أميتاب باتشان، هو الاسم الأشهر في السينما الهندية، ولن أبالغ إن قلت أنه الاسم الأشهر في الهند كلها التي يبلغ عدد سكانها حوالي المليار ونصف نسمة، فعندما يُذكر اسم الهند أمام أي إنسان، تقفز صورته إلى الأذهان فورًا، فهو أحد الرموز الشهيرة لهذا البلد بجانب «تاج محل» وركوب الأفيال وعبادة البقر كما يظن الجميع.

سر شهرة أميتاب باتشان العالمية جاءت من مساهمته العظيمة في السينما الهندية التي بدأت منذ عام 1969 حتى الآن برصيد يبلغ أكثر من 180 فيلمًا، تلقى عليهم مئات الجوائز من بلاد غير بلده الأصلي مثل حصوله على وسام «جوقة الشرف» من الحكومة الفرنسية عام 2007، وحصوله على لقب نجم الألفية عام 1999 جراء استطلاع رأي قامت به BBC، هذا بالإضافة إلى شهادات الدكتواره الفخرية التي نالها من عدة جامعات عالمية وتماثيل الشمع التي نُصبت له في عدد من المتاحف العالمية أهمها متحف الشمع في لندن.

وعلى الرغم من كل هذه الشهرة إلا أن معظم محبي الأفلام لا يحبذون مشاهدة أفلام لأميتاب باتشان، نظرًا للنظرة التي أخذوها عن تلك الأفلام بما تحوي من استعراضات طويلة وأغانٍ مملة وأكشن مُبالغ فيه، ومع أن هذه النظرة بها شيء من الصواب نظرًا لما جلبته لنا فترة الثمانينات أثناء موجة الانفتاح على السينما الهندية، فمعظم الأفلام وقتها كانت من هذا الطراز فعلًا، إلا أن الأمر اختلف الآن تمامًا ولعل من شاهد تجارب هندية مثل My Name Is Khan و Slumdog Millionaire يعرف جيدًا أن الأفلام الهندية لم تعد كما نظن.

في هذا المقال سنحاول عرض عدد من أفلام أميتاب باتشان التي خرجت عن المألوف وتفوقت فيها على نفسه.


1. wazir

عجوز قعيد يدير مدرسة لتعليم الشطرنج فتحها في منزله من أجل تسلية الوحدة التي يعاني منها بعد فقدان ابنته الوحيدة ويسعى لإقامة صداقة مع ضابط شرطة فقد هو الآخر ابنته التي كانت تتردد على مدرسة الشطرنج مع والدتها.

من الوهلة الأولى عندما تشاهد هذا القعيد تشعر وكأنه أحد افراد العصابة التي قتلت ابنة الضابط ولكن مع الوقت ترأف لحاله المتصارع بين الوحدة والمرض حتى تتفاجأ في النهاية بإنسان مختلف كليًا عن تلك الصورتين اللتين صنعتهما له حين مشاهدته.

فيلم من إنتاج 2016 وحاصل على 7.2 على IMDb، وهو فيلم قصير نسبةً إلى مدة أفلامهم المعتادة، حيث لا يتجاوز زمنه الساعتين، مع فواصل موسيقية قليلة لتساعدك على التركيز والاستمتاع بالأداء الرائع لباتشان.


2. Paa (الأب)

طفل في الثالثة عشر من عمره ولكن مظهره يوحي أنه تجاوز الثالثة والستين حيث أنه يعاني من مرض «الشيخوخة المبكرة»، فهو عقليًا ما زال طفلًا مراهقًا، أما جسمانيًا فهو يعاني من كل أمراض الشيخوخة التي ستودي بحياته في النهاية.

فيلم إنساني رائع من إنتاج عام 2009 وحاصل على 7.3 على IMDb، لا يوضح لك الفيلم فقط معاناة المصابين بـ «متلازمة بروجيريا» ولا يوضح لك الطرق للقضاء على سخرية المحيطين من مظهرهم وإيجاد حلول لتعامل طبيعي معهم بل يوضح أيضًا كيفية تعامل الآباء مع الأبناء المرضى وكيفية دعمهم وتبسيط مرضهم عليهم.

يشارك البطولة في هذا الفيلم نجل أميتاب باتشان «أبيشيك باتشان»، اللذان قررا تبديل أدوارهما هذه المرة فلعب «أبيشيك» دور الأب، بينما يلعب باتشان الأب دور الابن المريض الذي أبدع في أداء دوره بدرجة كبيرة ما بين المكياج الكثيف الذي كان يضعه ليشبه الشخصية أو طريقة تمثيل شخصية طفل بكل عفويتها وبراءتها وهو الذي يتعدي عمره الستين عامًا.


