هذا المحتوى برعاية «مستقل»؛ أكبر منصة للعمل الحر في العالم العربي.

«لنقم بعمل تطبيق على الهاتف» كانت هذه الجملة التي نطقت بها لمياء في نقاشها مع شريكيها سامي وهند، في إطار اتفاقهم على آلية تنفيذ فكرة مشروعهم الجديد، لم تكن جملة لمياء مفاجأة، بل إنّ كليهما -سامي وهند- يؤمنان بأنّها واحدة من الطرق الأساسية لتحويل المشروع إلى حقيقة.

تشير الإحصائيات الخاصة بمتجر تحميل التطبيقات الخاص بجوجل، في الفترة من 2019-2020، أن عدد التطبيقات الموجود على المتجر يصل إلى 3 ملايين تطبيق تقريبًا، وعدد التطبيقات التي تضاف إلى المتجر يوميًا بمتوسط 3,739 تطبيق، وأن عدد التحميلات يوميًا لجميع التطبيقات قد يصل إلى 250 مليوناً.

يبدو هذا الأمر واعدًا جدًا، يمكننا أن نبدأ بتطبيق، ثم نعتمد في نموذج العمل التجاري الخاص بنا على أن يكون مصدر الدخل هو الإعلانات، لكن هل حقًا هذا هو الشكل الوحيد للأفكار الناجحة؟

من الابتكار التكنولوجي إلى الابتكار القيّم

ربما تسببت هذه الأرقام في اعتقاد الكثير من روّاد الأعمال أن التكنولوجيا هي الوسيلة الوحيدة للإبداع، في الحقيقة يمكن في الوقت الحالي لأي شخص استخدام التكنولوجيا، ولكن هل يملك الجميع القدرة على خلق حلول تكنولوجية يرغب الناس في استخدامها؟

أشار دين كامين مخترع الناقل الشخصي Segway عند إنشائه إلى حقيقة مهمة عن أثر التكنولوجيا في نجاح الأعمال التجارية، حيث قال: «من أصعب الحقائق التي يمكن أن يسمعها أي تقني هو أن النجاح أو الفشل في الأعمال التجارية نادرًا ما يُحدد بواسطة جودة التكنولوجيا».

وهذا يخبرنا أنّ الشركات يجب أن توجه مجهودها أكثر لخلق قيمة من عملية الابتكار لتقديمها للعميل، لا فقط التركيز على الابتكار التكنولوجي في حد ذاته، فالتكنولوجيا هي وسيلة لتحقيق الابتكار وليست الغاية.

عندما نرغب في الإشارة إلى ضرورة القيام بالبحث على الإنترنت، فإننا جميعًا نستخدم جملة: «google it!»، حيث أصبح محرك بحث جوجل يوازي لدينا عملية البحث على الإنترنت، بالرغم من أنّ محرك جوجل نفسه لم يكن الأول، بل ليس في قائمة محركات البحث العشرة في تاريخ الظهور، بل سبقه الكثير من محركات البحث مثل ياهو، وكان أول ظهور له بعد 6 سنوات من تأسيس أول محرك بحث، وباسم جوجل بعدها بعامين.

لكن الذي ميّز جوجل أنّه اعتمد على ترتيب الصفحات بناءً على ارتباط الباحثين بها، مما جعل النتائج التي يحصل عليها الناس أفضل كليًا، والأهم أنّ الشخص لم يعد في حاجة لبذل المجهود الكبير في التعامل مع محرك البحث، فإن كان الأمر يشبه البحث عن إبرة في كومة قش، فجوجل ستساعدك في العثور عليها بكل تأكيد.

نجحت جوجل في توظيف التكنولوجيا في إضافة قيمة للعملاء، وهذا ما يجب أن تفعله في مشروعك، يمكنك الاستعانة بالمحترفين في البرمجة من موقع مستقل لمساعدتك في تنفيذ حل تكنولوجي يساعدك في خلق قيمة حقيقية لعملائك المحتملين، مع الاستفادة من وجود أشكال أخرى للإبداع يمكن توظيفها في المشروع.

