محتوى مترجم
المصدر
MIT
التاريخ
2016/07/13
الكاتب
لاري هارديستي

اتضح أن النمل يعد جيدًا للغاية في تقدير كثافة وجود النمل الآخر في الجوار. ويبدو أن هذه القدرة تلعب دورًا في العديد من الأنشطة المجتمعية، خصوصًا في إجراءات التصويت حين تختار مستعمرة نملٍ وكرًا جديدًا. وقد ظن علماء الأحياء طويلًا أن النمل يبني تقديراته للكثافة السكانية – حرفيًا – على مدى تكرارية التقائه بنمل آخر أثناء استكشاف بيئاته على نحو عشوائي.

أصبحت هذه النظرية مدعومة من ورقة بحثية نظرية سوف يقدمها باحثون من مختبر الذكاء الاصطناعي وعلوم الحاسب بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في مؤتمرٍ بعنوان «ندوة حول مبادئ الحوسبة الموزعة» الذي تقيمه جمعية الآلات البرمجية في شهر يوليو. تظهر الورقة البحثية أن الملاحظات المستمدة من التنقيب العشوائي للبيئة تجمع بسرعة جدًا تقديرًا دقيقًا للكثافة السكانية. بالفعل، إنها تتقارب بنفس السرعة الممكنة نظريًا تقريبًا.

إلى جانب تقديم الدعم لافتراضات علماء الأحياء، ينطبق هذا الإطار النظري أيضًا على تحليلات الشبكات الاجتماعية، لعملية اتخاذ القرار جماعيًا وسط الأسراب الروبوتية، وللاتصالات في الشبكات المتخصصة، مثل شبكات أجهزة الاستشعار منخفضة التكلفة المنتشرة في البيئات الطاردة.

«من البديهي أنه إن مشى بعض الأشخاص بشكل عشوائي حول منطقة ما، فسوف يمثل عدد الأشخاص الذين يقابلونهم بديلًا عن الكثافة السكانية»، حسبما يقول كاميرون موسكو، طالب الدراسات العليا بمعهد ماساتشوستس والمتخصص في الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسب، والكاتب المشارك في الورقة البحثية الجديدة. ويتابع: «ما نفعله هو أننا نقدم تحليلًا دقيقًا يتجاوز هذه المعلومة البديهية، كما نقول إن التقدير جيد جدًا، بدلًا من تقديم تقديرٍ ما رديء. ومع مرور الوقت، يصبح أكثر دقة، ويتم تقريبًا بنفس السرعة التي قد تتوقع أن يتم بها مطلقًا».


سير عشوائي

تبدأ تلك النملة في خلية ما على الشبكة وتتحرك، باحتمالات متساوية، إلى إحدى الخلايا المجاورة. ثم، باحتمالات متساوية أيضًا، تتحرك إلى واحدة من الخلايا المجاورة إلى تلك الخلية، وهكذا دواليك.

يصف موسكو والكتاب المشاركين معه – مستشارته، الأستاذة بشركة «نيس» لعلوم وهندسة البرمجيات، نانسي لينش، وهسين هاو سو، باحث ما بعد الدكتوراه بمجموعة لينش – بيئة النملة بأنها شبكة، مع انتشار نملات أخرى عشوائيًا في أنحائها. تبدأ تلك النملة – لنسمِّها المستكشفة – في خلية ما على الشبكة وتتحرك، باحتمالات متساوية، إلى إحدى الخلايا المجاورة. ثم، باحتمالات متساوية أيضًا، تتحرك إلى واحدة من الخلايا المجاورة إلى تلك الخلية، وهكذا دواليك. في الإحصاءات، يشار إلى ذلك باسم «السير العشوائي». وتحصي النملة المستكشفة أعداد النمل الذي يسكن كل خلية تزورها.

في ورقتهم البحثية، يقارن الباحثون السير العشوائي بأخذ العينات العشوائية، التي يتم فيها اختيار خلايا عشوائية من الشبكة ويُحصى عدد النمل في كل منها. تتحسن دقة كل أسلوب مع كل عينة إضافية، لكن بشكل ملحوظ، يجمع السير العشوائي الكثافة السكانية الحقيقية بنفس سرعة أخذ العينات عشوائيًا تقريبًا.

يعد ذلك هامًا لأنه في العديد من الحالات الخاصة، لا يعد خيار أخذ العينات العشوائية متاحًا. فلنفترض، على سبيل المثال، أنك تريد أن تكتب خوارزمية لتحليل شبكة للتواصل الاجتماعي على الإنترنت – مثلًا، لتقدير حجم الجزء من الشبكة الذي يصف نفسه بأنه جمهوري. ليس هناك قائمة متاحة للعلن تضم أعضاء الشبكة؛ الطريقة الوحيدة لاستكشاف ذلك هي اختيار فرد والبدء بتتبع العلاقات.

على غرار ذلك، في الشبكات المتخصصة، يعرف جهازٌ محددٌ مواقع الأجهزة الأخرى الواقعة في جواره مباشرةً؛ ولا يعرف تخطيط الشبكة بالكامل. سوف تكون الخوارزمية التي تستخدم السير العشوائي لجمع المعلومات من عدة أجهزة أسهل كثيرًا في التنفيذ مقارنة بتلك التي يتعين عليها وصف الشبكة بالكامل.


