6 قضايا تحدد شكل العلاقات الجديدة بين أمريكا وإسرائيل
محتوى مترجم | ||
المصدر | ||
التاريخ | ||
الكاتب |
هكذا يرى «عاموس يدلين»، رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق، حيث يقول: «عندما تتم دعوة بنيامين نتانياهو إلى البيت الأبيض خلال الأشهر المقبلة، سيحاول جاهدا التوصل لتفاهمات مع الرئيس الأمريكي الجديد حول 6 قضايا رئيسية».
ويوضح أن تلك القضايا تتضمن الحاجة إلى إعادة ترسيخ الشعور المتبادل بالثقة بين الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية ومسألة القيادة الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط وإيران التي ستكون القضية الاستراتيجية الأهم على أجندة الأعمال.
كما سيتطرق الجانبان إلى الأزمة السورية، والصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، وأمن إسرائيل الذي يُعد مكونا أساسيا للعلاقات الأمريكية–الإسرائيلية، والذي ينبغي التأكيد على تعزيزه.
ويستطرد قائلا: «على الرغم من أن السياسة الخارجية بشكل عام والعلاقات الأمريكية–الإسرائيلية بشكل خاص لم تبرز خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية خلال العام الماضي 2016، فثمة كثير من الاهتمام داخل إسرائيل فيما يتعلق بدخول ترامب الوشيك إلى البيت الأبيض والتأثير المستقبلي لإدارته على أمن إسرائيل القومي».
ويشير إلى أن ترامب يخالف الإدارات الأمريكية السابقة، التي روجت لأهداف محددة وواضحة خلال حملاتها الانتخابية، حيث إنه لا يملك سياسة موحدة فيما يتعلق بالشرق الأوسط.
ويقول يدلين: «إن الخلافات والتناقضات ميّزت بعض مواقف السياسة الخارجية التي عبر عنها ترامب خلال حملته الانتخابية، وكان الأبرز في ذلك السياق وعده بتعزيز القوى العسكرية الأمريكية وإعلانه عن الحد من التزامات بلاده تجاه حلف الناتو والتعاون مع روسيا».
لذا، فليس واضحا كيف سيتم الجمع بين تلك الأهداف التي تبدو متناقضة من قبل الإدارة الجديدة، ما يصعب من استخلاص استنتاجات بشأن السياسة الخارجية للإدارة الجديدة على الصعيد العالمي بشكل عام وداخل الشرق الأوسط بشكل خاص.
الثقة المتبادلة بين أمريكا وإسرائيل
يبدأ يدلين في سرد الموضوعات التي سيتطرق إليها نتنياهو وترامب، وأولها الحاجة إلى إعادة إرساء الشعور المتبادل بالثقة بين الإدارة الأمريكية والحكومة الإسرائيلية.
ويقول يدلين: «إنه ينبغي على الجانبين توضيح مصالحهما العليا والقضايا ذات الأهمية، وأيضا الخطوط الحمراء، وهو الهدف الذي ينبغي أن يكون أمام ترامب ونتنياهو كأساس للتنسيق ولتجنب المفاجآت».
ويرى يدلين أنه لضمان فعالية الحوار بين الجانبين وتنسيق الجهود ودفع القضايا الجوهرية قدما، سيكون من المهم إعادة إرساء العلاقة الحميمة بين الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي للتوافق على أسلوب تواصل منتظم، والقنوات الخلفية التي سيتم من خلالها دراسة الأفكار الجديدة.
القيادة الأمريكية في الشرق الأوسط
يقول يدلين إن القضية الاستراتيجية الأولى التي ينبغي أن يثيرها نتنياهو مع ترامب هي دور القيادة الأمريكية في الشرق الأوسط، فإبان فترة أوباما في الحكم، سعت الولايات المتحدة لسياسة خارجية حذرة لا تتخذ إجراءات صارمة أو ردود أفعال حاسمة تجاه تجاوز الخطوط الحمراء.
ويوضح أن تلك السياسة أثّرت على علاقات واشنطن مع جميع حلفائها تقريبا داخل الشرق الأوسط، وخلقت فراغا شجّع على صعود الأنظمة الإسلامية، وسهّلت من تقوية إيران، فضلا على فشلها في مجابهة عودة روسيا للمنطقة وظهور تنظيم داعش.
