10 كتب لا تشتريها من معرض القاهرة الدولي للكتاب
بدأت فعاليات الدورة 53 من معرض القاهرة الدولي للكتاب، باستضافة مئات دور النشر، وآلاف من عناوين الكتب، وهو الحدث الذي ينتظره المثقفون في مصر والوطن العربي ببالغ الاهتمام والشغف، باعتباره إحدى التظاهرات الثقافية المهمة في المنطقة.
ولما كان من المنطقي أن يرشح كثير من القراء والمتابعين والمشرفين على جروبات القراءة في مواقع التواصل الاجتماعي، أعمالاً، لاقتنائها في المعرض، بات علينا أن نحذّر رواده من بعض العناوين الخدّاعة، والترجمات السيئة، والكتب ذات المحتوى الضال والمضلل (علميًا وتاريخيًا)، والتي قد لا تسهم في إثراء وجدان القارئ، بل قد تشوّش عند بعضهم الرؤية لمفهوم ومبتغى القراءة بشكل عام.
وتبقى القائمة التالية، والتي تحتوي على 10 كتب/ نماذج، خاصة بقناعات كاتب هذه السطور وذائقته وخبرته بالقراءة، وهي قائمة بالتأكيد مفتوحة للحذف منها أو للإضافة، أو رفض بشكل كامل.
1. مائة عام من العزلة -جارثيا ماركيز- ترجمة: سليمان العطار
هي رواية جابرييل كارثيا ماركيز الخالدة، ويعتبرها كثيرون من أروع رواياته، ولكنها عندما انتقلت إلى العربية انتقلت عبر ترجمتين: الأولى كانت للراحل د. سليمان العطار، الأستاذ في كلية الآداب بجامعة اللغة العربية، وهو الرجل الذي خصص حياته للثقافة الأندلسية وروافدها، وتأثيرها على الثقافة العالمية. وقد ترجم العديد من الأعمال المكتوبة بالإسبانية، ويحسب له السبق في ترجمة تلك الرواية لماركيز.
تلك المحاولة- التي أكد الراحل جابر عصفور أنه الذي دفع العطار إلى الإقدام عليها – قد تكون أسهمت في إفساد العلاقة بين كثير من القراء العرب، ورواية «مائة عام من العزلة»، إذ ظهرت في بعض الأوقات مملة، وقد نقل الكاتب محمد صلاح الدين عن يوسف إدريس أنه لم يحب الرواية، بل قال عنها «مائة عام من الملل»، وهو نقل لم نجد مسنده، إذ ذكرت زوجة يوسف إدريس في حوار لها مع الكاتب الصحفي محمد شعير، أن إدريس قرأ «مائة عام من العزلة» في نسختها الإنجليزية بعدما صدرت مباشرة، بل كان يُكثر من قراءتها، ولم تقل شيئًا عن انطباعه عنها.
أما الترجمة الأخرى، فكانت للمترجم الفلسطيني صالح علماني (الذي رحل في إسبانيا)، وهي ترجمة ربما تكون أفضل كثيرًا من نظيرتها، ولكن يُحسب للعطار بالتأكيد شرف السبق وترجمة أحد أعمال صاحب نوبل حينها، ماركيز.
2. زوربا -كازانتزاكيس- ترجمة: جورج طرابيشي
الكلام عن «مئة عام من العزلة» ربما ينطبق كثيرًا على رواية «زوربا» للأديب اليوناني الكبير نيكوس كازانتزاكيس، فهي قد تُرجمت للغة العربية عدة ترجمات عن الفرنسية والإنجليزية ، كترجمة جورج طرابيشي وخالد الجبيلي، وهي ترجمات يمكن وصفها بـ«المتسرعة»، وذلك في أعقاب عرض الفيلم الشهير «زوربا اليوناني» لأنتوني كوين، ونجاحه الكبير في دور السينما بالعالم سنة 1964.
ولكن في 2012 سمحت «مؤسسة كازانتزاكيس» المسؤولة عن تراث الأديب اليوناني الكبير، للهيئات التابعة لوزارة الثقافة المصرية، بترجمة رواية «زوربا» إلى العربية عن نصها الأصلي اليوناني، مباشرة، وكاملة بلا اختصارات أو حذف، وبصورة قانونية. وقد تصدى لهذه الترجمة، د. خالد رءوف، الذي ترجم الرواية عن النص الأصلي اليوناني دون اختصار، فكانت جيدة بنسبة كبيرة، ومختلفة تمام الاختلاف عن الترجمات المشوهة الأولى، وخصوصًا ترجمة طرابيشي.
