الساسانيون الجدد: هل تحكم عائلة المرشد في إيران؟
يرى متابعون أن النفوذ العائلي السياسي في إيران لا يُعد ظاهرة ينبغي الحديث عنها، بينما نرى ضرورة التعليق على الدور الذي تلعبه بعض الأسر في الحياة السياسية والاقتصادية في إيران – ما بعد الثورة – في بلدٍ عانت لسنوات طويلة من العقوبات الاقتصادية واعتمد أهلها سبل التقشف، بالتحديد بعد رحيل الخميني الذي عُرف عنه الورع والزهد ولم يورث أياً من أبنائه مناصب سياسية. وسواءً اتفقت مع هذه الرؤية أو اختلفت، فأحد أهم ما يميز دوائر السلطة عموماً هو تشابك الأنساب وتكرار أسماء عائلاتٍ بعينها في مراكز متقدمة من السلطة.
وطالما نحن بصدد التعرض للدور الذي تلعبه بعض العائلات في إيران حاليًا فلا يصح أن نبدأ بغير أسرة السيد علي خامنئي، المرشد الأعلى الحالي للثورة الإسلامية.
أسرة خامنئي
على رأس هذه العائلة يجلس خامنئي، المرشد الأعلى للثورة الإسلامية، وهو المنصب الأهم في النظام السياسي المعقد في إيران، وهو كذلك أعلى مراجع إيران الفقهية.
في الحلقة الرابعة من الفيلم الوثائقي الإيراني «خفايا حياة خامنئي» للمخرج المنفي خارج إيران محسن مخملباف، والذي نشره موقع جنوبية اللبناني – المعارض لحزب الله -، كشف الفيلم عن الحياة المترفة التي يعيشها أبناء مرشد الثورة وعن نفوذهم في إيران وهيمنتهم على عدد كبير من الشركات الاقتصادية الكبرى في البلاد.
فلدى خامنئي أربعة أبناء هم؛ مصطفى، مجتبى، مسعود، و ميثم، وابنتان هما بشرى وهدى. أما زوجته فتدعى السيدة خجسته. وهم جميعًا ينادون والدهم بالسيد أو القائد في حضوره، ويطلقون عليه في غيابه (حضرة آية الله).
مجتبى خامنئي، المرشد القادم
نفوذه السياسي: هو ثاني أبناء الإمام إلا أنه أكثرهم نفوذًا وأعزهم شأنًا وأكثرهم صلةً بدوائر الحكم. وكان الظهور الأول لمجتبى خلال دعمه لأحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية 2005 و 2009، والتي فاز فيها نجاد. الأمر الذي أثار لأول مرة حفيظة حجة الإسلام ناطق نوري والشيخ مهدي كروبي، ما دفع كروبي إلى توجيه رسالة للمرشد الأعلى في 20 يونيو 2005 يستوضح فيها موقفه قائلا: {بالرغم من أن مواقف سيادتكم شفافة ولكن هناك أنباء تتحدث عن دعم نجلكم الموقر – السيد مجتبى – لأحد المرشحين، كما سمعت بعد ذلك بأن أحد كبار الشخصيات أبلغكم بأن (ابن السيد يدعم فلان) فرددتم عليه: إنه ليس ابن السيد بل هو سيد، لذا فإن هذا القول يدل على أن الدعم المذكور كان من السيد مجتبى الخاص وليس من فضيلتكم}.
ويعزو متابعون منع فوز مير حسين موسوي بكرسي الرئاسة 2009م إلى السيد مجتبى؛ (لكن لا دليل على ذلك).
ويُشاع أيضاً (بحسب ما نشره موقع الجزيرة-نت) أن لمجتبى مجلسًا استشاريًا استخباراتيًا خاصًّا به، ينتقي من خلاله قادة الحرس الثوري ليعيّنهم ويدنيهم ويصرفهم كذلك عن مراكز السلطة، وليس مستغربًا ما أشيع أنه أبعد 15 رجلاً من كبار قيادات الحرس الثوري لتصويتهم لرفسنجاني في انتخابات الرئاسة.
