تحالف لإنتاج اللقاح: طريقة بيل جيتس لمكافحة أوبئة المستقبل
محتوى مترجم | ||
المصدر | ||
التاريخ | ||
الكاتب |
في الوقت الذي يركز فيه قادة العالم لأسباب مفهومة على الإرهاب والتهديدات الأمنية الأخرى، فإن هناك عدوًا آخر يتم تجاهله بشكل كبير ألا وهو الأوبئة المستقبلية (future epidemics).
يقول جيتس
لقد حصد الإيبولا آلاف الأرواح وتسبب في خسائر اقتصادية بمليارات الدولارات، وأظهر مدى ضعف مجتمعنا في مواجهة الأوبئة والأمراض المعدية. وكما كتبت في السابق، فإن العالم يفتقر لنظام فعال للكشف عن والاستجابة مع أو الحيلولة دون تفشي الأمراض والأوبئة مستقبلاً. وهذا هو سبب تحمسي خلال وجودي في منتدي الاقتصاد العالمي بمدينة دافوس السويسرية خلال الأسبوع الجاري، للمشاركة في إطلاق مؤسسة جديدة ستساعد العالم على أن يكون مهيئا لمواجهة الأوبئة المستقبلية. ومدعومًا من قبل حكومات النرويج والهند واليابان وألمانيا وصندوق ويلكم ومؤسستنا (مايكروسوفت).
سيستثمر «تحالف الابتكار تأهبًا للأوبئة Coalition for Epidemic Preparedness Innovations» في الابتكارات التي من شأنها تسريع تطوير اللقاحات vaccines التي نحتاجها لاحتواء تفشي الأوبئة. وسيكون تركيز تحالف ابتكارات الاستعداد للأوبئة على تطوير اللقاح جزءًا مهمًا للغاية في الاستعداد لمواجهة أي عوامل مسببة للأمراض تهددنا مستقبلاً.
ندرك من خلال رؤيتنا لفشل العالم في مواجهة مرض الجدري smallpox وتحقيقه نجاحات في مكافحة شلل الأطفال polio والحصبة measles وأمراض أخرى، أن اللقاحات تُعد وسائل فعالة للغاية في تجنب الأمراض وإنقاذ حياة الناس. والآن، فهذا التحالف المؤلف من حكومات وجمعيات خيرية ومصنعي لقاحات وأكاديميات ومنظمات أهلية وشركاء آخرين في حاجة للعمل معًا لتطوير لقاحات جديدة لجعل العالم آمنًا من الأوبئة المستقبلية.
إن المناهج التقليدية في تصنيع لقاحات جديدة تتسم بالبطء الشديد للتجاوب مع التفشي المفاجئ للأمراض، وفي الوقت الحالي يُعد تطوير لقاح جديد، وتجربته ونشره، عملية عادة ما تستغرق أكثر من 10 سنوات. الأوبئة سريعة الانتشار Fast-Moving epidemics لا تتيح لنا كل هذا القدر من الصبر.
في عام 1918، أصيب خمس سكان العالم بسلالة معدية وقاتلة من الأنفلوانزا وتسببت لاحقًا في مقتل 30 مليون شخص على الأقل في أقل من عامين. لقد كان إيبولا وزيكا فيروسات مخيفة أيضًا، لكن الطريقة التي ينتقلان من خلالها عبر إفرازات الجسم السائلة (Bodily Fluids) والبعوض، ساعدت في الحد من انتشارهما عالميًا.
إن أي مرض معدٍ ينتقل عبر الجو (A highly-contagious airborne disease) قد يفرض تهديدًا أكبر، ومن الممكن أن يزدهر في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان ويمكنه بسهولة عبور الحدود والحيطات عن طريق الجو. رجائي الأكبر في أن يمّكن «تحالف ابتكارات الاستعداد للأوبئة» العالم من إنتاج لقاحات فعالة وآمنة بسرعة.
يقول جيتس
تتضمن استراتيجية تطوير اللقاحات الخاصة بتحالف ابتكارات الاستعداد للأوبئة منطقتين ينبغي التركيز عليهما؛ أولهما، هو تطوير لقاحات في الوقت المناسب just in time vaccines لمن لديهم مسببات أمراض غير معلومة ستظهر لاحقًا، وثانيهما، تطوير لقاحات لمسببات الأمراض التي نعلم أنها ستسبب تفشيًا آخر للأمراض كالإيبولا ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية (MERS).
