هل ستتغير جماعة الاخوان المسلمين؟
بعد إنقضاء حوالى عشرون شهر على عزل جماعة الإخوان من السلطة والحكم، و بعد توالى الأحداث سريعة الوتيرة بشكل متلاحق على الساحة السياسية المصرية ، و ملاحقة النظام الأمنى المصرى لمعظم قيادات جماعة الإخوان، وتوجه البقيه للخروج من مصر متوجهين إلى دول و بلدان عربية و أجنبية هروبا من القبضة الأمنية، ومواجهتهم للعديد من المحاكمات وإصدار الأحكام على إختلافها بصدد قضاياهم. أيضا بإعلان الحكومة المصرية، جماعة الإخوان المسلمين “تنظيماً إرهابياً”، فى 25 ديسمبر2013، وتأكيدها على أن جميع أنشطتها بما فيها التظاهر محظورة، فذلك ضيق الخناق أكثر على كيان جماعة الإخوان فى الداخل المصرى، ذلك بالإضافة للموقف المجتمعى الغاضب و المتأزم تجاه الجماعة الذى يتمحور حول مواقف الجماعة السلبية منذ وصولها للسلطة من إتباع سياسة إقصائية لكافة الفئات المختلفة من الشعب المصرى إلا فئة الإخوان، وأيضا ما صدر عن الجماعة بعد عزلها من السلطة.
فجاء مؤخراً إعلان المتحدث الإعلامى بإسم جماعة الإخوان عن الإنتهاء من تشكيل المكتب الإدارى للإخوان المسلمين و ذلك فى مطلع إبريل 2015 ، لحق ذلك إستضافة رئيس مكتب جماعة الإخوان المسلمين المصريين في الخارج الدكتور أحمد عبد الرحمن، وهو واحد من أبرز القيادات فى الجماعة، فى حلقة الأربعاء (22/4/2015) من برنامج “بلا حدود” علي قناة الجزيرة، حيث أوضح أنه تم إجراء تغيرات جذرية فى الهياكل التنظيمية و الإدارية على مختلف المستويات داخل الجماعة، وذكر أن تلك التغيرات تعدت الـ 65% من قيادات و كوادر الجماعة وأنه تم إدماج الشباب بمساحات كبيرة ليتولوا مسؤليات ومناصب كبيرة داخل الجماعة، واعدا بأن تكون تلك الخطوة أولى الخطوات الجدية بأن ينعكس التغير و التطور فى الأداء الكلى للجماعة على أرض الواقع.
إعادة هيكلة ..ثوب فكرى جديد
ضم اللقاء مع د.أحمد عبد الرحمن كرئيس لمكتب جماعة الإخوان المصريين بالخارج، سيل غزير من الأفكارالتىفى مجملها تعكس صورة مختلفة لجماعة الإخوان المسلمين عن ما كانت عليها طوال عمرها الذى يزيد عن 80 عام، حيث استهل لقائه بتوثيقه و إعترافه بخطأ الجماعة فى حق الشعب المصرى، و أن سلوك الجماعة للمسار الإصلاحي بعد الثورة أفقد الثورة نجاحها و تسبب فى خسارة جميع الفاعلين على الساحة السياسية المصرية بل و المجتمع كليةً، وقال نصاً ” لسنا جماعة من الملائكة، بل نحن بشر نخطئ ونصيب ولدينا الشجاعة للاعتراف بالخطأ والاعتذار”. مؤكداً أن التغير لابد أن يكون جذرى و ليس عبر مسار إصلاحى ، وأن الجماعة لديها مجموعة من التحديات بداية من الفكر والإستراتيجيات وانتهاء بإطار العمل والهياكل، مؤكدا على ضرورة خضوع الجماعة للمراجعة والمحاسبة والنقاش، وذلك الإعتراف يُحسب لصالح الجماعة وإن جاء متأخرا كثيراً.
و إرتباطاً بإعتذار الجماعة عن إنتهاجها المسار الإصلاحى ، فلندرك أن جماعة الإخوان لديها تيارين: التيار الأول هو تيار العمل العام و يعرف باسم التيار الإصلاحي و الذي تكون من العمل الطلابي والنقابي والسياسي المفتوح، التيار الثاني هو تيار العمل التنظيمي الذي يدير بناء الجماعة ويمسك بمفاصلها ويتولى مسؤولية التجنيد وتحديد مراتب العضوية ودرجاتها، و يحدد المنهج التثقيفى والتكوين الداخلي، وهو تيار يوصف بالتيار المحافظ، وأبرز رموزه محمود عزت، وخيرت الشاطر.
