أليكس فيرجسون: تذكر تذكر سر نوفمبر
ما إن همس أحدهم بالخبر للمرة الأولى حتى أصبح حديث الجميع. إنهم يبحثون عن لاعبي كرة قدم. فقط شرطان: ألا يزيد سنك عن الخامسة عشر، وأن تكون من مواليد الشهر المذكور. يفتشون عنهم في الشوارع، يراقبون المدارس ويطرقون الأبواب، يظهرون من العدم في أشد الأحياء فقرًا ويتسللون متخفيين في أماكن لا تسمح بتواجد غرباء.لقد تلقى مئات الأطفال تلك الدعوة بطرق مختلفة ولكن بنفس الهيئة؛ ورقة بيضاء لا يميزها سوى علامة بسيطة في الأسفل عبارة عن شوكة الشيطان كتب تحتها أربعة أحرف حمراء «G.G.M.U»، ثم نص ثابت باللغة الإنجليزية تتم ترجمته طبقًا لجنسية متلقي الرسالة:
في صبيحة اليوم الأول من شهر نوفمبر/تشرين الثاني، فُتحت أبواب أكاديمية مانشستر يونايتد في وجه المئات من الأطفال، العديد من المواهب من كل بقاع العالم، المئات من العيون المنبهرة والمتسائلة، ربما تتنوع الأسئلة لكن هناك سؤال ثابت في ذهن الجميع: ما السر وراء شهر نوفمبر؟
كان في استقبال الأطفال مجموعة من مدربي الناشئين، وبمجرد أن أصبح آخر طفل داخل أسوار الاكاديمية، تم توزيعهم على الأماكن المخصصة لهم داخل قاعة ضخمة، ليظهر الوجه الأكثر شهرة في تاريخ الشياطين الحمر؛ السير «أليكس فيرجسون»، بصوت هادئ ووجه مبتسم وهيبة يدركها الأطفال قبل الكبار بدأ يتحدث إليهم:في كرة القدم يكثر الحديث عن الشهور والأيام من باب التفاؤل والتشاؤم المعتقد فيهما عند جماهير اللعبة، أما نحن فلدينا سر صغير هنا في مانشستر يونايتد؛ إنه سر نوفمبر الخاص بنا. إذا جاز لجماهيرنا أن تسعد بشهر أو تدين له، فلا خلاف أن نوفمبر هو شهر السعادة للشياطين.يرتبط اسم مانشستر يونايتد بلاعبين ولدوا في ذلك الشهر. ربما بدا الأمر وكأنه صدفة لكن مع مرور الوقت كان يتأكد ذلك الحدس بشكل كبير. إن أساطير النادي ولد معظمهم في شهر نوفمبر، لذا فنحن نبحث بينكم عن أسطورة جديدة، قد يبدو الأمر خياليًا لكنه سِرنا الذي نؤمن به.أعرف أن جميعكم يسأل: لماذا أنا؟ وربما لم يؤمن أحدكم بعد بسر نوفمبر الأحمر، لكن الأكيد أن اختياركم لم يكن عشوائيًا أبدًا. أنا أعرف كل شخص فيكم، راقبته جيدًا وأستطيع أن أرى كيف سيبلي في المستقبل. أنا أملك نظرة ثاقبة في مثل تلك الأمور.رايان جيجز: 29 نوفمبر
أنت ولدت لتلعب في مانشستر يونايتد، تلك الروح القتالية والركض المستمر، عشقك للنادي الذي يعرفه عنك المحيطون، تمامًا مثلما كان رايان.لا زلت أتذكر المرة الأولى التي رأيته فيها، كان يطارد الكرة مثلما يفعل كلب صغير مع ورقة فضية تطير بسبب الرياح.ربما يعاني بعضكم من فقدان الأب أو الأم. عانى مثلكم رايان بعد انفصال أبيه عن العائلة، لكنه قرر ألا يستسلم لأي فشل، قام بتغيير اسم عائلته لأبيه ليحمل عوضًا عنه اسم عائلة الأم ثم قرر ببساطه تخليد اسمها على قميص اليونايتد، لم يخرج من النادي إلا بعد أن حقق كل البطولات المتاحة. لأكثر من 20 عامًا، كان يركض من أجل الفريق، كل التحام وكل تمريرة وكل نقطة عرق كانت من أجل اليونايتد.لا يهم إن كان بمراوغاته أو بفضل سرعته إلا أنه كان يترك أفضل المدافعين وراءه دون حلول.عندما تفكر في أن رايان كان عليه أن يركض لأكثر من 20 عامًا في المباريات، لا تملك سوى الإقرار بأنه كان فريدًا حقًا. ما استطاع القيام به لم يسمع به من قبل، لقد أصبح الشخصية الأهم داخل غرفة الملابس، وكان له تأثير كبير على زملائه.بول سكولز: 16 نوفمبر
أما أنت فأمامك تحدٍ كبير، إنك تملك ما يجعلك تتنافس مع أحد اللاعبين المثاليين في كرة القدم. إنه بول سكولز، هذا القصير الذي فاق كل توقعاتي. أتى للنادي وهو في السابعة عشر. كنت أقول إنه لا فرصة لديه،إنه مجرد قزم، ولكنه كان يملك من التحدي أن يهزمني شخصيًا. لقد كان لاعبًا مثاليًا تمامًا، مجهود وفير وتمريرات محكمة وتصويبات لا ترد.ريو فيرديناند: 7 نوفمبر
«أرى أنك تملك من الصلابة ما يمكنك اللعب في مركز المدافع لفريق بحجم اليونايتد، تمامًا مثل ريو فيرديناند. تلك الصلابة التي يكتسبها البعض من كونه فقيرًا. لا شيء يدعو للإحراج في كونك فقيرًا يا عزيزي، إنه أمر يدعو للفخر أن يكون أمامك آلاف الفرص لتتبع الطرق الملتوية وتفضل عليها شغفك بكرة القدم. هكذا كان ريو. أ تى من حي فقير شمال شرق لندن وعانى من انفصال أبيه عن الأسرة كذلك، ظروف مثالية لكي ينجرف نحو الهاوية لكن كرة القدم أنقذته. لقد أبلى بلاءً حسنًا معنا طوال سنوات لعبه، لقد كان صلبًا ومقاتلًا ومحبًا للفريق، كان يتحمل صراخي في وجهه من أجل أن يكون أفضل، ولذا تطور كثيرًا.
