كتائب «أبو علي مصطفى»: من خطف الطائرات إلى «الطوفان»
مع انطلاق عملية طوفان الأقصى، بدأت العديد من أسماء الفصائل الفلسطينية العودة للواجهة مرة أخرى. كان من أبرزهم بالطبع كتائب عز الدين القسام، التي خطّطت وبدأت العملية. لكن بمجرد الإعلان عن بداية طوفان الأقصى، انبرت فصائل المقاومة الأخرى في الدخول على خط المعركة. من الفصائل التي دخلت للمعركة مبكرًا كانت كتائب الشهيد أبو علي مصطفى. ففي 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 نشرت كتائب أبو علي مقاطع توثق اقتحامها لعدد من المواقع الإسرائيلية.
لكن بالطبع لم يكن هذا هو العمل الأول لكتائب أبو علي في عام 2023. فقد ظهرت في مارس/ آذار من نفس العام وهي تتبنى عمليتين حدثتا في حوارة جنوب نابلس بالضفة الغربية. وقد صرّح أبو جمال، الناطق العسكري للكتائب، بأنهم من قاموا بالعملية، وسوف يستمرون في القيام بالعمليات الفدائية، وليفعل الاحتلال ما يشاء، على حد قوله. كما أضاف أنهم في كتائب أبو على مصطفى يتحدّون الاحتلال في فعل أي شيء.
أبو جمال في بيانه ذلك كشف أيضًا أن الكتائب قد تقوم بعمليات دون الإعلان عن تبنيّها. فقال إنه لا يمر أسبوع إلا وهناك تفجير بعبوة ناسفة أو قتال بالنيران الحية، لكن الإعلان عن العمليات يكون وفق ما تقتضيه مصلحة الشعب الفلسطيني وظروف الميدان. كما أكد أن الكتائب موجودة في الضفة الغربية، وبكامل قوتها. رغم أن الاحتلال الإسرائيلي يكرر دائمًا أنه قد يجري تفكيك العديد من فصائل المقاومة الموجودة في الضفة الغربية، ومن بينها كتائب أبو على مصطفى.
تأسست كتائب الشهيد أبو علي مصطفى في مطلع الألفية الجديدة. بدأت بزخم كبير حيث قامت في شهور معدودة بتفجير العديد من العبوات الناسفة في العدو. وهاجمت المستوطنات الإسرائيلية، والحواجز العسكرية. واعتماد السيارات المفخخة كوسيلة للعمل المقاوم في الداخل الإسرائيلي.
أطلقت على نفسها آنذاك اسم قوات المقاومة الشعبية. لكن تغيّر الاسم إلى الاسم الحالي، كتائب الشهيد أبو علي مصطفى، عام 2001. بسبب اغتيال الاحتلال لقائدها أبو علي مصطفى. فولد اغتياله الآلاف ممن يحملون اسمه وينتهجون نهجه. وهو النهج الذي صاغه أحمد سعدات في أول خطاب له بعد خلافته لمصطفى بأن العين بالعين والسن بالسن والرأس بالرأس.
تختلف هذه الكتائب عن باقي كتائب المقاومة بسبب مرجعيتها الأيدولوجية، فهب تتبنى موقفًا مركبًا. فرغم معارضتها لاتفاقية أوسلو وما أنتجته، لكنها تؤمن بأن منظمة التحرير الفلسطينية هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني. خصوصًا أن الكتائب هي الذراع العسكري للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. وهي الجبهة المعروفة بتوجهها اليساري، وبقيامها باختطاف الطائرات في السبعينيّات، ويرجع تأسيسها للطبيب الفلسطيني جورج حبش.
وحين تكوّنت الكتائب لم تكن مهامها بأقل ضخامة من اختطاف الطائرات. فيُذكر أن كتائب أبو علي هي أول من أطلق قذائف الهاون من قطاع غزة. كما ثأرت لمقتل قائدها أبو علي مصطفى باغتيال وزير السياحة الإسرائيلي في أحد الفنادق الإسرائيلية عام 2001. كان من البديهي أن تعتبرها السلطة الفلسطينية جهة محظورة، خصوصًا بعد عملية نوعية بحجم اغتيال وزير إسرائيلي. فبدأت في مطاردتها واعتقلت العديد من كبار قادتها، مثل أحمد سعدات الأمين العام آنذاك.
فبدأت المناوشات بين السلطة الفلسطينية وبين الكتائب، إذ لم تلتزم الكتائب بحالة السكون التي كانت السلطة تحاول فرضها على باقي الفصائل. لهذا هاجمت الكتائب مقر لجنة الارتباط الفلسطينية الإسرائيلية بسيارة مفخخة عام 2002. وحين اعتقلت السلطة الفلسطينية أحمد سعدات عام 2006 جرت العديد من الاشتباك المباشرة بين السلطة والكتائب.
كمنت الحركة لفترة طويلة، ظلت فيها تمارس المقاومة دون تبني العمليات بشكل مباشر أو علني. لكنها عادت للبروز على الساحة مرة أخرى في عام 2014. في ذلك العام تبنت اقتحام العديد من أعضائها لمعهد ديني في دير ياسين. كانوا حاملين عددًا من السكاكين والمسدسات ودخلوا متنكرين. ما أسفر عن مقتل 4 مستوطنين، وإصابة قرابة 10 آخرين. كانت الكتائب في تلك المرحلة تحاول توجيع الاحتلال بسبب اعتداءاته المستمرة على أهالي قطاع غزة.
والآن، ولمرة جديدة، تُكمل الحركة مسيرتها في الدفاع عن أهل غزة، ومحاولة تكبيد الاحتلال ثمنًا باهظًا لهذا الاحتلال. فبعد عملية طوفان الأقصى، وبداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، قامت الكتائب بالعديد من العمليات البارزة. منها استهداف مستوطنة كيسوفيم برشقات صاروخية كثيفة.
كما قامت بتبني عملية القدس التي قام بها خالد محتسب. إذ قام بها المُهاجم بإطلاق النار على مركز شرطة للاحتلال الإسرائيلي في شارع صلاح الدين، ما أسفر عن إصابة 6 من قوات الاحتلال. كما يخوض مقاتلوها طوال الأيام الماضية من عمر طوفان الأقصى، وسوف يستمرون، معارك شرسة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي.