محتوى مترجم
المصدر
Foreign Affairs
التاريخ
2015/09/04
الكاتب
إيلان جولدينبيرج، ونيكولاس إيه هيراس، وبسام براباندي

تتيح سيطرة داعش المستمرة على الأراضي الممتدة من حلب إلى الحدود السورية العراقية إعادة إمداد وتعزيز خطوطه الأمامية من شمالي سوريا إلى ضواحي بغداد. وتمثل المنطقة أيضا ساحة هامة للإعداد والتدريب لحشود المقاتلين الأجانب المنضمين إلى داعش.

بالفعل، وعلى المدى الطويل، يرجح أن يحول حكم داعش شرقي سوريا إلى ملاذ آمن للإرهابيين، حيث سيوفر غطاء للمقاتلين الجهاديين الدوليين على نطاق أكبر من أفغانستان خلال فترة حكم طالبان أو منطقة حضرموت في اليمن حاليا، حيث لا يزال تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية مهيمنا.

قد تمثل المبادرة الأخيرة في الحرب، الخاصة بالمنطقة التركية الأمريكية المحررة من داعش – التي يبلغ طولها حوالي 96 ميلا، وعرضها 28 ميلا بطول الحدود التركية السورية، التي اقترحها الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان وأيدتها الولايات المتحدة – خطوة في الاتجاه الصحيح.

ستساهم تلك الخطوة بالتأكيد في احتواء داعش و ستصعب وصول مقاتلين أجانب جدد عبر الحدود التركية، ولكن المنطقة وحدها ليست كافية لتهجير واستبدال حكم داعش بطول الطريق حتى وادي نهر الفرات في سوريا. بل سيتطلب الأمر ثورة مباشرة، أو بعبارة أخرى، صحوة سورية مدعومة من التحالف الغربي.


مازال الطريق طويلا

رغم الجهود التي بذلها التحالف حتى الآن، لا يزال الطريق إلى هزيمة داعش طويلا. بالتأكيد كانت هناك نجاحات، حيث قصفت طائرات التحالف أهدافا تابعة لداعش في محافظات دير الزور، والحسكة، والرقة بسوريا، لتصيب نقاط التفتيش الراجلة، ومستودعات الأسلحة، والقوافل، والمنشآت النفطية التابعة لداعش.

وتسبب ذلك في ضغط شديد من الحملة على قيادة داعش. علاوة على ذلك، قتلت مداهمة أجرتها القوات الخاصة الأمريكية في مايو 2015 بدير الزور المسؤول اللوجيستي الهام والقائد ميداني، أبو سياف.

حصدت تلك المهمة أيضا قدرا هائلا من الاستخبارات العملياتية الهامة ومثلت ضربة قوية لداعش في شرقي سوريا.

إلا أنه رغم اشتداد ضغط التحالف على داعش، لا يزال أمرا واحدا غائبا، ألا وهو، تنفيذ عملية برية ذات قيادة سورية تستغل المكاسب التي تحققها غارات التحالف الجوية.

بغض النظر عن ترجيح أن أي مساحة في سوريا سيفتحها التحالف بقيادة أمريكا ستصبح قريبا ممتلئة بتحالف متنوع من الفصائل السورية المتمردة الإسلامية سابقا، التي ينتمي أغلبها إلى محافظة حلب بالشمال الغربي السوري، وهي تنظيمات لديها ما يكفي من المشكلات إثر قتال نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وتهاجم المناطق الأساسية لداعش بشكل أقل كثيرا.

تلك التنظيمات محفزة بشكل أقل لقتال داعش بعيدا عن مواطنها، بالمقارنة بقتال الخطر الحاضر الواضح الذي يمثله نظام الأسد. يعني ذلك أن التحالف سيضطر لزرع شركاء من المناطق التي يسيطر عليها داعش، تحديدا عشائر محافظات الرقة، والحسكة، ودير الزور بشرقي سوريا.

ولكن إيجاد شركاء محليين لن يكون بتلك السهولة. يتمثل أحد أسباب ذلك في قمع داعش الوحشي لأي انشقاق.

إلا أن عشيرة الشعيطات، التي تنتمي إلى منطقة أبو كمال على الحدود السورية العراقية في دير الزور، تمثل حليفا محليا محتملا بشكل مبشر، حيث فقدت العشيرة 700 من رجالها عندما سعت إلى الانشقاق عن الخلافة الوليدة بسبب المظالم المتعلقة بالسيطرة على آبار النفط المحلية، وحق رجال العشائر في حمل السلاح، والعداء العام الاجتماعي السياسي تجاه حكم داعش.

غاب دعم التحالف لتلك العشيرة والتنظيمات المحلية الأخرى، مثل التنظيم المتمرد المناهض لداعش «الكفن الأبيض»، ما تركهم دون خيار سوى الوقوف وحيدين والمخاطرة بمواجهة عواقب مروعة، أو التوجه لفلول نظام الأسد من أجل الحماية، أو الإذعان لداعش.

حرص داعش على إفناء خصومه لأنه شهد ما فعلته «الصحوة السنية» بالقاعدة. وفي ذات الوقت، سعى لإبقاء السكان خاضعين، عبر مزيج مدروس من الرفاه، والخدمات العامة، والوظائف حسنة الأجر.

