لم يَطَل التغيرُّ الذي حدث في مصر الجوانب السياسيَّة والاجتماعيَّة وفقط، وإنَّما أيضًا وصل إلى الأماكن التي يقضي بها الشَّباب عُطلاتهم سواءً الصيفيَّة أو الشتويَّة، فكثيرٌ من الشَّباب ينظِّمون رحلات إلى أماكن لم يعتد الكثيرون السَّفر إليها أو زيارتها، بالرَّغم من مكانتها -السياحية أو الأثريَّة.

لم يكتفِ الشَّباب بالخروج في تلك الرِّحلات وفقط، بل قرروا أن يقوموا هم بتنظيم تلك الرِّحلات بأنفسهم دونَ اللجوءِ إلى شركات سياحيَّة أو إنشاء شركاتهم الخاصَّة الصَّغيرة لتنظِّم رحلاتهم بتكلفةٍ أقلَّ ممَّا يتكلَّفُه تنظيم تلك الرِّحلات مع الشَّركات السياحية، كما قرَّر البعض الآخر أن يقوم بإنشاء مخيَّمات سياحيَّة بديلًا عن الفنادق مما يقلِّل من التكلفة؛فتصبح زيارة تلك الأماكن متاحة للجميع ولا تحتاج تكلفة باهظة.


(1) قريَة غرْب سُهيل

من الأماكن المميَّزة بقرية غرب سُهيل فندق أناكاتو، والذي يعني باللَّغة النُّوبية بيتُنا

يقوم الكثيرون بزيارة مدينة أسوان في الشِّتاء خاصةً في أوقات أجازة نصفِ العام إلا أنه يفوتهم زيارة قرية غرب سُهيل، فمُنذ أكثر من 100 عام أُنشأت قرية غرب سُهيل، والتي تقع غرب النِّيل بمحافظة أسوان، تم تشييد المدينة على سفح رملي عندما بدأ تشييد خزَّان أسوان القديم عام 1902، تتميز المدينة بطابعها النّوبي المُبهِج حيثُ المنازل الملوَّنة المطلَّة مباشرةً على مياه النِّيل.

ومن الأماكن المميَّزة بقرية غرب سُهيل فندق أناكاتو، والذي يعني باللغة النُّوبية بيتنا، يتميز الفندق بأنَّه مَبنِي على الطراز النُّوبي المليء بالألوان المُبهجة، فهو منزل بطابقين و11 غرفة تكفي لوجود 28 زائرًا، إلى جانب أنَّه يطلُ مباشرةً على شاطئ النِّيل إلى جانب تقديمه لخدمات علاجية مثل الدَّفن في الرِّمال أو الطِّين، وتتكلَّف الرِّحلة إلى غرب سُهيل ما بين 1000 إلى 1700 جنيه خلال أربعَة أيام.


(2) سيْناء منَ البلو هول إلى سانت كاترين

http://gty.im/563022319

الكثير من الأماكن التي يمكن أن يتم زيارتها داخل سيناء بخلاف مدينة شرم الشَّيخ، كما أنَّ تكلفتها قد تكون أقلَّ كثيرًا من تكاليف قضاء الإجازة بشرم الشِّيخ أو الغردقة، مثل رأس شيطان بنوبيع والبلو هول بدهب ووادي الشواشي وكاسل زمان، وجبل موسى ودير سانت كاترين.

لا تحتاج لأن تدفع الكثير من الأموال لزيارة سيناء فقد تتكلف رحلة تدوم أربعة أيام ما بين 300 إلى 500 جنيه مصري

فبعد ظهور العديد من شركات السياحة الصغيرة التي أنشأها الشَّباب إلى جانب المخيَّمات السياحية التي أصبحت بديلًا للفنادق الغالية وشركات السياحة الرأسماليَّة، لا تحتاج لأن تدفع الكثير من الأموال لزيارة سيناء فقد تتكلف رحلةٌ تدوم أربعةَ أيام ما بين 300 إلى 500 جنيه مصري. من أبرز تلك الأماكن البلو هول بدهب، وهو ثاني أفضل مكان في العالم لممارسة هواية الغطس وممارسة رياضة السنوركلينج، ويمكنك السفر إلى دهب والبلو هول مع فريق lions trips والذي أسَّسه مجموعة طلاَّب بكليَّة الطِّب جامعة عين شمس بهدف تنشيط السِّياحة الدَّاخلية بين الشَّباب دون الحاجة إلى تكاليف كبيرة، كما أنهم ينظِّمون العديد من الرِّحلات إلى أماكن أخرى بخلاف دهب والبلو هول مثل سانت كاترين وجزيرة نلسون بالإسكندرية والجفتون بالغردقة وغيرها.

إلى جانب البلو هول فهناك راس شيطان بنوبيع وتتميز راس شيطان بطابعها البدوي والذي يوفر الكثير من الاسترخاء والراحة، ويتلكف قضاء ليلة في أحد مخيمات راس شيطان ما بين 75 إلى 150 جنيهًا، ومن أبرز المخيمات السياحية التي يمكن أن تقضي بها إجازتك في راس شيطان مخيم «Jazzy camp» والذي يقع على مسافة 5 كيلو مترات قبل مدينة نوبيع.