إن أحد المجالات الواعدة في أبحاث تطوير اللقاحات هي استغلال أوجه التقدم لتحديد الحمض النووي الصبغي (DNA) والحمض النووي الريبوزي (RNA) لمسببات الأمراض وصناعة اللقاحات. ويمكن فك شيفرة (decoded) اللقاحات عن طريق الخلايا البشرية لصناعة الأجسام المضادة واللقاحات الخاصة بها داخل الجسم.
في حال نجاح ذلك، فإن تلك التقنية قد تقلل بشكل كبير من الفترة الزمنية اللازمة لتطوير اللقاحات من سنوات إلى أشهر أو أسابيع. الشيء المثير حول تلك التقنيات الجديدة هي أنها لن تحمينا فحسب من الأوبئة المستقبلية، بل إنها ستساعدنا على تطوير لقاحات للتهديدات الصحية الحالية لمئات الملايين من الأشخاص حول العالم والتي من بينها فيروس العوز المناعي البشري (HIV) والملاريا (Malaria) والسل (Tuberculosis).
في الوقت نفسه، سيعمل تحالف ابتكارات الاستعداد للأوبئة للحد من العقبات التنظيمية التي تؤخر تطوير اللقاحات. وسيقوم التحالف أيضًا بتمويل دراسات لتقييم تلك اللقاحات المطورة حديثًا وبناء مخزونات من اللقاحات قبل ظهور الأوبئة، حتى يمكن للدول التحرك بسرعة لإجراء تجارب على مدى جدوى اللقاح ونشره بشكل طارئ خلال مرحلة تفشي الوباء.
وكما أنني مسرور لأن أرى عمل التحالف يجري، فمن المهم أن يفهم الجميع أن تلك الجهود هي فقط الخطوة الأولى لنصبح مستعدين للوباء المقبل. بالطبع تلك خطوة مهمة، لكن التحالف وحده لن يكون كافيًا لحمايتنا، فلدينا الكثير من العمل للقيام به. نحن في حاجة لنظام تحذير وتجاوب عالمي للتعامل مع تفشي الأوبئة والأمراض.
يبدأ ذلك بتقوية أنظمة الرعاية الصحية المحلية في الدول الفقيرة، التي سبق وأن تضررت بشدة جراء انتشار الأوبئة بها مؤخرًا. وستكون الآلاف من العيادات الصحية النائية (remote health clinics) هي أساس جهودنا العالمية للتغلب على الأوبئة المستقبلية. ينبغي أن تكون تلك العيادات قد درّبت العاملين في المجال الصحي والذين يمكنهم تقديم الرعاية الصحية الأولية وتقديم اللقاحات ومراقبة صحة مجتمعاتهم.
ينبغي أن يكون لدينا نظام رقابة أفضل للأمراض، يتضمن قاعدة بيانات عالمية حتى تستطيع الدول تشارك المعلومات حول الحالات المرضية. نحتاج أيضًا إلى كوادر طبية مدربة (trained health workers) على استعداد للاستجابة السريعة لتفشي الأوبئة. وأخيرًا، فنحن في حاجة إلى الاستثمار في الأبحاث الصحية ليس لتطوير لقاحات فحسب بل لأن الوصول لعلاجات جديدة واختبارات تشخيصية (diagnositic tests) سيعزز من قدرتنا على التجاوب بسرعة وفعالية مع الوباء المقبل.
ومع ذلك، فإننا لانعرف متى سيتفشى المرض الجديد. قد يحدث غدًا أو الشهر المقبل أو العِقد المقبل أو القرن المقبل. لكن لا ينبغي أن يكون عدم اليقين عذرًا لعدم اتخاذ إجراء أو التقاعس. آمل أن يمثل إعلان اليوم أول خطوة ضمن خطوات عدة سيتخذها العالم ليستعد للوباء المقبل. ومستقبلنا جميعًا يعتمد على تلك الخطوة.