3. shamitabh

«دانيش» طفل فقير مهووس بالسينما وحلم حياته أن يصبح ممثلًا. قضى عمره كله يشاهد الأفلام ويتابع أخبار نجومها، يذهب إلى مدينة السينما من أجل تحقيق حلمه وتقتنع مخرجة ما بموهبته ولكن هناك مشكلة واحدة، دانيش وُلد أبكمًا لا يستطيع التحدث ولن تكفي فقط تعبيرات وجهه في التمثيل. تساعده المخرجة على السفر من أجل العلاج الذي كفل له شريحة إلكترونية صغيرة يجب أن توصل بحنجرة شخص آخر لكي يظهر كما لو كان دانيش هو المتحدث. تبدأ رحلة البحث عن صوت ملائم حتى يظهر «أميتاب» بالصدفة، وهو عجوز سكير وفقير يسكن في المقابر وليس هناك ما يميزه إلا نبرة صوته القوية. فتتم الصفقة بين الممثل وذلك العجوز ويظهر نجم جديد في عالم السينما يُدعي «شاميتاب».

فيلم درامي اجتماعي لا يميزه فقط قصته غير التقليدية بل إن أداء «أميتاب باتشان» لشخصية العجوز النكرة الذي يعيش متخفيًا كخادم للنجم الشهير بينما هو المسئول الأول عن شهرته وإتقانه لأداء التحولات النفسية للشخصية من الاستكانة إلى التمرد والانقلاب،يجعله فيلمًا يستحق المشاهدة.

https://www.youtube.com/watch?v=Eupaz-zTtCo

4. Black

هو فيلم درامي قصته مقتبسة من قصة حياة الأديبة الأمريكية «هلين كيلر» التي كانت تعاني من فقدان السمع والبصر ومع ذلك أصبحت أديبة شهيرة وناشطة سياسية بارزة وكل هذا بفضل مساعدة معلمتها الخاصة «آن سوليفان».

يلعب هنا «أميتاب باتشان» دور معلم الطفلة «ميشيل» التي كانت كفيفة وصماء ولا تستطيع فعل أي شيء دون مساعدة، وحتى أهلها لا يقدرون على مساعدتها لدرجة أنهم كانوا يربطون جرسًا في قدمها ليعرفوا مكانها في المنزل.

يظهر «سهاي» بطريقته الغريبة والحادة في التعليم والتي تدفع والدي الطفلة إلى طرده ولكنه يصمم على تعليمها وهذا ما سينجح به نجاحًا ساحقًا لدرجة أنها ستكمل مراحلها التعليمية كلها بتفوق وتدخل الجامعة.

هنا يتجلى إبداع «أميتاب باتشان» الحقيقي، فهو يجسد مراحل عمرية للشخصية بالإضافة إلى تغييرات نفسية بها أيضًا نظرًا لأنه سيترك «ميشيل» وحدها قبل أن يصاب بدرجة متقدمة من «ألزهايمر» تجعله ينسي كل شيء، مما يؤدي بميشيل إلى تبديل الأدوار ومساعدة المعلم ليتذكرها ويتغلب على مرضه.

فيلم من إنتاج عام 2005 وحاصل على جوائز عديدة وعلى 8.3 على IMDb، ويعتبر أيضًا من أروع الأفلام الإنسانية المؤثرة والمُحفزة بشهادة كل من تابعه.

https://www.youtube.com/watch?v=Smd_xZHCCzI

5. Piku

فيلم اجتماعي عن أب يبلغ من العمر سبعين عامًا ويعاني من أمراض كثيرة وغريب الأطوار ودائما عصبي وحاد المزاج على كل من حوله وخصوصًا ابنته التي مع مرور الأيام أصبحت حادة ومتقبلة المزاج مثله، مما يجعل رحلتهما مع سائق عربة مستأجرة إلى جنوب البلاد رحلة عذاب بالنسبة للسائق الذي لا يستطيع تحمل عائلة مجنونة مثل هذه.

فيلم من إنتاج عام 2015 وحاصل على 7.6 على IMDb، برع فيه «أميتاب باتشان» أيضًا من خلال تجسيده لرجل عجوز يعاني من آلام معدته دائمًا وأناني ويشغل كل من حوله بمشاكله الصغيرة، وكل هذا في إطار من الواقعية الممزوجة بالكوميديا غير المصطنعة.


6. Te3n (ثلاثة)

جد تعرضت حفيدته لعملية اختطاف بهدف الفدية، يستمع لتعليمات الخاطف بالتفصيل ولا يخطئ بأي شيء ويفعل المستحيل لجمع أموال الفدية وعلى الرغم من كل هذا تُقتل حفيدته، فيتهمه ابنه أنه السبب وراء مقتلها مما يجعله يبحث في القضية بمفرده لعدة سنوات بعد الحادث ومع ظهور حالة اختطاف شبيهة، تستعين به أجهزة الأمن لمساعدتهم في حلها.

فيلم درامي مشوق من إنتاج عام 2016 وحاصل على 7.3 على IMDb، جسد فيه «أميتاب باتشان» دور الصغيف المُصر رغم كل شيء على أخذ حق حفيدته، ذلك الضعف الذي يخبئ وراءه الكثير من المكر يجعله يكشف تفاصيل القضية قبل الشرطة وبطريقة أبرع منها.