نفوذه الاقتصادي: تُقدر ثروة مجتبى بأكثر من ثلاثة مليارات دولار بحسب تقرير نشرته صحيفة القدس العربي في أعقاب الاتفاق النووي، من بينها 300 مليون على شكل ذهب وألماس. حصل على مليار من ثروته من التجارة بالنفط على شكل ضرائب، والتي تمثّلت بدولار واحد يضعه مجتبى في جيبه على كل برميل من النفط يباع للصين والهند، ومبلغ بقيمة 5 إلى 15 دولارًا يربحه على بيع النفط الإيراني بشكلٍ عام.
إضافة إلى ذلك، فإن مجتبى قد وضع يده على أراضٍ واسعة هي بالأساس ملك للدولة – في مدينة مشهد – محولاً إياها لملكيته الخاصة. ويملك في ذات المدينة أكبر مركز تسوق خلافًا لأضخم مشروع سكني تجاري. كما أهداه رئيس بلدية طهران، محمد قاليباف، هكتارات واسعة من أراضي الدولة في أعالي منطقة عباس آباد في العاصمة طهران.
ووفقًا لما ساقه الفيلم الوثائقي – سالف الذكر – في حلقته الرابعة، فإنه في عهد الرئيس الأسبق محمد خاتمي أجرت الحكومة الإيرانية مناقصة «إيرانسل» الشهيرة، وكان مجتبى قد اتفق على منح المناقصة لشركة جنوب أفريقية مقابل نسبة مئوية تودَع في حسابه في مصرف بريطاني؛ إلا أن المناقصة رست على شركة (ترك سل) التركية.
يومها اتصل مجتبى بخاتمي هاتفيا، معربًا عن استيائه مما حدث آمرًا إياه بالتراجع عما أسفرت عنه المناقصة؛ لكن خاتمي لم يرضخ فتدخل قاسم سليماني وآخرون من قادة الحرس الثوري بذريعة أن ملف الاتصالات يجب ألا يُسند إلى تركيا لدواعٍ أمنية.
كما تحدثت صحيفة «ليبراسيون الفرنسية» عن الفساد المالي لنجل المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، مجتبى، وأوردت في تقرير لها أن وزارة الاستخبارات الإيرانية تتحفظ على 200 ألف وثيقة يتعلق بعضها بسحب أموال و ودائع لمجتبى من البنوك الأجنبية.
مجتبى المرشد القادم؛ يرى متابعون أن مجتبى هو الرجل الأقوى في إيران في الوقت الراهن. كما تشير أغلب التقارير الإعلامية والمصادر الصحفية أن مجتبى خامنئي قد أسس شبكة علاقات قوية في إيران؛ لا سيما مع الحرس الثوري. وتذهب هذه المصادر إلى أن مجتبى هو الوريث القادم لعرش المرشد الأعلى في إيران بعد رحيل والده، الذي يوشك أن يكون قريبًا.
فهل سينجح مجتبى بشبكة علاقاته بقادة الحرس الثوري والمراجع الدينية ورجال المال والسياسة في تولي عرش ايران؟!، سيتحدد ذلك بالأرجح مع انتخاب مجلس الخبراء القادم في السادس والعشرين من فبراير القادم. (مجلس الخبراء هو المعني بمراقبة أعمال المرشد الأعلى وتقييم قراراته واختيار من يخلفه حال وفاته أو عزله، ويتكون المجلس من 86 عضوًا).
مسعود خامنئي
أشار الفيلم الوثائقي إلى أن مسعود – النجل الثالث لخامنئي – يمتلك ما قيمته 400 مليون دولار في البنوك الفرنسية والإنجليزية و 100 مليون أخرى في البنوك الإيرانية.
كما يملك مسعود حصرية مبيعات شركة (رينو) الفرنسية في إيران.
ميثم خامنئي
أورد ذات المصدر أن ميثم قد سافر على رأس إحدى البعثات إلى فرنسا أثناء ولاية أحمدي نجاد ليقنع شركة (رينو) بالعودة إلى طهران بعدما أغلق معارض الشركة في البلاد الرئيس الأسبق خاتمي.
تُدخل هذه الصفقة إلى حسابات ميثم الكثير من الأموال ويتقاضى من أخيه مسعود نسبة/عمولة على كل سيارة تبيعها الشركة. وميثم نفسه متزوج من ابنة أحد تجار البازار الأكثر ثراءً في إيران.
