الأهلي 3-0 الزمالك: لهذا السبب لم يتكرر سيناريو 6-1
شبح هذه الجملة وأحزان تلك الليلة لم تفارق أذهان جماهير نادي الزمالك ليلة أمس وتحديدًا منذ الساعة السابعة وثلاث دثائق بتوقيت القاهرة. تلك اللحظة التي أعلن فيها «مؤمن زكريا» عن الهدف الأول للنادي الأهلي في الدقيقة الثالثة من القمة رقم 115 بين قطبي الكرة المصري الأهلي والزمالك.
لم يُطمئن جماهير الزمالك تحفيز «علي جبر» لزملائه بعد الهدف الأول. رصيد ثقتهم في هؤلاء اللاعبين قد نفد. ما طمأن الجماهير البيضاء هو التماسك النسبي لأبناء «إيهاب جلال» بعد الهدف الأول والاستحواذ الجيد على الكرة. على الجانب الآخر فإن صرخات جمهور النادي الأهلي في جميع محافظات مصر قد وصلت إلى «حسام البدري» في استاد القاهرة، صرخات ترجوه أن يمنحهم ليلة كتلك التي عاشوها في السادس عشر من شهر مايو/آيار من عام 2002، لكنه لم يستجب.
النصف الأول من الحكاية
دخل الفريقان المباراة بالتشكيل المتوقع، 4-2-3-1 في أبسط صورها. لكن تشكيل نادي الزمالك _والذي أعلن عن قائمة الفريق قبل المباراة بثلاث ساعات فقط_ قد حوى بعض المفاجآت مثل إشراك «باسم مرسي» كمهاجم صريح ومن خلفه «أيمن حفني» كصانع ألعاب في الثلاث المتحرك تحت المهاجم رغم بُعد اللاعبين عن المشاركة مع المدير الفني المونتنيجري السابق «نيبوشا».
أبى «علي جبر» و«أحمد الشناوي» أن يتركا جماهير الزمالك في حالة مستقرة سوى دقيقتين فقط لاغير، فقرر الأخير تمرير الكرة برعونة إلى «طارق حامد» الذي لم يستطع السيطرة عليها فخرجت الكرة من قدمه إلى «وليد سليمان» الذي استطاع اختراق ثلاثي الزمالك«مؤيد العجان-محمود الونش-طارق حامد» بمفرده. يبدو أن «علي جبر» لم يثق في قدرات زملائه فقرر فقدان تمركزه للضغط على «سليمان» ولكنه نسي دوره الأساسي في هذه اللعبة بمراقبة «مؤمن زكريا» الذي انتظر الكرة وحيدًا أمام المرمى ليسكنها في الشباك.
بحث الجميع عن «حازم إمام» في إعادة هذه اللقطة والذي كان بدوره يجب عليه التغطية على زميله «علي جبر» فوجدوه عند دائرة منتصف الملعب! فضيحة تكتيكية من لاعبين دوليين أمام فريق يُعد هو الأشهر بفلسفة الضغط العالي في الدوري المصري.
في هذه اللحظات عادت إلى أذهان جماهير الأهلي ذكريات الـ6-1، لكن سرعان ما تلاشت هذه الأمنيات بعد سيطرة لاعبي نادي الزمالك على الكرة، وتحفظ «حسام البدري» غير المبرر في ظل التقدم المريب للظهيرين «حازم إمام-مؤيد العجان» في أغلب أحداث الشوط الأول. مساحات شاسعة خلف ظهيري الزمالك وبطء ملحوظ في قلبي الدفاع لم يستغله «البدري». هنا تكمن أزمة فقدان الثقة بين جماهير الأهلي و«حسام البدري»، يكاد يجزم الجميع أن رد فعل النادي الأهلي بعد هذا الهدف كان سيختلف بالطبع إذا كان «مانويل جوزيه» هو من يقف على الخط.
بعد سيطرة لم تكن متوقعة من لاعبي الزمالك على مجريات المباراة بفضل العائد من بعيد «أيمن حفني»، استطاع الأخير في الدقيقة 31 تمرير الكرة على أطراف منطقة جزاء الأهلي للقادم من الخلف «حازم إمام» والذي نجح في السيطرة على الكرة ليورّط «مؤمن زكريا» في ركلة جزاء صحيحة احتسبها الحكم الإيطالي «ديفيد ماسا» دون تردد.
اعيدوه إلى مدرسة الكرة
قد تظن عزيزي القارئ أن ما سيُقال الآن هو تحامل على «باسم مرسي» أو استغلال لحالة الهجوم الضارية التي يتعرض لها الآن، ولكني أؤكد لك أني على علم تام بأن كل عظماء كرة القدم قد أضاعوا ركلات جزاء، ولكن هؤلاء العظماء لم يلعبوا تلك الركلات كطفلٍ هاوٍ في إحدى مدارس كرة القدم.
