تعرف على أبرز 5 مفكرين عرب غادروا عالمنا في 2016
محمد حسنين هيكل
ولد محمد حسنين هيكل في القاهرة عام 1923، وقد بدأ عمله الصحفي عام 1943 وعمل مراسلاً متجولاً ما أتاح له التنقل والترحال وراء الأحداث من الشرق الأوسط إلى البلقان، وأفريقيا، والشرق الأقصى حتى كوريا.
عرف هيكل بقربه الشديد من الرئيس جمال عبد الناصر، وقد تولى رئاسة تحرير الأهرام حتى عام 1974، وخلال رحلته الطويلة في الصحافة نجح في توطيد علاقته ببعض الحكام والملوك والرؤساء، الذين كان من أبرزهم الملك عبد الله أول من حكم الأردن، وأحمد بن بلة أول رئيس للجزائر بعد استقلالها، ومحمد رضا بهلوي آخر حكام إيران، وآية الله الخميني زعيم الثورة الإيرانية التي أنهت حكم بهلوي عام 1979.
وحاور هيكل أغلب الرموز السياسية والثقافية والفكرية في القرن العشرين؛ ومنهم عالم الفيزياء ألبرت أينشتاين، والقائد البريطاني الفيلد مارشال برنارد مونتغمري، والزعيم الهندي جواهر لال نهرو، وصدرت هذه المحاورات في كتابه «زيارة جديدة للتاريخ».
عرفت علاقة هيكل بالسلطات المتعاقبة على حكم مصر تفاوتًا ملحوظًا، ففي حين كان مقربًا بشدة من عبد الناصر، صار منبوذًا من السادات الذي عزله من منصبه في الأهرام بعد أن انتقده. وفي عهد مبارك قام الرجل بتقديم برنامج أسبوعي يروي فيه كواليس الصحافة والسياسة والحكم باسم «مع هيكل: تجربة حياة»، وقد أصبح الرجل في أيامه الأخيرة كـ «أب روحي» للدولة والسياسة في مصر، إذ صار يلتمس مشورته المسؤولون والسياسيون والإعلاميون من مختلف ألوان الطيف السياسي، إلى أن أسلم الروح إلى بارئها في 17 فبراير/شباط 2016.
طه جابر العلواني
طه جابر العلواني هو مفكر ومثقف عراقي، ولد بالفلوجة في مارس/آذار 1935، وقيل أن أنه كان من مؤسسي الحزب الإسلامي، الذراع السياسية للإخوان المسلمين بالعراق، قبل أن يبتعد -أو يتم إبعاده حسب روايات البعض- لاحقًا عن الجماعة، وقد غادر العراق هربًا بعد انقلاب أحمد حسن البكر، لينتقل إلى مصر التي نال فيها درجة الدكتوراه في أصول الفقه من الأزهر عام 1973، والسعودية التي عمل فيها أستاذًا لأصول الفقه بجامعة الإمام محمد بن سعود، غادر بعدها إلى الولايات المتحدة ليساهم في تأسيس «المعهد الإسلامي للفكر العالمي»، قبل أن يفقد رفيقة دربه ويعييه المرض فيعود إلى مصر حتى تحول بيته إلى بقعة ثقافية وتنويرية في قلب القاهرة، إلى أن توفي في الرابع من مارس لهذا العام.
اقرأ أيضًا: رحيل العلواني وطي حقبة من الفكر الإسلامي
أدى انتماء العلواني السابق إلى الإخوان، وزياراته المتكررة إلى إيران في الوقت الذي كانت تشهد فيه عاصمتها حراكًا ثقافيًا وسياسيًا مهمًا، أدى ذلك إلى صبغ مشروعه الثقافي بالحيوية والحركة الدؤوب، فآمن بمركزية القرآن التي أسس عليها مشروعه؛ ما مكنه من التخلص من الكثير من الأوزار التاريخية التي تعيق كل خطاب إسلامي حديث.
اقرأ أيضًا:تفسير القرآن في خطاب طه جابر العلواني
امتاز مشروع العلواني كذلك بالتوقف عند المقاصد العليا للقرآن: التوحيد، والتزكية، والعمران، والأمة، والدعوة، فهو جدير بالوصول إلى ميثاق نظري وعملي للأمة سواء في علاقاتها الداخلية أو في مواجهتها الحضارية، خاصة مع الحضارة الغربية اليوم، كما آمن الرجل بوحدة الأمة بحميمية بشقيها السني والشيعي، متأثرًا بذلك بالحركة الشيعية الشبابية التي كان العلواني على احتكاك بها أيامَ كان في العراق.
جورج طرابيشي
ولد طرابيشي في مدينة حلب 1939، وحصل على الليسانس في اللغة العربية أتبعها بدرجة الماجستير في التربية من جامعة دمشق، عمل مديرًا لإذاعة دمشق، ورئيسًا لتحرير مجلة دراسات عربية، ورئيسًا لتحرير مجلة الوحدة، قبل أن يتفرغ للكتابة والتأليف والترجمة، وقد توفي طرابيشي في باريس يوم السادس عشر من مارس، عن عمر ناهز سبعة وسبعين عامًا.
