دور الإمارات العسكري في معارك عدن
الإمارات دولة خليجية غنية ولكن مشكلتها الأساسية أنها دولة قليلة السكان فرغم توافر الأموال والعلاقات الدولية المتميزة لكن ثبت من التجارب التاريخية السابقة أن بناء جيش قوي يحتاج لمخزون بشري مناسب.
لكن الإمارات لجأت لأسلوب مختلف في بناء جيشها وهو تكوين جيش صغير مدرب يملك أسلحة حديثة وفعالة ونظام قيادة وسيطرة عصري يمكن أن يملك نفس القدرات التي تملكها الجيوش الأضخم الأقل حداثة وعُرف هذا المفهوم بالجيش الصغير الذكي. هذه الطريقة في تكوين الجيوش يروج لها محللون وخبراء غربيون منذ فترة.
لكن ما زال الأمر محل جدل فكثير من الخبراء والمتخصصين يرون أن هذا ينطبق على أسلحة الجو وربما الأسلحة البحرية لكن القوات البرية أمر مختلف فلا شيء يمكنه أن يعوض التفاوت في الحجم.
لو نظرنا مثلا لمنطقة الشرق الأوسط فسنجد أن الجيش الإسرائيلي والتركي، وهما من الجيوش المتقدمة والعصرية، ما زالا يحافظان على قوة برية ضخمة تضم بضعة ألوف من دبابات المعارك الرئيسية وعربات المشاة القتالية وناقلات الجند المدرعة ومئات من المدافع ذاتية الحركة. ورغم أن كثيرًا من هذه المكونات قديمٌ نسبيا؛ لكن المحافظة على الحجم المناسب أمر ضروري لضمان تفوق بري والقدرة على تغطية مسرح عمليات كبير.
تكوين الجيش الإماراتي الحديث
نعود للجيش الإمارتي وفلسفة تكوينه، رغم أن الجيش الإمارتي تاريخه يعود لمرحلة إعلان الاتحاد ونشأة الإمارات العربية المتحدة في عام 1977 لكن البداية الحقيقية للجيش الحالي كانت بعد حرب الخليج، حينما شعرت دول الخليج كافة وبالتحديد الإمارات والكويت أنه لا مناص من بناء جيوش قادرة على القتال تسهم في حماية الدولة ولو جزئيا، وأن الاعتماد الكامل على الغير لا يجب أن يستمر. فبدأت صفقات عسكرية ضخمة ومعها اتفاقات عسكرية للتعاون والتدريب المشترك.
تسليح الجيش الإماراتي
الإمارات كانت بارعة في عقد صفقاتها التسليحية فهي تختار دائما النماذج الأفضل وتصر دائما في تعاقداتها على شروط دقيقة تضمن استدامة السلاح وإمكانية تطويره لاحقا ودمجه مع نظم تسليحية مختلفة من دول وشركات أخرى، وأيضا كانت حريصة على ممارسة تنويع مصادر السلاح بشكل ذكي وفعال دون قيود سياسية كبيرة وطبعا لا توجد قيود مالية.
فنجد على سبيل المثال أنها قد تعاقدت على 388 من دبابات لوكليرك الفرنسية وكانت أحدث تصميم متاح في الغرب عندما ظهرت في 1993 وأصرت على أن تكون الدبابة بمواصفات أرقى من نظيرتها العاملة في الجيش الفرنسي وبتعديلات تناسب البيئة الصحرواية الحارة، فتم تغيير وحدة الطاقة بالكامل (المحرك مع مجموعة نقل الحركة) بوحدة يوروباك ألمانية الصنع واستخدام وحدة تكييف قوية مع خزانات وقود أكبر. وبالطبع فإن سعر الدبابة بعد التعديلات تخطى العشرة ملايين يورو وكانت أغلى دبابة في العالم عندما ظهرت.
صورة لدبابة لوكليرك إمارتية في اليمن، و نلاحظ تركيب قطع التدريع الإضافي AZUR والمخصصة للحرب الحضرية URBAN WARFERE لتحمي الدبابة من الاستهداف داخل المدن والتجمعات البشريةوتضمن العقد حصول الإمارات على 46 من عربة الاستعادة المدرعة DCL مزودة بونش وبكرات رفع ومجارف ألمانية الصنع، إضافة للمحرك الألماني بطبيعة الحال، بينما يملك الجيش الفرنسي 20 فقط.
