تسابق العدائون قبل عقود على أرضية من الرماد المحترق، ولم يكن يشاهد كرة القدم في بدايتها سوى جمهور الملعب، وحُسمت مباريات مهمة بخطأ تحكيمي لم يمكن تداركه.

لكن دأب العلم أنه لا يتوقف، وتخرج التكنولوجيا بالجديد للعالم كل يوم. غيرت التكنولوجيا الرياضة كثيرًا، وما زالت تفعل، و2021 كانت عامرةً بذلك التغيير.

عام شهد أكثر من ابتكار قد يغير الرياضة قريبًا، ونحن هنا لنصحبك في رحلة مع أبرزها، دعنا نبدأ.

1. التسلل الذكي 

قطعت كرة القدم مؤخرًا خطوات سريعة في مساعدة التحكيم وتقليل الأخطاء قدر الإمكان، بدأت بتقنية خط المرمى، ثم حكم الفيديو المساعد، والآن جاء الدور على التسلل.

التقنية الجديدة تهدف إلى تحديد التسلل بواسطة الذكاء الصناعي، وتعتمد على عدد من الكاميرات مثبتة في أعلى الملعب، وينقسم القرار إلى جزأين، جزء مسئول عن تحديد لحظة خروج الكرة من قدم اللاعب بدقة، وجزء يحدد موقع اللاعب نسبة إلى آخر مدافعي الخصم، معتمدًا على تقنية تتبع الهيكل العظمي للاعبين لتحديد أقرب نقطة للمرمى، ليرسم الخط منهم.

النظام يراقب الملعب بتأخير نصف ثانية فقط، ويرسل الصورة إلى حكم الراية الموجود في غرفة الـ «VAR»، والذي يقرر هل تداخل اللاعب المتسلل في اللعبة أم لا.

خضع النظام للتجربة في دول عدة، وكأس العرب الجاري في قطر حاليًّا هو البطولة الرسمية الأولى التي يوجد فيها للتجربة النهائية، قبل إقرار استخدامه في كأس العالم 2022.

طبقًا لآرسين فينجر، مدير قسم التطوير بالفيفا، فإن هذه الخطوة بداية لدخول الذكاء الصناعي في التحكيم، وأن خطوات أخرى قادمة في التحكيم ستقلص الأخطاء لأقصى حد ممكن.

2. الميتافيرس: أريكة منزلك تنتظر

هل تمنيت يومًا زيارة «كامب نو»؟ أم ترغب في تجربة أجواء «الأنفيلد»؟ حلمك بات أقرب مما تتوقع، ودون أن تحتاج إلى السفر أو مغادرة أريكة منزلك.

شهد مجال الواقع الافتراضي عدة طفرات مؤخرًا، أعلنت فيسبوك ومايكروسوفت أنهما حققتا تقدمًا هائلًا في هذا الصدد، وأنه في المستقبل القريب سيكون بإمكان الجميع الولوج إلى هذه المنصة الجديدة، حيث يمكن عقد الاجتماعات، والتجول في شوارع باريس، وممارسة كرة القدم.

هذا النظام قد يشكل ثورة في بث جميع الرياضات، وتجربة المشاهدة ستتغير تمامًا في وجود الميتافيرس. بسهولة سيمكنك أن تأخذ مقعدك في المدرجات وتشاهد المباراة من المقاعد الأولى، وتنهي مباراة NBA في أمريكا ثم تلحق بنهائي دوري الأبطال في أوروبا، مع ما يعنيه ذلك من مبيعات مختلفة للتذاكر، ومصادر متنوعة لدخل الأندية.

وأكثر من هذا، قد يمكنك أن تشاهد المباراة من داخل الملعب نفسه، قد تقف لتتسامر مع نوير وهو يحرس عرين ألمانيا في المونديال، أو ترى المباراة من منظور ميسي نفسه وتتجول معه داخل الملعب.

يتداخل الواقع الافتراضي مع الرياضة كذلك في أمور مختلفة. يستخدم في التدريبات، وخلق سيناريوهات افتراضية للاعبين لتدريبهم عليها، أو تأهيلهم بعد الإصابات، وهذا ليس توقعًا، فهذه أشياء تحدث الآن بالفعل، وتستخدمها عدة أندية في الدوري الإنجليزي.

