8 شخصيات تاريخية غيرت شكل العالم لم تسمع عنها من قبل
واحدة من أقوى الدوافع التي تميزنا كجنس بشري هي رغبتنا في أن نترك إرثًا خلفنا، ليتذكرنا الناس بعد موتنا. لكن من المحزن دائمًا أن معظمنا يعيش ويموت دون أن يذكره التاريخ. ومع ذلك نتمنى أن يذكرنا بعض الأقارب والأصدقاء، وغالبًا ما تكون إنجازاتنا في الحياة لا تكاد تُذكر، وسرعان ما تصير في طي النسيان.
بطبيعة الحال، هناك بعض الأشخاص الذين خلّد التاريخ أسماءهم، لتحيا طويلًا من بعد رحيلهم. ثم هناك أولئك الرواد المجهولون الذين غيرت إنجازاتهم -الجيدة منها والسيئة- مسار التاريخ، ولكن ظلت أسماؤهم -في الأغلب- مجهولة بالنسبة لنا.
سواءً كان ذلك عن عمد، أو عن طريق المصادفة، فهنالك بعض الأشخاص الذين لم يسجل التاريخ مساهماتهم، برغم أنها غيرت شكل العالم كما نعرفه. لنرَ معًا 8 شخصيات غيرت العالم ولكنك لم تسمع عنهم.
1. نيلز بولين (Nils Bohlin)
كان المهندس السويدي نيلز بولين يعمل لدى شركة فولفو في عام 1958 عندما توصل إلى تصميم ثوري أنقذ ملايين الأرواح؛ حزام الأمان في السيارة بشكله الحالي. كان حزام الخصر البسيط (مثل الذي نراه في الطائرة) منتشرًا لفترة طويلة في السيارات، ولكن جاء حزام الأمان المثبت في ثلاث نقاط كتقدم تكنولوجي رائع مع تصميم بسيط للغاية. تلقى بوهلين براءة اختراع للتصميم في العام التالي.
وكانت أول سيارة تصدر بحزام ثلاثي النقاط هي فولفو (PV 544). تخلت الشركة بعد ذلك عن براءة الاختراع كي تستفيد منها باقي الشركات للحفاظ على أرواح وسلامة السائقين، ليصبح الحزام الجديد أساسيًا في مختلف السيارات الجديدة حول العالم. ولا توجد طريقة لحساب عدد الأرواح التي أنقذها حزام الأمان، ولكن يقدر العدد بالملايين، فعلى قدر بساطة الفكرة، إلا أنها كانت من أعظم الأفكار على الإطلاق.
اقرأ أيضًا: حزام الأمان: الخط الفارق بين الحياة والموت
2. فيلو فارنزوورث (Philo Farnsworth)
في العام 1927، تمكن فيلو فارنسورث من بث صورة لخط مستقيم عبر الهواء. وبحلول عام 1929، كان قد طوّر من تصميمه وتمكن من بث صورة لزوجته، وهو ما كان مثيرًا للغاية، حتى لو كانت الصورة ضبابية بعض الشيء. ومع أنه قد أطلق على تصميمه اسم «محلل الصور»، إلا أنه كان قد توصل لاختراع التلفاز.
إذن لماذا يُنسب كل الفضل للعالم لوجي بيرد على اختراع التلفاز؟
حسنًا، كان لوجي بيرد أحد الرواد الأوائل لاختراع التلفاز، كما أنه امتلك عقلية تجارية جيدة. فقد كان يبيع تصميمه الذي أطلق عليه (Televisor) بمبلغ 25 دولارًا للجهاز، بينما دخل فارنزوورث في صراعات مع شركة الإلكترونيات الأمريكية (RCA) بسبب خلافات على براءة الاختراع، وقرر أن يبدأ شركته الخاصة ويحاول بيع جهازه، لكنه لم يستطع المنافسة، لتعترف شركة (RCA) في النهاية بحقه وتشتري منه حقوق شركته، ومع ذلك نسي الجميع دوره الهام والمؤثر في اختراع التلفاز. كما كانت له مساهمات واختراعات أخرى، حتى توفي في العام 1971، لكنها لم تكن أبدًا بمثل قيمة التلفاز.
3. هنري دونانت (Henry Dunant)
كان السويسري هنري دونانت أول من حصل على جائزة نوبل للسلام مناصفة مع الفرنسي فريدريك باس عام 1901، وهو رجل أعمال وناشط اجتماعي، وخلال إحدى رحلات عمله مر عبر سولفيرينو بإيطاليا عام 1859، أثناء حرب الاستقلال الإيطالية الثانية، ليصيبه الفزع مما شهده من معاناة ومآسٍ بسبب الحرب.
