ألفريد العظيم: مؤسس إنجلترا الذي أنقذ «المملكة الأخيرة»
رغم مرور أكثر من 11 قرنًا من الزمان على وفاة هذا الملك الاستثنائي، فقد عاد اسمه للتردد في السنوات الأخيرة مع إنتاج مسلسل «المملكة الأخيرة» (The Last Kingdom)* الذي صدرت مواسمه الأربعة الأولى إلى الآن، وكانت شخصية هذا الملك الإنجليزي من أبرز الخطوط في هذا العمل التاريخي الملحمي، وإن كانت الدراما قد فرضت نفسها كثيرًا على الحقائق التاريخية وفقًا للعادة الأصيلة للدراما التاريخية، وإلحاح خيال المؤلفين من خلالها.
عاش ألفريد خمسين عامًا، قضى أكثر من نصفها (بين عامي 871م – 899م) ملكًا محاربًا، رافعًا راية مملكة ويسيكس الواقعة في أقصى جنوب الجزيرة البريطانية حاليًّا، والتي كثيرًا ما ضمَّ إليها أجزاء أخرى من الممالك المجاورة، لتشكل مملكته نواة تأسيس بريطانيا، والتي ستصبح بعد قرون من عهده الإمبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس.
مجد ألفريد
تكتظ صفحات التاريخ بما يصعب حصره من الألقاب الفخيمة، والعناوين البرَّاقة، التي تبارى الملوك، وأنصاف الملوك، وأشباهُهُم، في إسباغها على أنفسهم وأعمالهم، ومن نافلة القول أن نذكر أن أقل القليل منه هو الذي كان يعبر عن واقع حقيقي.
لكن الملك الأنجلوساكسوني ألفريد، والمُلقَّب بالعظيم، كان من تلك الندرة النادرة من الملوك الذين لم يختلف الكثيرون في استحقاقهم لهذا اللقب الذي لا يحمله إلا صفوة الملوك في كل حضارة، مثل الإسكندر العظيم أشهر ملوك اليونان، وسليمان العظيم – القانوني – أشهر سلاطين الدولة العثمانية .. إلخ. بل أمعن بعض المؤرخين الإنجليز في المبالغة، ووصفوه بالملك الأكمل في التاريخ الإنساني.
وُلد ألفريد عام 849م، وكان الابن الأصغر لملك ويسيكس، إيثيلوولف، والذي توفي بينما كان ألفريد لا يزال طفلًا صغيرًا، ليخلفه في حكم المملكة 4 من أبنائه على التوالي، كان الثالث فيهم هو إيثيلريد الأول، والذي تُوُفّي شابًا عام 871م، ليتولى عرش ويسيكس بعدَهُ أخوه الأصغر ألفريد، الذي كان عمره 22 عامًا.
منذ نعومة أظفاره، برز حبُّ ألفريد للأدب وللعلم، وكان لوالدته دور بارز في ذلك الجانب، كما اتَّصف بالتدين الشديد، ولعل رحلته إلى كرسي البابا في روما عام 853م بينما كان لا يزال طفلًا في الرابعة من عمره قد أسهمت في تأسيسه على التدين المسيحي مبكرًا. عام 855م، سيعود إلى روما مرة أخرى رفقة أبيه الملك، وسيزور معه خلال تلك الرحلة بلاط ملك فرنسا، لتنعكس تلك المشاهدات الكثيفة المبكرة على شخصيته وحياته بشكلٍ أكسبه نضجًا مبكرًا.
عام 865م، سيبدأ ألفريد في لعب أدوار سياسية بارزة، عندما يرتقي أخوه إيثيلريد الأول عرش مملكة ويسيكس. حيث سيلازمه ألفريد عن قرب، ويضطلع بالعديد من المهام في حكومة أخيه، بجانب غرقه حتى الثمالة في طلب العلم، وقراءة الكتب وتدوينها.
