الحصول على عمل هذه الأيام يتطلب قدرًا كبيرًا من الجهد والصبر، ففي يوم وليلة قد تجد نفسك في مأزق كبير اسمه إيجاد فرصة عمل، وهو طريق طويل ممكن أن يستمر لفترة طويلة، خاصةً مع ضعف السيرة الذاتية الخاصَّة بك، وقلة خبراتك، وهذا ما يزيد من تعقد الأمور خصوصًا أن التعليم في معظم الدول العربية لا يؤهلك إلى سوق العمل بشكل كافٍ، والأزمات الاقتصادية الأخيرة زادت الأمور تعقيدًا، فأصبحت الشركات الكبرى ترغب في الحصول على موظفين أكفاء، ولديهم قدرات وظيفية مميزة لتحقيق أهداف الشركات.

كما أن حصولك على عمل الآن يعتمد على قدرتك على جذب انتباه مسؤولي التوظيف، وإقناعهم بشخصيتك ومهاراتك في عصر العلامات التجارية الرنانة؛ أنت نفسك أصبحت علامة تجارية، وعليك أن تعرف كيف تُسوّق نفسك لذلك ظهرت إستراتيجيات جديدة في البحث عن وظائف، نعرض لأهمها فيما يلي:


1. تعرّف على نفسك جيدًا

عليك أن تضع في اعتبارك في البداية أن الوظيفة في حد ذاتها هي علاقة نفعية قائمة على المصالح المتبادلة؛ بمعنى أنك عندما تعمل في مكان ما فإن الشركة تستفيد من خبرتك ومهارتك في تحقيق أهدافها، في المقابل تستفيد أنت من الامتيازات التي تقدمها لموظفيها، وأهمها طبعًا الراتب، لذلك وأنت تقدم للوظيفة عليك أن تدرك هذه العلاقة حتى تقنع مسؤولي التوظيف باستخدامك.

قبل البدء في البحث عن عمل عليك التعرف على نفسك جيدًا؛ بمعنى ما الذي تريده؟ وما هي مؤهلاتك وقدراتك الشخصية؟ وما هي عيوب شخصيتك والتي تعيقك عن العمل بشكل جيد؟ ما الذي تمتلكه لتقدمه للشركات التي ترغب في العمل بها؟ وما هي الوظيفة التي ترغب في العمل بها لترضي طموحك الشخصي وتتمكن من تحقيق ذاتك؟ وهل تمتلك المتطلبات التي ستمكنك من العمل في الوظيفة التي اخترتها فعلاً؟

الإجابة عن هذه الأسئلة جميعًا هي الإستراتيجية الأولى في رحلة البحث عن عمل، وهي التي ستقودك لتطوير مهاراتك وقدراتك حتى تتمكن من التألق والتغلب على منافسيك. معرفتك لنفسك ستمكنك من التعرف على نقاط ضعفك، عندها تقوم بالعمل على التخلص منها ومقاومتها إما بنفسك، أو بالاستعانة بدورات مهنية أو بأشخاص وظيفتهم تدريب الموظفين.

وتوجد مراكز عديدة تهتمُّ بمثل هذه المشكلات، أو من خلال منصات التواصل الاجتماعي وهو ما يترتب عليه في النهاية اكتساب مهارات جديدة؛ كالقدرة على العمل ضمن فريق أو تحمل الضغط الناتج عن العمل. تطوير مهاراتك وتعزيز قدراتك الوظيفية سيؤهلك أيضًا لتخطي المقابلة الشخصية إذا وصلت إليها؛ فستتمكن من إثبات نفسك وتفوز بالوظيفة.


2. لا تتهاون في كتابة سيرة ذاتية قوية وجذابة

السيرة الذاتية الخاصة بك هي عنوانك، ولسانك الذي تتحدث به، وتتواصل من خلاله مع الشركات؛ لذلك لا تتهاون أبدًا في تصميم سيرة ذاتية قوية، جذابة ولافتة للنظر، طبعًا الأهم فيها هو المعلومات التي تضمها عنك وخبراتك ومؤهلاتك للعمل، لكن طريقة عرضك لهذه المعلومات هو ما يشجع على قراءتها في الأساس.

لذلك عليك أن تتعلم كيف تقوم بكتابة السيرة الذاتية بطريقة مميزة؛ تجيب فيها عن الأسئلة التي تدور في ذهن أصحاب الأعمال عنك وعن الوظيفة التي ترغب في العمل بها، وقدراتك الوظيفية، والطريقة التي ترغب في التواصل من خلالها سواء البريد الإلكتروني أو التليفون أو كليهما، وكذلك ما يسمى بخطاب المقدمة أو cover letter، والذي عادةً ما يتم تجاهله مِن قِبَل الباحثين عن عمل، لكنه من أهم الخطوات التي تلفت النظر إليك؛ حيث تكتب به رسالة إيجابية عن رغبتك في العمل في هذه الشركة، مع ذكر الأسباب، وكذلك حماسك الشديد للنجاح، وتقديم أفضل ما عندك.

