11 شخصية وجهة فى دائرة الاتهام: من يقف وراء تسريبات مكتب السيسى ؟
أربعة تسريبات تم الكشف عنها حتى الآن منذ ديسمبر الماضى تم تسجيلها فى مكتب وزير دفاع واحدة من أكبر دول المنطقة، من مكتب المشير السيسى. كيف نلخص هذه التسريبات؟ وما مصدرها؟ ومن يقف خلفها من شخصيات محتلمة، وما الجهات التى تقع فى دائرة الاتهام خلفها؟ هذا ما سنحاول الإجابة عنه ..
خط سير التسريبات
1- مرسي في البحرية – قناة مكملين
أذيع هذا التسجيل يوم 04/12/2014، بطولة اللواء (ممدوح شاهين)، بمشاركة من النائب العام المستشار (هشام بركات) وقائد القوات البحرية اللواء (أسامة الجندي) ووزير الداخلية اللواء (محمد إبراهيم)، وتعود أحداث هذه التسجيلات إلى أكتوبر 2013 قبل بدء جلسات محاكمة (محمد مرسي)، يحاول فيه (شاهين) تزوير أوراق رسمية لكي يتم اعتبار جزء من قاعدة أبي قير البحرية – التي تم نقل (مرسي) إليها بعد أحداث دار الحرس الجمهوري – سجنا تابعا لوزارة الداخلية.
2- الأذرع الإعلامية – قناة مكملين
هذا ا لتسجيل عبارة عن مكالمة هاتفية للواء (عباس كامل) مدير مكتب السيسي أثناء إملاءه أوامر المشير للإعلاميين المصريين “بتوعهم” أمثال (إبراهيم عيسى – أحمد موسى – أماني الخياط – يوسف الحسيني – رولا خارسا – عزة مصطفى – محمود سعد) عن طريق العقيد (أحمد علي) المتحدث الرسمي للقوات المسلحة وقتها، ردا على هاش تاج #انتخبوا_الـ*** الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي بعد إعلان ترشح السيسي لانتخابات الرئاسة، لكي يبدأ الإعلامين حملة تلميع للسيسى أمام الشعب قبل انتخابات الرئاسة، كما يتصل أيضا بـ (فهد العسكر) نائب رئيس الديوان الملكي السعودي ليطالب بإيقاف برنامج الإعلامي الساخر (باسم يوسف) الذي كانت تبثه قناة MBC مصر.
3- القضاء الشامخ – قناة الشرق
التسريب يتناول قضيتين كانتا منظورتين أمام القضاء: الأولى قضية سيارة ترحيلات أبو زعبل التي كان يحاكم فيها 4 ضباط من بينهم نجل العميد(عبد الفتاح حلمي) أحد الذين حشدوا ل 30 يونيو، والذين كانوا يحاكمون بتهمة قتل 37 محتجزا – بعد فض ميدان رابعة العدوية – خنقا بالغاز داخل السيارة، حيث يطلب (عباس كامل) من اللواء (ممدوح شاهين) أن يطلب من القاضي إدخال شهود لنفي الواقعة لصالح الضباط المتهمين، وهو الأمر الذي قبله شاهين، وتم بالفعل الحكم على الضباط في القضية بسنة مع إيقاف التنفيذ، أما المكالمة الثانية فيتحدث فيها (عباس كامل) إلى النائب العام (هشام بركات) بشأن قضية رجل الأعمال (حسن محمد حسنين هيكل) نجل الكاتب الصحفي (محمد حسنين هيكل) والذي كان مُتهما في قضية التلاعب في البورصة مع نجلي الرئيس المخلوع (علاء وجمال مبارك) ومُنع على إثرها من السفر، حيث يطالب (كامل) من النائب العام رفع اسم نجل (هيكل) من قائمة الممنوعين من السفر، بناء على طلب الكاتب الشهير الذي أبدى امتعاضه من منع نجله من السفر بسبب تلك القضية.