كما عرض لأفكار و تجديدات الجماعة من خلال المكتب الإدارى للإخوان المسلمين من الخارج، تلك الأفكار التى سنعرض لها على نحو من التفصيل فيما يلى :
آليات الهيكلة:
أوضح د.أحمد عبد الرحمن أنه تم إجراء انتخابات على جميع المستويات داخل جماعة الإخوان شارك فيها الإخوان فى جميع محافظات مصر، وذلك برغم الملاحقة الأمنية فى الداخل المصرى لجماعة الإخوان ، كما شارك فيها جميع المصريين الإخوان فى الخارج. ورداً على سؤال تعلق بكيفية إجراء هذه الانتخابات وسط التضييق على الجماعة، قال إن الإخوان تنظيم كبير ومؤسسة متجذرة داخل المجتمع، تعمل منذ أكثر من ثمانين عاما، ولم يستطع أي نظام أن يوقف عملها في أي مرحلة من المراحل.
كما استخلصنا من اللقاء ، أنه نتج عن تلك الانتخابات حالة من التجديد الواسع و الهيكلة الشاملة لجميع اللجان المكونه لجماعة الإخوان المسلمين وعلى كافة المستويات داخلها حيث وصلت نسبة التغيير فى القيادات لما يتراوح بين 65% و70%. والنقطة الأهم من ذلك أن تلك التغيرات الجذرية يغلب عليها تفوق تمثيل الشباب فى القيادات و مختلف المستويات و المناصب التى تتحمل مسؤلية ملفات مختلفة، فحسب ما أوضح د.عبد الرحمن أن الشباب هنا يعنى به شباب تحت 30 سنه أُتيحت له الفرصة لينخرط فى اللجان المختلفة و يتحمل مسؤليات ، وأن مكتب الإرشاد والهيئة العليا فى الجماعة بها شباب يتراوح بين 30-45 عام ،كما وضح أنه تم تغير من حيث القوانين وإزالة العوائق اللائحية وذلك يعتبر تجديد جذرى عما أتبعته جماعة الإخوان طوال عهدها حيث كان يقودها و يندمج فى لجانها ويدير المسؤليات على اختلافها من هم الأكبر سناً بما يفوق الـ60 عام.
هيكلة مكتب الإخوان المسلمين بالخارج:
عرض د.عبد الرحمن رئيس المكتب الإدارى لجماعة الإخوان المسلمين فى الخارج، بأن المكتب الإدارى بالخارج عبارة عن إمتداد أو ظهير لمكتب الإرشاد فى الداخل المصرى، إلا أن الأوضاع فرضت واقع ذا ظروف معينة فاستدعى الأمر إقامة المكتب فى الخارج حتى يكون للجماعة هامش واسع للحركة ، إلا أن مكتب الإرشاد الأصلى يحتفظ بالمرجعية القيادية، والذى أوضح عبد الرحمن أن به مجموعة من الإخوان كفريق عمل ممن هم خارج السجون و يباشرون أعمالهم و لكن فى شئ من السرية دون تصريح أو إعلان عن هويتهم وشخصياتهم.
كما أوضح أن المكتب يتألف من 11 فرد يقومون بإدارته وتولى مسؤليات ما ينتسب إليه من مهام، وأن مسؤليات المكتب تأتى حول ملفات و تكليفات من الداخل، كما يوجد لديه ملفات أخرى فى الخارج، وذكر بشئ من التفصيل أن المسؤل عن الملف السياسى هو القيادى الإخوانى عمرو دراج و الذى كان وزير التخطيط و التعاون الدولى فى عهد الرئيس السابق محمد مرسى، وأن مسؤل ملف العلاقات الخارجية هو يحيى حامد وزير الإستثمار فى حكومة قنديل.
تجديد فكرى و ليس عقائدى:
فى خطوة تنم عن تغير فى الفكر الإخوانى الذى اعتاد أن يكون مغلق على الكيان ذاته دون أن يُتيح مساحة للإنخراط أو التعاون و التشارك مع كيانات أخرى، فجاء توضيح عبد الرحمن أن المكتب الإدارى فى الخارج يكرس جهوده مؤخراً من أجل تصميم برامج و مشروعات من خلال مؤسسات فنية متخصصة مكونة من الإخوان وغير الإخوان ، وضرب مثالا لذلك بالمؤسسة الفكرية التى تتولى مسؤلية وضع الرؤى و الإستراتيجية بأنها تتألف من كوادر إخوانية وغير إخوانية.
وفى نقطة لافته للإنتباه تحمل فى طياتها الكثير من المعانى، صرح د.عبد الرحمن أن 70 % من الذين يقومون بأى أنشطة أو وقفات أو مظاهرات لصالح الإخوان ليسوا إخوان وأن الإخوان كجماعة لا تتعدى 30 % من قيمة الحراك ، فذلك التصريح فيه تضاد و تنافى واضح مع ماكان تروج له جماعة الإخوان طوال الوقت سابقاً بأنهم كجماعة لديهم حجم ضخم من المنتسبين إليهم ،و أنهم ليسوا قوة ضئيلة فى المجتمع المصرى ، بل و أيضا يُضعف حجته التى ذكرها بأن الجماعة متوغله و متجذرة فى النسيج المجتمعى بما أتاح لهم كتنظيم يعمل بشكل سرى للغاية أن يُجرى حدث ضخم على مستوى المحافظات كالإنتخابات التى على ضوئها أسس لكل تلك التغيرات الهيكلية فى كيان جماعة الإخوان.
وفى تلك النقطة لا يمكننا أن نغفل ما تداول عن الإنشقاقات التى حدثت فى داخل جماعة الإخوان،والتى كشف عنها إعلام الجماعة متمثل فى شبكة “رصد”، كما شن حملة على نهج الجماعة الذى يؤدى بالأعضاء و خاصة الشباب للإنفصال عن كيان الجماعة، خاصة قاعدة “السمع والطاعة” التى لا تتناسب مع الأجيال الجديدة فى جماعة الإخوان، وقد بدأت الإنشقاقات بعد فض إعتصام رابعة، بعدما حمل بعض شباب الإخوان والتيار الإسلامى، قيادات الإخوان مسؤولية ما حدث، إلا أنها بعد ذلك تزايدت نسبتها بعد أن شدت القبضة الأمنية على ملاحقة كل من ينتسب للجماعة و يثبت عليه الإنخراط فى أنشطتها.
كما صرح خالد الزعفرانى، القيادى الإخوانى المنشق، بإن هناك حالة غضب بين أعضاء التنظيم من أسلوب ومنهج الجماعة الحالى، وأن الشباب يريدون محاسبة خيرت الشاطر على سياسته خلال حكم الجماعة لمصر، وأضاف أن جماعة الإخوان تمر بأزمة كبيرة بعد انتخابات المكتب الإدارى للتنظيم خارجيا التى انتهت مؤخرا ، حيث يرفض أعضاء بالإخوان أحمد عبد الرحمن رئيسا للمكتب، ويقومون بحركة مراجعات واسعة تشمل سياسة الجماعة أثناء حكمهم.
وذلك يوضح حالة التضارب و عدم الإتساق بين أطراف و مكونات جماعة الإخوان المسلمين حالياً، فحتى يكون هناك تأثيير لما عرض له د.عبد الرحمن من تغيرات على مستقبل الجماعة، فلابد من أن يكون هناك نوع من التنسيق بين مختلف الفاعليين داخل الجماعة و يكون هناك منهج واسع ذا رؤية شاملة تحتوى عناصرها التخلى عن النزعة القيادية التى تسلب أفراد الجماعة القدرة على الإنتماء إليها.و الأهم من ذلك وذاك هو إجراء المراجعات و المحاسبات داخل الكيان ذاته.
ملفات المكتب الإدارى:
شمل اللقاء الحديث بشكل موسع عن ملف العلاقات الخارجية حيث ذكر د.عبد الرحمن عما شرع فيه المكتب بالعمل بشكل فعلى كما قال السعى للحراك على المستوى الإقليمى و الدولى، بغرض تصحيح صورة الثورة المصرية، و السعى لخلق مساحات لحركة جماعة الإخوان، وذلك بالتواصل مع عدة حكومات و برلماناتها في دول المنطقة وفى أوروبا، و أيضا التواصل مع منظمات دولية و مؤسسات مجتمع مدنى لفتح مسارات تعاون مع جماعة الإخوان، بما يساعد الجماعة على ملاحقة الإنقلاب العسكرى فى الداخل المصرى والخارج على حد تعبيره.
ذلك الحديث فى مجمله يعكس لنا صورة مبشرة بالنسبة لحال جماعة الإخوان، و يجعلنا نتخيل أن كيان الجماعة يسيطر على مجريات الأمور و لديه من السبل ما يمكنه من خلق دعم له سواء على المستوى الإقليمى أو الدولى، ولكن إذا نسبنا التحليل لمعطيات الواقع، فالحديث شامل ومعمم للغاية دون تحديد أو ذكر أى من تلك الدول أو الكيانات التى فتحت أبوابها للتعاون مع جماعة الإخوان، و على وجه التحديد ذكر التعاون أو التفاوض مع برلمانات وحكومات لدول ، فالتعاون مع برلمان أى دوله ، يشكل حدث لا يخضع للسرية، بل أساس عمل أى برلمان لأى دوله الإعلان و الشفافية و المصارحة، فالتعامل مع البرلمانات أخطر و أعمق من التعامل مع الحكومات حيث يعتبرتعامل أو تفاوض مع شعوب.
بذكر التحرك على مستوى المنطقة تحديداً ، فأى من دول المنطقة يعنى بها رئيس مكتب الإخوان المسلمين بالخارج الحديث عن شروع الجماعة التعاون أو التفاوض معها، وفى الواقع تصنيف دول المنطقة فى مجملها إما مسانده و منخرطة فى التعاون على مستويات عليا إقتصادياً وعسكرياً مع النظام المصرى الحاكم حالياً، وإما فى حالة تحاشى لأى فرصة قد تشكل للإخوان مخرج أو سبيل لنيل درجة من التحكم على الساحة السياسية.
أما على المستوى الدولى فنتناول فيما يلى على نحو من التفصيل أشكال و درجات الدعم الدولى لمصر، وللنظام المصرى الحاكم مؤخراً وكيف يُصعب ذلك ما يهدف إليه مكتب الإخوان المسلمين بالخارج:
إقتصادياً:
فقد تضاعف صافى الإستثمارات الأجنبية المباشرة فى مصر ليصل إلى 6.9 مليار دولار فى العام المالى 2014-2015 كما هو متوقع،بعد أن كانت 3.7 مليار دولار فى عام 2011-2012،وذلك وفقا لتقرير صندوق النقد الدولى الصادر عن شهر فبراير 2015.
ووفقا لأحد مسئولى الخارجية الأمريكية، فإن المساعدات الأمريكية تشمل 120 مليون دولار لتعزيز المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهو تمويل سيشهد نموا فى السنوات المقبلة لتصل إلى 300 مليون دولار. كما أن مؤسسة ما وراء البحار الاستثمارية الخاصة تدعم قروضا للشركات التى تستثمر فى مصر. و أيضاً تخصيص كل من الاتحاد الأوروبي وفرنسا 52 مليون يورولدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، في مجالات الصناعات الغذائية الزراعية والتدريب العملي مع المعاهد البحثية بالتنسيق مع وزارة الزراعة وإستصلاح الأراضى، كما قدم الاتحاد الأوروبي منحة قدرها 117 مليون يورو لدعم التعليم الفني والتدريب المهني في مصر.
سياسياً وعسكرياً:
جاءت زيارة وفد من الكونجرس الأمريكى فى مارس 2015 ، برئاسة النائب الجمهورى فريلنجيوسن، رئيس اللجنة الفرعية لشئون الدفاع بلجنة الاِعتمادات بمجلس النواب الأمريكي، ومجموعة من نواب الكونجرس للرئيس عبد الفتاح السيسى، ليؤكدوا دعمهم لمصر داخل الكونجرس و سعيهم الدائم لتقديم كافة المساهمات الممكنه على المستوى السياسى و العسكرى لدعم مصر فى حربها ضد الإرهاب و تأمين الأخطار التى تهدد أمن مصر القومى.
ومع بداية إبريل 2015 تم إستئناف الدعم العسكرى الأمريكى لمصر وسمح قرار الإدارة الأمريكية بتوريد 12 مقاتلة من نوع F-16 و20 صاروخا مضادا للسفن من طراز “هاربون” وكذلك أجزاء لتجميع 125 دبابة من طراز أبرامز M1A1 ، كما أكد الرئيس الأمريكى أوباما فى حديث هاتفى مع الرئيس عبد الفتاح السيسى أن المساعدات العسكرية الأمريكية بقيمة (1.3 مليار دولار سنويا) ستكون لدعم مصر بغرض مكافحة الإرهاب والأمن في منطقة سيناء وأمن الحدود والأمن البحري.
