انتخابات الأهلي: 5 مشاهد تشرح لك صراع «الدرندلي-مرتجي»
حين تقرأ هذه السطور، سيكون الصراع الأكثر سخونة في انتخابات الأهلي 2021 قد وصل إلى لحظاته الأخيرة داخل النادي الذي يتسم بمنافسة شرسة عادة على مقعد الرئيس، كان آخرها المنافسة الضارية بين قائمتي محمود الخطيب ومحمود طاهر في انتخابات 2017 التي حسمها الرئيس الحالي.
شعبية الخطيب وأداء المجلس اقتصاديًا وإنجازات فريق الكرة على وجه التحديد في السنتين الأخيرتين وحصوله على بطولتي دوري أبطال إفريقيا، جعل المنافسة على مقعد الرئاسة أمرًا مستحيلاً، ومنع تكوين قوائم لمنافسة المجلس الحالي، الذي لن ينافس رئيسه سوى المحامي خالد سليمان الذي ربما يستهدف تعريف الناس به لا أكثر بمقارعة الخطيب في تلك الانتخابات.
الصراع الأكثر شراسة الذي أفرزته انتخابات الأهلي 2021، هو كرسي أمانة الصندوق، المقعد الذي يملك أهمية كبيرة لدى عضو الجمعية العمومية الأهلاوي، والذي شغله خالد الدرندلي بكفاءة في آخر 4 أعوام، قبل أن يفاجأ باستبعاده من قائمة الخطيب في 2021، وطرح اسم بحجم خالد مرتجي بديلاً له.
الأهلي يتخلى عن الدرندلي
يمكنك أن تستنبط سخونة الصراع من تهميش الأهلي عمدًا لاستبعاد الدرندلي إعلاميًا. ففي حين استضافت القناة جل المرشحين في القائمة، ومن فاتته القناة لم يفته برنامج أحمد شوبير، استغرب الدرندلي نفسه من التهميش الإعلامي الأهلاوي له فاضطر للظهور في برامج لا تمثل الرأي الأهلاوي سواء مع كريم خطاب أو هاني حتحوت، بينما كان الظهور مع أحمد موسى أكثر وسيلة ناجعة لمخاطبة جمهور الأهلي.
يأتي هذا بعد موازنة تاريخية للأهلي قادها الدرندلي وأشاد بيها الخطيب شخصيًا في مؤتمره الصحفي الذي أعلن به عن قائمته وصلت فيها موارد الأهلي إلى حدود 2.5 مليار جنيه، والأغرب أن الدرندلي لم يتم إبلاغه بالقرار بل عرفه من وسائل الإعلام، وهذا يشير إلى أن الخطيب لم يكن يريد إلا أقل قدر من «الشوشرة» أثناء اتخاذ هذا القرار المعقد.
صراع بين اثنين من أعضاء مجلس الإدارة الأكثر نجومية ولمعانًا ونجاحًا خلال القرن العشرين، فالدرندلي هو نجل أب وأم لهما باع في مجلس إدارة الأهلي، وقد قام بأعمال أمين الصندوق من قبل في إدارة النادي وكان نائبًا للخطيب في مقعد الأمين بين عامي 2004 و2009، ورأس لجنة تنمية الموارد بالنادي، إلى جانب تاريخه المصرفي الكبير في بنك مصر وبنك مصر الدولي الذي يجعله كفئًا لهذا المنصب.
أما خالد مرتجي فلا يتحلى بذات الخبرة على الجانب المصرفي، ولكنه يستند إلى إرث كبير يحمله اسم الفريق عبد المحسن مرتجي واحد من أشهر رؤساء الأهلي، وكذلك يملك هو ذاته تاريخًا كبيرًا داخل الأروقة الإدارية في الأهلي، وأكثر ما يصنع نجوميته كإداري هو علاقاته الجيدة في القارة الأوروبية وبالتحديد كبار الأندية، وقد كان الجندي المجهول في تنظيم عديد اللقاءات الكروية التي جمعت الأهلي بكبار القارة الأوروبية ومنها لقاء ريال مدريد في احتفالية تتويج الأهلي بنادي القرن على سبيل المثال.
على الجانب الشخصي، يعد كل من خالد مرتجي وخالد الدرندلي من الأقرب علاقة في المجلس الحالي، قرار الخطيب باستبعاد الدرندلي جاء لينهي اتفاقًا وشيكًا بينه وبين خالد مرتجي بنزول الأخير نائبًا في انتخابات 2021 وبقاء الدرندلي أمينًا للصندوق، لكن قبل 5 دقائق من إعلان هذا الاتفاق الذي سيقضي بخروج مرتجي من قائمة الخطيب الذي كان موقفه واضحًا بتثبيت العامري فاروق في مقعد النائب، باغت مرتجي الدرندلي بتغيير الوعد مبلغًا إياه بأنه سيترشح لمنصب أمانة الصندوق، وأنه «في حِلّ» من اتفاقهما، وفقًا لرواية الدرندلي نفسه.
الدرندلي بات مرشحًا لأمانة الصندوق أمام مرتجي وجهًا لوجه، هذا الصراع أفسح المجال لنيابة العامري فاروق للخطيب، وأفسح المجال للخطيب كي يتخذ قرار استبعاد الدرندلي الذي كان له ما يبرره وبدا كما لو أن «بيبو» يتحين الفرصة لاتخاذ القرار لأسباب لها علاقة بمجلس الإدارة وأخرى خارجه، يتكتم عليها الطرفان، ونفتحها في السطور التالية.
