التوتر الأمريكي الإيراني: «إسرائيل» تستعد للحرب الشاملة
مع استمرار التوتر بين طهران وواشنطن، تتصاعد وتيرة التهديدات بين الفينة والأخرى، بالتزامن مع مرور الذكرى السنوية لاغتيال قائد فيلق القدس، قاسم سليماني وآخرها عزم طهران البدء بتخصيب اليورانيوم وتكثيف إنتاجه بمستوى أعلى بكثير عمّا قبل في منشأة «فوردو»، التي تقع في أعماق الجبال لضمان عدم مهاجمتها.
سنوية سليماني والرد الإيراني
تقارير مخابراتية أمريكية، قالت إن إيران قد تُقدِم على ضرب قواعد أمريكية، بالتزامن مع حلول الذكرى السنوية الأولى لاغتيال قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، ومن الممكن أن تقوم باستهداف حاملات طائرات أمريكية في عرض البحر. هذا الوضع استدعى الولايات المتحدة إلى إرسال تعزيزات عسكرية للعراق، وإصدار تعليمات لجنودها بالجهوزية تحسباً لأي ضربة إيرانية محتملة على القواعد الأمريكية.
التبادل الأخير بالتهديدات بين الطرفين، يعطي إشارة بسخونة الأوضاع، لما تؤول إليه خلال الفترة المقبلة، خاصة وأن إسرائيل تضغط لضمان عدم عودة الولايات المتحدة للاتفاق النووي مع إيران، وإلا فسيصبح إنجاز الأعوام الأربعة الماضية بالنسبة لترامب ونتنياهو مجرد سراب، الأمر الذي قد يؤثر على فرص نتنياهو في الانتخابية المقبلة.
في هذه المرحلة ما يخدم نتنياهو في إشعال الصراع بين إيران والولايات المتحدة هو توريط الإدارة الأمريكية الجديدة، الذي يرأسها جو بايدن مع طهران، وستكون التهديدات الإيرانية بضرب قواعد أمريكية في منطقة الشرق الأوسط خدمة له، في حال أراد لإسرائيل أن تكون لاعبًا خفيًا بهذه الحرب.
افتعال الصراع وجر الطرفين
السيناريوهات تشير إلى أن حرباً قد تحدث بين الولايات المتحدة وإيران، لكن الطرف الإيراني قد يكون غير معني بهذه الحرب، بحيث إن الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة جو بايدن قد تعيد الاتفاق النووي معه، وهذا ما جعل إيران تخرج بتصريح وتتهم إسرائيل بضرب أهداف أمريكية، وتنسبها لإيران لتأجيج الصراع بينها وبين واشنطن، وإبطال عملية المفاوضات بينها وبين الإدارة الأمريكية الجديدة.
الاتهام الإيراني قد يكون معقولاً أو ربما كان مراوغة لترامب لحمله على عدم توجيه ضربة لإيران. بمعنى آخر، من الممكن أن تُوجِّه إيران ضربة للولايات المتحدة، لكن قد تكون طرفاً خفيًا بهذه الضربة، في حين أن الضربة الإيرانية لا يمكن أن تتم من داخل إيران بل من داخل دولة بالشرق الأوسط تستهدف بها قاعدة أمريكية أو رتل عسكري أمريكي، لتخلي مسئوليتها عن الهجوم أو تعتبره خروجاً دون أوامر عسكرية من القيادة العليا للجيش في إيران.
لكن كل ذلك لا يرفع طهران من خانة الاتهام، خاصةً في ظل التهديدات التي خرجت من المستشار العسكري للمرشد الأعلى في إيران، «حسين دهقان»، حيث قال:
إسرائيل ودورها بالصراع
من جهتها إسرائيل أعطت تعليمات لجنودها بالجهوزية، في حال نشوب حربٍ بين إيران والولايات المتحدة، تحسباً لأي ضربة إيرانية اتجاهها على خلفية اغتيالها للعالم النووي «فخري زادة»، الذي يعتبر أساساً رئيسياً للبرنامج النووي الإيراني.
في حين قال وزير الطاقة الإسرائيلي «يوفال شطاينتس» لإذاعة «كان» العبرية: «إن إسرائيل هي التي تحتاج أن تكون في حالة تأهب تحسباً لضربات إيرانية محتملة في الذكرى السنوية الأولى لاغتيال قاسم سليماني». وأكد على رفضه تصريح وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف بأن «إسرائيل تحاول خداع الولايات المتحدة لشن حرب على إيران».
التطور الميداني
الإخطار الذي جاء إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن زيادة إيران من إنتاج اليورانيوم حتى درجة نقاء 20%، وهو زيادة عن القدرة الإنتاجية الإيرانية قبل الاتفاق النووي، يعطي الضوء الأحمر للإدارة الأمريكية بشن ضربات تستهدف المنشآت النووية الإيرانية، وهذا ما لوحظ بالفترة الأخيرة عن إرسال البنتاغون قاذفتين B52 حلّقتا في سماء الخليج. ومن ناحية أخرى صارت الضربات الصاروخية التي تستهدف محيط السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء، مؤشراً آخر لإشعال الصراع.
المؤشر الثالث يختص بالطرف الإسرائيلي، بحيث أن الضربات المتكررة التي تشنها إسرائيل على أهداف إيرانية في سوريا، والتي قُتل خلالها قيادات إيرانية، تجعل إيران أمام خيارين: إمّا أن تبقى صامتة لحين حدوث حراك جديد مع تولي جو بايدن زمام الأمور بالولايات المتحدة، أو توجيه ضربة إلى إسرائيل تسترد خلالها قدرتها العسكرية وقوة الردع. ومن الممكن ألّا تكون إيران هي منْ توجه الضربة، بل يمكن توكيل المهام لحزب الله باستهداف رتل عسكري إسرائيلي على الحدود مع لبنان.
الوضع الآن يزداد توتراً، وكل طرف من أطراف الصراع يعطي تعليمات لجنوده بالجهوزية والاستعداد، غير أن البرنامج النووي الإيراني والزيادة بالقدرة الإنتاجية بات محل تعارض مع السياسة الأمريكية والاتحاد الأوروبي والوكالة الدولية للطاقة الذرية، ما يعطي موافقة دولية للولايات المتحدة، بشن هجمات تستهدف بها منشآت نووية إيرانية، وتصبح الحرب فرضاً على الطرفين.