شهد عام 868م أول مشاركة عسكرية لألفريد عندما حاول أخوه ملك ويسيكس مساعدة مملكة ميرسيا المجاورة في مواجهة غزو الفايكينج الدانماركيين، والذي نجحوا في الأعوام الثلاثة السابقة في ابتلاع أجزاءٍ كبيرة من شمال ووسط الجزيرة البريطانية، واندفعوا كالسيل الجارف لاجتياح ما بقي من ممالك الأنجلو-ساكسون في الجنوب. ولحسن الحظ، تمكنت المملكة آنذاك من التوصل إلى هدنة مع الدانماركيين. وفي نفس ذلك العام، تزوج ألفريد من سليلة إحدى الأسر الملوكية في ميرسيا.
لكن عام 871م، عاد النشاط العسكري للدانماركيين واستهدف عمق ويسيكس هذه المرة، لتنشب عدة مواجهات بين جيش المملكة، والدانماركيين، استبسل خلالها ألفريد وأخوه في مقاومة الغزو الهمجي للفايكنج الذين اتَّصفت غزواتهم بالبطش الشديد، والإمعان في القتل والنهب. في تلك الأوقات العصيبة، يتوفى الملك إيثيلريد الأول، ويصل ألفريد إلى عرش ويسيكس المترنِّح تحت وطأة ضربات الدانماركيين.
لم يُواجِه ألفريد صعوبة تُذكر في خلافة أخيه رغم وجود صبيَّيْن لأخيه، إذ سبقَ أن اتفق ألفريد وأخوه على أن يخلفَ الأطولُ عمرًا منهما الآخرَ، ويشرفَ على أموال أخيه وممتلكاته. كذلك لم يترك الخطر الدانماركي الجاثم على صدر وقلب المملكة مجالًا لأحد لمحاولة هزِّ استقرار ويسيكس في تلك الأوقات الفاصلة العصيبة.
أبرز المحطات في فترة حكم ألفريد
لا يُمكن في المساحة المحدودة المتاحة هنا أن نفصِّل في كافة الوقائع والأحداث الهامة في عصر هذا الملك الفريد، والذي حفل بالكثير من الملاحم العسكرية والسياسية والدينية. إنَّما سنُسلِّطُ الأضواء على بعض الوقائع المفصلية التي ارتبطت باسم ألفريد العظيم، وصنعت له تلك المكانة البارزة في تاريخ إنجلترا.
الجيش البربري العظيم Great heathen army
في تلك الفترة المحتقنة بالتاريخ والأحداث، في النصف الثاني من القرن التاسع الميلادي، كانت هناك 4 ممالك رئيسية في الجزيرة البريطانية يعيش في كنفها الأنجلو-ساكسون، وهي: ويسيكس في الجنوب، ويقع شمالها إلى الشرق إيست إنجلينا، وإلى الغرب باتجاه وسط الجزيرة، مملكة ميرسيا، وفي الشمال توجد مملكة نورثمبريا. كانت الممالك الأربعة في خطرٍ داهم، نتيجة استهدافها بغزوات الفايكينج الضارية، والتي كان منطلقها الأساسي أرض الدانمارك، وبدأت تتكاثف منذ أواخر القرن السابق.
لقرنٍ من الزمان قبلَ عصر ألفريد، كانت السواحل الإنجليزية على موعد دائم مع غزواتِ البحارة الفايكينج الدانماركيين المُخرِّبة، والتي كانت لحسن الحظ عشوائيةً، ومؤقتة، في غالب الأحيان، وكان الأنجلو-ساكسون يدفعون ما يشبه الجزية، فيرحل الغزاة. لكن هذه المرة كان الأمر أكثر خطورة، وأبعد أثرًا، مع وصول ما عُرِف بالجيش البربري العظيم، والذي قاده تحالف من كبار المحاربين الدانماركيين.
