5 تغييرات حدثت في أرسنال تحت ولاية «أوناي إيمري»
صراع «كلوب» و«جوارديولا» على الصدارة، رؤى تكتيكية مستحدثة من قبل «ساري»، بجانب صخب «مورينيو» المعتاد. كانت النتيجة المتوقعة هي صعوبة بالغة لأن يملك فريق مثل أرسنال بعد رحيل فينجر تركيزًا أكبر من 20% على أية حال، أضف إلى ذلك صعوبة توقع ولاية «أوناي إيمري»، وهل هذه الفترة تخص عهدًا جديدًا فعلًا، أم أنه مجرد جسر سيقود الـ«جانرز» من مرحلة فينجر إلى مرحلة ما بعد فينجر؟
لكن على عكس ذلك المتوقع، ظهرت تغييرات على الفريق في فترة وجيزة، تغييرات جعلت أرسنال ولاعبيه يتصدرون محركات البحث بعد أسابيع قليلة من بداية البريمييرليج.
1. الخروج من صعوبة فترة النقاهة بالفوز
في المباراتين الافتتاحيتين من الدوري الإنجليزي الممتاز، ألحق فريقي تشيلسي ومانشستر سيتي هزيمتين محبطتين لمدافع لندن كانتا من المفترض أن تؤكدا احتمالية فشل تجربة إيمري. لكن أولئك المحبين للتفاصيل قد وجدوا في طريقة اللعب ما يُشير إلى أن اللقاءات كانت صعبة فقط على بداية مفترض أنه في فترة نقاهة كروية، وأن تلك الهزائم ليست إشارة لأي شيء مهما كان، وهو ما حدث.
تلى هاتين الهزيمتين 9 لقاءات في مسابقات مختلفة، انتهت كلها بالفوز لصالح فريق أرسنال وبأداء يُمكن وصفه بالجيد ويزداد ذلك الوصف إلى الجيد جدًا لأنه يُصحب بالفوز، وهنا كانت أول الأشياء البارزة؛ الفريق يفوز مهما كانت الحالة الفنية سيئة على أي جانب من الجوانب.
الإشارات الأولى من طريقة إيمري كانت توضح عجزًا دفاعيًا لدى الفريق، ينقسم التقصير فيه بين المدافعين وبين منظومة منتصف الملعب، لكن بالرغم من ذلك فإن الفريق كان يتمكن بفضل قوة هجومية من تحقيق الفوز والمضي قدمًا في الذي يليه. مع الحديث الديباجي الذي يردد في كل مؤتمر صحفي: بأننا سنسعى لتحسين الفريق في النواقص، وسواء تلى ذلك تحسن أم لا، الأهم أن الفريق يفوز الآن وفي تلك الفترة ليس مطلوبًا أكثر من ذلك إطلاقًا.
لا يُعد ذلك خضوعًا للمناداة بإهمال الأداء الجيد والبحث فقط عن الفوز مهما زاد قبحه، في ادعاء واقعية كاذبة، لكن البحث عن الفوز في أي ظريف سيساعد الفريق كي يحقق ما يريد في المستقبل؛ لأنه وفقًا لوجهة نظر «جاري نيفل» محلل شبكة «سكاي سبورت»، فإن الفريق يقوم بأداء جيد فعلًا، لكنه ليس ممتازًا وسيحتاج على الأقل 5 مواسم من أجل الظهور بالصورة المثالية.
أي جمهور سيرضى بخمسة مواسم دون فوز على أمل بناء فلسفة جديدة؟ خاصة لو كان جمهورًا ينتظر من 2006 للعودة للفلسفة القديمة أصلًا. لا، الفوز بأداء غير مبهر أفضل بكثير من الخسارة بأداء ممتع في هذه الحالة.
2. لا فرصة لصناعة سانشيز جديد
قبل المواجهة الأولى لأوناي إيمري داخل الدوري الإسباني الممتاز مع فريق ألميريا، حاول المدرب أن يثبت للاعبيه ثقته الكاملة في كل العناصر وأنه لا يفضل أحدهم على الآخر.فاعتمد في اختيار التشكيلة على حجر نرد، قام برميه عدة مرات حتى اختار 11 عنصرًا بدأوا المباراة الأولى ضد ديبورتيفو لاكرونيا، والمفاجأة كانت تحقيق فوز بثلاثية نظيفة. تلك التجربة كانت ضرورية بالنسبة للمدرب الشاب حينها ليكسر عند لاعبيه شوكة بناء نجم فوق كل الفريق.
