناصر الذكاء البشري، بالإضافة إلى التفوق على المخ البشري في كل المجالات مثل الإبداع والعلم والحكمة والمهارات الاجتماعية. أما الذكاء الاصطناعي الموجود حاليًا فهو لا يتفوق على الذكاء البشري إلا في جانب واحد فقط لا يتعداه، فالذكاء الاصطناعي الذي يتفوق على البشر في الشطرنج مثلاً لا يتفوق عليه في أي مجال آخر. والذكاء الاصطناعي ما زال بعيدًا كل البعد عن الوصول إلى مستوى ذكاء طفل ذي سبعة أعوام فيما يخص فهم المنطق والخيال واللغة والحدس وإدراك كيف يتحرك العالم من حوله.
-
فهمنا للذكاء البشري لا يزال محدودًا:
لا يزال العلماء يحاولون الوصول إلى فهم المخ البشري والخلايا العصبية وكيفية عملها، كما أن مستويات الذكاء البشري لا تزال غامضة بالنسبة إلى كثير من الباحثين، فالذكاء بالنسبة للمبرمجين عبارة عن مجموعة من الحسابات والمعادلات، ولكن المخ البشري لا يعمل بتلك الطريقة، ويجمع المختصون في مجال الذكاء الاصطناعي على عدم وجود فهم كامل ومتماسك لطبيعة الذكاء البشري والوعي بالذات. حتى إن علوم الجهاز النفسي العصبي تبحث في ذكاء الإنسان من خلال مجالات بحث مختلفة ولا تعطي تعريفًا واحدًا جامعًا للذكاء البشري. فإذا كنا كبشر لا نستطيع فهم الذكاء البشري، فكيف نبني حاسبات تتمتع بهذا الذكاء؟
-
المخ البشري معقد جدًا للدرجة التي يستحيل معها تقليده:
يمتلك المخ البشري حوالي 100 مليار خلية عصبية متصلة ببعضها بتريليون رابطة عصبية، وأفضل محاولة لمحاكاة مخ حي تمت من خلال مشروع الدودة المفتوح الذي تمت فيه محاكاة جهاز عصبي لدودة أسطوانية يتكون من 302 خلية عصبية في حاسب يتحكم في حركة إنسان آلي بسيط، وهو ما يعد إنجازًا علميًا هائلاً، ولكنه يوضح لنا مدى ابتعاد القدرات العلمية الحالية عن محاكاة المخ البشري.
-
ضعف القدرات الحاسوبية الموجودة حاليًا:
يواجه تطوير الذكاء الاصطناعي مشكلة ضعف القدرات الحاسوبية الموجودة حاليًا، ولذلك ينظر للحاسب الكمومي الذي تعمل جوجل عليه مؤخرًا بأنه نقلة مهمة في محاولات محاكاة المخ البشري حيث يتميز بقدرات وسرعات أكبر من الحواسيب الموجودة حاليًا، ولكن برمجتها لا تزال أمرًا غامضًا أمام الكثير من المبرمجين، حيث لا تعمل هذه الأجهزة بالنظام الثنائي المكون من (1، 0)، بحيث يمكن أن تكون كلاً من صفر وواحد في نفس الوقت أو لا تكون أي منهما على الإطلاق. مما يعني تغيرًا كاملاً في نظم البرمجة المستخدمة مع الحواسيب الحالية مما سيحتاج للكثير من الوقت والعمل للاستفادة من إمكانياته.
-
الفجوة الحالية بين ما توصلنا إليه والذكاء الاصطناعي الخارق:
لا تزال توجد فجوة كبيرة بين الذكاء الاصطناعي الذي يعمل الآن وبين الذكاء الاصطناعي الذي يستطيع استقبال المعلومات وفهمها، فالمعرفة الحالية لمفاهيم الوعي والذكاء حتى بالنسبة للعقل البشري لا تزال في مراحل بدائية للغاية، وهذه الفجوة المعرفية ستؤدي بالضرورة إلى تأخر وصول الذكاء الاصطناعي إلى المستوى المستهدف في هذا الوقت القصير.