5 استدعاءات سياسية وتاريخية في مونديال روسيا: هل لاحظتها؟
لا تترك السياسة شيئًا إلا اقتحمته. قد يعتقد البعض أن الرياضة استثناء من هذه القاعدة، لكن هذه 5 أحداث وقعت في «مونديال روسيا 2018» تؤكد خطأ وجهة النظر هذه.
النسر الألباني يحلق في المونديال
لفتت الإشارة التي فعلها لاعبا المنتخب السويسري شيردان شاكيري وجرانيت تشاكا، خلال احتفالهما بتسجيل هدفيهما في مرمى المنتخب الصربي، انتباه جميع متابعي كأس العالم. الجميع كان يتساءل ماذا تعني هذه الإشارة؟ بحث سريع في الأصول التي ينحدر منها اللاعبان، ساعد كثيرًا في فهم دلالة الرمز الذي فعلاه. إنهما ألبانيان من كوسوفو، هذا يفسر الأمر.
الإشارة كانت «النسر المزدوج» الأسود اللون، رمز ألبانيا الذي يتوسط علمها الأحمر، وهي إشارة تؤكد هوية اللاعبين الأصلية وانتماءهما إلى القومية الألبانية التي قتلت صربيا من المنتمين إليها نحو 13 ألف شخص، وارتكبت فظائع بحقها، خلال حرب كوسوفو (1998- 1999).
لم يعبأ شاكيري وتشاكا بقواعد الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، التي تمنع الرسائل والشعارات السياسية في ملاعب المونديال، وقررا إرسال رسالة سياسية صرفة إلى الصرب، مفادها: «نحنا هنا. فلتحيا الأمة الألبانية». وهو فعل قابله «فيفا» بفتح تحقيق انتهى إلى تغريم اللاعبين مبلغ 10 آلاف فرنك سويسري (8660 يورو).
اقرأ أيضًا: «النسر الألباني» في كأس العالم: قصة الألبان وخصومهم الصرب
لعنة الأراضي الروسية على الألمان
الكثير من مشجعي كرة القدم كانوا يعتقدون أن المنتخب الألماني، حامل لقب مونديال 2014، هو الأوفر حظًا للفوز بمونديال روسيا أو على الأقل المنافسة بقوة عليه. حتى الذكاء الاصطناعي نفسه، جعل حظوظ ألمانيا في الفوز بكأس العالم هي الأوفر. المفاجأة كانت يخروج فضائحي للمنتخب الألماني من الدور الأول للبطولة، بعد تقديم أداء باهت ومتواضع.
كيف نفسر ما حدث إذن؟ حسنًا، إذا كانت توقعات الذكاء الاصطناعي والخبراء والمشجعين لم تصدق، فلنستدع السياسة والتاريخ؛ ألمانيا لا تفوز في روسيا.
أرادت ألمانيا النازية أن تحكم العالم بالكامل، فتوغلت يمنة ويسرة في أوروبا وظلت تحقق الفوز تلو الآخر، حتى قررت الدخول لروسيا فكسرت شوكتها للمرة الأولى في ستالينجراد عام 1942، وكانت هذه بداية النهاية لحلم هتلر. وكما خسرت ألمانيا في روسيا عسكريًا فمن الطبيعي أن تخسر كرويًا، فالأرض الروسية تصيب الألمان باللعنة.
اقرأ أيضًأ: لعنة الأراضي الروسية تصيب الألمان كرويًّا وعسكريًّا
التاريخ الاحتلالي الأسود لفرنسا وبلجيكا
هل أعجبك الأداء البلجيكي والفرنسي المتميز في كأس العالم؟ هل سعدت بسماع أسماء عربية، مثل مروان فيلايني وناصر الشاذلي، ونبيل فقير، خلال حديث المعلق الكروي عن تشكيلة هذين المنتخبين؟ هل تفاجأت بوجود هذا الكم من الوجوه الملونة في صفوف منتخب الديوك؟ هل تشجع فرنسا أو بلجيكا؟ حسنًا، لا تنس تاريخهما الاحتلالي الأسود في أفريقيا، وملايين الضحايا التي خلفتها أطماعهما.
