بيليه؛ صنيعة الرب الخالدة
حوار أجراه موقع The Talks مع بيليه قبل كأس العالم 2014
- بيليه .. أليس من الصعب ألا تصبح مغرورًا عندما تكون الأفضل في شيء ما؟
اعتدتُ أن أغيظ الأطفال لأني ألعب أفضل منهم. لكن والدي قال لي: «تعال هنا! لا تفعل ذلك. إن الله قد أعطاك الهبة لتلعب كرة القدم. أنت لم تفعل شيئًا. هذه كانت هدية من الله. عليك أن تحترم الناس. من المهم أن تصبح رجلاً طيبًا، وشخصًا جيدًا. من الآن عليك أن تصبح قدوة».
- أنا لست متأكدًا إن كانت موهبتك مجرد هدية من الله فقط. لابد أن البقاء على قمة اللعبة يتطلب عملاً شاقًا أيضَا.
بالطبع العمل مهم جدًا. هذا بالضبط ما عناه والدي: إن الله قد أعطاك الهبة لتعب كرة القدم. ولكن هذه هدية. عليك أن تحترم الناس، وأن تعمل لتكون في هيئة مناسبة. ولقد اعتدتُ أن أتمرن بجدية. فعندما كان اللاعبون الآخرون يذهبون إلى الشاطئ بعد المران، كنت أبقى أنا حتى أتدرب على تمرير الكرة. وهناك شيء آخر .. إذا كنت لاعبًا جيدًا، ولدى هذه الهبة من الله، ولكن ليس لدى الهيئة الجسدية التي تمكنني من أن أقطع الملعب جريًا، ماذا كنت لأصبح حينها؟
أنا رونالد ريجان. رئيس الولايات المتحدة الأمريكيّة. لكن أنت لا تحتاج إلى تقديم نفسك، لأن الجميع يعرف من هو بيليه .. رونالد ريجان في لقائه مع بيليه
- هل شعرت قط أن قدراتك خارقة عن قدرات البشر العادية؟
لا .. نحن جميعًا بشر. عليّ أن أثق في كيان يمدني بالقوة. أحتاج إلى أن أؤمن بشيء ما. في حياتي المهنية هناك العديد من اللحظات التي لا أستطيع تفسيرها بيني وبين الله. لقد ذهبنا إلى أفريقيا، وأوقفنا الحرب هناك، لأن الناس أرادت أن ترى بيليه يلعب. لقد أوقفوا الحرب. الله فقط يستطيع تفسير ذلك. أنا لا أعرف لماذا. من المستحيل معرفة السبب. ولكنهم أوقفوا الحرب. عندما انتهت المباراة وغادرنا، استأنفوا القتال.
- أي بلد هذه؟
نيجيريا.
- هل عرفت دائماً أنك مقدر لتحقيق أشياء عظيمة؟
أول دورة أتذكرها من كأس العالم كانت دورة عام 1950 عندها كنت في التاسعة أو ربما العاشرة. كان والدي لاعب كرة قدم، وخسرت البرازيل لصالح أوروجواي. كنا نحضر حفلة كبيرة ورأيت والدي يبكى. كنت مع الأطفال الآخرين حينها، وسألت والدي لماذا يبكى؟ قال والدي: «البرازيل خسرت كأس العالم.« عندها مزحت معه وأخبرته: «لا تبك. سأكسب كأس العالم من أجلك.» بعد ثمانية سنوات عام 1958 كنت ألعب لفريق البرازيل عندما فزنا بكأس العالم في السويد.
ليس سيئاً.
هذا شيء من الصعب تفسيره. لم أكن أعرف لماذا كنت هناك. لكنّي اُختِرت والبرازيل فازت. الآن من يعرف؟ لقد كنت في السابعة عشر فقط.