دوايت يورك: 3 نوفمبر
أتى البعض منكم من بلاد بعيدة، من قبلكم جاء دوايت يورك من بلاد لم يكن يسمع بها أحد، ترينيداد وتوباجو.كان فقيرًا للغاية، ثامن إخوته التسعة. غادر شمس ترينيداد الساطعة ليلعب تحت ثلوج إنجلترا، لكنه تكيف سريعًا. كان أغلى لاعب تم انتدابه حينئذ وقدم مردودًا رائعًا من اليوم الأول، لم يُلقِ بالًا لكل تلك المتغيرات التي ظهرت في حياته فجأة، لقد انتدبناه ليحرز الأهداف واستطاع أن يمارس مهمته من البداية لليوم الأخير. أنا متأكد من أنكم قادرون على التكيف مع الأمور هنا، هذا المكان مثالي لكل من يريد النجاح.
دافيد دي خيا: 7 نوفمبر
الإسباني «دافيد دي خيا» آخر الحراس الذين نالوا ثقة السير أليكس فيرجسون
نحن لا نتوانى في التوقيع مع الموهبة التي تناسبنا، وتلك الموهبة تفرض نفسها أينما كانت. تمامًا مثلما فعل دافيد دي خيا، مباراتين فقط تغيبت عنهما خلال فترة تدريبي؛ الأولى بسبب زواج ابني والثانية لكي أتأكد ما إذا كان دافيد هو الرجل المناسب ليكون حارسي المستقبلي أم لا. بعد 65 دقيقة كنت قد قررت بالفعل.
البعض لا يتأقلم سريعًا ولكن ذلك لا يقلقنا أبدًا، يكفي أن نؤمن ببعضنا البعض، لقد كان الإسباني اختيار السيد «إريك ستيل» مدرب حراس المرمى حينئذ، كنت أميل إلى انتداب مانويل نوير، لكنني ما إن رأيت ذلك الشاب عرفت أنه سيكون الأفضل مع الوقت. لم يكن متألقًا في موسمه الأول معنا لكنني لم أصرخ في وجهه مرة واحدة. لم أعنفه ولم أنتقده؛ لأنه كان يقدم أقصى ما يستطيع وكان يتطور بشكل ملحوظ، كنت أعرف أنه سيصبح أفضل بل الأفضل في العالم.بيتر شمايكل: 18 نوفمبر
يعتقد بعضكم أنه تلقى رسالتنا على سبيل الخطأ، فبعضكم يهوى الموسيقى والبعض الآخر يمارس رياضات مختلفة. يذكرني ذلك ببيتر شمايكل.لم يكن مولعًا بكرة القدم في صباه بل كان مولعًا بموسيقى الروك. وعندما قرر أن يمارس الرياضة، لعب كحارس مرمى في كرة اليد. ولكن كرة القدم التي تجذب أبطالها كالمغناطيس، بمجرد أن مارسها عرف أنه سينهي حياته هنا على أرض الملعب. لا تقلقوا أبدًا نحن نعرف ما نريد منكم فعله، ونراهن على رؤيتنا التي بنينا بها هذا النادي العريق.لا زلت عند حديثي، أربعة لاعبين فقط قمت بتدريبهم خلال مسيرتي أعتبرهم من الطراز العالمي؛ جيجز وسكولز وكانتونا ورونالدو. إلا أنني دائمًا ما أحمل الكثير من التقدير لبيتر شمايكل. لقد كان من أفضل الحراس في العالم آنذاك، لقد كان ركيزة هامة في جيل مانشستر الذهبي.
ولدت كل تلك الأسماء في نوفمبر، وتلمست طريقها بشكل أو بآخر نحو الفريق، ربما يبدو الأمر كخرافة أسطورية ولكن نوفمبر دومًا ما يحمل لنا أنباء سارة، وسنظل نراهن عليه على الدوام.انتهى حديث فيرجسون ليعود إلى مقعده ويتحدث بهدوء: