10 أفلام عظيمة أصبحت خالدة ولم تفز بجائزة الأوسكار
في كل عام تعلن أكاديمية الفنون والعلوم السينمائية عن اختياراتها للمرشحين لجوائزها في فئات مختلفة، وبعد ذلك تعلن عن الفائزين بالجائزة في حفلها الشهير بحفل الأوسكار، وفي كل عام يثار الجدل حول أحقية الأفلام الفائزة من عدمها، ربما لأن أعضاء الأكاديمية قرابة 6 آلاف عضو، ما بين ممثلين ومخرجين وكتاب وعاملين بالسينما في مختلف المجالات، ولا يوجد شرط لانضمام عضو للأكاديمية، إلا أن يكون العضو سبق ترشيحه للجائزة أو تمت دعوته من قبلها.
في هذه القائمة نستعرض عددًا من الأفلام التي لم تفز بجائزة أوسكار أفضل فيلم في وقتها وأثار ذلك جدلًا واسعًا حتى بعد مرور سنوات طويلة.
1. Taxi Driver(1976)
الضربة الأقوى في مسيرة «مارتن سكورسيزي»، وربما أعظم أفلام السبعينيات، قصة بطل لم يكن يحتاج البطولة يومًا، وتشريح لمجتمع أمريكا ما بعد حرب فيتنام، كتب «بول شريدر» هذا الفيلم وهو يقاوم رغبته المستمرة في الانتحار، وتحت تأثير مشاكله مع زواجه وطرده من معهد الفيلم الأمريكي، بلا أصدقاء تقريبًا، كان يقضي أيامًا عديدة وحيدًا في سيارته في «لوس أنجلوس»، أصابه الهوس بالأسلحة، وكتب سيناريو الفيلم على أنه شيء يشبه السيرة الذاتية، لكنه اختار «نيويورك» بدلًا من «لوس أنجلوس» لأن التاكسي كان أكثر شيوعًا في «نيويورك»، اعتقد «شريدر» أنه كان يكتب فقط عن الوحدة، لكنه أدرك أثناء الكتابة أن الشخص الذي يشعر بالوحدة يبعد الآخرين عن طريقه ليغرق أكثر في وحدته، بينما عذابه الحقيقي في وحدته.
رغم نجاحه في شباك التذاكر، وفوزه بالسعفة الذهبية في مهرجان «كان» وكونه واحدًا من النماذج المثالية على سينما هوليوود الجديدة، إلا أنه اكتفى بأربعة ترشيحات في فئات أفضل فيلم وممثل وممثلة رئيسيين وأفضل موسيقى، ولم يفز بأي منها، وخسارته جائزة أفضل فيلم لصالح Rocky ظلت محل جدل حتى اليوم.
2. Citizen Kane (1941)
في الحكاية، رجل عصامي يدعى «تشارلز فوستر كين» صاحب إمبراطورية إعلامية ضخمة، يصبح رمزًا في ولايته، ويتابع المشاهد تحقيقًا عن آخر كلمة نطق بها «كين» قبل أن يموت «Rosebud» وما ترمز إليه هذه الكلمة بالتحديد.
الفيلم الذي كسر الطريقة المعتادة في بناء السيناريو، وهدم الخط المستقيم الذي تسير عليه الأحداث كما فعل «ويليام فوكنر» في روايته الصخب والعنف. اتخذ أورسن ويلز الخطوات الأولى في تقديم نسبية الحقيقة إلى السينما والتعبير عن وجهة نظر من جانب واحد فقط عن طريق الفلاش باك.
الفيلم الذي تصدر العديد من قوائم أعظم الأفلام في التاريخ، ولا يأتي ذكر الأفلام المؤثرة والثورية والرائدة إلا وذكر اسمه ضمن الصفوة، ترشح لتسع جوائز أوسكار ولم يفز إلا بواحدة فقط في فئة السيناريو وأصبحت خسارته أفضل فيلم لصالح فيلم «جون فورد» How Green Was My Valley مثار دهشة عظيمة.
3. Once Upon a Time in America (1984)
تدور أحداث الفيلم عبر نصف قرن من الزمان، تتبع قصة ديفيد أرونسن وأصدقائه ومسيرتهم الإجرامية منذ طفولتهم في شرق نيويورك في مراحل سنية مختلفة. ويذهب فيها بعيدًا في تشريح للصداقة والحب الضائع والخيانة والذكريات والزمن.
الملحمة الأخيرة في حياة «سيرجيو ليوني» صانع السباجيتي الويسترن، كانت حلمًا من أحلامه، فُتن برواية اسمها The Hoods وحلم بتقديمها إلى السينما، كلفته 12 عامًا من عمره، مع ابتعاده عن الأضواء ورفضه لأعمال مهمة أشهرها على الإطلاق رواية «ماريو بوزو» التي تحولت إلى فيلم الأب الروحي، تم عرض كلاسيكية «سيرجيو ليوني» في مهرجان كان لتنال إعجابًا هائلًا، لكن اغتاله منتجوه وأعادوا ترتيب مشاهد الفيلم واقتصوا أهم مكوناته، الذكريات، قاموا بتقليص مدة الفيلم من 229 دقيقة إلى 139 دقيقة ليتم سحبه من شباك التذاكر ويخرج من كافة المهرجانات وسباقات الجوائز، بالطبع لم ينل ترشيحًا واحدًا في أي فئة من جوائز الأوسكار ليصبح شاهدًا على فيلم قُتل بسلاح منتجيه.
4. Brokeback Mountain (2005)
في موسم الجوائز لعام 2005 حصل فيلم «أنج لي» على أفضل فيلم في الجولدن جلوب، وفي البافتا، وبات فوزه بجائزة الأوسكار لأفضل فيلم شيئًا منتظرًا، رغم تطرقه لقضية شائكة في ذلك الوقت وهي المثلية الجنسية، لكنه في النهاية يخسر بغرابة شديدة لصالح Crash واحد من أقل الأفلام الفائزة بالجائزة منذ نشأتها. ربما كانت الأفضلية في هذا الوقت للحديث عن العنصرية وليس المثلية الجنسية.
يحكي الفيلم قصة حب مثلية بين رجلين في الستينيات ومحاولاتهما لإخفاء العلاقة خوفًا من تأثيرها على علاقتهما بما حولهما وحياتهما نفسها. تم تسويق الفيلم بشكل خاطئ وحصره في إطار الحديث عن المثلية للدرجة التي جعلته ممنوعًا من العرض في عدة دول، هو ليس فيلمًا عن المثلية ولا حتى عن الحب بمفهومه التقليدي، وإنما فيلم عن القوة الهائلة المدمرة للحب، حصد به «أنج لي» أسد فينيسيا الذهبي وجائزة أوسكار أفضل مخرج، وعاش أفضل لحظات النجاح، لكن مرارة خسارته أفضل فيلم ظلت ترافقه حتى إنه صرح علانية بهذا الأمر.
5. Pulp Fiction (1994)
الفيلم الثاني في مسيرة «كوينتن تارنتينو» يحكي قصة عن الجريمة والعصابات لكن بأسلوب مختلف، مستوحيًا لغة سينمائية شديدة الالتصاق بالثقافة الشعبية الأمريكية، يعرض مجموعة من القصص المنفصلة التي ترتبط بشكل أو بآخر خلال أحداث الفيلم في سيناريو أشبه بالحلزون، يتطرق لغياب المعنى في الثقافة الشعبية، عالم عبثي غير مألوف بلا قواعد يحتوي شخصيات غريبة لا تخضع لشيء.
وجه «كوينتن تارنتينو» فيه التحية لمعلميه في السينما واقتبس الكثير والكثير من الأفلام التي أحبها، وربما هذا كان من ضمن الأسباب التي جعلته يخسر جائزة أوسكار أفضل فيلم لصالح Forrest Gump رغم فوزه بأفضل سيناريو أصلي وتتويجه بسعفة كان متفوقًا على كلاسيكية كيشلوفسكي الأخيرة Three Colors :Red.
6. City Lights (1931)
أحد الفقراء تقع في طريقه بائعة زهور وتثير إعجابه رغم أنها عمياء، تعتقد أنه شخص ثري نظرًا لكرمه معه، يكتشف أن هناك طريقة طبية قد تجعلها تستعيد بصرها ويحاول جاهدًا لذلك.
واحد من أرق وأجمل أفلام السينما، والفيلم المفضل لروبير بريسون وأندريه تاركوفيسكي وفيديريكو فيلليني وأورسن ويلز، قرر «شابلن» أن يصنع فيلمًا صامتًا وقت توهج السينما الناطقة وانتشارها بين الجمهور وقوبل ذلك بضغط شديد لكنه أصر، أراد «شابلن» أن يصنع تحفة صامتة في زمن السينما الناطقة، استمر تصويره سنتين رغم أن عدد الأيام الفعلية للتصوير لم يتجاوز 180 يومًا، كان «شابلن» كل شيء في هذا الفيلم، كتبه وأنتجه وأخرجه وألف موسيقاه وحقق الفيلم نجاحًا ساحقًا، وأصبح أعلى الأفلام تحقيقًا للإيرادات في ذلك العام، لم يترشح لجائزة أوسكار واحدة حتى، ربما اعتقده أعضاء الأكاديمية خطوة للوراء في عالم السينما الناطقة، رغم أن «شابلن» نفسه لم يحقق الأوسكار إلا مرة واحدة، كانت في فئة الموسيقى وفي أواخر مسيرته عن فيلمه Limelight.
7. (1957) 12 Angry Men
في الثالثة والثلاثين من عمره، صعد «سيدني لوميت» ليتسلم دب برلين الذهبي عن تحفته هذه، واحد من أفضل أفلام المحاكم، وواحد من أفضل أفلام المكان الواحد، وواحد من أفضل الأعمال التي تناولت نسبية الحقيقة في السينما.