ويؤكد أن إسرائيل إلى جانب مصر والسعودية، تتوق لرؤية سياسة أمريكية أكثر حزما داخل الشرق الأوسط، فأمريكا هي الطرف الوحيد الذي يمتلك القدرة على احتواء وإيقاف طموحات إيران نحو الهيمنة على المنطقة، والتعامل بشكل فعال مع داعش، وكبح طموحات أردوغان نحو إقامة دولة عثمانية جديدة.
ويرى أن العلاقات الجيدة لإسرائيل مع مصر والأردن، والمصالح المتداخلة مع السعودية، وعودة العلاقات مع تركيا، من شأنها جميعا أن تؤسس لتحالف شرق أوسطي قوي تقوده أمريكا، يكون قادرا على مواجهة فعالة للتحديات التي تواجهها تلك الدول، وأبرزها إيران ومحورها، والإرهاب السلفي الجهادي ودعم موسكو لأعداء إسرائيل (إيران وحزب الله) لتقوية وضعها داخل سوريا.
إيران
ينتقل يدلين للحديث عن إيران التي يرى أنها القضية الاستراتيجية الأهم، حيث إن إيران تفرض التهديد الأكبر على إسرائيل على المدى الطويل، فضلا على ما تمتلكه من أسلحة نووية، الأمر الذي يجعلها تُهدد أمريكا والسلام العالمي.
ويشير إلى أهمية قيام ترامب بتحقيق ما وعد به أوباما في السابق، وهو عدم السماح لإيران بحيازة أسلحة نووية، حيث إن الاتفاق النووي به بعض الإشكاليات، لكن من غير المرجح أن تنسحب إدارة ترامب منه على المدى القصير، حيث ستحمل البدائل إشكاليات أكبر.
ويؤكد يدلين ضرورة تعزيز التعاون بين إسرائيل والولايات المتحدة في ضوء التهديد المقبل من إيران، وبذل الجهود للتوصل لاتفاق يعكس تفاهمات وتعهدات متبادلة لتقليل المخاطر الناجمة عن الاتفاق النووي، ما سيؤول في النهاية لضمان أمن إسرائيل.
ويشير أيضا إلى أهمية التوصل لاتفاق تمنح بموجبه الولايات المتحدة إسرائيل جميع الإمكانات التشغيلية الضرورية، للتحرك ضد إيران في حال استنفاد جميع البدائل الأخرى، لإيقاف تقدمها صوب إكمال برنامجها النووي.
في ذلك الصدد، يرى يدلين أيضا أن هناك ضرورة للانخراط مع إدارة ترامب في حوار حول كيفية الرد على الإجراءات الإيرانية الاستفزازية التي تهدف لفرض سيطرتها داخل منطقة الشرق الأوسط بعيدا عن الاتفاق النووي، مثل الأنشطة التخريبية والإرهاب وتطوير الصواريخ الباليستية بالمخالفة لقرار مجلس الأمن رقم 2231، وإطلاق صواريخ ضد السفن البحرية الأمريكية عن طريق وكلائها مثل الحوثيين في اليمن.
سوريا
يصف يدلين الأزمة السورية بأنها قضية استراتيجية ذات أهمية مُلحة على الصعيد الإقليمي، فـ «الحرب الأهلية» المستمرة في سوريا، والتي أودت بحياة نصف مليون شخص، تُعد الصراع الأكثر عنفا في القرن الواحد والعشرين، نظرا لما تسبب به من أزمة إنسانية كارثية.
ويشير يدلين إلى تداعيات تلك الحرب على شتى أرجاء المنطقة؛ من تصديرها للإرهاب والأعداد الكبيرة من اللاجئين إلى أوروبا، إلى دفع واشنطن وموسكو للتدخل في الحرب عن طريق قواتهما الخاصة والجوية، وهذا التطور تحديدا ينذر بتصعيد غير مقصود يصعب السيطرة عليه.
ويوضح أنه ينبغي تحليل الكيفية التي ستتبعها الولايات وحلفاؤها داخل وخارج المنطقة ضد روسيا وإيران، وكلاهما يدعمان نظام الأسد الإجرامي، فخلق ممرات إنسانية داخل الأراضي السورية وإعلان مناطق حظر جوي واستخدام القوة المحدودة ضد الطائرات السورية، هي خطوات قد تساعد في تغيير سياسة نظام الأسد وحلفائه في الحرب.
