مجادلات لا تنتهي: 3 أسباب تؤدي لتكرار الشجار بين المرتبطين
محتوى مترجم | ||
| المصدر |  | |
| التاريخ | ||
| الكاتب | ||
للخلافات التي لا تُحل بين الأزواج والمرتبطين، التي تبقى دومًا على مائدة الصراع – لا النقاش – أسبابُها بالتأكيد. وبالنظر للشيوع المقلق لتلك المشكلة بين الكثيرين، سيكون من الجيد تفحص أهم الأسباب واستعراض بعض الحلول المقترحة لها.
1. ما غرسته أيدي والداك، أو بالأحرى، أصوات جدالاتهما المرتفعة
ربما تعلمتَ من والديك الإبقاء على الخلافات بغير حل، طمرها في مكان قريب للغاية من السطح، ليتاح إخراجها بسهولة حين يحفزّها جدال جديد راغب في الانضمام إليها، ليعاد تدويرها في محاولة مضنية لإثبات صحة موقف كل منهما وتفوقه على الآخر، وبعجزٍ مطلقٍ عن التحاور البنّاء. حيث تتطاير الشكاوى في وجه الشكاوى، ولا أكثر من كلمتي «أجل، لكن» وصولاً إليك وسط صراخهما غير المفهوم.وهكذا، كل ما تعلمتَه منهما عن المشاكل الزوجية هو أنها بلا حل، وبالتالي صار سلوكك مع شريكك كلما لحقت بكما مجادلةٌ تبدو نهايتها مسدودة، أن تخرج خوفك وتوترك في انفجار عنيف، غالبًا ما يترك شريكك مذهولاً عاجزًا عن الرد فلا يجد بدًا من الاستسلام لك في رضوخٍ يأكل من الحميمية بينكما شيئًا فشيئًا.إذن لا بأس من الافتراض إن كانت الحال كذلك، أن والديك لم يكونا يعرفان شيئًا عن طرق حل المشاكل الزوجية. ليست نهاية الكون، الكثيرون لا يعرفون الكيفية الملائمة أيضًا، لا يجري تعليمها في المدارس مثلاً!
ما الحل إذن؟
عليك أولاً مراجعة ذكرياتك عن والديك ومقارنتها بما تفعله حاليًا، ومحاولة تحديد نسق مجادلاتك ومعرفة أين تنحو لتقليدهما بالضبط. وتذكر أن هذا التقليد تلقائي، أصله لا واعٍ، وتحفزه في الغالب مواقف ثابتةٌ. عليك بتحديدها إذن، أن تعرف المواضع التي ينطلق فيها يأسك بصورة غير ناضجة تنتهي بالحوار إلى حائط سد. ومن هنا تبدأ في إعادة برمجة نفسك، أن تؤكد لنفسك إمكانية الحل إذا هدأتَ وحاولت الاستماع وألجمت لجوءك المتواتر إلى مخازنك الجاهزة من ردود أفعال والديك العقيمة.
2. الغضب حلٌ رائع ومُثبَت عمليًا لحماية هشاشتك وأناك المغدور
وغالبًا لا تعرف أنت شيئًا عن هذا، فهو من مهام اللاوعي الرئيسية.على مستوى بدائي جدًا من تكوينك، قد تجعلك أي كلمات تبدو انتقادية تشعر بتهديد شديد لكيانك الخاص، وهذه الكلمات قد تخرج من شريكك دون انتباه منه أو منك، فتشعرك بالتشكك في سلامة طويتك أو ذكائك أو أهليتك.ولأننا مجبولون على الدفاع عن أنفسنا ضد التهديد، يسارع اللاوعي بإخراج رد الفعل الأكثر ملاءمة بيولوجيًا لدفع هذا الخطر، ألا وهو الغضب، الذي يزيل التوتر بغمرك بالكثير من الأدرينالين والعديد من الكلمات الجارحة التي تصب اللوم بلا هوادة على شريكك، بل وتحاول تشخيصه سلوكيًا بأعنف مما ظننت أنه يهاجمك به، فلا تنتهي إلا وهو محطم، أو وقد أوقدت شعلة دفاعه هو الآخر، فاندمجتما في حرب اتهامية رهيبة. فلا أسهل من لوم الآخر، كي تهرب من اللوم الموجع لذاتك.والغضب أيضًا حل جيد، كي تتفادى سماع شكاوى شريكك المبرَّرَة في الغالب والتي تستحق الانتباه ومحاولة الحلّ جديًا. وهكذا يحقق لك الغضب الهروب من ارتعابِ ذات هشة، تخشى أكثر ما تخشى الوقوع في خانة الخطأ واستحقاق اللوم.
