لم يمر سوى شهرين لنفاجأ من جديد بقرصنة محتوى مقال آخر بعنوان «حمو بيكا ومجدي شطة: حتى لا تحترق القاهرة مرة أخرى »، لصاحبه محمود هدهود، مدير المحتوى في إضاءات؛ في فيديو لبحيري بعنوان «تعاشب شاي – سرسجولوجي» . لم يلتزم بحيري بقواعد الملكية الفكرية، ولم يعرض الفيديو في صيغة عرض صحفي على لسان صاحبه الأصلي، ولم يشر إليه في الفيديو من قريب أو بعيد، فقط اكتفى بوضع رابط المقال الأصلي في منطقة مخفية تحت آخر سطر في الوصف النصي للفيديو، والذي لا يظهر للمشاهد إلا بعد خطوة إضافية، لا يقوم بها في المعظم وهي الضغط على زر «اعرض المزيد».
لم يستأذن بحيري من إضاءات ولا من هدهود بشخصه ولا بصفته، ولما تكرر الأمر قام محررونا بعملية تنقيب سطحية في قناة البحيري، اكتشفوا خلالها وجود عدد من المقالات المقرصنة، مثل مقال «وليد العبادي وإخوته: لماذا يعرّض الأهل أطفالهم للسخرية؟ » في فيديو «تعاشب شاي – النانو كله يا وليد ». على التوازي، رصدنا شكاوى مماثلة من صناع محتوى آخرين، حكى لنا «محمد فتوح» المحرر في موقع ميدان، ما حدث معه وقال:
فوجئت بأن بحيري نقل حرفيًا محتوى مادة كتبتها عن تتبع مسيرة شيخ الأزهر أحمد الطيب ونقاط القوة لديه ومواقفه المتتالية من الدولة (فيديو المحتوى المقرصن ). وهو ما استفزني للغاية، لأن كتابة مادة استقصائية كهذه تحتاج لبحث وقراءة وسؤال وكتابة لأيام، ولم يستأذن البحيري في طلب المادة لا مني ككاتب ولا من الموقع صاحب الحق في المادة […] ولما عاتبته وعد أنه يُشير في المواد القادمة، لأفاجأ بعد ساعتين بمادة عن الفتاوى السائلة لسعد الدين الهلالي قرصنها هي الأخرى ، لكن هذه المرة اكتفى بإشارة (منشن) وكأنه أدى ما عليه من حقوق أدبية» […] بتتبع سريع لبعض المواد وجدت بحيري قرصن محتوى أكثر من ثلاث مواد لي وحدي وأضعافها لأصدقاء آخرين. — محمد فتوح – محرر ميدان
يفسر فتوح هذا الفعل بأن «ضعف بحيري في صناعة المحتوى، جعل إنتاجه الغزير قائماً على السطو على مجهودات غيره». الباحث الدكتور «شادي عبد الحافظ» صانع محتوى آخر كان ضحية لقرصنات بحيري، الذي سطا على أحد مقالات عبد الحافظ ليلقيه بكافة تفاصيله مرئيًا . يقول عبد الحافظ تعليقًا على ذلك:
بحيري يضع رابطًا للتقرير أسفل وصف الفيديو الخاص به، لكن الجميع يعرف ألا أحد ينظر في هذه المساحة في فيديو يوتيوب أو فيسبوك، والمشكلة في رأيي أن ما نقدمه في تقاريرنا هو معالجة لمعلومات نستقيها من مصادر كثيرة، نعالجها من زاوية مناسبة لقارئ متخيّل بحيري هنا لا يقتبس منا المعلومة، لكن يأخد زوايا المعالجة ويلقيها كما عرضناها، وهذا مكمن الخطأ. نحن في هذه الحالة دورنا كأننا كتاب السكربت/السيناريو للفيديو الذي يلقيه. — شادي عبد الحافظ – محرر ميدان
الكاتب «إبراهيم هلال» يعلق هو الآخر على قرصنة أحد مقالاته في أحد فيديوهات بحيري ، بقوله:
المذكور لم يستفد من المواد كمصادر، لم يقتبس منها ولم يشر بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للمصدر داخل المادة، وكونه وضع لينك المادة واسم صانعها أسفل وصف الفيديو، هذا لا يعطيه الحق أو الإذن في تحويلها بالكامل من بداية فكرة المادة الصحفية حتى استشهاداتها وترتيبها فضلًا عن منطقها لمحتوى بصري، لأن هذا تعد واضح على حق المادة وملكيتها. — إبراهيم هلال – محرر ميدان
يواجه بحيري صناع المحتوى الذي قرصنه بسوق الأكاذيب و السباب الذي ينتهي عادة بحظرهم على منصات التواصل، أما الجماهير فيرد عليهم بإنكار أن أيًا مما سبق لم يحدث وأن أحدًا لم يتواصل معه.
