80 عامًا من الكوميكس: رحلة في عالم «DC»
العالم اليوم مليء بعلامات أبطال «DC» الخارقين، الجميع يرغب في ارتداء ملابس تحمل شارات «باتمان»، و«سوبرمان»، صالات العرض السينمائي تزدحم بأفلام جديدة ضمن عالم DC السينمائي، فيلم «Wonder Woman» هذا العام، وفيلم «Batman vs superman» في العام الماضي، وفيلم «Man of Steel» في عام 2013. ثلاثة أفلام شكلت بداية عالم سينمائي جديد لأبطال DC الخارقين بعد ثلاثية «باتمان» التي صنعها «كريستوفر نولان» وخرج بها من عالم الكوميكس لعالم الواقع.
ربما أحببت ثلاثية باتمان، وخصوصا جزأها الثاني الذى قدم لنا من خلاله «هيث ليدجر» شخصية الجوكر التي لن ننساها، ولكنني مازلت مترقبا لما يمكن أن يقدمه لنا عالم الكوميكس في أفلام DC الجديدة، خصوصا أن ما شاهدناه حتى الآن ليس على قدر التوقعات، ربما تحسن الأمر في نسخة «Wonder Woman» الأخيرة، ولكننا مازلنا بعيدا عن رونق وفرادة عالم الكوميكس.
في التقرير التالي نحاول أن نرصد لكم بعضا من أهم اللحظات الفارقة في عالم كوميكس DC الممتع والمثير، والذي لم يخرج منه حتى الآن على شاشة السينما إلا أقل القليل.
80 عاما على سوبرمان وباتمان ووندرومن
بدأ كل شيء بتأسيس شركة أمريكية للقصص المصورة في عام 1934، وبعد أربع سنوات ظهر البطل الخارق الأول، ظهر «سوبرمان» في العدد الأول من سلسلة «Action Comics» في عام 1938، أي أن «فتى كريبتون» سيكمل بعد أشهر قليلة 80 عاماً.
حقق الظهور الأول لسوبرمان نجاحا جماهيريا وماديا مذهلا، تبع ذلك ظهور أول لبطل مدينة جوثام «باتمان» في عام 1939، ثم عقب ذلك بعامين قدمت DC البطلة النسائية الخارقة الأولى «وندرومن» في عام 1941.
تلا ذلك في الأربعينيات ظهور أول غير مكتمل للبطل الخارق السريع «فلاش»، ولكنه توقف عقب ذلك، وفي عام 1956 ظهر مرة أخرى بزيه الشهير، والذي احتفظت به الشخصية حتى الآن، ظهر في الخمسينيات أيضا بطل خارق بإمكانيات من خارج كوكب الأرض هو «جرين لانترن».
في الخمسينيات أيضا ظهرت فرقة العدالة الأمريكية «Justice League of America» والمعروفة اختصارا JLA، ولكن ما لا يعرفه كثيرون أنها بدأت بأعضاء آخرين ليس من بينهم باتمان وسوبرمان ووندرومن الذين انضموا إليها لاحقا.
الأبطال الخارقون في مواجهة النازيين والشيوعيين
اعتمدت DC في بدايتها على تصوير أبطالها الخارقين في حرب ضد أعداء الولايات المتحدة الأمريكية، وتُعتبر فترة الحرب العالمية الثانية 1939 : 1945 من أكثر الفترات رواجا بالنسبة لقصص Dc المصورة، حيث حملت أغلفة معظم الأعداد الصادرة في هذه الفترة رسوما تصور سوبرمان في مواجهة «هتلر» وأتباعه النازيين.
ربما وفر هذا مهربا للجمهور الأمريكي من مشاهد الحرب الدموية والكئيبة لعالم خيالي مليء بالقصص المصورة التي تحقق لهم انتصارا وترضي شعورهم بعدم المسئولية عن بؤس العالم في نفس اللحظة، عادت السياسة للظهور للواجهة مرة أخرى أثناء فترة الحرب الباردة بين أمريكا والاتحاد السوفيتي وما بعدها، فرأينا باتمان وهو يحارب الشيوعيين في شوارع أمريكا، استمر الوضع هكذا حتى بعد خفوت حدة الحروب الأمريكية، فلم تفقد قصص DC هذه الخلفية السياسية حتى اليوم.
خرج من هذه الخلفية السياسية قصص جيدة وقصص أخرى غاية في الغرابة، فأما الجيد فيمكننا بكل تأكيد ذكر قصة «سوبرمان: الابن الأحمر – Superman: Red Son»، والتي تم إصدارها في شكل سلسلة قصيرة من الأعداد الخاصة، والتي تحكي عما كان سيحدث لو هبطت سفينة سوبرمان في أرض الاتحاد السوفيتي بدلا من الولايات المتحدة الأمريكية، يتحول سوبرمان في القصة إل بطل سوفيتي وطني ويحارب بجانب الشيوعيين ضد أعدائهم، يظهر في السلسلة أيضا شخصيات سياسية حقيقية مثل القادة الشيوعيين «ستالين»، و«لينين» والرئيس الأمريكي «جون كينيدي».
أما عن أكثر القصص غرابة فسنكتفي بسرد حكاية مرتبطة بشرير DC الأشهر «الجوكر»، هل يمكن أن تصدق أن الجوكر عمل يوماً ما كسفير لدول مسلمة؟!