يحكي الفيلم عن مداولات بين أعضاء هيئة محلفين للحكم في قضية جنائية تتعلق بحكم بالإعدام على صبي، عضو واحد فقط في المحلفين كان يرى وجوب إعادة النظر في الأمر، وهل عليهم أن يحكموا بإدانة الصبي أم لا، وتدور أحداث الفيلم في فلك محاولاته إقناعهم بذلك. منذ صدوره إلى الآن ظل هذا الفيلم مثارا للإعجاب، في كيفية تناوله نظرية نسبية الحقيقة واهتمامه بالتفاصيل، من يملك الحقيقة؟ هل ما تعتقده أمرًا أكيدًا كذلك بالفعل؟
تم ترشيح الفيلم لثلاث جوائز أوسكار خسر جميعها لصالح فيلمي «ديفيد لين» الملحمي The Bridge on the River Kwai.
8. The Social Network (2010)
الفيلم المأخوذ عن سيناريو كتبه «أرون سوركين» يحكي «ديفيد فينشر» في فيلمه عن الفترة التي تحول فيها موقع Facebook من موقع للتواصل بين طلاب جامعة هارفارد إلى موقع التواصل الأشهر في عالمنا الحديث، والتغيرات التي عاشها مؤسسه «مارك زوكربيرج»، والخلاف الذي حدث بينه وبين أعز أصدقائه حول حقوق الملكية الفكرية.
لم يقترب فيلم من هذه القائمة من الفوز بأوسكار أفضل فيلم مثل هذا الفيلم، وحديثه عن شباب الألفية وهواجسهم ورغباتهم، وتناوله لواحد من أشهر مواقع التواصل الاجتماعي، تقديمه لصورة الانفتاح المشروع على خصوصيات العالم.
ترشح الفيلم لثماني جوائز أوسكار، فاز بثلاثٍ منها في فئات المونتاج والموسيقى والسيناريو المقتبس.
9. Vertigo (1985)
مفتش متقاعد يعاني من رهاب الأماكن المرتفعة، يطلب منه أحد أصدقائه التحقق من محاولات زوجته للانتحار، لاعتقادها بتملك روح ميتة منها، وأثناء تتبعه لها يقع المفتش في غرامها، بعد إنقاذه لها من محاولة انتحار في خليج سان فرانسيسكو.
هناك نوعية من الأفلام لا تستمد قيمتها فقط من الشيء الذي تقدمه حكايتها أو تقنيتها السينمائية، بل من قيمتها وتفردها في النوع الذي تنتمي إليه. وهذا الفيلم في رأيي من أفضل أفلام نوعه على الإطلاق، وواحد من أجود الأفلام وأكثرها اكتمالًا والتصاقًا بالذاكرة.
يتحدث الفيلم عن هوس رجل بامرأة بصورة لم يتم تقديمها من قبل في السينما، بحبكة مشوقة من سيد الإثارة «ألفريد هيتشكوك»، وصولًا إلى خاتمة مدوية، بعيدًا عن الحكاية الظاهرة، الفيلم يتطرق إلى ممارسة الجنس مع الأموات، وخوف «سكوتي» من الأماكن المرتفعة ما هو إلا رمز لعدم سيطرته على شهوته الجنسية، ذكر «ألفريد هيتشكوك» في حديثه مع «فرانسوا تروفو» أن الفيلم عبارة عن قصة رجل يريد ممارسة الجنس مع حبيبته الميتة.
فشل الفيلم وقت عرضه، وأرجع «هيتشكوك» هذا الأمر إلى أن «جيمس ستيوارت» لم يعد قادرًا على جذب الجمهور كالسابق، ترشح لجائزتي أوسكار في فئات الصوت والإخراج الفني وخسرهما كليهما، لكن مع مرور الزمن زاد تقدير النقاد للفيلم حتى أصبح على رأس قائمة Sight & Sound كأعظم الأفلام في تاريخ السينما.
10. 2001: A Space Odyssey (1967)
في عرضه الأول غادر صالة العرض ما يقرب من مائتي شخص، من بينهم الممثل «روك هودسون» الذي طلب أن يشرح له أحد ما الذي يتحدث عنه هذا الفيلم، وقال «أرثر سي كلارك» صاحب الرواية الأصلية حينها إن المشاهد لو فهم الفيلم بشكل كامل فهذا هو الفشل، وأتم قوله بأنهم أرادوا أن يجعلوا المشاهد يتساءل أكثر، دورهم غير مقتصر على عرض الإجابات.
الفيلم الأهم في مسيرة «ستانلي كوبريك» رحلة تأملية في غاية الإنسان وماهيته وإلى أين يمضي متأثرًا فيه بفلسفة «نيتشه» كغالبية أفلامه، استشار فيه «كوبريك» أكثر من 50 جهة لرسم صورة تخيلية عن المستقبل، أي بعد 35 عامًا من إنتاج الفيلم، ورسم صورة متخيلة للفضاء قبل الصعود إليه.
منح الفيلم «ستانلي كوبريك» الأوسكار الوحيدة في مسيرته في فئة المؤثرات البصرية، ونال ثلاثة ترشيحات أخرى في الإخراج والسيناريو والإخراج الفني وخسرها جميعًا.