كأس أمم أفريقيا: ألقاب من قصص الشعوب
كأس أمم أفريقيا على الأبواب و تقترب من انطلاقتها، في هذه القارة التي تتميز منتخباتها باعتماد أسماء مستعارة طغى استخدامها في الصحف والشاشات الإعلامية، وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من اسم الدولة، حيث أصبح من الشائع في الآونة الأخيرة أن تستخدم المنتخبات الوطنية الأسماء المستعارة بجانب اسم الدولة للتعبير عن خاصية ما يميز هذه الدول، ولتوصيف هويتها الحضارية وإرثها التاريخي على حد سواء. وتعتبر هذه الأسماء رمزًا للفخر الوطني والوحدة والحب وتهدف إلى تعزيز شعور الاعتزاز بالهوية لكل من اللاعبين والجماهير على حد سواء، فهذه الأسماء تخبرنا قصة ما، بالنهاية سنروي منها قصص المنتخبات المشاركة في بطولة الأمم الأفريقية التي تستضيفها الغابون.
استخدام المنتخبات للأسماء المستعارة التي تستمدها من رموز وطنية يجعل اللاعبين يشعرون بالفخر والاعتزاز لمجرد ارتدائهم ألوان الأمة
هناك سمة معينة لكل بلد، أو لكل قارة على حدة، وهذا الأمر واضح من خلال الأسماء الخاصة بالمنتخبات الأفريقية، فهي تعكس الطبيعة القاسية هناك لانتشار الصحارى وأدغال أفريقيا التي تضم أكبر تشكيلة من الحيوانات البرية على وجه الكرة الأرضية، ولذلك تميزت المنتخبات الأفريقية باختيارها للحيوانات كأسماء لها، على عكس منتخبات أوروبا وأمريكا الجنوبية.
يعتقد البعض أن الأسماء المستعارة في أفريقيا يتم اعتمادها من أجل إخافة الخصوم، وهذا الأمر صحيح من حيث المبدأ، لكن لم يتم اختيار هذه الأسماء من أجل هذا الغرض، بل لعكس الهوية الخاصة لكل بلد على حدة. وليس بالضرورة أن تعكس هذه الأسماء قوة أداء المنتخبات وإمكانياتها، لكن الشجاعة هي السمة التي تميز الأفارقة بشكل عام، فعلى الرغم من الخسارة تجدهم يقاتلون بشجاعة وقوة.
الغابون و النمور السوداء
تم إقتباس إسم النمور السوداء من شعار دولة الغابون بسبب وجود نمرين يحملان علم الغابون في الشعار، و يرمز النمر إلى يقظة و شجاعة الرئيس الذي يحمي الأمة.
بوركينا فاسو و الجِياد
اسم الجياد تم إقتباسه أيضًا من شعار الدولة الذي يحتوي على جوادين يمثلان جواد الأميرة الإسطورية إيينجا، و التي تعتبر أمًا لشعب موسي في بوركينا فاسو. وكانت محاربة جميلة حاربت من أجل والدها عندما كان عمرها 14 عامًا و إبنها هو مؤسس مملكة موسي.
الكاميرون و الأسود التي لا تقهر
بالنسبة للمنتخب الكاميروني، تم إعتماد هذا الإسم في عام 1972 بعد فشل الكاميرون بالفوز بكأس الأمم الأفريقيةعندما إستضافت البطولة في ذلك العام. أمر رئيس البلاد أحمدو أديدو بسلسلة من الإصلاحات العامة و إحدى هذه الإصلاحات كانت في إتحاد كرة القدم و كانت النتيجة النهائية هي إعتماد لقب الأسود و للتفرقة عن بقية المنتخبات التي تُنعت بنفس الإسم تم إضافة صفة الجموحة أو غير قابلة للترويض.
غينيا بيساو و الكلاب البرية الإفريقية
لا يوجد علاقة تاريخية أو قصة إسطورية وراء هذه التسمية لكنها ترمز لكلاب الصيد البرية و التي يعرف عنها سرعتها و طاقتها الكبيرة في المطاردة، و تتميز عن غيرها بأنها تعيش بمجموعات واحدة و لا تصيد كأفراد، و تم إعتماده لتشجيع اللاعبين على القتال بقوة و بروح واحدة حتى آخر نفس في المباريات.
الجزائر و ثعالب الصحراء
يسمى منتخب الجزائر بثعالب الصحراء نسبة لثعالب تُعرف باسم « الفنك »، والتي تتواجد بكثرة في الجزائر، وتعتبرها الدولة رمزًا ثقافيًّا يعكس صلابة المجتمع الجزائري الذي يتسم بالوحدة والتماسك خلال الأزمات؛ لأن ثعالب الفنك تتميز عن غيرها بأنها تعيش كأسرة واحدة مترابطة، ولا يغادر الثعلب عائلته عندما يكبر.
تونس ونسور قرطاج
نسر قرطاج هو شعار للحضارة القرطاجية التي كانت امتدادًا للحضارة الفينيقية، والنسر يرمز للتفوق والسمّو وسرعة الحركة والطموح.
السنغال وأسود تيرانغا
يعتبر الأسد شعارًا وطنيًا للسنغال، وتاريخيًّا كان يرمز لقوة الملوك، وخلال الاستعمار الفرنسي كان يُعبر عن وحدة الشعب السنغالي، أما كلمة تيرانغا فتعني المساعدة، وهي كلمة تدل على كرم الضيافة، وتعبر عن هوية الشعب السنغالي، وهي مصدر فخر لهم.
زيمبابوي والمحاربون
السمات المميزة الرئيسية للمحاربين هي الشجاعة والقوة وروح الجماعة في سبيل قهر الأعداء. هذه الميزات ألهمت العديد من المنتخبات، فهي تحتاج هذه السمات أيضًا من أجل تحقيق الانتصار في اللعبة.
