5 صور فلكية قدمتها ناسا غيرت من نظرتنا للعالم
منذ اللحظة التي تحررت فيها الإنسانية من قيود الجاذبية، وانطلقت محلقةً فوق الغلاف الجوي لكوكبنا الأزرق، أصبح بإمكاننا رؤية الكون كما لم نرَه من قبل. تخلصنا من قيود موقعنا هنا على الأرض، ولم يعد محكومًا علينا بالسجن داخل محيطها، لنكتشف حقائق كونية استعصت على تاريخ البشرية بأكمله، لتسمح لنا أخيرًا بالهرب إلى ما بين النجوم.
بفضل التقدم الذي أحرزته البشرية في استكشاف الفضاء، والإبداع الذي قدمته لنا وكالة الفضاء الدولية ناسا، رأينا أكثر مشاهد الكون روعة. وهذه قائمة بأعظم صور قدمتها لنا وكالة ناسا، وغيرت من نظرتنا للعالم وللكون بأكمله.
1. حقل هابل العميق الأقصى
منذ أكثر من خمس عشرة سنة، التقط تلسكوب هابل أول صورة للحقل العميق. من خلال توجيه كاميرته إلى بقعة فارغة من السماء، وجمع الضوء لعدة أيام متتالية، ليتمكن من الكشف عما يوجد في هاوية الكون السحيقة: مليارات ومليارات من المجرات. تطورت معدات التلسكوب هابل عدة مرات منذ ذلك الحين، مما أدى إلى استغلال كل فوتون من الضوء، ليمتد بصورة أعمق في طيف الأشعة فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء، وليمتد على حد سواء مجال رؤيته وعمقها.
وفي الخامس والعشرين من سبتمبر عام 2012، أصدرت ناسا نسخة إضافية منقحة من الحقل العميق الفائق أطلقت عليها اسم الحقل العميق الأقصى (Extreme Deep Field)، لتصبح أعظم صورة يتم التقاطها للكون على الإطلاق، حيث تكونت مما مجموعه 23 يومًا (مليوني ثانية) من الرصد في مساحة تبلغ 1/32000000 فقط من مساحة السماء بأكملها. ولم يعثروا على أكثر من خمسة آلاف مجرة فحسب، لكنهم عثروا أيضًا على أمثلة توضح تطور المجرات، حيث كان بإمكانهم النظر إلى الماضي عندما كان الكون يبلغ 4% فقط من عمره الحالي، ليكتشفوا مجرة يُفترض أنها تكونت بعد 450 مليون سنة فحسب بعد الانفجار العظيم.
لقد تعلمنا كيف تطور الكون، وكيف انتقلت المجرات من بذور بنية صغيرة إلى كائنات سماوية عملاقة كما نعرفها اليوم. والأكثر إثارة للدهشة أننا تمكنا من معرفة أول تقدير دقيق لعدد المجرات في كوننا المرئي: تريليونا مجرة. واستنتجنا الكثير من هذه المعلومات نتيجة تقنية تصوير واحدة.
2. مهمة أبولو الثامنة وشروق الأرض
هذا هو المكان الذي نحيا به، في منتصف الفضاء الشاسع. على كرة صخرية محصنة ضد اللون الأسود القاتم اللانهائي، محاطة بغلاف من الهواء والألوان. كرة إعجازية، وهشة في ذات الوقت، مثل فقاعة الصابون.
في عام 1968، عرفنا نحن أبناء الأرض ذلك بالفعل. لكن تلك الفكرة المجردة جاءت عشية عيد الميلاد في ذلك العام. فأثناء استكشاف مواقع الهبوط على سطح القمر، التقط رائد الفضاء من مهمة أبولو الثامنة، وليام أندرز، صورة الأرض الزرقاء اللامعة، وهي تشرق فوق الجبال القمريّة ذات اللون الرمادي، مثل وجه كوني مبتسم.
هذه الصورة، التي أُرسلت لنا من الفضاء، وأسرت خيال العالم هي صورة شروق الأرض. حيث كانت هذه هي المرة الأولى التي يرى فيها الإنسان الأرض تشرق فوق أطراف القمر، ولأول مرة ترى الإنسانية كم كانت الأرض جميلة وثمينة وصغيرة وهشة.
عندما كتبت الأخت ماري جوكوندا إلى وكالة ناسا لإعلامهم بالتوقف عن هدر الأموال لاستكشاف الفضاء بينما هناك الكثير من المعاناة والفقر والجوع هنا على الأرض، كتب إرنست ستوهلينجر، المدير المساعد للعلوم في ناسا آنذاك، خطابًا طويلًا ردًا عليها، وأرفق معه هذه الصورة، أقتبس منه:
بفضل مثل هذه الصورة، يمكننا الإجابة بثقة عن السؤال الدائم حول أهمية الاستثمار في العلوم، حتى مع كل المعاناة في العالم اليوم.
3. نقطة زرقاء باهتة
في الرابع عشر من فبراير عام 1990، وبعد أكثر من عقد من السفر بعيدًا عن الأرض، وفي طريقها إلى خارج المجموعة الشمسية، حوّلت المركبة الفضائية فويجر 1 عينها نحو الوطن.
تمكنت المركبة من التقاط صورة لستة كواكب، لتشمل هذه الصورة العائلية كلًا: من نبتون وأورانوس وزحل والمُشتري والأرض والزُهرة. حيث اُلتقطت هذه الصورة للأرض على بعد ستة مليارات كيلومتر، مما يجعلها أبعد صورة يتم التقاطها لكوكبنا على الإطلاق.
لم تتضمن خطة فوياجر الأصلية التقاط هذه الصورة، ولكن امتلك الراحل كارل ساجان نظرة مستقبلية، وقد كان جزءًا من فريق التصوير الخاص بالمركبة فوياجر، حيث اقترح توجيه كاميرا المسبار نحو الأرض، لإلقاء نظرة أخيرة على الوطن. شعر أغلبية الفريق بأن تحول الكاميرا باتجاه الأرض وبالتالي باتجاه الشمس قد يتسبب في تلف معدات الكاميرا الحساسة على متن المسبار بجانب استهلاك الطاقة بهدف غير مجدٍ، ولكن ساجان استطاع اقناعهم بأن هذه الصورة ستظهر لنا موقعنا الحقيقي في أرجاء هذا الكون الشاسع.
والآن مركبة فوياجر 1 على بعد حوالي 20 مليار كيلومتر، حيث ما زالت تواصل رحلتها إلى الفضاء بين النجوم كأكثر مركبة فضائية تبتعد عن الأرض في تاريخ البشرية.