نستغرب كيف يصل إلى هذا الحد من الإنكار مع وجود رسائل في بريدنا، ووجود اعتذار مكتوب بيديه على صفحته في أحد فيديوهات المحتوى المقرصن، لا يزال موجودًا حتى كتابة هذه الأسطر، وأخذنا منه نسخة احتياطية على هذا الرابط .
تعديل أحمد بحيري لفيديو المقال الرياضي المقرصن من إضاءات
تتلخص فكرة إنتاج المحتوى إذن عند أحمد بحيري في السطو على كتابات صناع المحتوى العرب دون استئذان. حتى فكرة الاستئذان بحد ذاتها غير عملية، فمن سيأذن لشخص ما أن ينسب لنفسه محتوى منشورًا بالفعل باسم شخص آخر، سوى في «حلزونة» عادل إمام في فيلم «مرجان أحمد مرجان»؟
قواعد الملكية الفكرية لاستخدام المحتوى
وفق قوانين الملكية الفكرية يكتسب منتج المحتوى كل الحقوق الأخلاقية والقانونية بمجرد «تسجيلها على وسيط ملموس»، في صورتها الأصلية، ويكتسب الحق الكامل لتحديد شروط استخدامها وإعادة إنتاجها وتدوير صيغتها وتوزيعها وتحديد طريقة الاشتقاق منها، وهذا تلقائيًا دون الحاجة لإشعار قانوني بأي صيغة، ولا يحق للآخرين استخدامها إلا وفق ثلاثة سيناريوهات: أولاً: سياسة الاستخدام العادل Fair Use .ثانيًا: وفق شروط مالك المحتوى أو الترخيص الموضح في النطاق المخصص لشروط استخدام المحتوى مثل ترخيص المشاع الإبداعي Creative Commons .ثالثًا: مطلق الحرية للتصرف في المحتوى في حالة واحدة فقط هي امتلاك المحتوى ترخيص الملكية العامة Public Domain .
وفق القوانين، يوجد نمطان من السرقة، الأول، هو السرقة الأدبية أو الانتحال Plagiarism، وهو أن ينسب الشخص عمل شخص آخر إلى نفسه، والثاني، هو انتهاك حقوق الملكية Copyright Infringement، وهو أن ينسب الشخص العمل إلى صاحبه لكن يستخدمه دون إذنه أو دون شروطه.على سبيل المثال: أحمد كتب مقالاً/رواية… الخ.
أحمد يمتلك كل حقوق النص بمجرد حفظه على حاسوبه، وعند استخدام إضاءات له، يجب نشر المقال بشروط يتفقان عليها، في هذه الحالة يشترط إضاءات انتقال الملكية الكاملة للموقع. ثم يأتي بحيري ويريد استخدام محتوى المقال/الرواية المنشورة في إضاءات في صورة فيديو/فيلم أو يترجمها للغة أخرى .. الخ. في هذه الحالة على بحيري أن يستأذن من إضاءات ويصل إلى اتفاق يستخدم فيها المحتوى بشروط المنصة.
إذا استخدم بحيري المحتوى دون استئذان (كما فعل مع مقال أحمد قبل أن نتوصل معه في المرة الأولى)، فقد ارتكب سرقة من النمط الأول، وإذا نسب المقال إلى إضاءات دون اتفاق مع الموقع (كما فعل لاحقًا)، فقد ارتكب سرقة من النوع الثاني. غير أن بحيري ارتكب نموذجًا نادرًا من السرقة وهو الاكتفاء بذكر المصدر في مساحة مهملة في آخر النص المرفق بالمحتوى المرئي المسروق، دون أي توضيح في الفيديو—وبالطبع دون استئذان.
وفق السيناريوهات الثلاثة، يجوز لبحيري أن يقتبس نصوصًا محدودة على لسان الكاتب كمصدر وبالإشارة للمصدر لكن دون استئذان، كما في حالات المراجعة والعرض الصحفي ، ولا يجوز له أكثر من ذلك، إلا إذا كان المحتوى مرخصًا بشروط أخرى كالمشاع الإبداعي، أو لا يمتلك حقوقًا كالملكية العامة.