4- السيسي يحتقر الخليج – قناة مكملين
بعد حملة إعلامية رائعة لتسويق التسريب في الخليج، أثمرت عن هاشتاج تصدر مواقع التواصل الاجتماعي #السيسي_يحتفر_الخليج، وبعد محاولات مستميتة للتشويش على قناة مكملين ثم قناة الشرق، هذه المرة تسجيل لاجتماع تم بمشاركة السيسي نفسه بصحبة صهره رئيس المخابرات الحربية وقتها اللواء (محمود حجازي) وفاكهة التسريبات اللواء (عباس كامل) في يوم اجتماع المجلس العسكري لإعلان ترشح السيسي للرئاسة، تناول التسريب رؤية قيادات الجيش المصري لدول الخليج وحكامه كـ “حنفية” لتدفق الأموال لخزائن الجيش، ولم يسلم منهم من دعموا 3 يوليو أو من لم يساندوه، وهو التسريب الذي ما تزال ردود الفعل تتوالى عليه إلى لحظة كتابة هذا التقرير خاصة وأنه جاء عقب وفاة الملك (عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود) وصعود أخوه (سلمان) إلى سدة الحكم مع ما وصفه المراقبون بـ “انقلاب” أبيض أطاح برجال الملك (عبدالله) وعلى رأسهم حليف السيسي الأول ورئيس الديوان الملكي (خالد التوجيري)، وحالة تملل داخل السعودية من دعم السيسي مع تراجع أسعار النفط.
هل تسريبات مكتب السيسي مفبركة بواسطة جهاز لتغيير الأصوات؟
أول إجابة تتبادر إلى ذهن إعلاميى النظام الحالى هو أن هذه التسريبات «مفبركة» وهذا ما يعبر عنه العديد من الإعلاميين والسياسيين المصرية بعد كل تسريب، هذا السؤال – هل التسريبات مفبركة أم لا – أجاب عنه (عمرو سمير عاطف) مؤلف فيلم «ولاد العم» الذى قام بكتابة مشهد يقلد فيه أحد الضباط فى جهاز الموساد صوت “خالة” البطلة المختطفة عن طريق جهاز يحفظ بصمة صوتها بشكل احترافى.
بطل التسريبات .. (عباس) مباشر السيسي
الشخصية الأبرز التي شاركت في جميع التسجيلات هى اللواء «عباس كامل» مدير مكتب «السيسي» منذ عمله في المخابرات الحربية، بالإضافة إلى منصبه كمسئول عن مكتب الملحقين العسكريين بالمخابرات الحربية، مرورًا بمنصبه في وزارة الدفاع بالعباسية وحتى توليه رئاسة الجمهورية، ملامح شخصيته تفرض سيطرتها ورؤيتها على غيرها، وتمتلك نفوذها وتأثيرها على دوائر مختلفة، ويحظى بثقة كبيرة من «السيسي».
كان (عباس) رفيق (السيسي) في اللحظات الفارقة مثل: عَزْل المشير (حسين طنطاوي)، عَزْل الرئيس (محمد مرسى)، فضّ اعتصامَي رابعة والنهضة، وكان أول ظهور له بصحبة (السيسي) قبل أداء اليمين الدستورية حيث جلس بجواره في الطائرة التي أقلته إلى مبنى المحكمة الدستورية بالمعادي، فضلًا عن وجوده بمقر المحكمة وقصرَى الاتحادية والقبة أثناء حفل التنصيب، وظهر ذلك جليًّا قبل الإعداد لحضور الرئيس قمة الاتحاد الإفريقي بجمهورية غينيا الاستوائية وزيارات الجزائر والسودان والكويت وغيرها، وكان أول طرح لاسمه عندما ذكره السيسي حين تم تسريب أجزاء من حواره مع الكاتب الصحفي(ياسر رزق)، وكان السؤال عندما أجاب السيسي عن عدد القتلى في فض اعتصام رابعة فقال: “اسأل (عباس)”.
ويزعم الكاتب الصحفي (مصطفى بكرى) أنه فوجئ باللواء (عباس كامل) حين كان ضابطًا بالمخابرات الحربية، يتصل به في اليوم التالي ليكذب اتهام (توفيق عكاشة) للواء عبد الفتاح السيسى –آنذاك- بأنه إخواني وسيكون وزير الدفاع إذا فاز محمد مرسي في انتخابات الرئاسة، وقال له أن ما أذيع يستهدف قطع الطريق أمام (السيسي) لتولى منصب وزير الدفاع الذى يرشّحه له المشير (طنطاوي).
ظنّ البعض أن كامل سيصبح أحد أبرز رجال الظل في عهد السيسي، إلا أن التسريبات لاحقته وباتت عاملًا مهًّما في إثارة الجدل حوله، حتى بات السؤال هو: هل تستهدف التسريبات (عباس كامل) في المقام الأول؟ يبدو هذا الاحتمال واردًا بقوة خصوصًا أن العلاقة المتينة التي جمعت بين «السيسي» و «كامل» دفعت كثيرين إلى محاولة إزاحته من الطريق إلى عقل السيسي وأذنه.