وفي العام 1862، نشر كتابًا باسم «ذكرى سولفرينو»، واصفًا فيه الجهود المبذولة للعناية بالمصابين أثناء المعارك، كما اقترح خطة جديدة. اقترح على دول العالم تشكيل مجتمعات إغاثة خاصة بها لرعاية الجرحى وتدريب المتطوعين على أفضل الطرق لعلاجهم. كما أراد من الحكومات أن تضمن علاج الجنود الجرحى، وتوفر عبورًا آمنًا للأطباء والمتطوعين الذين يعالجونهم.
سافر دونانت لجميع أنحاء أوروبا لترويج خطته، وفي أغسطس من العام 1864، وقّعت 12 دولة على اتفاقية جنيف الأولى، والتي نصّت على «ضمان الحيادية للعاملين بالمجال الصحي، ولتسريع وصول الإمدادات الطبية لهم، وليحملوا شعارًا مميزًا خاصًا بهم، وهو صليب أحمر على خلفية بيضاء».
لقد ساهم دونانت في تحقيق اتفاقية جنيف الأولى، والتي ساهمت في إنقاذ أرواح الآلاف من الجنود حول العالم، كما أنه كان السبب في تأسيس منظمة الصليب الأحمر.
4. موريس هيلمان (Maurice Hilleman)
فلقد وجد طرقًا أخرى لتغيير العالم؛ إذ طوّر عددًا من اللقاحات لأمراض مختلفة. فمثلًا طوّر لقاح التهاب الغدة النكافية، بعد أن أُصيبت به ابنته في عام 1963.
فأخذ عينة من الجزء الخلفي لحلقها، ثم ذهب بها إلى المعمل، واكتشف طريقة لتطوير اللقاح الذي نستخدمه اليوم، ولكنه لم يتوقف عند هذا فحسب. إذ طوّر موريس هليمان بمفرده أكثر من 40 لقاحًا مختلفًا، بما في ذلك ثمانية لقاحات تُعطى عادة للأطفال لمنع أمراض مثل الحصبة والنكاف والتهاب الكبد الوبائي من النوع (A) و(B) وجدري الماء والتهاب السحايا والالتهاب الرئوي والمستدمية النزلية.
ربما أنقذ عمله ملايين الأرواح، ومنع حدوث مضاعفات خطيرة نتيجة لهذه الأمراض. يُعطى لقاحه (MMR vaccine) لأكثر من مليار طفل حول العالم، وهو اللقاح الذي يمنع حدوث الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية.
5. لويس لاتيمر (Lewis Latimer)
لويس لاتيمر
كان لويس لاتيمر، ابن أحد العبيد الهاربين جورج وربيكيا لاتيمر، هو القائم على الصياغة والذي ساعد ألكسندر جراهام بيل في تسجيل براءة اختراعه للهاتف عام 1876. وهذا أمر مثير للإعجاب، لكن هذا ليس كل شيء. فقد سجل لاتيمر براءة اختراع لمصباح ضوئي يدوم أطول من مصباح توماس إديسون في ذلك الوقت.
كان توماس إديسون قد اخترع المصباح الكهربائي، والذي عادة ما كان يتألف من لمبة زجاجية تحيط بشعيرات من أسلاك الكربون، المصنوعة غالبًا من الخيزران أو الورق أو الخيوط، لكن المشكلة أن عمر المصباح كان قليلًا، لأن شعيرات الكربون كانت تُحرق سريعًا، في العادة كان يدوم لأيام قليلة.
لكن، ابتكر لاتيمر طريقة لتغليف الشعيرات داخل غلاف من الورق المقوى والتي منعت شعيرات الكربون من الاحتراق سريعًا وبالتالي زاد من عمر المصباح، مما جعل المصابيح أقل تكلفة وأكثر كفاءة. ليس ذلك فحسب، ولكن كان لاتيمر رائدًا في صناعة الإضاءة الكهربائية، وأحد أعضاء ميثاق رواد إديسون، وهم مجموعة متميزة من الأشخاص الذين عملوا بالقرب مع إديسون لتطوير الإضاءة الكهربائية.
ومن بين مئة من الرواد الأصليين، كان لويس لاتيمر هو الرجل الوحيد ذو البشرة السمراء. كما اخترع عددًا من الأدوات المفيدة الأخرى، بما في ذلك مرحاض للقطارات، وجهاز يبرد ويطهر غرف المرضى في المستشفيات، مما يقلل من معدل العدوى المكتسبة من المستشفيات.