7. Cheeni Kum

عجوز أعزب ولم يسبق له الزواج مطلقًا ويعيش بلندن ويدير مطعمًا هنديًا بها، ويتمتع بالصرامة والحدة وغرابة الأطوار، وعلى الرغم من هذا فهو يقع في حب امرأة ثلاثينية من زبائن المطعم، يصارحها بطلبه للزواج بعد محاولات كثيرة من الكر والفر نظرًا لفارق العمر الكبير بينهما ولكنها توافق بشرط أن يقنع والدها، الوالد الذي يصغر عن عريس ابنته في العمر. فيلم رومانسي اجتماعي، رومانسيته غير مُبالغ فيها وبلا أغانٍ واستعراضات. يوضح لك معاناة المتأخرين في الزواج ونظرة المجتمع إليهم ورفضهم لأي قصة حب يعيشونها باعتبار أنهم لابد أن يحترموا سنهم الكبير، ومع ذلك فهم يواصلون الضغط عليهم من أجل الزواج والإنجاب كلما أتيحت لهم الفرصة.


8. The Last Lear

ممثل مسرحي متقاعد مهووس بقصص شكسبير الذي نجح في تأديتها على خشبة المسرح، يدين السينما الحديثة لكونها لا ترقى لمستوى مسرحيات شكسبير، ومع ذلك ينجح مخرج صديقه في إقناعه بالتمثيل في فيلمه الجديد. هذا الفيلم الذي سيؤدي به إلى أن يصبح طريح الفراش وتنهال الجوائز على المخرج وفريق العمل بينما لن يتذكره أحد.

فيلم درامي إنتاج عام 2007 وحاصل على 7.2 على IMDb وحصد العديد من الجوائز عند عرضه في مهرجانات عالمية.

برع «أميتاب باتشان» هذه المرة في أداء شخصية معقدة ومركبة، فهو ليس فقط ممثلًا موهوبًا وخفت نجمه مع الأيام، بل إن هوسه بالشخصيات الشكسبيرية جعلته يضع حياته في نفس قصة «الملك لير» حيث الملك العظيم الذي لديه شهوة كبيرة في أن يكون محط إعجاب الجميع حتى لو كان هذا الإعجاب مجرد نفاق وتملق سينتهي مع تقلبات الدهر عليه.


9. Bhoothnath Returns (عودة شبح «ناث»)

هو تكملة لفيلم أُنتج عام 2008 يحمل نفس الاسم ويحكي عن شبح مُسالم وطيب القلب، يلقى معاملة سيئة في عالم الأشباح الذي يتصف بعكس ذلك، فيضطر إلى الرجوع مجددًا إلى عالم البشر من أجل تخويف بعض الأطفال وإنقاذ سمعته وتغيير وجهة نظر عالم الأشباح فيه ، هذا الأمر الذي لن ينجح فيه بسبب طفل ما يستطيع رؤيته ويكشف سره قبل أن يصيرا صديقين.

فيلم كوميدي ممزوج بالفانتازيا والسياسة معًا، فـ «بوثناث» مع تصاعد الأحداث سيضطر إلى ترشيح نفسه في انتخابات مجلس النواب من أجل مساعدة صديقه الطفل هو وأطفال الحي واسترداد حقوقهم المسلوبة من المرشحين الفاسدين المستوليين على السلطة منذ سنوات.

نجح «أميتاب باتشان» هذه المرة في أداء مختلف تمامًا عن أي أداء سبق وإن قام به من قبل،حيث أن تجسيده للشبح رقيق القلب الجاهل بعالم البشر ومفارقاته الكوميدية مع الأطفال الأذكى منه يجعلك أمام فيلم مسلٍ وممتع لا تمل من مشاهدته.


10. Pink

«ديباك» محامٍ شهير تقاعس عن عمله لفترة طويلة بسبب معاناته من اضطرابات نفسية تجعله متقلب المزاج بالإضافة إلى مرض زوجته الذي يأخذ كل وقته في رعايتها، يعود للعمل من أجل الدفاع عن جاراته فتيات الثلاث اللاتي تعرضن للتحرش الجنسي على أيدي شباب من أصحاب النفوذ السياسي والمالي.

فيلم اجتماعي مثير إنتاج 2016 وحاصل على 8.7 على IMDb. يعرض لك المشاكل التي تتعرض لها الفتيات ما إن تقررن الدفاع عن أنفسهن وكمية التهم التي ستُلصق بهن إذا قررن تحدي أصحاب النفوذ ومواجهتهم بالقانون. مع أداء تمثيلي رائع من «أميتاب باتشان» يظهر حالة التخبط التي كان يمر بها جراء عودته المفاجئة للعمل وتحوله التدريجي في المرافعات إلى أن استطاع حل القضية بعد تغيير الرأي العام المضاد تجاه الفتيات إلى مؤيد لقضيتهم.

والقائمة مفتوحة ما إذا راق لكم عمل آخر وأحببتم إضافته.

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.