«نحن الذين حالفنا الحظ برؤيته وهو يلعب، تلقينا هدايا من جمال نادر؛ لحظات من تلك الجديرة بالخلود والتي تتيح لنا الإيمان بأن الخلود موجود» .. ـ إدواردو جاليانو .. من كتاب كرة القدم بين الشمس والظل
- هل كنت تتخيل مدى تأثير هذا النصر على البرازيل؟
في ذلك الوقت لم يكن للبرازيل مكان على خريطة كرة القدم، وفجأة أصبحت البرازيل أمة مهمة لكرة القدم. لقد كنت فخورًا جدًا لأني قدّمت البرازيل للعالم. الآن مع التكنولوجيا الحديثة، عندما يسجل الأولاد الهدف يجرون حول المرمى، ويقولون للكاميرات: «ماما! أحبك»، ويستطيع العالم كله أن يراهم. في زمني أعتقد أن والدي استطاع أن يشاهد وأن يعرف بفوزنا. ولكن في ذلك الوقت لم يكن لدينا التليفزيون، لم يكن لدينا هذا النوع من الاتصال. في تلك الليلة انتهت المباراة، وفي اليوم التالي ذهبنا إلى الراديو في السويد لنتحدث إلى للبرازيل ونقول: «ماما! لقد فزنا». أترى الفرق في طريقة الحياة؟ لن أنسى ذلك أبدًا.
الفنان في تعريفي هو ذلك الشخص القادر على أن يشيع الضياء في غرفة مظلمة. لم أستطع أبدًا أن أجد فارقًا بين تمريرة بيليه لـ كارلوس ألبرتو في نهائي كأس العالم 1970، وبين الأشعار الأولى لـ رامبو. في كلاهما تتجلّى تلك القدرة الإنسانية في التعبير عن الجمال ومنحنا ذلك الإحساس بالخلود..ـ إيريك كانتونا
- ما الذي تغير أيضًا في كرة القدم؟
اللعبة هي ذاتها. لكننا اعتدنا أن نسافر طوال العام لنحصل على المال. في يناير وفبراير كنّا نذهب إلى أمريكا اللاتينية لنلعب ونقبض. وفي الصيف كنا نجول أوروبا لنقبض. اللاعبون الآن لديهم عقود رعاية. فهم لا يحتاجون إلى السفر. لقد أعطينا كرة القدم للعالم في زمني. لكن الأمور مختلفة الآن. المشكلة في البرازيل أن لدينا لاعبين عظماء لكن ليس لدينا لعب جماعي كالذي اعتدنا عليه في الماضي. لدينا لاعبون عظماء لكنهم لا يلعبون معًا. حتى «بيليه» لا يستطيع اللعب بمفرده. كان لدينا العديد من اللاعبين الأخرين: جايرزينيو .. توستاو .. كلودالدو .. جيرسون .. ريفيلينو. لقد كان فريقًا جيدًا. لاعبين جيدين. «نيمار» يحتاج إلى فريق ..
- وهل هذا، كونك اعتدت الترحال، يمثل سببًا جزئيًا في أن كرة القدم أصبحت أضخم رياضة فى العالم؟
هذا السبب مكنني أن أكون قدوة للشباب. إذا رحلت عن العالم سأكون سعيدًا لأني حاولت أن أحقق أفضل ما يمكنني فعله. رياضتي سمحت لي بفعل الكثير لأنها الأضخم في العالم.
أعظم لاعب في التاريخ هو دي ستيفانو. فأنا أرفض تصنيف بيليه على أنه لاعب كرة قدم. إنه أرقى من ذلك .. فيرينس بوشكاش
- لدينا حاليًا «بيليه» آخر؟
بيليه جديد؟ لن يكون هناك أبدًا بيليه جديد. لأن والدي ووالدتي قد أغلقوا الماكينة. (يضحك)
- من هو لاعبك المفضل حالياً؟
في السنوات الأخيرة كان «زيدان» المُفضل لدي. يأتي بعده «كرويف» و«إيزيبيو».« نيمار» لاعب ممتاز ولكنه يحتاج إلى المزيد من الخبرة، واللعب في الخارج. وبالطبع «ميسى» و«رونالدو» جيدون أيضًا. في هذه اللحظة «ميسى» هو الشخص الذي تريد هزيمته، لأنه ظل اللاعب الأفضل قرابة العشر سنوات. هناك العديد من اللاعبين الرائعين، ولكن العديد منهم يلمعون لسنة أو سنتين ثم يختفون. لكن أن تكون لاعبًا رائعًا لعشرة سنوات،فإن هذا أمر مميز للغاية.