10 علماء كان عليهم أن يعيدوا جائزة نوبل مرة أخرى
تابعنا خلال الأيام القليلة الماضية الحدث الأهم سنويًا والذي ينتظره دائمًا كل المهتمين والعاملين في مجال العلوم، وهي فاعليات إعلان الفائزين بجائزة نوبل في مجالات الطب أو وظائف الأعضاء والفيزياء والكيمياء.
ومثلما اعتدنا كل عام، تقدم لنا الجائزة علماء فتحوا لنا آفاقًا جديدة من العلوم التي دائمًا ما تزخر بالكثير من النتائج التي سوف تغير منظورنا للعديد من الأشياء وتحمل في جعبتها المزيد من الآمال مع الوقت، ولكن هل يحمل المستقبل لهم جميعًا نتائج جيدة أم سيخيب آمالهم؟ وهل حقًا كل من حصلوا على جائزة نوبل في دوراتها الماضية يستحقونها أم أن هناك من كان عليهم أن يعيدوها مرة أخرى؟
سنتعرف في تقريرنا هذا على بعض الأحداث التي خيبت طموحات أصحابها، وأخرى كشفت حقيقة اكتشافاتهم التي منحوا من أجلها الجائزة.
1. خلاف غير مجد
في عام 1906 تم منح جائزة نوبل في الطب مناصفة بين كل من كاميلو جولجي و سانتياجو كاخال نتيجة اكتشافهما تركيب الجهاز العصبي، ولكن الغريب أن تصور الاثنين كان مختلفًا بل كانا متضادين، حيث اعتقد جولجي أن تركيب الجهاز العصبي عبارة عن شبكة مترابطة تتصل ببعضها البعض، بينما كان تصور كاخال، هو أن الجهاز العصبي يتكون من وحدات تترابط مع بعضها بشكل فردي وهي التي تسمى العصبونات.
وقد ظهر هذا الخلاف أيضًا على أعضاء لجنة نوبل، حيث رأى بعضهم أن عمل كاخال أفضل، ولكنهم أثناء التصويت قرروا منح الجائزة مشاركة بين الاثنين، وهو ما لم يقبله جولجي وهاجم نظريات كاخال أثناء محاضرته وقت تلقيه الجائزة، ولكن المستقبل عارض جولجي ليثبت مع الوقت أنه كان مخطئاً، وكان كاخال هو من استحق الجائزة منفرداً لصحة نظريته.
2. جائزة دون عناء
منحت جائزة نوبل في الطب عام 1923 لكل من فريدرك بانتنج و جون مكليود وذلك لاكتشافهما هرمون الأنسولين واستخدامه في علاج مرض السكري، ولكن هذا الأمر كان مفاجئًا لـبانتنج نفسه، حيث إن من كان يستحق الحصول على الجائزة معه هو مساعده تشارلز بيست الذي شاركه كل العمل، بينما كان دور مكليود مقتصرًا على كونه مدير المعمل الذي عملا فيه ومساعدته لهما في نشر بحثهما، وهو الأمر الذي لم يستوعبه بانتنج قط وكان يتساءل هل يعرف مكليود أي شيء عن البحث، أو هل يقدر على أن يسمي تجربة واحدة عمل فيها معنا بنفسه؟ ولكن لم يغير اعتراضه من شيء، فما كان بيده سوى إعلانه حق بيست في الجائزة، وشاركه نصف القيمة المالية التي تحصل عليها.
3. اكتشاف خاطئ
من أشهر الأخطاء التي ارتبطت بجائزة نوبل هي الجائزة التي منحت لـ يوهانس فيبيجر في الطب عام 1926، فقد حصل على الجائزة لاكتشافه طفيل يسمى «سبيروبتيرا كارسينوما» على أنه مسبب لسرطان الأمعاء، وهو ما ثبت خطؤه بعد ما يقرب من عقد كامل!