لذا ومن منطلق المصلحة الإسرائيلية، بحسب يدلين، يجب على إسرائيل أن تشرع في معركة شرسة لإقناع إدارة ترامب بأن النشاط الروسي داخل سوريا من شأنه تقوية أعداء إسرائيل (إيران وحزب الله)، وسيكون مهما التوصل إلى اتفاق مع إدارة ترامب على عدم السماح لإيران وحزب الله بإقامة بنية تحتية لهما على مرتفعات الجولان.
ويُشدّد يدلين على أهمية عمل واشنطن وتل أبيب معا على إيجاد سبيل للخروج من المعادلة الروسية داخل سوريا التي تشترط بقاء الأسد إلى جانب إيران وحزب الله أو وجود داعش.
وسيكون من الضروري أيضا السعي للاستفادة من الرغبة المُعلَنة لترامب بالتوصل إلى اتفاقات مع بوتين، لضمان ألا تقدم واشنطن تنازلات لموسكو فيما يتعلق بالشرق الأوسط.
في ذلك الصدد، ينبغي أيضا تحفيز روسيا على المشاركة في جهود إنهاء الأزمة في سوريا، وتشكيل حكومة انتقالية مُمثِلة لجميع الأطياف والأعراق داخل ذلك البلد المُقسَم، لكن دون وجود الأسد.
الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي
يري يدلين أن تغير الإدارات الأمريكية ربما يقدم فرصة لتقييم نماذج جديدة لإحراز تقدم بين إسرائيل والفلسطينيين، بمعنى أنه في الوقت الذي أصبح فيه التوصل لاتفاق يفضي لحل دائم أمرا بعيد المنال في الوقت الراهن، فإن حل الدولتين لا يزال هدفا قابلا للتطبيق في المستقبل.
ويشير إلى أن تبني عملية فعالة ومدروسة في ذلك الصدد تقودها الولايات المتحدة، من الممكن أن يزيد من إدراك الفلسطينيين وقيادتهم أنهم لن يستطيعوا فرض اتفاق على إسرائيل وفقا لمصالحهم فقط، وسيقنعهم ذلك بالتخلي عن مواقفهم التي تبنوها في السنوات الأخيرة.
ويوضح يدلين أن ثمة خطوة مبدئية ضرورية في ذلك الصدد، وهي تجديد التفاهم الذي أعلن عنه الرئيس جورج بوش الابن في خطابه عام 2004 إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك آرييل شارون (والذي أكد خلاله على التزام بلاده الثابت بأمن إسرائيل، بما في ذلك ضمان حدود آمنة، والحفاظ على قدرة إسرائيل على الردع والدفاع عن نفسها بنفسها ضد أي تهديد أو مجموعة من التهديدات المحتملة).
يقول يدلين: «إن التوصل لاتفاق في ذلك الصدد قد يُقلل بشكل كبير من التوترات فيما يتعلق بقضية المستوطنات، والتي ساهمت في الإضرار بالعلاقات بين أمريكا وإسرائيل خلال الأعوام الثماني الأخيرة».
أمن إسرائيل
آخر المكونات الأساسية للعلاقات بين أمريكا وإسرائيل هي ضمان أمن إسرائيل الذي ينبغي التأكيد على تقويته وتعزيزه. ويرى يدلين أن التزام الولايات المتحدة بأمن إسرائيل يُعد عنصرا مهما في قدرة الردع الإسرائيلية.
إن المساعدات الأمريكية لإسرائيل تدعم قدرة اقتصادها على التعامل مع النفقات الاستثنائية المتعلقة بالأمن، ومن الممكن أن يقوم نتانياهو بعمل جيد في محاولةٍ لتعديل جزء من الاتفاق الذي توصل إليه مؤخرا، والذي ينص على خفض الإنفاق على الشركات الخارجية وزيادة الدعم لمشاريع الدفاع الصاروخي للجبهة الداخلية الإسرائيلية.
ويختتم يدلين مقاله بالتأكيد على أهمية التشاور حول الدعم الأمني والسياسي الذي تتوقعه إسرائيل من الولايات المتحدة في ضوء حدوث أي معارك مستقبلية ضد حزب الله أو حماس.