الجوكر يظهر كسفير لإيران
حدث هذا بالفعل حينما ظهر الجوكر كسفير عن دولة إيران في الأمم المتحدة، وذلك ضمن قصة «Batman: A Death in The Family» عام 1988، حيث يتم تعيين الجوكر في هذا المنصب بواسطة «آية الله الخميني» المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية الإسلامية بنفسه، يذهب الجوكر عقب ذلك للأمم المتحدة لإلقاء كلمة، وحينما يحاول باتمان دخول القاعة يمنعه سوبرمان ويخبره أن الجوكر أصبح الآن يمتلك حصانة دبلوماسية، وأن أي إساءة له ستؤدي لاشتعال أزمة أمريكية/إيرانية!
الجوكر: قد يحولك يوم واحد سيئ إلى مجرم
يمكننا أن نعتبر هذه النقطة كواحدة من أهم عوامل تفوق الكوميكس على عالم أفلام DC السينمائي القديم والجديد حتى الآن، «الجوكر» شخصية غنية ودراماتيكية ومثيرة للاهتمام في الكوميكس بشكل لم نره حتى الآن ولو بجزء يسير في عالم السينما، هذا مع استثناء جوكر هيث ليدجر الذي قدمه لنا نولان في ثلاثيته، كونه بعيداً عن جوكر عالم الكوميكس.
لن نطيل في سرد تفاصيل الجوكر في عالم الكوميكس، ولكننا سنكتفى بذكر قصتين من هذا العالم، الأولى هي قصة «Batman: the killing joke» والتي تم نشرها في عام 1988 من تأليف «آلان مور» الكاتب الإنجليزي الكبير وصاحب قصص مصورة أخرى شهيرة منها «V for Vendetta»، تقدم لنا حكاية «النكتة القاتلة» كيف تحول الجوكر من شخص عادي ورب أسرة مُتعب إلى مجرم.
يبدأ الأمر برؤيتنا له كمهندس مستقيل من أحد الشركات الكيميائية رغبةً منه في أن يصبح مؤديا كوميديا، تمر تجربته بفشل ذريع ثم يمر بعملية ابتزاز من مجموعة مجرمين وتُقتل زوجته أثناء ذلك، ثم يتم توريطه في عملية سرقة تنتهي به مشوها وسجينا، تستمر الحكاية لنرى كيف يحاول الجوكر بعد كل هذه السنين أن يثبت أن ما حدث له يمكن أن يحدث لأي شخص آخر، وأن الأمر يتطلب يوما واحدا سيئا فقط. تُعتبر هذه القصة واحدة من كلاسيكيات القصص المصورة، كما يعتبرها كثيرون أفضل حكاية قدمت أصل شخصية الجوكر، وقد تم تحويلها مؤخرا إلى فيلم رسوم متحركة يحمل نفس الاسم وتم إصداره في عام 2016.
أما القصة الثانية فهي قصة «Batman: Under The Red Hood»، والتي تأثرت أيضا بقصة «Batman: a death in the family»، والتي ذكرناها سابقاً، في تلك الحكاية الصادرة عام 2004 نعود لنرى كيف عذب الجوكر أحد أقرب الأشخاص لباتمان حتى وصل إلى أن قتله، هذا الشخص هو روبن، أو أحدهم لنكن أكثر دقة، فالقصص المصورة تحتوى على أكثر من روبن، من نقصده هنا هو «جاسون تود».
نرى في هذه الحكاية كيف يصل الأمر بالجوكر إلى القتل من أجل استفزاز باتمان لكي يكسر كوده الأخلاقي الوحيد، باتمان لا يقتل مهما حدث، هذه هي المعضلة، وخصوصا أن الانتقام سيعود ليطارد باتمان من حيث لا يتوقع أحد. هذه الحادثة هى أكثر ما أثر في باتمان منذ بداية حكايته، وقد تم تحويلها أيضا لفيلم رسوم متحركة في عام 2010.
عوالم متداخلة وقصص جديدة
بدأ الأمر عقب صدور أعداد «The Flashpoint» في 2011، فقد قررت DC عقب ذلك، وبالتحديد في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، أن تعلن عن مجموعة جديدة من الإصدارات في عالمها تحت عنوان «The New 52»، وهي مجموعة إصدارات تم من خلالها إعادة كتابة الخط الدرامي الخاص بالعديد من حكايات الأبطال الخارقين، وفي مقدمتهم سوبرمان، وندرومن، أكوامان، فلاش، جرين لانترن، أررو، وفرقة العدالة أيضا.
فعلت DC هذا لأن العديد من القصص القديمة قد تركت مسارات كثيرة مفتوحة دون حلول ممكنة، وأصبح الأمر غامضا ومشوشا لأي قارئ جديد. تم من خلال هذه الإصدارات الدمج بين عالم DC comics وعالم آخر هو Vertigo comics الذي كان مخصصا من قبل لقصص أبطال خارقين أكثر ملاءمة للبالغين. انتهت إصدارات The new 52 في عام 2015.
في العام الماضي وبالتحديد فبراير/شباط 2016 قدمت لنا DC مجموعة جديدة من الإصدارات هى DC Rebirth ومن خلال ذلك تم إعادة بعض الخطوط القديمة من خلال حبكة تخبرنا بأن ما حدث في مجموعة The new 52 كان متأثرا بخلل زمني ومكاني جعلنا نشاهد عالمين متداخلين. ويبدو أن الأمر لا يتعلق فقط بقدرة «فلاش» على السفر لأزمنة أخرى، ولكننا أيضا أمام قوة مهولة لبطل خارق آخر قادم من عالم Vertigo comics، وبالتحديد سلسلة Watchmen وهو «دكتور مانهاتن».
لا يزال الأمر غامضا، ولكنه بالتأكيد أكثر إثارة من عالم DC السينمائي حتى الآن، والذي نتمنى أن ينقل لنا بعضا من حماسة الكوميكس على الشاشة الكبيرة فيما هو قادم من أعوام.