عام 865م، وصل هذا الجيش الدانماركي الكبير، والذي لم يكتفِ بالانقضاض والنهب فالرحيل، إنما انتوى الغزو والاحتلال. فغزا الساحل الشرقي للجزيرة الإنجليزية من الشمال، ثم دهم مملكة إيست أنجلينا، والتي أذعن سكانها مضطرين، ودعموا الغزاة بالخيول مقابل تأمينهم.
عام 867م، استولى الدانماركيون على مدينة يورك، ونصَّبوا عليها ملكًا مواليًا لهم، ثم اتجهوا جنوبًا، للسيطرة على ما بقي من الممالك الإنجليزية الأربعة، مستغلين حالة التفرق والتناحر فيما بينها. فهزموا ما بقي من المقاومة في إيست أنجلينا بزعامة إدموند الشهيد عام 870م، والذي اعتُبر قديسًا في التاريخ المسيحي الإنجليزي بعد تمسُّكه حتى الموت بالمسيحية في مواجهة الفايكينج الوثنيين. ثم اتجهوا جنوبًا إلى حدود ويسيكس.
خلال عامي 871/872م كانت الحرب سجالًا بين الدانماركيين، وجيوش ألفريد العظيم، والذي تنفَّس الصعداء قليلًا عندما عاد الدانماركيون للشمال لقمع تمردٍ في مملكة نورث-أمبريا. لكنهم ما لبثوا أن عادوا للجنوب، وأجبروا في طريقهم مملكة ميرسيا – التي تضم لندن العاصمة الحالية لإنجلترا – على طلب الرحمة، ودفع الجزية. وهكذا لم يصبح فعليًّا من خصمٍ أمام الجيش البربري العظيم، سوى مملكة ويسيكس المسيحية الصامدة.
عام 873م، انقسم الجيش الدانماركي الكبير إلى شطرين. اتجه الأول بزعامة (راجنارسون) إلى الشمال لغزو أسكتلندا، بينما ظلَّ الآخر في الجنوب بقيادة جوثروم، حيث بدأ أفراده في تعزيز موقفهم الاقتصادي والعسكري، باستغلال المزارع الخاضعة لهم، والاكتفاء بالإغارة المستمرة على أطراف مملكة ويسيكس.
لكن لن يستمر الموقف بين الجيش البربري العظيم ومملكة ويسيكس مُعلَّقًا إلى الأبد، إذ بعد بضع سنوات ستقود الأقدار الجانبين إلى موقعةٍ حاسمة ستُغير تاريخ إنجلترا إلى الأبد.
موقعة إدينجتون مايو 878م
اضطر ألفريد العظيم غيرَ مرة إلى طلب الهُدنة من الدانماركيين ولو بكلفةٍ باهظة، لا سيَّما في الشهور الأولى من حكمه، ريثما يتسنَّى له الاستعدادُ للمواجهة. وكثيرًا ما كان يحنث الدانماركيون بأيمانهم، كما فعلوا عام 876م بعد غزوة كبيرة لهم في أقصى جنوب إنجلترا، استولوا خلالها على مدينة ويرهام، حيث قتلوا ما بأيديهم من أسرى الساكسون، ثم فرُّوا شمالًا عبر البحر، قبل أن ينجح أسطول ألفريد في هزيمتهم، لكن تمكَّن أكثرهم من الوصول إلى مملكة ميرسيا الخاضعة لهم.
مطلع عام 878م، شنَّ الدانماركيون بقيادة جوثروم غزوة شرسة مفاجئة استهدفت معقل ألفريد الشتوي في شيبينهام، وقتلوا المئات من قوات ألفريد الذي نجا بأعجوبة مع ثلة قليلةٍ من أنصاره وأسرته، ليفرَ إلى الأحراش والمستنقعات، حيث أنشأ حصنًا صغيرًا له في منطقة مستنقعات سومرست، اتَّخذه منطلقًا لعمليات المقاومة ضد الدانماركيين الذين احتلوا مملكته، وكذلك منصةً لبث رسله في أنحاء ويسيكس لحشد الجيوش، والتحريض ضد الدانماركيين.