6. جيمس هاريسون (James Harrison)
أنقذ جيمس هاريسون أرواح أكثر من مليوني طفل حديثي الولادة. عُرف باسم الرجل ذو «الذراع الذهبية»، ينتج دمه أجسامًا مضادة نادرة، والتي تعالج المرض القاتل للأطفال الذين لم يولدوا بعد والمعروف باسم مرض الريسوس (Rhesus disease).
تبرع جيمس بدمه 1173 مرة، وهو رقم قياسي عالمي في موسوعة جينيس. وتشير التقديرات إلى أن تبرعات جيمس بدمه أنقذت أرواح ما يقرب من 2.4 مليون طفل. تقاعد جيمس هاريسون أخيرًا هذا العام، بعد سلسلة من التبرع بدمه دامت لمدة 60 عامًا. كما يُستخدم دمه في محاولة تطوير دواء يعرف باسم (anti-D)، والذي من المأمول أن يعالج مرض الريسوس للأبد.
7. هنريتا لاكس (Henrietta Lacks)
بالتأكيد ستُدهش هنريتا لاكس إذا وجدت نفسها ضمن قائمة للأشخاص الذين غيروا العالم؛ إذ كانت مزارعة فقيرة من ولاية فرجينيا، لم يلاحظ أحد موتها سوى أطفالها وعائلتها وأصدقائها. ولكن تعتبر هنريتا مصدرًا للسلالة الخلوية المعروفة باسم هيلا (HeLa)؛ كان دمها يحتوي على خلايا خالدة فريدة، يمكنها أن تحيا خارج جسدها إلى الأبد.
بعد ولادة طفلها الخامس في عام 1951، حُجزت هنريتا في مستشفى جونز هوبكنز الجامعية، وكانت تشكو من «عقدة في الرحم»، وأخذ الأطباء عينة من أنسجتها. وسرعان ما لاحظوا أنه بخلاف الخلايا الطبيعية،لم تمت خلايا هنريتا بعد بضعة أيام، بل استمرت في النمو، لتتضاعف كل 20 إلى 24 ساعة.
تُوجد خلايا هنريتا بالمليارات في المختبرات العلمية حول العالم؛ ليستخدمها الباحثون في دراسة أنواع السرطان، وكذلك الهيموفيليا، والأنفلونزا، واللوكيميا، ومرض باركنسون. كما استخدمت خلاياها في تطوير لقاح شلل الأطفال، وعقار السرطان تاموكسيفين، والعلاج الكيميائي، ورسم الخرائط الجينية، ومجموعة كاملة من الاستخدامات الأخرى.
لا تُظهر خلايا هيلا أي علامات على أنها ستموت، غير أن هنريتا لاكس ماتت في غضون أشهر من دخولها المستشفى بسبب ورم خبيث في عنق الرحم. ماتت دون أن تعرف أن خلاياها ستعيش طويلًا بعدها، لتنقذ ملايين الأرواح.
8. ألفريد راسل والاس (Alfred Russel Wallace)
لا يعد اسم ألفريد راسل والاس اسمًا مألوفًا بأي حال من الأحوال، لكنه أحد الأشخاص الذين غيروا العالم. فبعد تعافيه من إصابته بنوبة من حمى الملاريا في جزيرة هالماهيرا الإندونيسية النائية، توصل عالم الأحياء البريطاني الشاب إلى فكرة من شأنها أن تغير نظرة البشرية لذاتها: لقد وضع نظرية الانتقاء الطبيعي.
كتب ألفريد والاس فكرته وأرسلها إلى تشارلز داروين، الذي كان يعمل في نفس المجال ويفكر في نظرية تطور مماثلة لأكثر من عقد من الزمان، آملًا في أن يساعده داروين على نشر نظريته. ولكن حين قرأ داروين نظرية والاس أصابه الرعب، فكتب نظريته الخاصة على عجل. لتُرسل كلا النسختين لأعضاء جمعية Linnean العلمية في عام 1858.
ومع ذلك، لجأ داروين لعلاقاته للتأكد من قراءة نظريته أولًا وتبع ذلك بنشر كتابه على الفور، مما عزز من سمعته الشهيرة كرجل تحدى الإله، بينما لم يهتم والاس بذلك، وبدا سعيدًا بالسفر والدراسة وكتابة المقالات عن كل ما يشغله.
كانت هذه بعض الأمثلة البسيطة عن رجال ونساء غيروا العالم، ولكن لم يُخلد التاريخ أسماءهم. إن كانت لديك أسماء أخرى شاركنا بها في التعليقات.