بلجيكا التي تفاجأت بوصولها إلى المربع الذهبي قتلت 10 مليون إنسان حين كانت تحتل الكونغو، واستعبدت شعبها، ونهبت ثرواتها. أما فرنسا فقد أذاقت أهل الجزائر العربية الويل والعذاب، وقتلت عشرات الآلاف منهم، ونهبت ثرواتهم. هل ما زلت تشجعهم أم أدركت خطأك؟
كان هذا أكثر استدعاء وضوحًا للسياسة والتاريخ في مونديال روسيا، فالإشادات المتزايدة –متعددة المستويات- بمنتخبي بلجيكا وفرنسا، دفعت البعض إلى البحث والتنقيب في صفحات التاريخ للحط من هذين المنتخبين ولكسر موجة الإعجاب العالية.
اقرأ أيضًا: كيف تعيد فرنسا احتلال القارة الأفريقية؟
الأزمة الخليجية حاضرة في كأس العالم
حضرت الأزمة الخليجية المستعرة منذ نحو 13 شهرًا في كأس العالم بقوة. فمن قبل بداية المونديال، ألقت الأزمة بظلالها عليه. «كيف سنشاهد المباريات على قنوات beIN SPORTS القطرية؟ السعودية اتفقت مع فيفا على الحصول على حق بث مباريات كأس العالم. beIN SPORTS تحذر من سرقة بثها الحصري»، كل هذه الأخبار والشائعات سمعناها قبل حتى بدء مباريات المونديال.
رغم قرار «beIN SPORTS» ببث 22 مباراة في كأس العالم مجانًا، فإن هذا لم يوقف استدعاء السياسة، فالظهور المتكرر لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في مدرجات مباريات كأس العالم، وتسلمه لشارة تنظيم مونديال 2022 من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أثار العديد من التعليقات ذات البعد السياسي على مواقع التواصل الاجتماعي، وفي صفحات الصحف.
ووصل الأمر إلى حد أن خرجت جريدة «الحياة» السعودية بعنوان: «العالم يودع أجمل مونديال.. ويتطلع إلى بطولة «٢٠٢٦»!»، مسقطة مونديال قطر 2022 من حساباتها لأن العالم «لا يبدي تفاؤلًا بمونديال 2022 المقرر إقامته في قطر، والذي يشوبه كثير من تهم الفساد، ويبدو حتى الآن مرتبكًا أمام أنباء عن سحب التنظيم لمصلحة بريطانيا».
اقرأ أيضًا: الوحدة الخليجية في الرمق الأخير: بيدك لا بيد أعدائك
المعارضة الروسية تفسد صورة بوتين
كل من شاهد نهائي كأس العالم لاحظ حالة الهرج التي حدثت في بداية الشوط الثاني، والتي أوقفت المباراة بسببها، فماذا حدث؟ 4 أشخاص (رجل و3 نساء) ينتمون إلى فرقة «Pussy Riot» الغنائية النسوية المعروفة بمعارضتها الشديدة لبوتين ولحكمه، قرروا تسجيل موقف سياسي لا ينسى في أهم مباريات كأس العالم، فنزلوا إلى الملعب خلال اللعب.
«Pussy Riot» قالت إنها أرادت إحياء الذكرى الـ11 لوفاة الشاعر الروسي ديمتري بريغوف أحد معارضي النظام في حقبة الاتحاد السوفييتي، ولتسليط الضوء على المظالم السياسية في روسيا البوتينية. ودعت الفرقة إلى إطلاق سراح السجناء السياسيين، ووقف اعتقال المتظاهرين المعارضين، ولإنهاء سجن المواطنين بسبب نشاطهم في وسائل التواصل الاجتماعي.
اقرأ أيضًا: الأسلحة الروسية الجديدة: بين أحلام بوتين وواقع روسيا