3. الكرة ضد العدو -سايمون كوبر- ترجمة: خليل راشد الجيوسي
يعتبر كتاب المؤرخ الأوروجواياني إدواردو جاليانو «كرة القدم.. بين الشمس والظل» هو النص المؤسس لفكرة الكتابة عن فلسفة لعبة كرة القدم، ولكن الصحفي سايمون كوبر كتب كتابًا ربما اقتربت شهرته من شهرة كتاب جاليانو، وهو كتاب «الكرة ضد العدو»، وقد ترجمه إلى العربية خليل راشد الجيوسي، ونُشر في 2009، وفاز هذا الكتاب بجائزة وليم هيل للكتب الرياضية، كما اختارته مجلة «4-4-2» كأفضل كتاب على الإطلاق يتناول كرة القدم، فيما اختارته صحيفة «الأوبزرفر» اللندنية من بين أفضل 25 كتابًا رياضيًا في التاريخ.
والحق أنه مقارنة بكتاب «جاليانو»، لا يستحق كل هذه الجوائز ولا الاختيارات، بل لا يستحق أن يُلتفت إليه في الأساس، نظرًا لعادية حكاياته وسهولة الوصول إليها وبساطه طرحه المعتمد على تناول الحروب والصراعات التي تسببت بها كرة القدم، ربما أراد الأوروبيون صنع «جاليانو» أوروبي، لكنهم فشلوا في ذلك بكل تأكيد.
أمر آخر يدعم فكرة عدم اقتناء هذا الكتاب، هو الترجمة السيئة له، والأخطاء الإملائية الغزيرة بين صفحاته.
4. رحلات ماركو بولو
إذا تعاملت مع كتاب «رحلات ماركو بولو» باعتباره كتابًا مسليًا، فلا مانع من اقتنائه. أما إذا كنت ترغب في معرفة جانب مهم من تاريخ ممالك وسط آسيا وفارس في فترة زحف التتار على الدولة الإسلامية، فاحذر مما كتبه بولو، بل من الأفضل ألا تقرأه.
ماركو بولو هو تاجر إيطالي، ولد في 1254 ميلادية، هو يزعم أنه بدأ رحلته من مسقط رأسه بالبندقية إلى الصين، منذ أن كان عمره 6 سنوات، وعاد إلى موطنه في 1290، وبدأ في تدوين ما شاهده في تلك الرحلة، ولكن بين ثنايا الرحلة مثلاً كلمات عن وصف فرقة «الحشاشين» وزعيمها حسن بن الصباح، والتي كانت دعوتها في جبل «ألموت» بفارس، والغريب أن كتب التاريخ تذكر أن بن الصباح مات في 1124 ميلادية، أي قبل ميلاد ماركو بولو بنحو 130 سنة!
المؤرخون المحدثون أكدوا أيضًا أن هناك عددًا كبيرًا من النسخ المختلفة لرحلات ماركو بولو، وهو ما يدعم اعتبارها نوع مسلي من الحكايات، لا أكثر.
5. روايات قلوب عبير وبنت عبير
التسلية في حد ذاتها أحد دوافع القراءة، كذلك نستطيع أن نضيف على هذا الدافع، دوافع أخرى مثل تهذيب العقل والوجدان، وتشكيل المشاعر أيضًا. وربما لم تشكل سيدة في المرحلة العمرية (30 – 45 سنة الآن)، مشاعرها، إلا وكانت روايات «عبير» حاضرة في هذا البناء الرومانسي لها. ورغم أن تلك الروايات، وأغلبها مترجم، لا تحتوي على جماليات أو مفاهيم أعمق من الرومانسية الساذجة ابنة زمنها، فإنها كانت ذائعة الصيت في المنطقة العربية.
ومع استمرار النجاح التجاري لهذه الروايات، والتي بيع منها ملايين النسخ، خرج من عباءتها روايات أخرى، لكتّاب عرب ومصريين مغمورين، وصنعوا سلاسل مقلدة بعنوان «قلوب عبير»، وكذا «بنت عبير»، وهي نسخ سيئة سواء على مستوى الكتابة أو الطرح أو اللغة، وتلك النسخ تُباع في مكتبات سور الأزبكية باعتبارها تنتمي للسلسلة الأشهر «عبير»، وهي براء منها.
6. أرض الميعاد – باراك أوباما
نعم، باع الجزء الأول من كتاب «أرض المعاد» لباراك أوباما، ملايين النسخ في العالم أجمع، وبأكثر من لغة حية، ورغم أن عناوين الكتاب برّاقة إلى حد كبير، ومحتوياته تشكل مادة ضخمة للصحفيين في العالم، فإنه كتاب ممل، سعى أوباما خلاله إبراز قدراته اللغوية وتعابيره البلاغية على حساب المحتوى. بل يعترف أوباما في مقدمة الكتاب قائلاً: «أدرك متألمًا أن كاتبًا أكثر موهبة كان ليجد طريقه لقصّ الحكاية ذاتها بإيجاز أكبر». إدراك أوباما كان في محله تماماً، فالكتاب كان بحاجة إلى تركيز أكبر حتى يخرج لائقًا باسم صاحبه.
7. موجز تاريخ العالم -هـ . ج . ويلز- ترجمة عبدالعزيز توفيق جاويد
من بين العناوين البرّاقة للكتب المنشورة في سلسلة الألف كتاب الثاني، بالهيئة المصرية العامة للكتاب، كتاب بعنوان «موجز تاريخ العالم» للأديب البريطاني هربرت جورج ويلز، أحد مؤسسي أدب الخيال العلمي في العالم، وله في هذا المجال الكثير والكثير. وقد صنع مؤلفًا ضخمًا للغاية بعنوان «معالم تاريخ الإنسانية»، وفيه حكى قصة الإنسانية منذ بداية الخليقة، وقد ترجمه عبدالعزيز توفيق جاويد كذلك.
ربما لضخامة كتاب «المعالم»، أقدم جاويد على صناعة شقيق أصغر لهذا الكتاب وهو كتاب «موجز تاريخ العالم»، ويقول جاويد – وهو صاحب إحدى ترجمات كتاب رحلات ماركو بولو – إنه أقدم على صناعة هذا الكتاب ليؤكد أن الحضارة ليست حكرًا على شعب أو عرق أو دين أو أمة واحدة. وقد وضح في الكتاب، ربما من مقدمته، النظرة الرافضة المتمنعة لقبول وجهات نظر ويلز، خصوصًا في بعض المسائل المتعلقة بالمعتقدات الدينية، فظهر الناقل وكأنه يناقض نفسه.
8. كتاب مصر الحديثة – اللورد كرومر
رغم أهمية كتاب «مصر الحديثة» الشديدة، فإنه يحمل الكثير من وجهة نظر الاستعمار بين ثنايا السطور. فكرة عدم ترشيحه للقارئ غاية في الصعوبة، لأن تأريخ تلك الفترة في مصر يكاد يقتصر على كتابات المستشرقين أو الذين عاشوا في مصر فترة طويلة من الزمن في عهد الاستعمار البريطاني، إلا أن كثيرًا منهم كذب في تناول بعض الأحداث التاريخية، ومنهم كرومر – أول معتمد بريطاني في مصر -، فهو في الكتاب مثلًا له موقف شديد الكراهية من ثورة أحمد عرابي، وهو الموقف الذي صار في أساسيات الكتب التأريخية الحديثة التي أتت بعد ذلك. يمكن القول، وبكل تأكيد أن نظرية اللورد كرومر صارت محببة لدى كثير من المؤرخين المصريين الذين أرخوا للحركة الوطنية فيما بعد.
9. حليب أسود – أليف شافاق
عُرفت الكاتبة التركية إليف شافاق في المنطقة العربية بروايتها «قواعد العشق الأربعون»، وقد تم استقبال هذه الرواية باحتفاء كبير، إلى الحد الذي جعل الجمهور في الوطن العربي ينتظر أعمال شافاق من بعدها. ولكن لم تكن الترجمات التي نُقلت إلى العربية بعد روايتها الناجحة جماهيريًا، على نفس ذات المستوى من الاستقبال، فكانت مذكرات «حليب أسود» التي كتبتها شافاق سنة 2007 وجاءت إلى الوطن العربي في 2016 هي النموذج. وهي مذكرات لا تحمل تجربة عميقة أو قوية تستحق الإشادة.
10. لينكون في الباردو – جورج سوندرز
الغلاف الأمامي لرواية لينكون في الباردو لجورج سوندرز، والمكتوب فيه بأنها الرواية الفائزة بجائزة «مان بوكر» سنة 2017، وكذا الغلاف الخلفي المكتوب عليه بأن تلك الرواية تجعل القارئ وكأنما يقرأ السرد الأدبي لأول مرة، كانا كفيلين بالهرولة نحو الاقتناء.
أضف إلى ذلك موضوع الرواية نفسه، الخاص بحالة فقد الرئيس إبراهام لينكون لابنه الذي توفي صغيرًا. ولكن طريقة سرد تلك الرواية – وإن كانت مختلفة تمامًا عن أي نص روائي مكتوب بأي لغة أخرى – إلا أنها لم تستطع إيصال حالة الفقد والحزن الممتزج بالسخرية والضحك، كما هو منتظر. وقد شكلت طبيعة السرد المعتمدة على جمل متقطعة من أصوات متعددة حاجزًا كبيرًا لاستيعاب الرواية، في قراءتها الأولى، ربما أجد في القراءة الثانية مفتاحًا آخر للقراءة والمتعة، ولكن على الأقل إلى هذا الحد فإنني لا أرشحها للاقتناء.