بعد ذلك بسنين، تولى إيمري تدريب أرسنال بعد فترة كبيرة من سيطرة المدرب الفرنسي، شخص لم تشبه شائبة واحدة لمشكلة بينه وبين أحد لاعبيه، حتى كل الراحلين لسوء أحوال النادي كنّوا له كل احترام على المعاملة من قبله التي كانت توصف بمعاملة الأب لأبنائه، لكن في ذلك يمكن أن تبرز مشكلة أكبر.
لاعبون أمثال «مسعود أوزيل» و«جرانيت تشاكا» قد وجدا دلالاً كبيرًا من قبل المدرب، فمهما بلغت أخطاؤهما كان هناك استحالة لاستبعادهما من التشكيل، مما كان يُزيد الطين بلة، ويجهز للوصول إلى سخط جديد كما كان الوضع في حالة «سانشيز».
قضى إيمري على تلك الفكرة منذ أسابيعه الأولى، ووجه لومًا شخصيًا للاعب الألماني مؤكدًا أنه يجب أن يحسن من أدائه الدفاعي بشكل خاص وأن يبذل مجهودًا أكبر بشكلٍ عام حتى يحافظ على مكانته في التشكيلة الأساسية، كان ذلك بعد الجولة الأولى مباشرة، وعند تكرار نفس الأداء المخزي أمام تشيلسي في الجولة الثانية، تم إخراجه من الملعب دون تفكير واستبعاده من الوجود أساسيًا أمام ويستهام.
نتيجة ذلك أخذت في الاتضاح جولة بعد أخرى، من دكة البدلاء وحتى أفضل عنصر في التشكيل؛ الجميع يعمل بروح واحدة، الكل يشعر بأنه فريق واحد لا يوجد فيه فرق بين نجوم وبين شباب، الأهم هو أرسنال. يمكنك أن تشاهد ذلك في طرق الاحتفال، لو لم تكن تتابع المباراة وشاهدت احتفال لاعبي الفريق بأحد الأهداف، بنسبة كبيرة لن تعرف من هو المسجل، فقط أرسنال سجل هدفًا وهذا هو المهم.
3. في رثاء الـ«فينجر بول»
المؤكد أن هناك علاقة ما خفية بين ما قدمه أرسنال مع فينجر منذ حقبته الأولى في التسعينيات وحتى رحيله، وبين ما قد أسسه «رينوس ميتشلز» و«يوهان كرويف» وسار على نهجه بأفضل شكل، جوارديولا. الفارق هنا يكمن في تفاصيل بسيطة على رأسها المسميات، هناك في إسبانيا سُميت بالكرة الشاملة وفي إنجلترا سميت بكرة فينجر أو «Wenger Ball» نسبة لأول جالب لهذا الشكل إلى الملاعب الإنجليزية.
الجانب الواضح من الترابط بين الطريقتين يكمن في التمرير العرضي لمدد أطول من المباراة مما يعني استحواذًا أكبر. ولكن ماذا إن كان الاستحواذ هو الهدف وليست الوسيلة؟ هذا الأمر جعل بيب جوارديولا يعلن كرهه لفكرة التمرير العرضي أو ما يُعرف إعلاميًا بالـ«تيكي تاكا» إن لم تكن ذات مغزى محدد ومعروف.
في المواسم الأخيرة للمدرب الفرنسي في معقل الإمارات، كان الفريق يحاول أن يحافظ على كرته دون النظر لأي مقابلات أخرى، التمرير ثم التمرير، الهدف الجميل أفضل من الهدف العادي ولا فرصة للتفكير في هدف يأتي بالصدفة، ربما لن نحتفل به. الآن إيمري يقضي على ذلك الفكر تمامًا.
وفقًا لشبكة «أوبتا» للإحصاءات فإن الفريق أكثر مباشرة على المرمى من كل المنافسين،بنسبة 25% في معدل تحويل الفرص إلى أهداف، بتفوق بـ5% عن تشيلسي، في حين أن الفارق بينه وبين ليفربول ومانشستر سيتي 8% كاملة.
مع عدم التخلي عن فكرة التمرير الراسخة في عقول الجماهير، فإن الحارس «بيتر تشيك»، على سبيل المثال،ارتفع معدل تمريراته من 4 تمريرات قصيرة لكل 90 دقيقة إلى 21، مؤكدًا أن المدرب إيمري هو الأول من نوعه الذي لا يطلب منه إرسال الكرات الطولية بمجرد أن تصله الكرة؛ بمعنى أن هناك تمريرًا لكن في صورة غير مملة وفي موضعه الصحيح.
4. المدافع لم تَعُد جمادات
يقول «آرون رامسي» إن المدرب الجديد يطلب منهم أن يضغطوا من أماكن متقدمة من الملعب، أكد «أليكس ايوبي» على تلك الفكرة، في حين يذهب «هيكتور بيليرين» إلى جانب آخر من النقاش ليقارن بين مدربه السابق ومدربه الحالي، يؤكد أنهم في السابق كان لديهم حرية أكبر داخل الملعب أما الآن فالأمر مُلزم تكتيكيًا بشكلٍ أكبر.
المحللون في شبكة «سكاي سبورت» قد قدموا تحليلًا واسعًا لما يقوم به الفريق بعد ثلاث جولات فقط من العهد الجديد، الملحوظ الأبرز بالنسبة لهم أن أوناي يحاول أن يصل بأرسنال إلى المراحل العادية من التكتيك، مفاهيم تعدّ قديمة في العالم الخارجي، لكن داخل أسوار الإمارات كان فينجر لا يحاول الوصول إليها لكونه مؤمنًا لدرجة الجنون بما يقوم به. على رأس هذه الأشياء يأتي الضغط المبكر.
الثقافة الكروية لأغلب المتابعين في الوقت الحالي باتت لا تحتاج لشرح ماهية ذلك، وهي نتيجة لاتباعه من أغلب الفرق في العالم، ومع ذلك كان أرسنال بعيدًا عنه حتى رحيل المدرب الفرنسي. لاعبو أرسنال الآن يحاولون تطبيق كل أفكار المدرب الجديدة -بالنسبة لهم- بتركيز شديد، في حين ذلك تُظهر المؤشرات أن تطورهم في ذلك ملحوظ.
إحصائية من شبكة سكاي سبورت عن معدلات الركض وتغطية المساحات للاعبي أرسنال
بعد ثلاث جولات فقط، تصدر أرسنال الترتيب من حيث معدلات الركض للاعبيه ومن حيث المساحات المقطوعة من كل لاعب على حدة. المدافع اللندنية تتفوق في كلا المعدلين على مانشستر سيتي وتوتنهام وليفربول برغم ما عندهم من تاريخ أطول في هذه المنظومة، والمؤكد أن ذلك يعود للعمل البدني الشاق الذي قام به المدرب الإسباني في بداية الموسم.
5. في رثاء عقلية فينجر
انتهت العديد من اللقاءات في السنين الأخيرة من ولاية أرسن في أرسنال بتعليق شبه ثابت من كل النقاد والمحللين: إلى متى سيظل فينجر متمسكًا بقناعاته تجاه بعض اللاعبين وتجاه طريقة لعبه؟ في الموسم قبل الأخير له في النادي، احتفل القاصي والداني بتحوله من رسمه التكتيكي المعتاد إلى 3-4-3 كأول مواكبة للعصر الحالي، وبالرغم من فشله بتحقيق نجاحات كبيرة بها، لكن التحول نفسه كان مطلوبًا.
المعروف عن الفرنسي أنه عنيد،يبرر ذلك بأنه عندما يتمسك برؤية معينة وتثبت دقتها فيما بعد فإن الجميع يصفقون لك والعكس، فهو يرى أن العند والتمسك الشديد برأيه أحد متطلبات منصبه. العكس تمامًا عند المدرب الإسباني، كلاهما يتفق في طريقة البحث، ويقضي كل منهما ليالي طويلة في مشاهدة الفيديوهات الخاصة بلاعبيه وبالخصوم، لكن واحدًا منهما فقط الذي يغير تفكيره.
بعد 7 مباريات فقط في الموسم الأول له، وجدنا أرسنال يغير التركيب من 4-2-3-1 إلى 4-4-2، في إشارة إلى ضرورة وضع رسم معين لكل مباراة على حدة حسب متطلباتها. طريقة دراسة أوناي ربما تكون مختلفة بعض الشيء حسبما يؤكد لاعبوه السابقون، لكن الاختلاف الأبرز في أن ذلك البحث وإن طال فإنه ينتهي بنتيجة جديدة.
الأكيد الآن أن أرسنال يحيى مرحلة جديدة كليًا، لا يعني التجديد فيها التحول لكل شيء جيد والاستغناء عن السيئ وحسب، لكن التجديد في حد ذاته كان أمنية صعبة المنال بالنسبة للجماهير العاشقة لهذا النادي، وهم الآن يحيون مرحلة مختلفة يتمتعون فيها بالتغيير على أمل أن يطال ذلك التجديد نوعية البطولات.