وفي سبيل ذلك، احتضن التنظيم الأجهزة الأمنية العراقية المستوحاة من عهد البعث، و الدعوة الفكرية، والتهديد غير مسبوق الحدة باستخدام العنف ضد أعدائه الداخليين. ومع وعيه بالحاجة إلى تأمين الدعم طويل المدى للمجتمع المحلي، يتودد داعش إلى قادة العشائر العربية السنية بشرقي سوريا، موفرا وظائف ونظام اجتماعي للسكان المحليين، ومقدما التدريب العسكري للشباب المحلي عبر برنامجه، «أشبال الخلافة».


تقييم الخيارات

تتيح سيطرة داعش المستمرة على الأراضي الممتدة من حلب إلى الحدود السورية العراقية إعادة إمداد وتعزيز خطوطه الأمامية من شمالي سوريا إلى ضواحي بغداد

كل ذلك لا يعني أنه ليس هناك خيارات أمام مقاتلي التحالف. فرغم نجاح داعش في تنصيب نفسه كسلطة على غرار الدولة في شرقي سوريا، يستمر التنظيم في مواجهة مقاومة. حيث يستمر المقاتلون المتمردون المخضرمون بالتنظيمات العشائرية المحلية في تحدي داعش عبر شن حرب غير نظامية ضده.

يتشكل معظم تلك التنظيمات من حوالي 300 مقاتل، ولكنها لا تتمتع بعلاقات قوية مع التنظيمات العشائرية المحلية في شرقي سوريا، التي يمكنهم تجنيد المزيد من المقاتلين منها. معظم هؤلاء المقاتلون إسلاميون معتدلون فكريا ينتمون إلى التنظيم الإسلامي الشامل بسوريا، جبهة النصرة والتنمية، ومتحالفون مع الجيش السوري الحر.

كما يعرفون كيفية الضغط على داعش وقوات نظام الأسد بفضل شبكاتهم داخل العشائر العربية، التي تمثل مصدرا للاستخبارات بشأن داعش وأنشطته، والتي يمكن من خلالها حشد القوة البشرية الاحتياطية مع تحرير المناطق المحلية من حكم داعش.

يستطيع التحالف وحلفاؤه المحليين أن يأسسوا ارتكازا من الأراضي المحررة في المنطقة الحدودية بين سوريا والعراق، ما سيعرقل خطوط الإمداد الخاصة بداعش

والأفضل من ذلك أن معظم تلك التنظيمات يسعى بنشاط للحصول على دعم خارجي، ويمكن مساعدتها من قبل التحالف بسبب أهميتها كتنظيمات شريكة.

يستطيع التحالف حشد العديد من تلك الكتائب، القادمة من المنطقة الحدودية بين سوريا والعراق، للمشاركة في برنامج تدريب وإعداد في الأردن.

وبعد التدريب، يمكن إرسالهم مجددا إلى سوريا لتعزيز الثورات المحلية ضد داعش، وسيكونون محل ثقة لتولي مسؤولية منظمات المجتمع المدني المحلية، ومنها المجالس العشائرية، التي يمكن تمويلها عبر برامج المساعدات الأمريكية لتملأ الفراغ الحكومي الذي خلفه نظام الأسد ومغادرة داعش لشرقي سوريا.

رغم إضعاف قوات الأسد بشكل كبير،تستمر في الحفاظ على تواجدها في مدينة دير الزور وقد حشدت بعض العشائر المحلية ضد داعش والتنظيمات الأخرى المتمردة.

علاوة على ذلك، يمكن للتحالف أن يساعد ويحشد العديد من كتائب المقاتلين المتمردين القادمين من المناطق الحدودية بين سوريا والعراق للمشاركة في برنامج التدريب والإعداد، ثم يتم على الأرجح إدخالهم من الأردن إلى سوريا.

كذلك تستطيع التنظيمات المتمردة المعتدلة والمعترف بها التي تحصل بالفعل على دعم من الولايات المتحدة وحلفائها، مثل جيش اليرموك في محافظتي درعا والقنيطرة في جنوبي غرب سوريا، المساعدة في إنشاء خطوط للدعم والتمكين إلى داخل الخلافة من المناطق السورية الخارجة عن سيطرة داعش.

يقاتل جيش اليرموك نظام الأسد وداعش، وتستطيع التنظيمات المتمردة في شرقي سوريا، ويجب، أن تنقل المعركة إلى نظام الأسد، خصوصا إن تعرضوا لهجوم من النظام والقوات الموالية له.

على قوات التحالف أن تتواصل بشكل أقوى مع التنظيمات المعارضة لداعش في شرقي سوريا، باحثة عن فرص لتسهيل نقل الأسلحة والمساعدات المالية والإنسانية إلى التنظيمات المحلية المتمردة والسكان المحليين الذين لديهم الشجاعة اللازمة لمواجهة خطر التهجير والموت في سبيل قتال داعش.

يستطيع التحالف وحلفاؤه المحليين، معا، أن يأسسوا ارتكازا من الأراضي المحررة في المنطقة الحدودية بين سوريا والعراق، ما سيعرقل خطوط الإمداد الخاصة بداعش.

كما يمثل توفير الدعم للقوات المناهضة لداعش على الأرض، بدلا من مجرد الضغط على التنظيم عبر الغارات الجوية ومساعدة القوات الخارجية مثل الأكراد أو القوات الأمنية العراقية، مفتاحا لهزيمة داعش في سوريا. مع بعض الدعم الخارجي، سيكون الشركاء في المنطقة مستعدون، وقادرون، ومجهزون لصد الخلافة الوليدة التي تظهر القليل من علامات الانهزام.