السيرة والخطاب معًا يُظهران مدى ملاءمتك لمتطلبات الوظيفة، ويترك انطباعًا جيدًا لدى أصحاب الأعمال، ولا تنسَ أن تحدّث السيرة الذاتية باستمرار. وإذا لم تتلقّ أي رسائل عمل؛ عليك أن تغير من طريقة عرض المعلومات الخاصة بك، وإضافة الكلمات المفتاحية والتي يستخدمها مسئولو التوظيف في البحث.


3. لا تكن عشوائيًا

من الإستراتيجيات المهمة أيضًا في البحث عن عمل: الخطة التي ستبحث بها، عليك أن تدرس جيدًا موقفك الحالي، وتقيّم وضعك، وكذلك المجتمع الذي تقيم به؛ حتى تستطيع البحث بدون عشوائية وتقيّم النتائج التي تصل إليها أولاً بأول، مثلاً قم بإعداد قائمة بالشركات التي ترغب في العمل، وليكن عدد 50 شركة بها بعد التعرف على بياناتها في الدليل؛ من خلال كتابة اسم الشركة في محرك البحث قم بالاتصال بهذه الشركات واحدة تلو الأخرى مع إرسال السيرة الذاتية عبر البريد الإلكتروني غالبًا ما يكون لكل شركة موقع إلكتروني، يمكنك إرسال الإيميل للعناوين المكتوبة على الموقع، ثم قم بتسجيل النتائج أولاً بأول؛ الشركات التي أبدت ترحيبًا أو الشركات التي ليس لديها وظائف خالية هذه الفترة، والشركات التي من المرجح أن تحتاج لموظفين في المستقبل.

بهذه الطريقة ستتمكن من توجيه جهودك إلى المكان الصحيح، والتعرف على الشركات سيمنحك أيضًا ميزة أن تعرف الشروط التي يحتاجون إليها في موظفيهم، وهي ميزة بالطبع ستفيدك إذا قررت أن تطور مهاراتك حتى تُرقّى للعمل في إحدى هذه الشركات.

إن البحث عن العمل يحتاج إلى وقت طويل، لذلك عليك تعلم كيفية تنظيم الوقت، سواءً كنت لا تعمل وتبحث عن وظيفتك الأولى، أو تعمل حاليًا وتبحث عن وظيفة جديدة. حدد عدة ساعات يوميًا للبحث، سواء على المواقع الإلكترونية أو صفحات منصات التواصل الاجتماعي وإرسال سيرتك الذاتية للشركات أو الاتصال بهم تلفونيًا، أو حتى الذهاب بنفسك لزيارة الشركات وتسليمها يدويًا، أو حتى زيادة المعارف وإقامة علاقات جديدة مع أشخاص يمكنهم أن يساعدوك في إيجاد وظيفة. تكريس الوقت للبحث سيساعدك في تنظيم أفكارك واستغلال وقت الفراغ.


4. تجنب السلبية والإحباط

من الضروري في رحلتك للبحث عن عمل أن تتجنب السلبية وألا تسمح للإحباط واليأس أن يتخللا لقلبك؛ فالرثاء لحالك لن يأتي بنتيجة، وعدم حصولك على عمل ليس غلطتك إذا كنت تحاول بكل طاقتك، استعن بالله واستمر بالمحاولة، وفي أثناء بحثك حاول ألا ترفض الوظائف التي قد تبدو غير مرضية لطموحك في البداية؛ فلن تخسر شيئًا، بل على العكس ستكسب خبرات جديدة، وسيكون هذا استغلالاً للوقت.


5. خلق الحافز

ما هو الحافز الذي يدفعك للعمل؟ أحد أهم الأسئلة التي عليك معرفة إجابتها أثناء البحث. ما الذي يحركك؟ ما هي خطتك لحياتك ومستقبلك؟ اصنع لنفسك حافزًا حتى إذا ما خارت قواك، وأحسست بالرغبة في التوقف تتذكر هذا الحافز والهدف، فتستطيع أن تكمل الرحلة حتى النهاية، فلم يكن العمل في أي وقت من الأوقات هو الغاية، ولكن ما يترتب عليه من تغيير في حياتك سواء وضعك المادي أو الاجتماعي أو حتى مجد شخصي تسعى للوصول إليه.

مقالات الرأي والتدوينات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر هيئة التحرير.