4 أفلام وثائقية لا تفوت مشاهدتها
منذ فترة لا بأس بها، توقف الفيلم الوثائقي عن أن يكون ذلك البرنامج الممل الذي يتحدث عن موضوعات متشابهة وقديمة، وازداد وعي صُناعه بضرورة احتوائه على عنصر التشويق، ليتمكن المُشاهد من متابعته إلى النهاية فيتحصل على الفائدة المرجوة. ومنذ فترة لا بأس بها أيضًا، أصبح للفيلم الوثائقي مهرجاناته وجوائزه وتكريماته، بل وقنواته الفضائية المتخصصة، هذا طبعًا إلى جانب كونه بندًا رئيسيًا على مائدة الأوسكار السنوية.
سنستعرض في هذا المقال أربعة أفلام وثائقية لثلاث مُخرجات عربيات من جنسيات مختلفة، عُرضت على قناة الجزيرة الوثائقية خلال العامين والنصف الماضيين. الأفلام الأربعة وثائقية اجتماعية متنوعة المضامين، ويجمعها جميعًا الاحترافية في التنفيذ، بالإضافة إلى سلاسة الطرح. ويتراوح طولها بين تسع وعشرين ودقيقة، إلى ساعة كاملة تقريبًا.
الطلاق على الطريقة اللبنانية
الفيلم الأول عنوانه «الطلاق على الطريقة اللبنانية». عُرض بتاريخ 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وهو من إخراج اللبنانية ريبيكا البيطار. الفيلم يتناول حياة خمس نساء لبنانيات، تنتمي كل واحدة منهن لطائفة مختلفة من الطوائف الأربع الرئيسية في لبنان، السنة والشيعة والمسيحيين والدروز. وصلت الحياة الزوجية لكل منهن إلى طريق مسدود، واضطررن لطلب الطلاق. ويعرض الفيلم المشاكل التي واجهتها كل واحدة من هؤلاء، على اختلاف ملّتها، حيث علقت قضاياهن في المحاكم لعدة سنوات، وحيث يصطف القانون غالبًا في صالح الرجل.
يروج الفيلم لإحلال القانون المدني مكان قوانين الأحوال الشخصية المعمول بها حاليًا في لبنان، ويعرض شهادة لإحدى العاملات في منظمة «كفى»، المعنية بإيقاف العنف ضد المرأة. حيث تقول: «لو كانت القوانين المعمول بها حاليًا منصفة، فلماذا إذن لجأت إلينا 1050 امرأة في العام الماضي وحده؟!».
نساء في الملعب
الفيلم الثاني عنوانه «نساء في الملعب». عُرض بتاريخ 22/4/2014، وهو من إخراج الفلسطينية «سوسن قاعود». يروي الفيلم قصة تأسيس المنتخب الفلسطيني النسوي لكرة القدم، على يد الكابتن «هني ثلجية»، التي أخذت على عاتقها هذه المهمة. وتتجول عدسة الكاميرا داخل بيوت العديد من اللاعبات، مستوضحة آراء ذويهن في هذا الموضوع، حيث نجد موافقة وتشجيعًا من بعضهم، واعتراضًا من البعض الآخر، خوفًا من كلام الناس.
يعرض الفيلم أيضًا العديد من الصعوبات التي تواجهها اللاعبات، كالإصابات والكسور، بالإضافة إلى الحواجز الإسرائيلية بين مدن الضفة الغربية، وكيف يعيق ذلك انتظامهن في التدريب. رغم ذلك نرى روح صداقة عالية بين اللاعبات، وروحًا قتالية في التدريب وأثناء المباريات. وتروي العديد من اللاعبات حكاية شغفها الكبير بكرة القدم، وعشقها للحركة واللعب.
أنامل الزمان
أما الفيلم الثالث فهو بعنوان «أنامل الزمان». عُرض بتاريخ 19/10/2016، وهو لنفس مخرجة الفيلم السابق، الفلسطينية «سوسن قاعود». يروي الفيلم قصة «ريما ترزي»، وهي ملحنة فلسطينية وعازفة بيانو. ورغم أن هذه العجوز في التاسعة والسبعين من عمرها، إلا أنها شخصية ملهِمة للغاية، ذات روح مرحة لا تنطفئ. وأدت «ريما ترزي» العديد من ألحانها الخاصة على آلة بيانو كبيرة أثناء الفيلم.
تروي السيدة ريما حكايتها منذ الطفولة، وتصف حال يافا في أربعينات القرن الماضي، حيث كانت عاصمة للفنون والثقافة. وتروي حكاية اغترابها في كندا مع زوجها الطبيب الذي توفي منذ عدة سنوات. نرى في الفيلم أيضًا ابنيها وأحفادها، حيث ما زالت إلى الآن تزور المعهد الوطني للموسيقى، في مدينة بيت لحم حيث تقيم، لتقدّم دعمها المعنوي للأطفال.
ابنك ناشونال أم إنترناشونال؟
الفيلم الرابع والأخير هو بعنوان «ابنك ناشونال أم إنترناشونال؟». عُرض بتاريخ 7/6/2014، وهو من إخراج المصرية «نهى الحناوي». يتحدث الفيلم عن ظاهرة التعليم الدولي في مصر، حيث يعرض مشاهد واضحة عن الفرق الشاسع في أساليب التعليم، ما بين المدرسة الدولية التي تُدرّس المنهاج الأجنبي، وبين المدرسة الحكومية التي تدرّس منهاجًا يعتمد على الحفظ والتلقين.
يطرح الفيلم العديد من الأسئلة، مثل مدى أحقية أبناء الأثرياء فقط بالتعليم الممتاز، وأيضاُ التبعات الثقافية لتنشئة الطفل المصري في بيئة تعرض النظام والقيم الغربية كأسلوب حياة، وليس كمنهاج تعليمي فقط. نتابع أيضًا حوارات مع ثلاث أمهات، من ثلاث طبقات اجتماعية مختلفة، حيث تعرض كل واحدة منهن وجهة نظرها، التي تميل إلى تفضيل المدرسة الدولية، لولا تواضع الإمكانيات.
الإخراج النسائي للأفلام الوثائقية بات يلفت النظر بالفعل مؤخرًا، سيما بعد أن صار يحصد الجوائز بشكل متكرر ويكاد يكون ثابتًا، وأهمها بالطبع جائزة الأوسكار. ونذكر في هذا السياق، مخرجة الأفلام الوثائقية، الباكستانية شيرمين عبيد جنائي، الحاصلة على جائزتي أوسكار، عامي 2012 و2016، والتي ربما تستحق أن يُفرد لها مقال خاص، للحديث عن إنجازاتها.