وكانت الولايات المتحدة قد علقت مساعداتها العسكرية لمصر على خلفية قيام السلطات المصرية بفك اعتصامات أنصار جماعة الإخوان المسلمين، الذين احتجوا على عزل الرئيس السابق محمد مرسي، ولا نغفل أن واشنطن امتنعت عن وصف الأحداث في مصر آنذاك بالانقلاب.
و أخيراً نجد أن وزير الخارجية المصرى سامح شكرى أُجرى مؤخراً لقاء مع سفراء دول الإتحاد الأوروبى و بعثة الإتحاد فى نيويورك للتحضير و التنسيق حيث تسعى مصر بجدية للترشح للمقعد غير الدائم بمجلس الأمن للعامين 2016/2017،وذلك بعد حصول مصر علي دعم المجموعتين الأفريقية والعربية للترشح للمقعد غير الدائم في مجلس الأمن من واقع المحادثات و الزيارات المتبادلة بين الرئيس المصرى و الروؤساء العرب و الأفارقة و الجدير بالذكر هنا أن دولة جنوب أفريقيا كان لديها الأسبقية و الدعم الأعلى لأن تمثل أفريقيا فى مجلس الأمن ، إلا أن فى زيارة الرئيس جنوب أفريقى جاكوب زوما لمصر فى مطلع أبريل 2015 ، حيث تطرق الحديث بينه وبين الرئيس المصرى حول موضوع إصلاح الأمم المتحدة وتوسيع مجلس الأمن ليكون أكثر عدالة، وأُختتمت الزيارة بنقل الرئيس الجنوب أفريقى دعم دولته و دعم دول القارة الأفريقية لمصر حتى تمثل القارة فى مجلس الأمن عن طريق المقعد غير الدائم للعامين2016/2017.
فكل ما سبق يوضح لنا مدى الدعم الذى يتمتع به النظام المصرى الحاكم على المستوى الإقليمى و الدولى و أيضا يعكس لنا الوضع المتأزم الذى تتعرض له جماعة الإخوان المسلمين، ومدى الصعوبة التى تواجهها لتحقيق ما جاء فى جدول أعمال المكتب الإدارى للإخوان المسلمين فى الخارج.
تفاوض أم مصالحة:
أكد رئيس مكتب الإخوان بالخارج رفض الجماعة إجراء أى مفاوضات أو القابلية للتصالح مع النظام الحالى وقال “نحن في ثورة ونقدم ثمنا باهظا كل يوم ولن نستطيع الدخول في مفاوضات إلا بالرجوع للثوار على الأرض.. نريد إعادة الشرعية وتغييرا جذريا في مصر”،ولكن ما غفل عنه عند التحدث عن التصالح مع النظام المصرى الحاكم ، أن معطيات الواقع تُقر قانون يصنف الجماعة بأنها تنظيم إرهابى ، و يُقر غضب متفاقم فى صفوف الشعب المصرى تجاه الجماعة يجعل أى حديث على تصالح مع الجماعة غاية فى الصعوبة، كما أن الفصائل السياسية النشطة على الساحة السياسية وإن كانت فى تعارض مع النظام الحالى، تجد صعوبة بالغة فى أن تعتمد مجدداً على جماعة الإخوان فى الوقت الحالى أو تتعاون معها، لما بها من إنشقاق و تضارب تنظيمى و إفتقاد رؤية للتحرك على مستوى المستقبل القريب، ذلك مع رسوخ صورة سلبية فى أذهان الناشطين تجاة الإخوان قبل وصولهم للسلطة، بل منذ تخلى الجماعة عن مجموعات الثوار على إختلاف توجهاتهم فى واقعة محمد محمود 19 نوفمبر 2011، وكان ذلك لأن الجماعة آثرت إنتخابات البرلمان انذاك عن قضية الثورة و الثوار.
لذا، فما يمكننا أن نسكن فيه الظهور الإعلامى الأول لرئيس مكتب الإخوان بالخارج، ربما الشروع فى مراجعة حقيقية وإحداث تغيير فكرى للجماعة، و ربما هو إستجداء تعاطف و تأييد كل من شباب الإخوان و المنشقين عن الجماعة، وباقى الشعب المصرى، حتى يتم وضع الإخوان مجددا على الساحة السياسية، خاصة أنه بدأ الحديث عن الإنتخابات البرلمانية والتجهيز لها من قبل الأحزاب، فتسعى جماعة الإخوان للإنخراط في العملية السياسية من جديد بثوب مختلف عن ثوبها المعهود.
*باحث فى العلوم السياسية