ربما يرتبط بالحملة على عباس كامل ذاك القرار الذي أصدره الطيار (حسام كمال) وزير الطيران المدني قبل أيام بإعفاء اللواء (محمد كامل)-شقيق اللواء (عباس كامل)- من منصب القائم بأعمال رئيس مجلس إدارة شركة ميناء القاهرة الجوي، ونقله ليعمل مساعدًا لرئيس مجلس إدارة الشركة للشؤون الفنية والأمنية، حيث كانت انتقادات واسعة قد وجّهت إلى إدارة (كامل) لشؤون المطار لمدة عام بالتوازي مع سلسلة حوادث طالت تأمين وسلامة ممرات ومهابط الميناء الجوي، آخرها اصطدام طائرة بميكروباص، والتي بررها (كامل) بإصابة السائق بنوبة سُكّر مفاجئة.
من يقف خلف التسريبات ؟
يبدو من التسجيلات التي تمت إذاعتها أنها لم تكن عبر الخطوط التليفونية، بل كانت عبر زرع ميكرفونات في مكتب (عباس كامل) بالأمانة العامة لوزارة الدفاع، ووفقًا لبعض المصادر فإن أجهزة التجسس على المكالمات المستوردة يبلغ حجمها حبة الترمس، ويتم وضعها داخل مقبس الكهرباء أو جهاز التليفزيون، كما توجد أجهزة تسجيل في نفس الحجم وبها جزء مغناطيسي بحيث يتم وضعها أسفل المكاتب أو داخل النجف لرصد وتسجيل جميع محادثات المسؤولين في غرف مكاتبهم.
ولكن في ظل وجود ثلاثة جهات تقوم بالمراجعة الدورية لمكاتب الأمانة العامة لوزارة الدفاع للتأكد من خلوها من أي أجهزة تصنت، يبقي السؤال الأصعب والأكبر هو: لماذا لم يتكشف أحد من هذه الجهات تلك الميكرفونات المثبتة داخل مكتب الوزير أو مدير مكتبه؟ هل اكتشفتها في وقت لاحق؟ هل هي التي وضعتها وبالتالي لم تكشف عنها؟
إذا لم تكن أحد الجهات الثلاثة هى مصدر التسريب فما هو المصدر المحتمل إذن ؟
1- العقيد أحمد على ؟
الإعلامي «عمرو أديب» في برنامجه القاهرة اليوم حلقة السبت 6 ديسمبر 2014 اعترف ضمنيا بصحة التسريب الأول حيث ذكر أنها مسجلة منذ سنة ونصف وتساءل عن المغزى توقيت نشرها، ثم لم يلبث أن أضاف: ” الضابط الذي سجل هذه التسريبات “ماشي” وهذه آخر حاجة يعملها”.
د/ (أسامة جاويش) مذيع قناة مكملين – الذي أذاع التسريب الأول- رد عليه، وأوضح أن الضابط الذي يقصده (أديب) هو العقيد (أحمد علي) المتحدث الرسمي السابق باسم المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والذي استقال من منصبه بعد انتخاب عبد الفتاح السيسي رئيسا، وظهر في التسريبات عندما خاطبه (اللواء عباس كامل) “أنت بتكتب يا أحمد؟”، حيث تم نقله للعمل ملحقا عسكريا.
وإذا صحت معلومات (أديب) عن تحديد الضابط الذي أخرج التسجيلات الأولى لقناة “مكملين” وتمت السيطرة على الموقف، فكيف أرسلت التسريبات التالية لقناتي الشرق ومكملين مرة أخرى؟
وإذا كان هناك ضابط تم تحديده – وقفاَ لمصادر عمرو أديب – وهي أمنية بالطبع، فهل أحيل للتحقيق أم هو حر طليق؟!
2- اللواء محمد العصار ؟
كشف التسريب الثاني أن السيسي ترك مكتبه ونزل للاجتماع مع اللواء (العصار) – وفقاَ لكلام مدير مكتبه اللواء (عباس كامل) – ورد عليه اللواء (محمود حجازي) رئيس المخابرات الحربية في هذا التوقيت أنه هو الأخر كان سينزل لمقابلة اللواء (العصار) في مكتبه!