وتقدر ثروته بأكثر من 200 مليون دولار بقليل، خلافًا لسيولة تناهز 10 ملايين دولار يستخدمها في السوق المحلية.
مصطفى خامنئيأما مصطفى فيضع يده على تجارة الأراضي في العاصمة طهران، كذلك على مبيعات شركة (بيجو) داخل إيران، إذ أن كل سيارة من صنف (بيجو) تباع في إيران، لمصطفى عمولة عليها.
وتبلغ ثروة مصطفى مليارًا ونصف المليار دولار، أودعها كلها في بنوك خارج إيران، في جنوب أفريقيا وألمانيا، في حين لم يترك منها إلا مئة مليون دولار مودعة في بنوك طهران، إضافة إلى ما يملكه من ذهب وألماس.
وقد فشل مصطفى في كثير من الصفقات التجارية أشهرها صفقة شراء طائرات من سلطان بروناي، خسر فيها أكثر من 70 مليون دولار في عملية احتيال من قِبل وسيط سوري الجنسية.
بنات المرشد الأعلى وأصهاره يتقاسمون حظوظهم!
لم يترك مخملباف في فيلمه – الممنوع من العرض – الأميرات الصغيرات للسيد خامنئي. (بُشرى) التي تملك ثروة تقدّر بنحو 100 مليون دولار وهي متزوجة من نجل السيد محمد كلبايكاني مدير مكتب والدها. و(هدى) التي تملك مبلغًا مشابهًا وتكثر من الاشتغال في المجوهرات والأزياء.
أما أزواج بناته فأحدهم ويدعى السيد باقري هو شقيق علي باقري الذي تردد اسمه أخيرًا في المفاوضات النووية. الثاني هو ابن مدير مكتبه وكان متورطًا في صفقة تجارية خسرت إيران خلالها ستين مليون دولار.
كما أن لدى السيد خامنئي ثلاثة من الأصهار أشهرهم (حسن) المتعهد بأعمال تلفزيون إيران الرسمي، وهو الوكيل الحصري لشركة (سوني) اليابانية على كامل الأراضي الإيرانية.
وتشير بعض التقارير أن حسن يقتطع سنويًّا نسبة 7% من مجموع مشتريات التلفزيون الإيراني من شركة (سوني)، (ما بين 50 إلى 60 مليون دولار)، بينما تصل حصته من مبيعات الشركة في مختلف الأراضي الإيرانية إلى قرابة الـ 600 مليون دولار.
الصهران الآخران للمرشد، أحدهما لم يذكر له تمثيل في الحياة السياسية والاقتصادية، والصهر الأصغر كان قد فرّ إلى السويد لعلاقته بحركة مجاهدي خلق.
أشقاء المرشد، موقعهم من الثورة والسلطة والثروة
محمد خامنئي، الشقيق الأكبر لخامنئي، كان محاميًا في عهد الشاه، والآن هو شريك في مشروع كبير لتبريد اللحوم الواردة إلى طهران.
هادي خامنئي، الشقيق الثاني لخامنئي وكان أحد المناضلين في وجه الشاه قبل الثورة. انتمى للحركة الإصلاحية، وشارك في تأسيس حركة (مجمع رجال الدين المناضلين) الإصلاحية والتي أيدت خاتمي في الانتخابات الرئاسية. وقف إلى جانب حسين موسوي في انتخابات 2009م، وله تاريخ طويل في الحركة الإصلاحية حتى أنه أسس في عام 1993 صحيفة «جهان إسلام» -العالم الإسلامي-، ثم صحيفة «حيات نو» -الحياة الجديدة- في عام 2000.
بدري خامنئي، شقيقة خامنئي وتكتسب شهرتها لدعم زوجها الشيخ علي طهراني لجماعة مجاهدي خلق، ما اضطره للهرب في يناير 1984م إلى العراق وطلب اللجوء السياسي عند الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. عاد مرة أخرى إلى طهران مع زوجته وأبنائه الخمسة بعدما أعطاه خامنئي الأمان وتوفي لاحقًا في طهران.