الإبداع في نموذج العمل التجاري

يعتبر الإبداع في نموذج العمل التجاري وكيفية تحقيق الربح منه إحدى أهم الطرق التي تخلق نجاحًا للمشاريع الناشئة.

فلم يعد كافيًا للشركات الاعتماد على شكل واحد من الربح، لا سيّما إن كان هذا الشكل تقليديًا، فيسهل محاكاته مع الوقت، كما نرى مثلًا في سوق النقل الفردي ومؤخرًا في سوق النقل الجماعي، وبالتالي يكون من الصعب على الشركات المحافظة على استمراريتها في تحقيق الأرباح.

لذا تسعى الشركات إلى التفكير في معادلة صعبة: ابتكار المزيد من أشكال الربح، مع تقليل في التكلفة التي يتحملها العملاء، يخلق هذا طريقًا للإبداع في تفكير الشركات الناشئة لحل الأمر.

تتبع شركة Vapulus المتخصصة في حلول التكنولوجيا المالية نموذجًا لتحقيق الأرباح يحقق هذه المعادلة، حيث قامت بإطلاق بوابة للدفع الإلكتروني لا يتحمل العميل -من خلالها- أي رسوم على عمليات البيع أو حتى للاشتراك، مما يشجعه على القيام بكل عمليات الدفع بواسطة المنصة، وتحصل المنصة على الدخل من الفوائد المالية من بقاء المعاملات على المنصة لفترة من الوقت.

بحسب رؤية عبدالرحمن الشعراوي المؤسس الشريك لفابيولس ومديرها التنفيذي، فإنّ هذا النموذج يؤدي إلى منح الفرصة للمزيد من الشركات الناشئة للدخول في عالم التجارة الإلكترونية، لأنّه يضمن لها عدم تحمّل أي تكاليف على عملياتها، وبالتالي يسهّل تحقيق المبيعات.

الإبداع في تفاصيل المنتج أو الخدمة

كيف يمكن تحسين المنتج أو الخدمة التي تقدمها الشركة لعملائها؟ يفتح هذا السؤال بابًا للشركات من أجل العمل على إضافة المزيد من الخصائص للمنتج أو تحسين الأداء الذي تقدمه لعملائها أو تسهيل استخدامه للمنتج.

كادت شركة Lego الشهيرة في مجال الألعاب تتعرض لتجربة فشل في إرضاء عملائها، فبدأت في محاولة حل هذه المشكلة، وأثناء قيامهم بدراسة لفحص الأمر وسعيًا لفهم المشكلة، التقى ممثلو الشركة مع طفل ألماني صغير لا يكاد يتجاوز 11 عامًا في العمر، وقاموا بسؤاله: «ما هو الشيء المفضل له من ممتلكاته؟»، أشار الطفل إلى حذائه القديم، فسألوه عن السبب أو ما هو الشيء المميز في حذائه، فكانت إجابته أنّ هذا يشير إلى مهارته في التزلج، فهذا الشكل يعني أنّه قد بذل الكثير من المجهود في محاولة إتقان الرياضة.

بالنسبة للفريق المسئول عن التصميم، فإنّ النتيجة التي خرجوا بها من البحث، وهي أن البعض بدأ يشعر بأنّ اللعبة أصبحت سهلة للغاية في التجميع، وأنّها يجب أن تحتوي على التحديات، وبدلًا من السعي إلى الإشباع الفوري لاحتياجات العملاء، فإنّ البيانات الصغيرة التي نتجت من القصة، أشارت إلى أنّ الأطفال يحبون دائمًا محاولة تمييز أنفسهم عن الغير، هكذا قامت الشركة بالإبداع في منتجاتها التالية مما منحها القدرة على الاستمرار في العمل.

يمكن تضمين الإبداع في الخدمات كذلك، من الأمثلة التي يمكن ذكرها هو ما فعلته شركة Zipcar لتأجير السيارات بالساعة، حيث اعتمدت على إقناع العملاء بأنّ تأجير سيارة قد يكون أوفر كثيرًا من شراء واحدة، من حيث المصاريف الشهرية التي تتحملها، مثل دفع قيمة التأمين أو البنزين أو الركن، حتى أنّه يمكن للشخص توفير مبلغ 600$ شهريًا.

