جمال علام: 5 مشاهد توضح لماذا يفضله «أبو ريدة» على الجميع
لم تعد سيطرة هاني أبو ريدة على مقاليد اتحاد كرة القدم المصري أمرًا يحتاج كثيرًا من الشرح بعد أن فرط الرجل في الغموض الذي يكتنف تلك السيطرة بتوليه رئاسة الاتحاد في فترة ربما تكون الأسوأ إداريًّا في تاريخ المؤسسة الأقدم عربيًّا وأفريقيًّا في هذه الرياضة، واضطر إلى الانسحاب من المشهد بعد أن غضبت مصر دولة وشعبًا وأرضًا وسماءً من التخبط الذي سبق وصاحب وتلا كارثة كأس الأمم الأفريقية 2019، والتي لم يكن موقف عمرو وردة إلا صورتها الكاريكاتيرية.
يعرف الجميع أن الرجل القوي في الاتحادين: الدولي والأفريقي لكرة القدم، والأقوى على الإطلاق داخل الجمعية العمومية لاتحاد كرة القدم المصري، تتجلى قوته تلك في حفنة من الشخصيات الأشبه بعرائس الدمى بين يديه، كي يواصل بتحريكها سيطرته على مقاليد كل شيء.
نحن الآن على أعتاب فصل جديد من فصول سيطرة هاني أبو ريدة على المشهد الكروي المصري، فقبل أسبوعين لا أكثر من انتخابات شابها الكثير من الجدل، وسبقها نحو عامين من التباطؤ كي لا تجرى بالشكل المنطقي، يبدو أننا بصدد مباركة مرتقبة لرئيس اتحاد كرة قدم مصري جديد، لن يكون إلا رئيسه الأسبق، جمال علام.
الرجل الجنوبي من أهم المرضي عنهم من قبل هاني أبو ريدة، تجربته السابقة في رئاسة الاتحاد من 2012 وحتى 2016، والتي أتت بمباركة أبو ريدة نفسه، ثم امتيازاته في ظل رئاسة أبو ريدة بالانتخابات اللاحقة لها، وعودته للمشهد مجددًا في ثياب «مستر إكس» الذي ما إن ظهر بقائمته حتى بارك الكل له وانسحبت كل الأسماء التي كانت مرشحة لرئاسة الجبلاية، وتحول الكل من سؤال: «هل يفوز جمال علام؟» إلى سؤال: «هل سيفوز بالتزكية أم يفوز على حساب وجوه وقوائم أخرى؟».
كل هذا يشي بالكثير عن تلك العلاقة المثيرة للجدل بين جمال علام، ورجل مصر الأقوى كرويًّا هاني أبو ريدة.
كيف رأس جمال علام اتحاد الكرة في 2012؟ وكيف رحل؟
بعد أن رُفض ترشح أبو ريدة آنذاك لإشكاليات قضائية، طُرِح اسم جمال علام بشكل مفاجئ بمباركة من هاني أبو ريدة نفسه دوليًّا وقاريًّا، ورغم وجود ملفات مثيرة للجدل مثل ملابس المنتخب الوطني آنذاك، إلا أن هاني أبو ريدة ضمن بقاءً آمنًا لعلام في واحدة من أحلك فترات الكرة المصرية إبان ثورة 25 يناير 2011، ومجزرة بورسعيد 2012.
بقاء جمال علام ورحيله في أمان، أتاح وصولًا سهلًا لهاني أبو ريدة في الانتخابات اللاحقة، فوجود أمناء لأبو ريدة على لوائح الاتحاد وزيادة تدعيمه في الجمعية العمومية سيعني رد الجميل وشيكًا، وهو ما حدث.
قدم جمال علام استقالته بعد أن كانت مدته توشك على الانتهاء، ثم خرج في مشهد تَنَحٍ متكرر في مصر قائلًا إنه رفض الرضوخ لضغوطات هاني أبو ريدة من أجل عدم الاستقالة، وإن غيابه عن المشهد حاليًّا هو في مصلحة كل أطراف الكرة المصرية.
كيف كانت سيطرة أبو ريدة على الاتحاد في ولاية علام؟
في مداخلة مع الإعلامي سيف زاهر عام 2016، قال هاني أبو ريدة نصًّا: «لقد حاولت إثناء جمال علام عن الاستقالة.. سألته لماذا لم تأخذ رأيي أو تكلمني أو تستشرني؟ وقلت له إننا لم نتفق على هذا الأمر».
أبو ريدة يتحدث عن اتفاق واضح مع جمال علام في وسائل الإعلام قبل أن يصل هو نفسه إلى رئاسته بعد أشهر في تسليم آمن للسلطة، يبدو أن أبو ريدة يريد أن يبدأ كتابة السيناريو الخاص به مجددًا في 2021.
كيف كوفئ جمال علام في فترة رئاسة هاني أبو ريدة؟
ستستغرب ربما من تصريحات جمال علام بعد رحيل مجلس هاني أبو ريدة حين قال: «إذا ترشحت للانتخابات اللاحقة فسأترشح رئيسًا، إلا في حالة واحدة، أن يكون أبو ريدة الرئيس، أبو ريدة هو الوحيد الذي يمكن أن أكون نائبًا له».
ولكن عجبك سيزول حول وفاء الرجل لأبو ريدة إذا عرفت ما كان يحصل عليه من امتيازات في فترة رئاسة الأخير للجبلاية.