فهل يوجد حل؟
ألف باء الحل هو الوصول لتحقق ذاتي يكفل لك أمانًا أمام هجمات الآخرين، أن تكونَ الشخص الوحيد المخوّل له انتقادك، وأن يكون هذا الانتقاد بناءً، مراعيًا، حانيًا، فلا تساهم في إضعاف ذاتك أصلاً، وبالتالي تقويّ احتياجها لعنف أكبر تدرأ به عن نفسها خطرًا غير حقيقي بالأساس. وعليك أن تدرك أن أغلب انتقادات شريكك للعلاقة بينكما هي انتقادات له كما هي انتقادات لك، وأن الوصول للحل مسئولية مشتركة. لا يجب فهم مصارحته لك على أنها إلقاء للعبء على كاهلك، فالعلاقات كالأنا، تقوى بالتراحم والتفاهم والتسامح.وتذكّر أيضًا أنه ما لم تكن قادرًا على تهدئة نفسك وتجنيبها الغضب، فلا مجال للسماع، ولن يحكمكَ سوى جزء انفعاليّ من عقلك، لا يلوي على شيء.
3. لكلٍ منكما اختلافاته عن الآخر
وهذه الاختلافات إمّا بسبب الطبيعة الخاصة بكل منكما، أو بسبب تنوع الأيديولوجيات الأساسية.فمثلاً، أنت تحب الجلوس في المنزل وشريكك يفضّل الخروج، ومن هنا تنشأ المشكلات بين الطرفين، واعتبار كل منهما أن في الآخر خطأ ما، فكيف يفضّل شخص طبيعي البقاء في المنزل لأسبوع؟ أو من هذا الذي يفضّل صحبةً أخرى في الخارج على صحبة شريكه وعائلته؟وكذلك الأيديولوجيات الشخصية التي رسخّها الزمن، وهي في الغالب لا تتغير، ولها نصيبها من إثارة المشاحنات لدى البعض.
وهل لهذا حل؟
ليس حلاً من قبيل النصح بكيفية تغيير طباع شريكك مثلاً. فكيف تغير طبيعة شخصية ملتصقة في جيناته، أو نابعة من بنية فكرية اختارها لنفسه؟بالنسبة للاختلافات في الطباع، يمكن الوصول بها إلى حل وسط يرضي الطرفين، أمّا الاختلافات الأيديولوجية فلا مكان لتغييرها، وستظل سببًا للنزاع ما لم تفهم أن لشريكك الحق في استمداد دعمه الوجودي من التشكيل الأيديولوجي الذي يراه ملائمًا. وما لم تضر هذه الأيديولوجية علاقتكما بشكل مباشر، فواجب التقبل يقع على عاتقك. ستجد أن عبئًا ضاغطًا انزاح بمجرد وصولك إلى هذه الوجهة من النظر.
وختامًا، مع أن التورط في جدالات زوجية لا مفر منه في الغالب، إلّا أن التوصل لحلول ليس مستحيلاً. في الحقيقة، الإيمان بإمكانية الوصول هو أول خطوات الحل. عليك فقط تطوير الإرادة اللازمة لذلك.