وبعكس شركات تأجير السيارات التقليدية، فالشخص لا يحتاج للذهاب إلى مكان في موعد محدد للتأجير، بل يمكنه القيام بهذا الأمر في أي وقت يريده خلال اليوم وطوال الأسبوع، فقط عليه أن يتفحص الخريطة حتى يعثر على السيارة الأقرب، كما أنّ العميل لا يضطر للانتظار، يقوم بالحجز، يحصل على صلاحية الوصول للسيارة، ثم يبدأ الرحلة.

الإبداع في قنوات الوصول للعملاء

بعكس الصعوبة التي قد يشعر بها البعض في ابتكار المنتجات والخدمات، أو حتى الوصول إلى نمط غير تقليدي من تحقيق الأرباح، فإنّ الإبداع في طريقة الوصول إلى العملاء يحمل فرصًا كبيرة يمكن للشركات الاستفادة منها، حيث لا يخلو هذا الجزء من تحديات كبيرة، وبالتالي لا بد للشركة من التعامل معها من أجل استمرارية العمل.

تشير دراسة إلى أن فشل عملية تسليم المنتجات للعملاء يؤثر على 65% من الشركات والتي تتحمل تكلفة إضافية بسبب هذا الأمر، إمّا بسبب احتياجها لتكرار عملية التوصيل في وقتٍ لاحق، أو ربما إلغاء العملية بأكملها.

قامت شركة أمازون بابتكار حل للحد من التكلفة الناتجة عن هذه المشكلة، من خلال إنشاء خزائن أمازون، والتي تتكون من أكشاك آمنة ذاتية الخدمة، حيث يمكن للعميل استلام المنتجات في الوقت والمكان الذي يناسبه، من خلال إضافة مكان خزينة أمازون القريبة من عنوانه.

https://youtu.be/_ybn9sC8xE0

من الأمثلة التي يمكن ذكرها كذلك على الإبداع في الوصول إلى العملاء هو النموذج الخاص بنتفيلكس، فما قبل استخدام الجمهور للمنصة، كان هناك أنماط معتادة للراغبين في مشاهدة الأفلام والمسلسلات الجديدة، تعتمد على الذهاب إلى قاعات السينما للمشاهدة، أو الاضطرار للتأجير من محلات الفيديو، وفي كلتا الحالتين فالمستخدم مرتبط بموعد محدد، إمّا موعد الحفلة، أو فترة التأجير، وكلاهما يستلزم خروجه من المنزل.

نجحت نتفليكس في التغلّب على هذين النموذجين، مستفيدة من فكرة نموذج العمل الذي يعتمد على الاشتراك كمصدر للدخل، والبدء مع الوقت في إنتاج أعمال فنية مخصصة تابعة لها، بحيث يمكن للعميل مشاهدة الأفلام أو المسلسلات في الوقت الذي يريده، دون أن يضطر لتحمل تكلفة إضافية للتأجير أو الخروج من منزله من الأساس.

الإبداع في التسويق

يمكن تعريف الابتكار في التسويق بأنّه تنفيذ استراتيجيات ومفاهيم تسويقية غير مألوفة لم تُستخدم من قبل، مع ما يصاحبها من تغيير في تصميم المنتج أو تغليفه أو طريقة تسعيره، أو في الترويج له، ويعتبر هذا الجزء ضرورياً لنجاح الشركات الناشئة، والتي تحتاج إلى ابتكار طرق تسويقية حتى يمكنها الوصول إلى عملائها بنجاح، بل غالبًا ما يكون الإبداع في التسويق هو العنصر الأكثر أهمية.

كيف يمكن لشركة أن تحصل على حصة سوقية بينما تواجه منافسة شرسة من شركات كبيرة تسيطر على السوق بالفعل؟ هذا ما حدث مع شركة AOL لخدمات الإنترنت، والذي دفع الشركة لإطلاق حملة تسويقية فريدة من نوعها، حيث قامت بتوزيع 250 مليون قرص مرن، تسمح لمن يستعملها باشتراك مجاني على الموقع لمدة شهر، هذا العدد الذي كان أكبر من تعداد الولايات المتحدة الأمريكية وقتها.

كانت هذه الأسطوانات موجودة في كل مكان، يمكن للناس أن يجدوها عند شرائهم أغلب المنتجات، في لقاءات كرة القدم، على مقاعد الطائرات. أتت هذه الحملة ثمارها، حيث حصلت الشركة في بداية عام 1994 على 70 ألف مشترك جديد، بعد أن كان عدد المشتركين 300 ألف، أي زاد بنسبة تقترب من 25%، وفي أغسطس من نفس العام وصل عدد المشتركين إلى أكثر من مليون مشترك، وكانت هذه الحملة نقطة انطلاق حقيقية للشركة، والتي وصل عدد مشتركيها بعد سنوات إلى أكثر من 23 مليون مشترك، يحققون لها 298 مليون دولار شهريًا.

في عام 1985 قامت شركت Nike بإطلاق واحدة من الحملات التسويقية المبتكرة في عالم الشركات، حيث اعتمدت على التعاقد مع النجم مايكل جوردن، والذي كان في بداية مسيرته الاحترافية، حيث تم اختياره كأفضل لاعب محترف جامعي في 1984، كما تمكن من قيادة المنتخب الأمريكي للفوز بالميدالية الذهبية في الأولمبياد الصيفية.

كانت الأمور تسير على ما يرام، حتى اتّضح أنّ الخط الجديد لأحذية كرة السلة «Air Jordan» لا يتوافق مع إرشادات الدوري الأمريكي للمحترفين لتوحيد الزي الرياضي، وبعد ثلاث مباريات من بدء الموسم، قررت اللجنة حظر الحذاء، نتج عن هذا الأمر ضجة كبيرة، وأسهم في اكتساب نايك لدعايا كبيرة.

هنا كانت نقطة الإبداع من الشركة، والتي رأت بدلًا من التوقف عن المتابعة في الإنتاج، أن تتحمل تكلفة الغرامة التي يدفعها مايكل جوردن عن كل لقاء يرتدي فيه الحذاء، يقول مايكل جوردن عن هذا الأمر: «كان سيكلف الملايين من الدولارات القيام بعملية ترويج تؤدي إلى الكثير من الدعاية مثلما فعل حظر الدوري».

الإبداع في سلاسل الإمداد Supply chain

مع تطور الأسواق العالمية، أصبح لزامًا على الشركات التفكير في إضافة المزيد من الابتكار في تشغيل سلاسل الإمداد بطرق فعّالة وذات كفاءة عالية، مما يفتح بابًا من الإبداع لتقليل التكاليف من عملية الإنتاج.

تمثل شركة علي بابا نموذجًا قويًا على الإبداع في سلاسل الإمداد، حيث يمكنك من خلال الموقع أن تصل إلى الشركات المصنعة والموردين والمصدرين والمستوردين والمشترين وتجار الجملة، باختصار يمكنك الوصول إلى جميع الأطراف الذين يشاركون في سلاسل الإمداد، وبالتالي يمكن لأصحاب الشركات الاستفادة من هذا الأمر لضمان التكامل في الأنشطة التي تقوم بها في عمليات الإنتاج، مع إمكانية تقليل التكلفة، نظرًا لأنّ كل شيء موجود في مكانٍ واحد.

كما أنّ الشركة تقدم جميع الخدمات التي يمكن أن يحتاج إليها أصحاب الشركات، من خلال مشاريع أخرى تابعة للمجموعة، مثل: خدمات لوجستية (Alibaba logistics)، التسويق من خلال (علي ماما)، الشحن والتوصيل من خلال (علي إكسبريس)، وغيرها من الخدمات التي تجعل علي بابا شركة مبدعة في هذا المجال.

https://youtu.be/PjuQRo24Eww

في النهاية تذكّر دائمًا أنّ الهدف من مشروعك هو تقديم حل فعّال للجمهور، يمكنه أن يصنع فارقًا في حياتهم، لذا فكّر جيدًا في كيفية توظيف كل عناصر الإبداع في المشروع معًا حسب الحاجة، حتى وإن كانت فكرتك ستعتمد على التكنولوجيا، فمن المهم أن يتم تضمينها في سياق عملية التفكير الإبداعي.