لذلك استعد واحزم أمتعتك، تنتظرك جولة قريبة بين الملاعب الأوروبية، وحديث مع نوير، وكوب قهوة في مقاهي باريس.

3. العملات الرقمية

ليست العملات الرقمية اختراعًا جديدًا بالطبع، لكن علاقتها بالرياضة شهدت تطورات مهمة في 2021، وقعت عدة أندية عقودًا مع شركات لإنشاء عملة خاصة بها، واللاعبون كذلك، كما فعل روبن دياز لاعب مانشستر سيتي.

حصل ميسي على جزء من قيمة انتقاله إلى باريس سان جيرمان على هيئة عملة رقمية خاصة بباريس، وقد رفع ذلك الطلب عليها وزادت قيمتها بعد ساعات محدودة من الإعلان.

والمتوقع أن السنوات القادمة ستشهد ارتباطًا أكبر بين الأندية وبين تلك العملات، ابحث أنت عنها أيضًا، قد يفيدك ذلك.

4. Ai scout

هذا أحد أهم تطبيقات الذكاء الصناعي في الرياضة على الإطلاق، وقد يشكل طفرة حقيقية في كرة القدم.

النظام ليس سوى تطبيق متاح للهواتف، تجتمع عليه الأندية واللاعبون، ويُطلب من كل لاعب أن يؤدي عدة اختبارات وحركات بالكرة، ويصور نفسه بهاتفه، وبواسطة تقنيات تتبع الأطراف والذكاء الصناعي يمكن تقييم مستوى اللاعب من الفيديو.

بعد ذلك تطَّلع الأندية على مقاطع هؤلاء اللاعبين وتحلل أداءَهم وتضم منهم من تشاء.

بدأ التطبيق العمل بالفعل، وسجل عليه أكثر من 12000 لاعب، وتشارك فيه أندية مثل تشيلسي وبيرنلي، وقد انضم ثلاثة لاعبين من التطبيق إلى بيرنلي بالفعل، وسيتبعهم آخرون في يناير القادم.

5. المضمار الأوليمبي

أشعر كأنني أسير على السحب، إنه  مضمار جميل وسهل.
العداء الأمريكي روني بيكر

الأولمبياد هي التجمع الرياضي الأهم في العالم، وفرصة مواتية في كل مرة لتظهر ابتكارات جديدة تسهل مهمة الرياضيين، وقد كانت أولمبياد طوكيو حافلة بالكثير من ذلك.

كان مضمار الجري إحداها، المضمار أنتجته شركة موندو الإيطالية، واعتمد على نوعية مختلفة من المطاط، ذات تكوين بلوري مختار بعناية، مع جيوب هوائية بالأسفل، وسمك أقل من أي مضمار سابق.

احتكاك المضمار مع العدائين أقل ما يمكن، وفي كل مرة تضرب قدم العداء المضمار، يدفعها من جديد، ليساعد العداء ويعطيه قوة إضافية، وفي سباقات الوثب كذلك، يكون هذا الارتداد عاملًا مساعدًا للوثب.

طبقًا لأندريا فاليري مدير الشركة، فإن المضمار الجديد يحسن الأداء بنحو 2% عن سابقه، وإذا علمت أن الأرقام القياسية تُكسر بأجزاء من الثانية، فإن هذه النسبة تشكل فارقًا في صالح الرياضيين.

علي هذا المضمار كسر النرويجي كارستن وارهولم الرقم القياسي لسباق 400 متر حواجز، وفعلت الأمريكية سيدني ماكلولين الشيء نفسه في منافسات السيدات.

6. ملابس ذكية

هذه إحدى مساهمات التكنولوجيا المهمة في الرياضة، والتي صنعت ثورة كبيرة، وتشهد منافسة مستمرة بين الشركات مؤخرًا.

في طوكيو، ارتدت البعثة الأمريكية ملابس مبردة ذاتية في حفل الافتتاح، للتكيف مع جو طوكيو الحار.

في السباحة، ارتدي الفريق الأمريكي بدلة مطورة من قبل شركة speedo، وهي مستوحاة من أسماك القرش، إذ توفر أقل مقاومة وأقصى راحة، وتحتفظ ببعض جزيئات الهواء لتسمح للسباحين بالطفو قدر الإمكان.