صورة لعربة الاستعادة المدرعة الإمارتية DCL في لحج بالقرب من قاعدة العندتعاقدت الإمارات مع روسيا على عربات المشاة القتالية الروسية BMP-3، ورغم أنها تعتبر من أغلى القطع البرية التي تسوقها روسيا (ثمنها أغلى حتى من دبابة المعارك الرئيسية الروسية طراز T-90) لكن الإمارات أصرت على إجراء بضعة تعديلات لزيادة قدراتها وتم إضافة جهاز تصويب حراري فرنسي الصنع طراز ناموت، إضافة لمكونات أخرى من خارج روسيا. واستمرت الإمارات في تلقي المزيد من تلك العربات ثقيلة التسليح حتى أصبحت المشغل الأكبر لعربات BMP-3 فهي تملك حوالي 600 عربة من هذا الطراز الغالي.
صورة لعربات BMP-3 في اليمن ويظهر فيها جهاز الرؤية الحراري الفرنسي ناموت (نقلا عن الجزيرة)حصلت الإمارات على مدافع رينو الجنوب إفريقية G-6 وهي مدافع 155 ملم ذاتية الحركة تستعمل شاسيه مدولبًا ثقيلًا مقاومًا للألغام وتعتبر من أفضل أنظمة المدفعية في العالم.
مدفع رينو G-6 الإماراتي أثناء العمليات في اليمنالإمارات تملك أيضا في ترسانتها منذ التسعينات 85 قطعة مدافع M-109 ذاتية الحركة، وهي مدافع أمريكية الصنع عيار 155 بشاسيه مجنزر، ورغم أنها أتت مستعملة من المخزون الهولندي لكن تم ترقيتها بمشاركة بين شركتي RDM الهولندية وشركة رواج السويسرية بتركيب سبطانة أطول ونظام تلقيم حديث رفع قدرتها كثيرا مع نظام حماية من الأسلحة الغير تقليدية NBC.
صورة للمدفع في العمليات في اليمن (نقلا عن الجزيرة)ولم تبخل الإمارات على وحدات المشاة والمشاة الميكانيكي فأضافت الإمارات لترسانتها تشكيلة من المركبات العسكرية المختلفة تتميز بالمرونة والتسليح القوي، منها مثلا عربات همفي الأمريكية المصفحة، تحمل قواذف رباعية لصواريخ كورنيت الروسية الشهيرة، وعربات مقاومة للألغام من طراز أوشكوش M-ATV.
صورة للهمفي المحملة بالكورنيت مع عربات أوشكوش المقاومة للألغاموهاونات بريطانية حديثة من طراز عقرب محملة على عربات جنوب إفريقية مقاومة للألغام طراز RG-31.
صورة للهاون البريطاني عقرب
الدور الإماراتي في حرب اليمن
اعتمدت الإمارات على طائرات النقل الضخمة طراز C-17 للتأمين اللوجستي لقواتها في اليمن إلى جانب النقل البحري. رغم تلقي القوات الإماراتية بعض الخسائر لكن لم يؤثر ذلك كثيرا على مسار العمليات. أغلب الأسلحة التي تم ذكرها لم تشارك من قبل في أي حروب ولذلك فصناع السلاح متلهفين على نتائج التجربة.
مقطع لتدمير عربة مشاة قتالية طراز BMP-3 بواسطة لغم أو عبوة جانبية ومقتل الطاقم بالكامل، ضعف تدريع العربة الروسية يجعلها غير مناسبة كثيرا للحرب داخل المدن وزاد الطين بلة حمولتها الكبيرة من الذخيرة والتي أدى انفجارها لتفتيت العربة وقتل جميع من بداخلها.مشكلة التنسيق مع المليشيات
هناك فارق كبير بين قوات المقاومة الشعبية (القوات الموالية لعبد ربه منصور هادي) وبين اللواء الإماراتي الموجود في اليمن، فارق في التدريب وهرمية القيادة والسيطرة، إضافة لفروق ضخمة في المعدات ومعدل الحركة؛ مما سيسبب حتما الكثير من البطء للقوة الإماراتية التي عليها أن تقلل من معدل تقدمها لتستطيع المقاومة الشعبية مجاراتها، في المقابل لا تستطيع الاستغناء عنها فحجم القوة الإماراتية ليس كبيرا فهي بمثابة قوة هجومية ورأس حربة تقتحم الأهداف بينما عملية تأمين الأهداف وحراستها وتمشيطها من فلول الحوثيين وقوات علي عبد الله صالح منوطة بوحدات المقاومة الشعبية.
مقطع للعمليات العسكرية المشتركة في قاعدة العندهذا البطء يعطي فرصة للحوثيين وحلفائهم لإعادة تنظيم قواتهم وبناء خطوط دفاعية جديدة مما يضيف الكثير من العقبات لتقدم القوة الخليجية وخصوصا أن العمليات القادمة خارج المحافظات الجنوبية لن تحظي بكل هذا التأييد الشعبي فالجنوبيين يريدون بشدة تحطيم قوات على عبدالله صالح بينما الشماليين أقل حماسا.