في شهر مايو 878م، قاد ألفريد المئات من قواته لينازل الدانماركيين في منطقة إدينجتون قُرب معقله المُحتَل في شيبينهام، حيث نجحت قواته في تعويض فارق العدد عن طريق الاحتماء بجدارٍ متحركٍ أقاموه بدروعِهِم المتراصة بشكلٍ متناسق، مع التقدم بحذر تجاه صفوف الدانماركيين، ويُذكَر ان تلك الحيلة العسكرية اقتبسها الساكسون من الفايكينج.
احتدمت الموقعة الضارية، ونجح جنود ألفريد المدفوعين بالحماس للدفاع عن أرضِهم ودينِهم في كسرِ الدانماركيين، وملاحقتهم حتى حصن شيبينهام، حيث أجبروهم على الاستسلام. فانسحب الدانماركيون من ويسيكس التي استعاد ألفريد عرشَهُ بها، وكانت المفاجأة أن جوثروم، القائد المهزوم، اعتنق المسيحية، وعُمِّد مع 29 من كبار قادته.
بعد أشهر، عقد ألفريد مع جوثروم ما عُرِفَ بصُلح وِدمور، والذي بموجبه تقاسَم الرجلان مملكة ميرسيا، حيث آل غربُها إلى مملكة ويسيكس، بينما انضمَّ شرقُها إلى مملكة إيست أنجلينا الخاضعة لجوثروم.
حُلم الوحدة
ما انفكَّ ألفريد يحلم بتوحيد كل الممالك الإنجليزية تحت راية المسيحية. لكن ظلَّ الخطر الدانماركي، والطموحات المحلية لأمراء المقاطعات المختلفة حائليْن أمام هذا المشروع الطموح.
على مدى العقد التالي، لم تنقطع غارات الدانماركيين القادمة عبر البحر، رغم سنواتِ الهدوء النسبي التي أعقبت معركة إيدنجتون. فتصدى ألفريد لغزوة دانماركية كبيرة ضد منطقة كنت عام 885م. وفي العام التالي، هاجم ألفريد بعض مناطق ميرسيا، فاستولى على لندن، التي كانت خرابًا، وبدأ في تعميرها. وفي ذلك العام حصل على ولاء كل الأنجلو-ساكسونيين غير الخاضعين للفايكينج، إذ أصبح ألفريد رمزًا لصمود ووحدة هؤلاء.
بوفاة جوثروم عام 889م، ومع الفراغ الكبير في السلطة في مملكته، انفتحت أبواب الجحيم مرة أخرى، إذ طمع بعض القادة الدانماركيين من المعادين لألفريد في خلافة جوثروم.
عام 892م، وصل أسطول كبير قوامه 330 سفينة دانماركية، يحمل الآلاف من المقاتلين وأسرهم لغزو المناطق الإنجليزية. انقسم الجيش الدانماركي إلى شطرين، نجح إدوارد ابن ألفريد في هزيمة أصغرهما، وإجباره على الانسحاب بعد أخذ رهائن. واستمرت المعارك المتفرقة بين ألفريد، وباقي الجيش الدانماركي لأكثر من عاميْن، وكانت المحصلة هزيمة الدانماركيين الذين انسحبوا شمالًأ عام 895م، ثم غادروا الجزيرة البريطانية تمامًا عام 896م.
ورغم عدم نجاح ألفريد في إتمام مشروع الوحدة الإنجليزية بنفسه، فإنه وطَّد مملكة ويسيكس الكبرى بشكلٍ سمح لابنِه إدوارد من بعده أن يُكمِل تلك المسيرة الصعبة.