لطرابيشي تراث ضخم من الترجمات، إذ ترجم أزيد من مائتي كتاب، من بينها مؤلفات لكبار الفلاسفة الغربيين؛ كسيجموند فرويد، جان بول سارتر، سيمون دي بوفوار، وهيجل. كما قدم عددًا من الدراسات والأبحاث في الفكر والفلسفة والنقد الأدبي؛ منها «الماركسية والمسألة القومية»، و«رمزية المرأة في الرواية العربية»، و«مذبحة التراث في الثقافة العربية المعاصرة»، و«مصائر الفلسفة بين المسيحية والإسلام».
قضى طرابيشي نحو ربع قرن من حياته عاكفًا على دراسة مشروع «محمد عابد الجابري»، حول تكوين ونقد العقل العربي، وقد تأثر به طرابيشي كثيرًا، وقال عنه إن من قرأه لن يعود كما كان قبل أن يقرأه، لكنه لاحقًا قد انتقده قائلاً إنه اكتشف في سياق دراسته وأبحاثه أن الجابري اعتمد في بعض كتبه على شواهد «مغلوطة ومقطوعة من سياقها ومفسرة من غير سياقها»، على حد تعبيره.
محمد بن سرور
محمد سرور زين العابدين، مفكر إسلامي
يُنسب إلى ابن سرور تيار يسمّى «السرورية»، وهي مجموعة تجمع بين السلفية المحافظة ذات الطابع الوهابي، وحركية الإخوان المسلمين.
ولد ابن سرور عام 1938 في قرية «تسيل» التابعة لمنطقة حوران جنوبي سوريا، ثم انتقل إلى مدينة درعا ومنها إلى العاصمة دمشق، حيث تخرج من كلية الحقوق، وتلقى العلم الشرعي على يد بعض الشيوخ. انتسب ابن سرور إلى فرع الإخوان المسلمين في سورية، وبعدما تأزمت العلاقات بين النظام السوري والجماعة، هاجر ابن سرور إلى السعودية حيث عمل مدرسًا للرياضيات والدين في معاهد المملكة خاصة في منطقة القصيم.
بلور ابن سرور تياره أثناء إقامته ببلاد الحرمين، بعدما انفصل عن الإخوان المسلمين، وقد غادر السعودية إلى الكويت في 1973، حيث وجد هناك البيئة المناسبة لنشر مذهبه. وفي عام 1984 غادر الكويت إثر ضجة أثارها نشر كتابه «وجاء دور المجوس» الذي تناول فيه «مخاطر الثورة الإيرانية»، ويعتبر البعض أنه «أول كتاب يستشرف خطر النظام الإيراني» على المنطقة العربية.
انتقل ابن سرور إلى لندن، ومن هناك حيث أخذ يرعى تياره الذي صار له وجود ملموس سيما في دول الخليج واليمن، ثم انتقل إلى الأردن، ومنها إلى قطر بعد اندلاع الثورة السورية التي نافح الرجل عنها بحماسة شديدة، كما أيد عمليات «عاصفة الحزم» التي قادتها المملكة العربية السعودية ضد قوات الحوثيين في اليمن، واعتبرها خطوة مهمة للوقوف بوجه المد الإيراني.
توفي ابن سرور بعد معاناة طويلة مع المرض، يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2016.
صادق جلال العظم
أحد أكثر المفكرين العرب إثارة للجدل، ذلك الذي عُرف دومًا بأنه يجهر بما يعتقد حقًا غيرَ مبالٍ كثيرًا بالتبعات، هو المفكر السوري «صادق جلال العظم»، الذي رحل عن عالمنا في 11 ديسمبر/كانون الأول 2016، بعد صراع طويل مع المرض.
ولد العظم في دمشق عام 1934 لعائلة سورية عريقة من أصل تركي، عرفت بنزوعها لتوجهها العلماني، إذ كان أبوه أحد المعجبين بتجربة «مصطفى كمال أتاتورك» في تركيا، التحق بالجامعة الأمريكية في بيروت حيث حصل على درجة البكالوريوس، قبل أن يسافر إلى الولايات المتحدة ليحصل على درجة الماجستير والدكتوراه، حيث كانت رسالة تخرجه عن الفيلسوف الألماني «إيمانويل كانط».
اعتنق الرجل -مخلصًا- الفكر الشيوعي، وكانت الماركسية هي الموجه الأساسي لآرائه، كما يعتبر من أكبر العلمانيين في العالم العربي القائلين بضرورة الفصل بين الدين والحياة والرافضين لوجود أي مرجعية دينية «للأفكار العلمية والفلسفية». وخلال مسيرته الفكرية، عُرف العظم بأطروحاته المثيرة للجدل، فعقب هزيمة يونيو حزيران 1967 أثار كتابه «نقد الفكر الديني» عاصفة من الاستياء بين الأوساط الدينية، وتسبب في محاكمته وفصله من وظيفته، واعتبره البعض بسببه «علمانيًا ملحدًا»، وهو ما رد عليه أنصاره بأنه ليس إلا محاولة لـ «التمسك بالعلوم والمعارف المادية في عالم عربي يشهد انحسارًا لدور العقل».
ومما ميز العظم كذلك عن كثير من المثقفين السوريين -سيما الماركسيين منهم-تبنيه لمواقف حدّية واضحة حيال الثورة، فقد انحاز لها منذ البداية، ولم يتحرج من تسمية المسميات بأسمائها، فنادى بإسقاط «العلوية السياسية»؛ أي استخدام الأسد لطائفته في السيطرة على مفاصل الدولة ومقدرات المجتمع.