عثر الباحثون على الطفيل في بعض الكائنات دون أي أثر للسرطان، مما أظهر أن الخطأ كان في تجربة فيبيجر، حيث إن النمو غير الطبيعي الذي لاحظه كان عبارة عن ورم حميد نشأ في الفئران نتيجة النظام الغذائي الموضوع لها، فقد كان يطعمها خبز القمح والمياه فقط، مما سبب لها نقصًا في فيتامين أ، فأدى لتكون الورم لديهم، وهو ما كان يمكن اكتشافه بسهولة إذا استخدم مجموعة ضابطة وقارن النتائج معها.
4. عناصر موجودة مسبقًا
تم منح جائزة نوبل في الفيزياء عام 1938 لـ إنريكو فيرمي لاستخراجه نظائر مشعة من بعض العناصر الموجودة واكتشافه تأثير معدل قذف النيوترونات داخل النواة على ناتج التفاعل، ولكن ثبت فيما بعد عدم صحة اكتشافه.
فما حدث عند قذفه لنواة ذرة اليورانيوم بالنيوترونات بطيئة الحركة، أنه لاحظ تأثير اضمحلال بيتا الناتج عن انطلاق الالكترونات وهو ما ظنه بأنها عناصر جديدة أسماها الأوزنيوم والهيسبريوم ، ولكنها لم تكن سوى عملية الانشطار النووي التي أنتجت عناصر أخف، فكونت خليطاً من الباريوم والكريبتون وعناصر أخرى، وهو ما جعل جائزته نتيجة الخطأ.
5. سيدة لم تحصل على حقها
في عام 1944 منحت جائزة نوبل في الكيمياء لـ أوتو هان، وذلك عن اكتشافه انشطار النوى الثقيلة والذي أثبت من خلاله خطأ اعتقاد فيرمي في عثوره على عناصر جديدة، ولكن المشكلة هذه المرة لم تكن في صحة الاكتشاف بل في استحقاق الجائزة، حيث إن هان لم يقم بكل العمل بمفرده بل ساعدته فيه زميلته الفيزيائية ليز مايتنر والتي كان لها دور كبير في اكتشاف انشطار النواة، وهي من توصلت إلى هذه النظرية، ولكن لأن هان لم يضع اسمها على الورقة البحثية لم يكن لها أي نصيب من جائزة نوبل معه، ولم تتحصل على حقها في أن يسجل اكتشافها باسمها.
6. علاج لا يصلح
حصل كل من إيجاس مونيز و فالتر هس على جائزة نوبل في الطب عام 1949، وكان ذلك لاكتشاف هس مناطق المخ التي تتحكم في الأعضاء الداخلية، أما مونيز فقد توصل لعملية جراحية لعلاج بعض الأمراض النفسية والعصبية عن طريق فصل الفص الجبهي، لكن المشكلة كانت عند مونيز لأنه عندما ظهر اكتشافه وانتشاره وحتى عند حصوله على الجائزة تم تقديمه على أنه أهم اكتشاف في مجال العلاج النفسي، لكن مع الوقت ثبت خطأ هذا الإجراء، حيث إنه كان ضارًا لأغلب المرضى، فكان إما يموت العديد منهم أو يترك آثارًا ضارة وخللًا في الوظائف وحتى من لم يصابوا بأي أضرار فقدوا قدراتهم الشعورية، وما كان من اللجنة بعد ذلك سوى أن تبرر بأنه كان الحل الوحيد المتاح دون أي بدائل أخرى حينذاك.
7. سرقة حقوق
واحدة من إحدى حوادث غياب حقوق البعض في التكريم، كانت في عام 1952 عندما حصل سلمان واكسمان على جائزة نوبل في الطب لاكتشافه مادة ستربتوميسين والتي كانت أول مضاد حيوي فعال لمرض السل، ولكن الحادث كان عندما أعلن حصول واكسمان فقط على الجائزة، حيث إنه شاركه كل العمل ألبرت شاتز.