ومفهوم المحارب كُتِب عنه كثيرًا في تاريخ الدول الأفريقية، وله عدة مفاهيم، مثل المحاربة من أجل الملوك في قتال الممالك ضد بعضها البعض من أجل السلطة والهيمنة. لكن أيضًا له مفهوم آخر، وهو القتال لإنقاذ الناس من الأخطار والكوارث، حيث تقول الأسطورة في زيمبابوي إنه في العصور الوسطى كان هناك أمير يدعى موتوتا ذهب من أجل البحث عن مصدر جديد للملح؛ لأن الملح كان يتم مقايضته بالذهب مع ممالك الجنوب، وحارب قبائل كانت تشتهر باصطياد الأفيال، وقاتل من أجل الملح في سبيل إنقاذ شعبه من المجاعة.
ساحل العاج والأفيال
لقب الأفيال مستمد من شعار الدولة الذي يحتوي على رأس فيل، ويعتبر رمزًا مهمًا للأمة؛ لأنه أكبر حيوان وجد في أدغالها، فضلا على كونه مصدر العاج الذي سميت الدولة تيمنًا به.
الكونغو الديمقراطية والفهود
من المعروف أن الفهد يتمتع بالعدوانية والكفاءة والسرعة والقدرة على التحمل خلال ملاحقة فريسته، ويتمكن من هزيمتها حتى لو كانت تفوقه حجمًا. وفي بعض الأساطير الأفريقية يعتبر الفهد هو ملك الغابة وليس الأسد، وكان الفهد في تاريخ الكونغو هو الوحش الملكي، ويرمز للقوة والشجاعة والاعتزاز. ويلقب منتخب الكونغو بالفهود لتشجيع اللاعبين على إظهار سمات وقدرات الفهد في ميدان اللعب للتغلب على الخصم مهما كانت قوته أو مهارته.
توجو والبواشق
الباشق هو من أنواع الصقور، لكنه صغير الحجم، ولا يوجد أي علاقة للباشق بدولة توجو، وهو مجرد لقب للمنتخب الذي لا يملك تاريخًا كبيرًا، لكن يسعى لأن يكون أفضل من خلال تشجيع اللاعبين على أن يكونوا أكثر قوة واندفاعًا ودقة في اللعب، كما صفات الباشق الصغير الذي يتميز بقدرته الكبيرة على الاصطياد.
المغرب – أسود الأطلس
يعتبر الأسد أيضًا رمزًا وطنيًّا في المغرب وموجود على شعار الدولة، ويرمز إلى الأسد المغربي أو البربري الموجود في جبال الأطلس قديمًا، والذي يُعد من أجمل أنواع الأسود، لكن أصبح الآن من الأنواع النادرة جدًّا، ولا يوجد منه إلا أعداد قليلة.
مصر والفراعنة
على عكس معظم المنتخبات الأفريقية الأخرى اعتمد المصريون ترميزًا مختلفًا لهم، ولم يقع اختيارهم على الحيوانات لتكون لقبًا لهم، هذا اللقب عاد بهم إلى رموز الهيروغليفية والحقبة الفرعونية ، التي تعبر عن عراقة حضارتهم المتجذرة في التاريخ، وتعود لما قبل الميلاد· ويُعد اللقب رمزًا وطنيًّا للبلاد ومصدرًا للفخر بسبب الإرث الحضاري والثقافي، والجميع يعرف ذلك، والأمر لا يحتاج للكثير من الشرح والإسهاب بسبب شهرة الحضارة الفرعونية في كل أصقاع العالم.
غانا والنجوم السوداء
النجم الأسود يرمز إلى أفريقيا بشكل عام، وغانا على وجه الخصوص، والاسم مقتبس من شركة خط النجم الأسود للنقل البحري التي أسسها ماركوس غارفي كجزء من حركة العودة إلى أفريقيا عام 1919، وكان اسمها على غرار اسم شركة خط النجم الأبيض البريطانية التي تملك سفينة تايتانيك، وغير اللون من الأبيض إلى الأسود للدلالة على الأشخاص السود في الشتات، والذين كانوا يعانون من العنصرية. وماركوس غارفي ناشط سلمي جامايكي ضد العنصرية عاش حياته في الولايات المتحدة، وكافح من أجل تحسين أوضاع السود هناك، وأسس جمعية الاتحاد العالمي للعناية بالزنوج.
أصبحت النجمة السوداء رمزًا للوحدة الأفريقية من أجل مكافحة الاستعمار، والغانيون ينظرون إلى النجم الأسود كرمز خاص بهم، فهو موجود على العلم، وعلى بوابة النجم الأسود في العاصمة أكرا، وعلى مقاعد البرلمان وكرسي الرئاسة، واعتمده أول رئيس لغانا كوامي نكروما الذي كان متأثرًا بأفكار غارفي، ومن أهم الداعمين للوحدة الأفريقية.
مالي والنسور
وهو مقتبس من شعار المنتخب، وهذا الاسم مستمد من الفولكلور المالي؛ لأن النسر له أهمية في الأساطير الخاصة بشعب مالي.
أوغندا وطائر الكركي
وهو مستمد من علم أوغندا الذي يحوي طائر الكركي، والذي يرمز للنعمة والسكينة، كما لو أن الحياة في البلد مع كل خطوة جديدة تأمل النعمة والسكينة أيضًا، وتم اختيار الكركي بسبب أناقة شكله الخارجي ولأنه يعتبر من أجمل أنواع الطيور في أوغندا ، وأصبح محط اهتمام كبير في السنوات الماضية؛ لأنه مهدد بالانقراض.