ولأن نزول الوزير لمكتب أحد مساعديه أمر مخالف للأعراف العسكرية والرتب وخلافه، فقد طرح هذا الجانب من التسريب مزيد من علامات الاستفهام حول موقف اللواء (العصار) -الذي أشيع معارضته لمسار 3/ 7- وتحفظاته علي نتائج هذا المسار، إلي الحد الذي فجر إشاعات أنه تحت الإقامة الجبرية.
والمعلوم أن (العصار) من الشخصيات القليلة في المجلس العسكري القديم والجديد الذي يتمتع بقدر من الوعي السياسي، فضلاَ عن علاقاته الوطيدة بالجانب الأمريكي من خلال عمله كمساعد لوزير الدفاع لشئون التسليح، وهو الموقع الذي استحدث خصيصاَ له بعد إحالته للتقاعد ليظل مسئولا عن التسليح قرابة 15 عاماَ.
3- الفريق صدقي صبحي ؟
الأكثر إثارة للجدل في الأسماء الغائبة عن هذه التسريبات فهو وزير الدفاع الحالي -رئيس أركان الجيش المصري وقت التسريبات-، ويطرح غيابه عن هذه التسريبات احتمالات حضوره في مشهد، ولحظة مختلفة وفقاَ لبعض السيناريوهات التي يُروج لها.
4- اللواء محمد رأفت شحاته ؟
الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات العامة وأول رئيس للجهاز من بين أبنائه، والذي أدى اليمين أمام الرئيس محمد مرسي، بعدما أقيل سلفه اللواء (مراد موافي) عقب مذبحة رفح الأولى، و قوّى من أسهمه الدور الذي لعبه في التواصل مع الفصائل الفلسطينية في غزة لإتمام صفقة وفاء الأحرار لتبادل الأسرى مقابل الجندي (جلعاد شاليط) خلال الفترة الانتقالية، وترددأنه قد يكون وراء هذه التسريبات خصوصًا بعدما أشيع عن تسريبه لاتصالات ما قبل 30 يونيو وكذلك التنصت على بعض قضاة المحكمة الدستورية إبان أزمة الإعلان الدستوري نوفمبر 2012، وقويت هذه التكهنات بعدما تمت إقالته من منصبه كرئيس للمخابرات العامة بعد أيام قليلة من 3 يوليو لصالح أستاذ السيسي اللواء (محمد فريد التهامي)، وتم تعينه مستشارا أمنيا للمستشار (عدلى منصور) خلال فترة رئاسته المؤقتة، ولكنه توارى وراء الكواليس خلال تلك الفترة.
5- اللواء محمد فريد التهامي ؟
الرئيس السابق للمخابرات العامة ورئيس جهاز الرقابة الإدارية قبل تولي مرسى الرئاسة، وكان من أقرب المقربين لعبد الفتاح السيسي، لدرجة أن البعض يصفه بأنه أستاذه في المخابرات الحربية عندما كان يترأسها في عهد مبارك قبل ترقية السيسي سنة 2009.
وربما للأسباب السابقة يستبعد وجود دور مباشر للرجل في التسريبات، إلا أنه توجد تكهنات تدور حول قيام بعض العاملين في المخابرات العامة والكارهين لوجوده على رأسها بتسريب هذه التسجيلات للضغط علي السيسي لإقالته، وهو ما رجحه اللواء (عبد السلام شحاتة) عقب التسريب الثاني حين قال في حوار لصحيفة القدس العربي أن التسريبات هي السبب الرئيسى والمباشر لإقالة رئيس المخابرات، الأمر الذى يؤكد صحة وسلامة تلك التسريبات.
لكن يمكننا استبعاد هذا الاحتمال بعد إقالة أو استقالته (التهامي) تحت دعوى متاعب صحية قبل يوم من إعلان المصالحة مع قطر وعقب التسريب الثاني، ووصول تسريبات جديدة لقناتي الشرق ومكملين في وقت لاحق من إقالته، فضلا عن عدم وجود دور مباشر للمخابرات العامة داخل مبني الأمانة العامة لوزارة الدفاع.
6- الفريق سامي عنان ؟
تردد اسم رئيس الأركان الأسبق مراراَ وتكراراَ منذ خروج التسريبات الأولي للسيسي شخصياَ قبل إعلان ترشحه للرئاسة والتى أذاعتها شبكة رصد من حوار السيسي مع رئيس تحرير جريدة المصري اليوم –آنذاك- (ياسر رزق)، وغيرها من تسجيلات الشئون المعنوية وفق ما صرح به الدكتور (باسم خفاجي) مالك قناة الشرق، قبل أن يضطر(عنان) للانسحاب من سباق الرئاسة أمام السيسي، وربما يكون لديه رغبة مضاعفة للانتقام خاصة وأنه قد تمت إحالته للتقاعد بعد إعلان مرسي الدستوري أغسطس 2012 .