كان ألبرت يعمل كمساعد لـواكسمان وقد اشترك في مشروعه لفصل بعض الكائنات الدقيقة التي من الممكن أن يكون لها دور في القضاء على البكتيريا المضادة للبنسلين، وبالفعل تمكن من ذلك وهو ما ساعدهم في الوصول إلى الستربتوميسين، لكن في النهاية حصل واكسمان على الجائزة ولم يأت قط على ذكر دور ألبرت معه ولم ينبه اللجنة لذلك.
8. تحريف لم يقبله التاريخ
في عام 1961 حصل ملفين كالفن على جائزة نوبل في الكيمياء، وذلك لاكتشافه طريقة جديدة لاستيعاب الكربون في النباتات، لكن ملفين لم يتوصل لاكتشافه ذلك وحيداً، فقد شاركه كل من أندرو بنسون وجيمس بسهام في التوصل إلى كيفية الحد من انبعاثات الكربون خلال التمثيل الضوئي، ولكن على الرغم من انفراده بالجائزة فإن هذه الدورة ما زالت تعرف في الأوساط العلمية وبين المختصين في مجال علم النباتات باسم دورة «كالفن-بنسون» أو «كالفن-بنسون-بسهام».
9. حافلة بدلًا من نوبل
حصل كل من أوسامو شيمومورا و مارتن تشالفي و روجر تسيان على جائزة نوبل في الكيمياء عام 2008 لتطويرهم البروتينات الفلورية الخضراء، لكن دراستهم تلك كانت مدفوعة بما سبقهم فيه العالم الأمريكي دوجلاس براشير، وكان هو أول من اقترح استخدام الجين المسؤول عن هذه البروتينات كوسيلة تتبع حيوية، حتى إن تشالفي بعدما عرف بحصوله على الجائزة كان يريد أن يتم منحها لبراشير والاثنين الآخرين تقديرًا لجهوده، ولكن نظرًا لأن الأمور لم تتغير آلت الظروف بـبراشير إلى تركه مجال العمل بالعلوم وأصبح سائق حافلة، ولكن تسيان عرض عليه وظيفة في معمله في جامعة كاليفورنيا سان دييجو الذي انضم إليه في عام 2013.
10. نتيجة غير مميزة
عندما أعلن في عام 2010 حصول كل من أندرييه جيم و كونستانتين نوفوسيلوف مناصفة على جائزة نوبل في الفيزياء لأبحاثهما على الجرافين، حدث تساؤل كبير عن مدى الإنجاز الذي حققاه ليستحقا أن يحصلا على الجائزة في مقابل كل من سبقوهما في نفس المجال، لكن ازداد الجدال بعدما صدرت وثيقة اللجنة التي توضح فيها اختيار الفائزين والتي عرضت فيها أعمال الباحثين خلال عام 2004 والتي تضمنت نتائجهم على مادة الجرافيت وليس الجرافين واللتين تختلفان في عدد من خصائصهما.
وبعدما أرسل عدد من الباحثين تساؤلاتهم ونقدهم للجنة، أعلنت أنها ستعيد التصحيح، ولكن لم تجب عن تساؤل الكثيرين، لمَ الآن وليس سابقَا، ولمَ لم يدرج معهما فيليب كيم الذي قدم هو أيضًا مقاييس هامة لمادة الجرافين في عام 2005؟ ولكن لم تعط اللجنة مع كل هذه الاعتراضات أي رد مقنع.
تتضمن الجائزة الكثير من الحالات الأخرى التي تحمل الشكوك من حولها أو أحاطها غلاف من العنصرية، لكن هل حقًا يصعب وضع ضابط حقيقي لمنع حدوث مثل هذه الأمور، وهل في السنوات القادمة سنشاهد جوائز أخرى عليها أن ترد إلى أصحابها الحقيقيين؟ هذا ما سيخبرنا به الوقت.