مبدئيًّا، عُيِّن جمال علام في منصب جديد وفريد من نوعه، بات جمال علام «مستشار رئيس الاتحاد» وليس مستشار الاتحاد المصري لكرة القدم، هل هو مستشار فني أم إداري أم تقني؟ ما هي القرارات التي تدخل فيها أو بالأحرى التي استشاره هاني أبو ريدة في اتخاذها؟ هل كان للرجل أي بصمة في فترة تولي أبو ريدة؟ كل هذه أسئلة معلقة بلا إجابات.
وحينما اشتعل الصدام بين هاني أبو ريدة ونائبه أحمد شوبير، قال الأخير إن جمال علام مُنح من ميزانية الاتحاد سيارة وسائقًا طول فترة رئاسة أبو ريدة، وإنه كان يتلقى راتبًا شهريًّا 25 ألف جنيه.
شوبير أيضًا قال إن كرم كردي الذي كان عضو مجلس إدارة الاتحاد آنذاك، طالبه أكثر من مرة بفتح ملف مشروع «الهدف» والفساد المالي الذي شابه على طاولة أبو ريدة، بصفة شوبير عنصر المعارضة الأقوى في الاتحاد، مشروع الهدف نواته الأولى كانت في عهد جمال علام، ولا تزال شبهات الفساد المالي حول استشاريي هذا المشروع حبيسة الأدراج.
لماذا ليس أحمد مجاهد؟
قدم أحمد مجاهد الخدمة الأجل لهاني أبو ريدة بعد ما طُرح بشكل مفاجئ أيضًا في لجنة غريبة الملابسات لتخلف لجنة عمرو الجنايني، ضمن له وصول علام، والذي بدوره سيكون أداة نافذة لهاني أبو ريدة.
ولكن لماذا لم يرشح هاني أبو ريدة أحمد مجاهد مباشرة لرئاسة الاتحاد طالما هو يمتلك كل هذه السيطرة داخل فيفا والجبلاية وجمعيته العمومية؟
لا يفوز المرء بكل شيء عادة، اسما هاني أبو ريدة وأحمد مجاهد على وجه التحديد احترقا في 2019 بكأس الأمم الأفريقية، وبات وصولهما في أول مجلس منتخب عقب ذلك التاريخ مستفزًّا بوضوح للشعب وللدولة التي أعلنت في أكثر من سياق استياءها من إدارة ملف كرة القدم في مصر، عبر وزارة الشباب والرياضة والمنصات الإعلامية المعبرة عنها، ومطالبات الرئيس نفسه ببعض التعديلات على غرار اختيار مدرب مصري للمنتخب، وهو الأمر الذي أُطيع لعامين قبل أن يخالَف بعد ذلك بتعيين كارلوس كيروش.
لكن وجود جمال علام لعامين ونصف يتلوان رئاسة كل من عمرو الجنايني وأحمد مجاهد، سيجعل اسم هاني أبو ريدة في ولاية لاحقة أمرًا مستساغًا.
ماذا يريد هاني أبو ريدة مجددًا من جمال علام؟
يشير الوضع الحالي إلى قائمتين ستعرف بداهة من الفائز بينهما، علام تسلح بخالد الدرندلي نائبًا، وبقائمة أبرز أسمائها حازم إمام ومحمد بركات، أمام قائمة شرفية يرأسها محمد إبراهيم سالم، والتي ارتقت لمنافسة علام بعد انسحاب وجوه مثل خالد بيومي (الذي قال إنه سيشرح ملابسات الانسحاب حينما يكون الوقت مناسبًا)، وعدول اسمين بارزين هما حسن فريد وسامح فهمي عن فكرة الترشح لرئاسة الجبلاية، الأرض ممهدة لرجل أبو ريدة دون أي مصاعب.
بل إنه كُشِف عن عودة طارئة إلى القاهرة لمدة 48 ساعة فقط للثنائي أبو ريدة ومجاهد، وهما اللذان صاحبا رئيس الاتحاد الدولي جياني إنفانتينو في الدوحة خلال الآونة الأخيرة لإقناعه بوجهة النظر المصرية الإدارية في ملفين رئيسين، وهما موعد كأس الأمم وأزمة الأهلي في كأس العالم للأندية، وهدف هذه العودة هو «إكمال قائمة جمال علام»، وذلك وفقًا للإعلامي إسلام صادق الذي قال إنه هاتف علام بنفسه، وفاجأه بأنه «لا يعرف شيئًا عن قائمته»، وأنه يمكث في الأقصر في الوقت الراهن!
باختصار لا يريد هاني أبو ريدة من إعادة تولي علام مقاليد الجبلاية إلا أحد أمرين، أولهما التسليم الآمن للسلطة، وثانيهما مواصلة السيطرة حاليًّا وفيما بعد.
تسليم آمن تتطلبه مواصلة إقصاء شوبير من رئاسة الاتحاد ببند تضارب المصالح؛ لأن شوبير هو المنافس القوي الوحيد في الجمعية العمومية لهاني أبو ريدة، وانتقال سلس يقتضيه عدم ظهور هاني أبو ريدة بنفسه مستفزًّا للشعب والدولة المصرية مجددًا بعد إخفاق 2019 ومواصلة التمتع بميزة الغموض بين أروقة الاتحاد وعلاقته بالاتحادين الأفريقي والدولي.
وإن لم تكن لأبو ريدة النية في رئاسة الاتحاد مجددًا، وإن كان هذا مستحيلًا، فيكفي ما ذُكر بالأعلى كي يؤكد لك كيف سيكون جمال علام أداة سهلة لسيطرة «مستر إكس الكرة المصرية الحقيقي» على مقاليد الجبلاية مجددًا، سواء في ولايته أو ولاية خلفه، الذي يصعب أن يكون خارجًا عن إرادة أبو ريدة، إلا إذا تدخلت الدولة مبعثرة كل تلك الأوراق.