إضافة إلى أنه كان من أبرز المرشحين لخلافة المشير (حسين طنطاوي) كوزير للدفاع في فترة توهج نجمه السياسي طوال الفترة الانتقالية عقب الإطاعة بمبارك، فضلا عن أنه يتمتع بعلاقاته القوية داخل مقر الأمانة العامة لوزارة الدفاع التي كانت دائرة نفوذه لسنوات طويلة، كما أن البعض يربط توقيت رفض لجنة الأحزاب لحزبه بتسريبات 5 ديسمبر 2015، ورفض هيئة المفوضين للحزب يوم 28 نوفمبر 2014 وتسريبات نفس اليوم.
لكن الرجل قطعاَ يدرك حساسية موقفه، وأن تورطه في وضع تسجيلات مع احتمال اكتشاف علاقته بها أو بمن وضعها حال ضبطه سيكون نهاية غير مشرفة لحياته العسكرية والعامة.
7- المشير عبد الفتاح السيسي ؟
تري بعض التحليلات أن السيسي نفسه قد يكون وراء هذه التسريبات، ويستند أصحاب هذا الرأي لعدة أمور أبرزها:
– دعوة (محمد حسين هيكل) للسيسي في حوار على فضائية CBC للثورة على نظامه، مما قد يحمله لخلق ذريعة لمثل هذه الثورة، على طريقة السادات وثورة التصحيح عام 1971.https://www.youtube.com/watch?v=Vf_MjS8Zt8k
– إعلان السيسي مع رؤساء تحرير ثلاثة صحف يوم 29/ 12 / 2014 عن عزمه إجراء تغيرات واسعه خلال شهر يناير 2015.
– ما يردده بعض المقربين من السيسي عن عزمه القيام بـ “مذبحة قلعة” جديدة، وفقاَ لنص تصريح (حسام فودة) عضو المكتب التنفيذي لتنسيقية 30 يونيو، مساء 29 / 12 / 2014 على قناة الشرق، وربما تحتاج هذه المذبحة إلى مبرر.
ورغم هذه الأسانيد فقد ظل هذا الاحتمال ضعيفاَ جداَ، إلى أن أجهز عليه التسريب الأخير الذي يتعلق بنظرة السيسي ورفاقه إلى دول الخليج، بعد أن ظهر بنفسه وكان الحديث في وجوده وقبل إعلانه موافقة المجلس العسكري على ترشحه للرئاسة.
8- جهاز الأمن الوطني ؟
القانون في مصر يعطى قرابة 8 جهات الحق في مراقبة أي تليفون وتسجيل المكالمات هي: الرقابة الإدارية – مباحث التليفونات – المخابرات العامة – المخابرات الحربية – سلاح الإشارة – مباحث أمن الدولة – مباحث الأموال العامة – مباحث الآداب.
وحتى سنوات قليلة مضت كان القانون يشترط للمراقبة الحصول على إذن من قاضٍ جزئي، لكن وُجِد أن ذلك يعرقل عمل هذه الجهات فتم الاكتفاء بالحصول على إذن من النيابة.
هذه الجهات الرقابية والأمنية تعمل جاهدة على تطوير أدواتها للقيام بوظيفتها على أكمل وجه، ولن يكون غريبًا أن تعرف أن لدى الرقابة الإدارية قدرات هائلة، منها مثلًا ما يوجد في الطابق 11 بمبنى الرقابة الإدارية بشارع النزهة، إذ تقول تقارير صحفية إن هذا الطابق مجهَّز بسنترال بالغ الدقة سعته مليون خط على الأقل، وفي إمكانه رصد اتصالات مليون مواطن دفعة واحدة، ولا فرق في ذلك بين تليفون أرضى أو محمول، الأرضي يمكن تعليقه عن طريق السنترالات الأرضية، والمحمول عن طريق تقنية خاصة متصلة بمحطات التقوية التي تديرها شركات المحمول الثلاث، وهذه القدرات التكنولوجية العالية ليس لها سوى معنى واحد، وهو أن مصر كلها تحت المراقبة المباشرة من هيئة الرقابة الإدارية.