وفي إجازات نصف العام أيضًا يتم تنظيم العديد من الرحلات بسيناء لزيارة دير سانت كاترين وتسلق جبل موسى، وتتميز منطقة سانت كاترين بعدد من المميزات، فتعتبر هي أعلى المناطق المأهولة بالسُّكان في سيناء حيث تقع على ارتفاع 1600 متر فوق سطح البحر، كما يوجد بها دير سانت كاترين وجبل موسى الذي خاطب عليه اللَّه نبيَّه موسي عليه السَّلام ونزلت هناك الوصايا العشر، كل تلك المميزات دفعت العديد إلى السَّفر إلى هناك وقضاء عطلاتهم، تحتاج إلى يومين فقط لتسلُّق جبل موسى وزيارة دير سانت كاثرين ثم العودة مرة أخرى وتتراوح تكلفة تلك الرحلة ما بين 150 إلى 200 جنيه مصري، وعندما لاقى 3 مصريين مصرعهم فوق جبل سانت كاترين بسبب إحدى العواصف الثلجية عام 2014، نظَّم بعدها فريق «lions trips» سلسة من الرِّحلات إلى منطقة سانت كاترين لكسر حاجز الخوف الذي أصاب الشَّباب من السَّفر إلى سانت كاترين.


(3) هل زُرْتَ الفيُّوم من قبل؟

http://gty.im/504968584

لا يعرف الكثيرون عن محافظة الفيُّوم سوى وجود بحيرة قارون وترعة بحر يوسف ومحمية وادي الريَّان، إلا أنَّ هناك العديد من الأماكن الأخرى التي يمكن زيارتها داخل الفيُّوم مثل وادي الحيتان الذي يقع داخل محميَّة وادي الريَّان، سُمِّي وادي الحيتان بذلك الاسم نسبةً إلى أنه يوجد به 10 هياكل عظميَّة كاملة لحيتان كانت تعيش بتلك المنطقة قبل حوالي 40 مليون سنة عندما كانت تلك المحميَّة جزءًا من محيط كبير كان يشمل شمال إفريقيا كلها، كما تم اختيار الوادي من قبل منظمة اليونيسكو كمنطقة تراث عالمي للهياكل العظمية للحيتان، كما أنها بيئة طبيعية لبعض الحيوانات المهدَّدة بالانقراض مثل الغزال المصري.

بالإضافة إلى الوادي فهناك قرية تونس أو عزبة تونس، تقع القرية فوق مرتفع أخضر ينحدر حتى يصل إلى بحيرة قارون ويفصل بينها وبين البحيرة مساحات خضراء ومجموعة من الأشجار ممَّا جعل سكانها يطلقون عليها تونس الخضراء، كما تتميز القرية بهدوئها وطابعها الأوروبي حيث هناك العديد من الفيلاَّت المملوكة لأشخاص أجانب من سويسرا وإيطاليا وعدد من الكُتَّاب والشعراء المصريين، مثل منزل الشاعر سيد حجاب وزوجته والذي يُعدُّ أول منزلٍ أنشأ في القرية، كما هناك فندق أوليفييه المبني على الطراز الفلورنسي الأوروبي والذي يطلُّ مباشرةً على بحيرة قارون والمساحات الخضراء مما يوفر الكثير من الاسترخاء والراحة .


(4) سيوة جنَّة الصحراء الغربيَّة

تتميز القرية بهدوئها وطابعها الأوروبي حيث هناك العديد من الفيلاَّت المملوكة لأشخاص أجانب من سويسرا وإيطاليا
سيوة
(شاب سيوي يقوم برحلات للزائرين فى صحراء الواحة – الصورة لـ: أحمد أبو خليل/إضاءات)

من الممكن الاعتقاد بأنَّ منطقة الواحات ما هي إلاَّ مساحات شاسِعة من الرِّمال، إلاَّ أنَّه وبعد اجتياز مساحات كبيرة من الصحراء الغربيَّة في مصر فسوف تظهر واحدة من أجمل المناطق في مصر وهي واحة سيوة، تتميز واحة سيوة بوجود العديد والعديد من ينابيع المياه المعدنيَّة والبحيرات المالحة وأشهرهم حمَّام كليوباترا الذي سبحت فيه الملكة كليوباترا قبل آلاف السِّنين، كما هناك معبد الوحْي أو معبد آمون الذي زاره الإسكندر الأكبر، وهناك أيضًا حدائق الزَّيتون والنَّخيل الذي تشتهر بهم سيوة نظرًا لملوحة أرضها مما يُضفي عليها مظهرًا خلابًا، إلى جانب اشتهار سيوة برمالها السَّاخنة التي تستعمل كثيرًا في علاج العديد من الأمراض العظميّة، وهناك فريق «trips club» الذي أسَّسه الشَّاب كريم عبد الهادي، ويمكنك أن تسافر مع فريق trips club إلى واحة سيوة والعديد من الأماكن الأخرى مثل سانت كاترين وراس شيطان.

يبدو أنَّ الشَّباب لم يبحث فقط عن التغيُّر السَّياسي والاجتماعي، بل بحثوا أيضًا عن التغيُّر في الأماكن التي اعتادوا أن يقضوا بها عطلاتهم، سواءً من أجل اكتشاف مصر والأماكن الخلاَّبة التي لا يعلم أحدٌ عنها شيئًا، أو من أجل التَّخلص من ارتفاع أسعار بعض الأماكن السياحية المعتادة، كما كانت تلك المناطق الجديدة فرصة جيِّدة لبعض الشَّباب لتوفير مصدر رزق جديد والهروب من مركزية العاصمة.