تكرار اللقاءات

يعد ما توصل إليه الباحثون مفاجئًا لأنه، في كل خطوة من السير العشوائي، هناك احتمالية كبيرة لعودة المستكشف إلى خلية زارها بالفعل. وبالتالي فإن التقدير المستمد من السير العشوائي لديه فرصة أكبر كثيرًا لأخذ أكثر من عينة من نفس الخلايا، مقارنة بأخذ العينات عشوائيًا.

في البداية، حسبما يقول موسكو، افترض هو وزملاؤه أن ذلك يمثل عقبة يتعين على خوارزمية تقدير كثافة السكان أن تتجاوزها. لكن محاولاتهم لتصفية بيانات العينات المكررة بدت معززة لسوء أداء خوارزميتهم بدلًا من تحسينه. ولكن في النهاية، تمكنوا من تفسير سبب حدوث ذلك، نظريًا.

«إن سرت عشوائيًا فوق شبكة، فلن تقابل جميع من عليها، لأنك لن تقطع الشبكة بالكامل»، وفق موسكو، «لذلك فهناك شخص ما على الجانب الآخر من الشبكة تبلغ نسبة التقائي به صفر. لكن بينما سوف ألتقي بهؤلاء الأشخاص بنسبة أقل، سوف ألتقي بأشخاصٍ قريبين بنسبة أكبر. يجب أن أحصي جميع تفاعلاتي مع الأشخاص القريبين للتعويض عن حقيقة أنني لن ألتقي أبدًا بهؤلاء البعيدين. يحقق ذلك توازنًا تامًا بشكل ما. ويسهل إثبات ذلك بالفعل، لكن الأمر ليس بديهيًا للغاية، لذلك استغرق بعض الوقت لندركه».


التعميمات

في كل خطوة، هناك احتمالية كبيرة لعودة المستكشف إلى خلية زارها بالفعل. وبالتالي فإن التقدير المستمد من السير العشوائي لديه فرصة أكبر لأخذ أكثر من عينة من نفس الخلايا.

تعد الشبكة التي استخدمها الباحثون لتمثيل بيئة النمل مجرد مثال خاص على هيكل البيانات الذي يطلق عليه الرسم البياني. فالرسم البياني يتكون من نقاط التقاء، تمثل عادة بدوائر، وحدود، تمثل عادة بشرائح خطية تصل بين نقاط الالتقاء. في الشبكة، تمثل كل خلية نقطة التقاء، وتتشارك الحدود فقط مع تلك الخلايا المجاورة لها مباشرةً.

لكن الأساليب التحليلية للباحثين تنطبق على أي رسم بياني، مثل الذي يحدد أي أعضاء بشبكة اجتماعية ما متصلين، أو أي أجهزة في شبكة متخصصة تقع في نطاق اتصال بعضها البعض.

إن لم يكن الرسم البياني متصلًا بشكل جيد جدًا – إن كان، على سبيل المثال، مجرد سلسلة من نقاط الالتقاء، يتصل كل منها فقط بالنقطتين المجاورتين له – فقد يمثل تكرار العينات مشكلة. فضمن سلسلة من، مثلًا، 100 نقطة التقاء، قد يعلق المستكشف الذي يسير عشوائيًا بين نفس نقاط الالتقاء الخمسة أو الستة مرارًا وتكرارًا.

هذه الأدوات يمكنها أن تكون مفيدة جدًا لعلماء الأحياء. ولربما تمكننا من القيام بقفزة إلى الأمام في سبيل فهم النظم البيولوجية.

لكن طالما يرجح لمسيرتين عشوائيتين تبدءان من نفس نقطة الالتقاء أن تتوسعا في اتجاهات مختلفة، مثلما يحدث عادة في الرسوم البيانية التي تصف شبكات التواصل، يظل السير العشوائي بنفس جودة انتقاء العينات العشوائية تقريبًا.

علاوة على ذلك، في الورقة البحثية الجديدة، يحلل الباحثون خطوط السير العشوائي التي قطعها مستكشف واحد. وسوف يؤدي تجميع الملاحظات من عدة مستكشفين إلى تقديرٍ دقيقٍ بسرعة أكبر. «إن كانوا روبوتات وليسوا نملًا، فقد يحققون مكاسب عبر التحدث مع بعضهم البعض قائلين: «هذا هو تقديري»»، وفق موسكو.

«تتخصص نانسي في الحوسبة الموزعة، التي تضم أساليبَ وإستراتيجيات متنوعة ليست معروفة للغاية لدى علماء الأحياء»، حسبما علقت آنا دورنهاس، الأستاذة المشاركة في علم البيئة وعلم الأحياء التطوري بجامعة أريزونا، والتي تدرس الحشرات الاجتماعية. «تعد نانسي في طليعة من يدركون أن هذه الأدوات يمكنها في الواقع أن تكون مفيدة جدًا لعلماء الأحياء. وتحاول أن تجري هذا البحث متعدد التخصصات وأن تمكننا ربما من القيام بقفزة إلى الأمام في سبيل فهم النظم البيولوجية».

«يتجادل الناس دائمًا حول ما إذا كان النمل أو النحل يمكنه تمييز الأفراد الآخرين»، حسبما توضح دورنهاس، «تظهر هذه الورقة البحثية أنه في هذا السياق على الأقل، لا يعد ذلك ضروريًا. وبالنسبة لي، يمثل ذلك النتيجة الأكثر مفاجأة. لكن بالتأكيد، يمكنهم أيضًا أن يثبتوا رياضيًا مدى دقة هذه الإستراتيجية».