أولوية التعليم في وطن مهدد بالضياع
لم تشغل الملاحم السياسية والعسكرية المتلاحقة ألفريد العظيم عن مواصلة شغفه بالعلم، ونشره بين أبناء شعب مملكته، حتى الأطفال الصغار، وكان يرى أن تعزيز العلم والثقافة هو العامل الرئيس الذي يميزهم عن خصومهم الدانماركيين الذي كانوا مقاتلين برابرة، ينخر الجهل في أركان ممالكهم. ولذا كان يحرص على أن يتواجد في بلاطه بجانب القادة العسكريين، الكثير من رجال الدين، لاسيَّما أهل الأدب والعلم منهم.
دعم ألفريد حركة الترجمة العلمية من اللاتينية إلى الإنجليزية، وذلك ليسهِّل وصول العلم إلى أكبر عدد من أبناء الشعب. كما شجع بعض رجال الدين المعاصرين له على البدء في جهدٍ كبير لتدوين أهم الأحداث التاريخية التي مرَّت بشعب الأنجلو-ساكسون، وذلك ليستفيد منها الأجيال القادمة.
رجل الحرب والسلام
تبنى ألفريد سياسة عسكرية متوازنة، تحقق المعادلة الصعبة في الجمع بين الحذر الدفاعي الشديد، والإقدام الجريء في الأوقات السانحة، وهذا ما مكَّنه من إرهاق خصومه الدانماركيين رغم شراستهم العسكرية وعنفوان هجماتهم الضارية.
كذلك حرص ألفريد على تحصين المدن والقرى الخاضعة لسلطانه، وأنشأ العديد من المخافر الحدودية، والحصون، على كل المُقتربات إلى قلب مملكته. واستفاد ألفريد كثيرًا من الأخطاء التي تسببت في الهزائم الأولى التي نالها من الدانماركيين، وكان من أبرزها الاعتماد على المليشيات المحلية الصغيرة المكونة من أهل المناطق في الدفاع عن نواحيها، مما جعل الجُهد العسكري للمملكة مفكَّكًا ومذبذبًا، فأنشأ ألفريد نواة جيشٍ ميداني محترف يكون دائمًا تحت إمرته، مما زاد من الفاعلية العسكرية لقواته في مواجهة الغزوات اللاحقة.
واتصف ألفريد بقدراتٍ دبلوماسية متميزة، فنجح في الحفاظ على علاقةٍ ودية مع مملكة ويلز، الواقعة إلى الغرب من مملكته، والتي كانت تمتلك مقاتلين أشداء يمكن أن يمثلوا خطرًا كبيرًا لا يقل عن خطر الفايكينج إن أصبحوا أعداءً له.
في المقابل، لم يصرفه الاهتمام بالحرب، وأولوية الدفاع ضد الخطر الوجودي الخارجي، عن تعمير المناطق الخاضعة لحكمه، وبناء الكنائس، وإقطاع أجود الأراضي على خدمتها. كذلك اهتمَّ بتعبيد الطرق وتأمينها، وتشجيع مختلف الأنشطة الاقتصادية على الازدهار، مع اتباع سياسة عادلة في الإنفاق وفي الضرائب، للحفاظ على خزانة الدولة عامرة في معظم الأوقات.
واستغل ألفريد سنوات السلام في تطبيق إصلاحاتٍ قضائية وإدارية واسعة، واتصفت سياسته بالعدل، وإنصاف الضعفاء ضد الأقوياء والمُتنفِّذين.
وفاة ألفريد
تُوفي ألفريد عام 899م، وهو في سن الخمسين، بعد معاناة طويلة منذ شبابه مع مرضٍ في البطن، خمَّن الأطباء المعاصرون من الوصف المكتوب في المراجع التاريخية أنه (داء كرون) الذي يسبب التهابات وتقرُّحات شديدة بالجهاز الهضمي على مدى سنواتٍ، ودُفِن في إحدى كنائس مدينة وينشستر، عاصمة مملكة ويسيكس.