أول شيء يعلمه المدربون للصغار في مدارس كرة القدم هو وضع أحد قدميك بجانب الكرة مباشرة لترك مساحة جيدة لقدمك الأخرى لركل الكرة بقوة داخل المرمى. لا تضع قدمك الثابتة خلف الكرة فتفقد اتزانك، ولا تضعها أمام الكرة فتفقد قوتها. ما فعله باسم مرسي هو وضع قدمه الثابتة خلف الكرة وبجسم مائل فخرجت الكرة بهذا الشكل. نعم، أعلم أنه كان من الممكن بعد أن يفعل «باسم» كل هذا أن ينجح «الشناوي» في صدها مرة أخرى، ولكن الغرض من هذه التدريبات هو تعزيز احتمالات سكون الكرة في الشباك على أي حال.
سحر كرة القدم
لا يوجد مشجع كرة قدم في مصر لم يدرك أن الآية ستنقلب حتمًا بعد ضياع هذه الضربة. قواعد وقوانين رسختها الساحرة المستديرة في قلوبنا دون أي وسيلة تعلم. قواعد صرنا نألفها ونحفظها عن ظهر قلب بالرغم من أنها غير مسجلة في كتب ولم تُشرح في أي مؤسسة تعليمية. كرة القدم تمتعك دومًا بتلك القوانين التخيلية التي وضعتها لذاتها غير عابئة بالـ17 قانونًا التي تسير الفيفا وفقًا لها. قوانين تجعلك تشعر أنك أقرب شخص لها في هذا الكون وأكثرهم فهمًا لمجرياتها؛ لهذا نحب كرة القدم.
وبالفعل انطلق لاعبو النادي الأهلي للسيطرة على أرجاء الملعب طولًا وعرضًا من بعد الدقيقة 33، حتى نجح علي معلول في التسلل من خلف حازم إمام الذي قرر فجأة التوقف عن الركض يأسًا من لحاق معلول في مشهد غريب للغاية ليحصل الظهير التونسي على ركلة جزاء يسجلها عبدالله السعيد بشكل نموذجي.
تبارى لاعبو الأهلي بعد ذلك في إهدار الفرص السهلة والتي كان أقربها فرصة «وليد أزارو» بعد تكرار «أحمد الشناوي» للخطأ ذاته للمرة الخمسين هذا الموسم ربما، ولكن القدر كان رحيمًا بجماهير الزمالك ليخرج الشوط الأول بتقدم الأهلي بهدفين فقط.
النصف الثاني من الحكاية
مع بداية الشوط الثاني حلّ «محمد إبراهيم» بديلًا لـ«أحمد مدبولي»، واستحوذ نادي الزمالك على مجريات المباراة كما كان متوقعًا، ولكن مرتدات «وليد أزارو» لم تمهل قلبي دفاع الزمالك سوى تسع دقائق فقط حتى نجح المهاجم المغربي في إحراز الهدف الثالث بطريقة مهينة بعض الشيء لحارس مرمى نادي الزمالك «أحمد الشناوي» بعدما اختل اتزانه في لقطة احتلت صفحات التواصل الاجتماعي قاطبة بعد المباراة.
https://www.youtube.com/watch?v=Z2Ag9dEq-O8
بعد ذلك عاد لاعبو الزمالك إلى استحواذهم غير الفعال على مرمى الأهلي، ليستمر الشوط الثاني على نفس الوتيرة. رتم أقل بكثير من ذلك الذي جرى عليه الشوط الأول ليحبط جماهير الأهلي التي زادت أطماعها في نتيجة كبيرة بعد الهدف المبكرة في الشوط الثاني، ويحبط جماهير الزمالك التي لم ترَ رد فعل شرس من لاعبيها إلا من خلال بعض الأخطاء التي ارتكبوها والتي كانت نتيجتها البطاقة الحمراء التي تلقاها «محمد إبراهيم» في الدقيقة 81 بعد حصوله على البطاقة الصفراء الثانية.
هل ينجح «إيهاب جلال»؟
من المؤكد أن «إيهاب جلال» إذا قرأ هذا التصريح ليلة أمس لزيزو سيبتسم قائلًا: «عشر سنوات؟ أتمنى أن أستمر عشرة أشهر فقط لتظهر بصمتي على الفريق». يُحسب لـ«إيهاب جلال» جرأته وإصراره على خوض لقاء القمة بلاعبين رأى الجميع مستواهم الحالي ومدى جاهزيتهم للمنافسة على الدوري. جرأة أكسبته تعاطف قطاع كبير من جمهور النادي.
لكن هل يقتصر الأمر على الجرأة فقط؟ وإلى أي مدى ستستمر هذه الجرأة وتحمل المسئولية بدلًا من اللاعبين في ظل هجوم رئيس النادي الشرس تارة تلو الأخرى؟ وهل يستطيع «إيهاب جلال» تحقيق المعادلة الصعبة بإرضاء الجمهور الوفي لنادي الزمالك ورئيس النادي في ذات الوقت لضمان البقاء في منصبه وهو ما لم ينجح فيه مدير فني من قبل؟ جميعها تساؤلات تدور في أذهان الجماهير في «ميت عقبة» الآن ولن يستطيع الإجابة عليها سوى «إيهاب جلال» نفسه في الأشهر القليلة المقبلة.