السيناريو الأول لم يتبعه بحيري، ولا ينطبق الثاني والثالث على كل المحتوى المقرصن الذي يلقيه بحيري.حقوق الملكية الفكرية كأي حقوق والسرقة الأدبية والفنية كأي سرقة، من منظور أخلاقي وقانوني، ويزيد وزن الجريمة الأخلاقية والعقوبة القانونية للسرقة إذا تربح منها السارق، وهو ما وصل أحمد بحيري إلى أقصاه.إن قرابة 700 ألف مشترك على يوتيوب، هو رقم أكثر من كاف لتحقيق أرباح بآلاف الدولارات شهريًا، إذا توافرت استراتيجية تسويق محكمة، بالإضافة إلى مئات الدولارات التي يجنيها بحيري من موقع Patreon كتبرعات يطلبها مع كل محتوى مقرصن.
نسبة قليلة من هذه الأرباح قد تكون كافية لاستئجار صانع محتوى محترف، وما أكثر صناع المحتوى العربي، لأنه لا يصح محاربة الفساد السياسي بفساد أخلاقي، ولا يستقيم سرقة «كتاب الدين» لمخاطبة «وعي الإنسان»، إلا إذا كان ذلك وسيلة لغاية المادة.
[تحديثات على المقالة الأصلية]
أثار المقال نقاشات واسعة على فيسبوك، ووجهت لبحيري انتقادات لاذعة وظهرت عدة شهادات أخرى من كبار صناع المحتوى العربي تعرض محتواه للقرصنة، وكان رد بحيري في 11 فبراير/شباط، بنشر رد في فيديو على صفحته في فيسبوك، يسوق فيه المزيد من الأكاذيب والادعاءات المناقضة كليًا للعلم والمنطق.
للتغطية على صوت النقد، استعان بحيري بجيش يديره من اللجان الإلكترونية لترويج الفيديو بهجوم متزامن على صفحتنا في فيسبوك، في محاولة للتغطية على صوت النقد الذي تجاوز إضاءات لمساحات أكبر وأكبر في مجتمعات صناع المحتوى العرب. ننشر لاحقًا تحقيقًا مفصلاً عن كواليس إدارة بحيري لهذا الجيش الإلكتروني من الأراضي التركية، ونضع أمامكم جانبًا مصورًا من نشاط هذه المجموعات في الترويج لفيديو الأكاذيب.
حسابات موجهة لنسخ ذات التعليقات:
وحسابات وهمية أنشئت خصيصًا للهجمات التي يديرها بحيري
عول أحمد بحيري على كسل جمهوره في التقصي، وقال «قارنوا بأنفسكم وستجدون الفيديو مختلفًا 100٪ عن المقالات»، وقبلنا التحدي وأثبتنا العكس؛ تطابق المقالات الأصلية مع فيديوهات أحمد بحيري 100٪. أثبتنا ذلك في هذا الفيديو، الذي يعالج كل الأكاذيب التي روجها، ويبرز التناقض بين مبرراته في قرصنة المحتوي العربي المكتوب، واستخدامه كاسكريبت لفيديوهاته دون إذن صناع المحتوى.
إذا كنت تحاول فتح روابط حلقات بحيري المشار إليها في المقال على صفحته في فيسبوك الآن، ستجد أن الحلقات المقرصنة من إضاءات لا تعمل، حيث حذفها فيسبوك بناءً على شكوى مقدمة من خلالنا.
لم يتوقف بحيري عن السرقة، فتعمدنا عدم تصحيح خطأ طباعي في أحد المقالات، فقرصن بحيري المقال وألقاه بالخطأ الطباعي، ولم يشر حتى للمصدر كما كان يفعل في السابق، معولاً على عدم انتباه الجمهور للمصدر الأصلي في حالة عدم وجود الرابط. هذا هو الخطأ الذي وقع بحيري في الفخ وألقاه كما هو:
والتفاصيل في الفيديو:
لم تنته سرقات بحيري على الوقائع المذكورة، وأبرزت النقاشات الكثير من الشهادات لعديد الصحفيين والكتاب بسرقات مماثلة، المدهش في أحدها أن السرقة تجاوزت المحتوى المكتوب لتصل إلى تصميم التيشيرت المستخدم في البرنامج 😁