هذه البدل امتداد للتطور الهائل في بدل السباحة، والذي قادته شركة speedo منذ 2008، وكُسر بواسطتها الكثير من الأرقام القياسية.

في طوكيو كذلك، شارك الفريق الصيني للمصارعة مرتديًا نوعًا جديدًا من الملابس، أنسجته مضادة للمسك من قبل الخصم، وآخر للاعبي الجمباز، صمم لتقليل أثر مقاومة الهواء.

7. أحذية أذكى

الأحذية كذلك شهدت طفرة جديدة في طوكيو، ارتدى الكثير من العدائين أحذية نايكي الفائقة، والتي ما زالت تثبت تفوقها على منافسيها، حيث فاز الرياضيون الذين يرتدون أحذية نايكي بـ 64% من إجمالي الميداليات في طوكيو.

الحذاء مصنع من ألواح الكربون الخفيفة، والبلاستيك الصلب، بحيث يكون الحذاء خفيفًا ويساعد في ارتداد الطاقة، ويمنح العداء راحة أكبر تمكنه من العدو بشكل أسرع.

في رفع الأثقال، ارتدى الفريق الصيني أحذية من إنتاج شركة Anta تلائم الأوزان الثقيلة، بحيث تثبت القدم ولا تقبل الانضغاط.

8. روبوتات الملاعب

ظهرت في طوكيو لأول مرة، وهي روبوتات من إنتاج شركة تويوتا، كانت المسئولة عن أغلب الأعمال الخدمية داخل الملاعب، ومن المتوقع أن يتزايد وجودها في الأيام القادمة.

9. الجنس ممنوع

 لعل هذا هو الاختراع الأهم من بين الجميع، عندما دخل الرياضيون الأولمبيون إلى غرفهم في طوكيو بعد سفر طويل ليفاجئوا بأن الأسرَّة الموجودة مصنعة بالكامل من الكارتون.

نشر العداء الأمريكي «بول تشيلمو» صورة السرير عبر تويتر معلقًا بأن الأسرة ليست قادرة على تحمل أكثر من شخص واحد، وأنها تهدف إلى منع العلاقات الجنسية خلال المنافسات، ووُصفت الأسرَّة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بأنها «مناهضة للجنس».

كان الجنس دائمًا مثار جدل في البطولات المجمعة، تمنعه بعض المنتخبات ويسمح به بعضها، ويبدو أن اليابان قررت حسم الجدل وقررت أن تمنعه عن الجميع.

https://twitter.com/Paulchelimo/status/1416240846039523331

لا نعلم رأي اليابان في ممارسة الجنس خلال البطولات المجمعة، لكن الحقيقة أن الأسرَّة لم يكن لها علاقة بهذا الأمر، ولم يكن هذا هدفها على الإطلاق.

والواقع أن الأسرَّة المصممة من قبل شركة Airweave، قدرتها الاحتمالية تصل حتى 200 كيلوجرام، وهو ما يتحمل شخصين بسهولة.

https://twitter.com/McClenaghanRhys/status/1416567768938291203?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed%7Ctwterm%5E1416567768938291203%7Ctwgr%5E%7Ctwcon%5Es1_&ref_url=https%3A%2F%2Fwww.nytimes.com%2F2021%2F07%2F19%2Fworld%2Fasia%2Ftokyo-olympics-anti-sex-beds-cardboard.html

وتصنيعها من الكارتون متعلق بالاستدامة وإعادة التدوير، حيث يمكن إعادة استخدام هذه الأسرَّة بعد البطولة، ونقلها بسهولة أكبر.

10. استاد 974

الاهتمام بالبيئة لم يقتصر على طوكيو، ويشهد كأس العرب الجاري حاليًّا أحد أبرز مظاهر ذلك الاهتمام.

 استاد 974، هو أحد ملاعب قطر لكأس العالم 2022، ويقع على الساحل الشرقي للبلاد، ويتسع لنحو 40 ألف متفرج، وهو الأول من نوعه في العالم، حيث بني باستخدام حاويات الشحن البحري والهياكل المعدنية، ويمكن تفكيكه بالكامل بعد البطولة ونقله لأي مكان.

كانت سنة حافلة كما ترى، ونرجو أن تكون رحلتنا في استعراضها لاقت إعجابك، ونتمنى أن تستمتع بنتائج هذه التكنولوجيا قريبًا.