توجه عالمي؟
وسط تكتم الخطيب ورفضه التصريح بسبب استبعاد الدرندلي من قائمته، ورفض الأخير أيضًا تناول الموضوع إعلاميًا رغم ظهوره في حلقات عديدة –خارج سياق الأهلي ووسائل إعلامه بالتأكيد- فإن خالد مرتجي كان الوحيد الذي أخرج سببًا للإعلام حول الأمر.
مرتجي أظهر أن الخطيب يطمح لتوجيه دفة اقتصاد الأهلي في هذه الانتخابات إلى مناحٍ عالمية، وبعبارات رنانة مثل «تكرار نموذج يوفنتوس» و«التوأمة مع ريال مدريد» و«جعل الأهلي حلقة الوصل بين إفريقيا والعالم» أبان عما يشبه «التوجه العالمي» في تطوير اقتصاد الأهلي والذي يستلزم نزول خالد مرتجي إلى مقعد أمانة الصندوق الذي لا ينبغي أن يقتصر على «المناقصات» وجرد الميزانيات فقط، على حد تعبير مرتجي.
لكن ربما يكون هذا الملمح مداراة لمشكلات أعمق لا يحبذ «أبناء الأهلي» أن يطرحوها للإعلام، إذ يقدح إفشاء المشكلات دائمًا في الانتماء بالنسبة لعضو الجمعية العمومية المستهدف من الانتخابات.
أزمة المكتب التنفيذي
أجاد الأهلي إخفاء أزمة إيقاف الخطيب لعمل المكتب التنفيذي لمدة سنة كاملة، ما استدعى عدم حضور بعض أعضاء مجلس الإدارة كان منهم خالد مرتجي للاجتماعات.
الدرندلي قال إنه تضامن مع مرتجي في هذا الأمر، وإنه كان يتعمد عدم حضور الاجتماعات دعمًا له، وحتى لا تظهر الأزمة لعضو الجمعية العمومية ويستفحل الخلاف.
تستطيع أن تلمح هنا مشكلة لدى الخطيب الذي بدا قراره كما لو كان ديكتاتوريًا، لأن أمين الصندوق الذي من المفترض ألا يكون معنيًا بالمكتب التنفيذي قد أذاع رفضه للأمر، وكان ينبغي ألا يمر هذا مرور الكرام.
أتى هذا ليؤطر خلافات ظهرت مؤخرًا للنور بدا الدرندلي فيها صانع المشكلات داخل مجلس الإدارة في الاجتماعات المغلقة مع الخطيب ومع باقي الأعضاء.
الوعد
قد يكون هذا الجانب الأخطر في الإشكالية برمتها، ظهور الدرندلي في وسائل الإعلام مؤخرًا فتح جرحًا غائرًا بين أروقة الأهلي، ألا وهو الخلاف العميق بين العامري فاروق وخالد مرتجي.
مرتجي كان موعودًا بالنزول نائبًا في انتخابات 2017، والمتعارف عليه في الأهلي أن النائب في دورتين متتاليتين يكون الرئيس في الثالثة، وقبل أن يعلن ترشيح مرتجي نائبًا على قائمة الخطيب، أقنعه «الكابتن» بأن يترك المقعد للعامري فاروق الذي يملك طموح رئاسة الأهلي، وأن يترشح عضوًا عاديًا في مجلس الإدارة.
تكرر الوعد في 2021، ولكن يبدو أن هوة الخلاف التي اتسعت ووصلت إلى شكل شخصي بين فاروق ومرتجي، جعلت الخطيب يتفادى الخلاف مجددًا ويقنع مرتجي بالنزول على مقعد أمين الصندوق، ليدفع الدرندلي ثمن تلك التهدئة.
آل الشيخ ومرتضى منصور
في خضم مشكلات الأهلي مع تركي آل الشيخ حينما كان مالكًا لبيراميدز في 2019، فوجئ جمهور الكرة المصرية بصورة شخصية للدرندلي مع رئيس هيئة الترفيه السعودية وبصحبتهما الإعلامي عمرو أديب.
الدرندلي قال إنه كان مدعوًا للسحور في رمضان من قبل أديب ووجد تركي آل الشيخ، ووفقًا لطلب عمرو أديب فقد طلب أن يأخذ ثلاثتهم صورة تذكارية فلم يمانع الدرندلي.
الغضب الجماهيري تُبع وفقًا لروايات عديدة بطلب الخطيب من الدرندلي بأن يعتذر، ولكن الأخير لم يرَ شيئًا يستوجب الاعتذار.
على ذات الشاكلة، فإن علاقة الدرندلي الطيبة بمرتضى منصور في خضم تناول الأخير لأعضاء مجلس إدارة الأهلي سبابًا وشتمًا، ووصل الأمر إلى الخوض في أعراض عائلة الخطيب نفسه، قد فاقمت الغضب تجاه الدرندلي.
الأخير كان قد شكر مرتضى منصور على «لفتات طيبة» منه حين توفيت والدته، وكذلك شكره منصور على «سؤاله عنه» في فترة مرضه مؤخرًا.
«برستيج» الأهلي
حينما يتعلق الأمر بمشكلات الأهلي الداخلية، يستغرق الأمر كثيرًا من الوقت كي تطفو إلى السطح، وحينما تنفجر، تكون بمقدار التحفظ الذي يظهر في صراع الدرندلي-مرتجي، والذي رغم كثرة النيران تحت الرماد، فإنه يخرج دائمًا بالصورة التي تحافظ على «برستيج» الأهلي، الذي يحسب للكيان أنه ما زال محافظًا عليه رغم سهولة الوصول إلى كل شيء في عصر السوشيال ميديا.