ويرى بعض المراقبين أن الصراع ليس فقط داخل المؤسسة العسكرية، بل غالبا هو صراع داخل المؤسسة الأمنية ككل بجناحيها: الشُرَطي والعسكري، ويُفترض أن جهاز الأمن الوطنى الحالى يريد إثبات ذاته ووجوده ضمن دائرة صنع القرار في مصر، كما يربط أصحاب هذا الرأي بين أحداث اقتحام مبني مباحث أمن الدولة في مدينة نصر عام 2011 إبان ثورة يناير والتسريبات الأخيرة، في إشارة أن الاقتحام جاء بموافقة من الجيش الذي كان يحمي هذا المقر، وأن المخابرات العسكرية نقلت عدد كبير من الملفات والتسجيلات قبل الاقتحام، تبين أنها كشفت عن تصنت علي قيادات الجيش من قبل مباحث أمن الدولة، وبالتالي فعودة دور الأمن الوطني بقيادات أمن الدولة القديمة قد يكون وراء القيام بمثل هذه التسجيلات وتسريبها انتقاماَ من الدور الذي لعبه الجيش ضد مباحث أمن الدولة.
وفى ضوء ما يتردد عن وجود صراع على عقل السيسي بين الأجهزة الأمنية المختلفة، فإن هذا الاحتمال وارد، وقد تبنت بعض الصحف و المواقع هذا الرأي أبرزها موقع صحيفة الشعب الناطقة باسم حزب الاستقلال ” -العمل سابقاَ-، وجريدة الشروق المستقلة الداعمة ل 30 يونيو.
9- جماعة الإخوان المسلمون ؟
يتهم البعض جماعة الإخوان بالوقوف وراء هذه الاختراق من خلال بعض عناصرها والموالين لها أو المتعاطفين معها داخل الجيش والمؤسسات السيادية والأمنية، وقد يكون هذا الرأي لا سند له إلا ” فوبيا” الإخوان، فلو كان بإمكان الإخوان القيام بمثل هذا الاختراق لكانوا استخدموا هذا الاختراق في أمور أهم وأخطر من إذاعة تسريبات مجتزءة من سياق هو في الغالب أهم مما أذيع بالفعل، كما أن التسريبات تبدو أكبر من قدرات الجماعة ومناصريها.
10 – تنظيم ضباط أحرار جديد ؟
هذه التنظيمات عادة ما تكون في قواعد الجيش أو أسلحته الميدانية – وليس داخل الأمانة العامة لوزارة الدفاع، ولو كان لهذا التنظيم أصابع داخل الأمانة العامة لوزارة الدفاع، لكان لمثل هذا التنظيم أي أثر أو صدي، وهو ما لم تبدو له أي إشارات حتى الآن، باستثناء صفحة على موقع “الفيسبوك” باسم ضباط مصر يقال إنهم من أنصار الفريق (سامي عنان)، الذي أعلن أنه لا تربطهم بهم أية صلات.
11- أجهزة استخبارات خارجية ؟
يبقي هذا الاحتمال وارداَ وقائما رغم صعوبته، فإذا كان منطقياَ قيام بعض الأجهزة الاستخباراتية بالحصول على معلومات من داخل الجيش، ومن داخل مكتب وزير الدفاع شخصياَ، فليس منطقياَ أن تعيد بث مثل هذه التسجيلات على بعض الفضائيات، بما لا يتفق مع أغراضها وطرق عملها وقواعدها بل ومصالحها، خاصة أنه ليس خافياَ أن الأطراف المرشحة أن تكون استخباراتها متورطة في مثل هذا الاختراق أغلبها من الأطراف الداعمة لموقف السيسي أو المتصالحة معه، إلا بالطبع أجهزة الاستخبارات المتعاطفة مع جماعة الإخوان في عدد من دول المنطقة، فهذه يهمها بالأساس إظهار أن الحكم في مصر غير مستقر ولا يستطيع تأمين شؤونه واتصالاته السرية.
اللغز مستمر
مع كل تسريب جديد تبتعد دائرة الاتهام عن بعض الشخصيات والجهات وتقترب من شخصيات وجهات أخرى، لا أحد يعلم متى يُعلن عن التسريب القادم؟ وأين؟، ولا أحد يعلم حتى إذا ما كانت التسريب الأخير هو نهاية هذه “الموضة”، قد تكشف العملية السياسية القادمة بتشكيل مجلس الشعب بعض خيوط اللعبة، وقد تطمرها للأبد، لكن المؤكد أن هناك صدع وخلل كبير فى جهاز الدولة لم تشهد مصر قبله مثيلا فى تاريخها السياسى أدى إلى وجود هذه الظاهرة.