في وسط المكان، وبعد أن رتبت أوراقها للوصول لإجابة، ركضت مسرعة قبل أن تنثر تلك الأوراق في باحة المركز بعد أن انتشر الدوبامين في جسدها معلنًا عن الإجابة المنتظرة.

جميعنا نتذكر تلك اللحظة الآسرة في فيلم interstellar حين أعلنت «ميرف» عن إيجادها حلاً لمعادلة الجاذبية باستخدام البيانات الكمية القادمة من الثقب الأسود التي أرسلها لها والدها من بُعدٍ آخر فيه.

وبرغم ما تتحمله النساء من قسوة في الحياة؛ إلا أنهن يُصنفن ضمن الفئة الأضعف في أي مشاورات، أو قرارات، أو آراء تتعلق حتى بأنفسهن في مجتمعات كثيرة. لكن بمرور الزمن تبيّن أن النساء هن الفئة الأكثر تضحية وذكاءً، ويمكنهن القيام بأعمال ربما لا يستطيع الرجال فعلها معًا.

ليس دفاعًا عنهن أو التحريض والتقليل من قيمة الرجل، بل هو قول الحقيقة الواضحة والتي ليست بحاجة لروايتها في سطورٍ هنا أو هناك.

على سبيل المثال، تجد النساء في مهمات عديدة طوال اليوم يقمن بأعمال مختلفة؛ مثل العمل في وظائف، والتدريس للأطفال، والقيام بأعمال المنزل، والاهتمام بالصغير والكبير، وعمل المشروعات اليدوية الخاصة بهن، أو عملهن في حرفٍ أخرى بجانب كل هذا.

ومع ذلك لا تجد أيّ تقصير منهن في أي مكان، حتى وإن كن عالمات في وكالة ناسا.

وهؤلاء النسوة العاملات في الوكالة هن محور حديثنا اليوم، حيث تتمتع الوكالة بنماذج لسيدات خلف الأسوار ربما تجاوزت أبحاثهن وأعمالهن كثيرًا من الرجال في عوالم أخرى.


فرجينيا تاكر

هي معلمة سابقة للمرحلة الثانوية، حاصلة على درجة البكالوريوس في الرياضيات عام 1930. في العام 1935 التحقت بمركز لانغلي لمجتمع الكمبيوتر من أجل الانضمام لأربع نساء أخريات يعملن في المركز.

مجتمع الكمبيوتر أو الكمبيوتر البشري؛ هو مركز مركز ينضم إليه العباقرة من الأشخاص في الحسابات الرياضية، وكان جميعهن من النساء.

حيث قامت هؤلاء النسوة بإجراء عمليات حسابية معقدة، وحل معادلات رياضية بسرعة ودقة باستخدام أيديهن فقط، مثلهن مثل الكمبيوتر الحالي في سرعته ودقته.

كان عملهن داخل المركز ينحصر في القراءة، والحسابات، ووضع وتحليل البيانات. لعب هذا المركز -الكمبيوتر البشري- دورًا أساسيًا في كل من أبحاث الطيران، وأبحاث الفضاء المختبرية من منتصف عام 1930 إلى 1970.

كما ساعدت هؤلاء النسوة على مواكبة ارتفاع النتائج الحسابية قبل الحرب العالمية الثانية، وسباق الفضاء في وقت مبكر.

قبل وفاتها، كانت فرجينيا متخصصة في عدة مجالات مثل هندسة الطيران، ومشرف عام للحوسبة في المركز، والعمل على أبحاث تزيد من كفاءة المركبات الفضائية. توفيت في الـ19 من يناير عام 1985.


جانيت سيسوم

انضمت جانيت إلى مركز مارشال لرحلات الفضاء التابع لوكالة ناسا في العام 1964 بعد حصولها على درجتي البكالوريوس والماجستير في الرياضيات من جامعة ألاباما.

في العام 1967، نشرت جانيت تقريرًا تابع للوكالة بعنوان «دراسة نماذج التنبؤات الشمسية»، والذي مهد الطريق لتقنيات جديدة تعمل على تحسين التنبؤ بدورة البقع الشمسية.

في منتصف عام 1970، عملت جانيت كعالمة فضاء في مختبر مارشال لعلوم الفضاء في فرع بيئة الفضاء، ثم بعد ذلك قادت الأنشطة في مختبر مارشال للغلاف الجوي، والمغناطيسي، والبلازما لمشروع الفضاء.

عملت جانيت في وقتٍ لاحق في مقر ناسا كمحللة لنظم الكمبيوتر، ومسؤولة عن تحليل وتوجيه المعلومات في إدارة الوكالة وأنظمة الدعم الفني.


تشارلي بلاكويل طومسون

تشارلي طومسون هي مديرة تطوير النظم الأرضية وبرنامج العمليات التابع للوكالة – GSDO في مركز جون كنيدي للفضاء التابع لناسا في ولاية فلوريدا.

تشرف تشارلي أيضًا على منظومة إقلاع المركبات والصواريخ الفضائية؛ مثل العد التنازلي قبل الإقلاع. كانت أبرز المركبات التي أشرفت على إقلاعها هي المركبة الفضائية Orion في أول رحلة تجريبية لها؛ والتي سُميت المهمة باسم البعثة الاستكشافية 1.

رُشحت بلاكويل طومسون لمنصب أول أنثى تعمل كمديرة لبرنامج الإطلاق في ناسا في يناير/ كانون الثاني عام 2016. يشمل دورها على قيادة وإدارة التخطيط لعمليات إطلاق وتنفيذ برنامج GSDO وقسم تطوير النظم الاستكشافية، أو البيئة والتنمية المستدامة.

كما تشغل أيضًا منصب الصدارة بين البرامج لفريق الإطلاق؛ حيث تعتبر المسؤولة عن التكامل والتنسيق بين عمليات الإطلاق في البرامج الثلاثة: SLS, Orion, GSDO، كما تعمل طومسون كمصورة في مبنى تجهيز الصواريخ.


جويا ماسا

عالمة وباحثة في البيولوجيا (الأحياء)، وتعتبر هي الباحثة الرئيسية لمشروع الخضروات في وكالة ناسا. هذا المشروع الذي يعمل على أبحاث النباتات التي تنمو على متن المحطة الفضائية الدولية.

تقول جويا:

وكونها عالمة أحياء في هذا المجال في ناسا، فقد أبدت إعجابها بمشهد إنتاج الخضروات على المريخ في فيلم «المريخي» من بطولة مات ديمون.


جيني ليون

رئيسة شعبة إدارة الأسطول والنظم في برنامج التشغيل في الوكالة.

بدأت جيني قصتها منذ أن كانت فتاة في المدرسة الثانوية، حين شاهدت على شاشة التلفاز إحدى مشاهد إطلاق صاروخ فضاء.

وفي وقت كان الجميع منهمكًا في عملية الإطلاق، سألت والدها سؤالًا: «لماذا لا توجد نساء في غرفة التحكم لإطلاق الصاروخ؟»، فكانت إجابة والدها التي ربما لم تكن مقصودة؛ بأنه يمكنها أن تدرس وتجتهد في دراستها وتعمل لشغل هذا المنصب.

وبالفعل، درست جيني هندسة الطيران في الجامعة، وذهبت إلى ولاية فلوريدا دون أن يكون لديها أي خطة احتياطية في الحاجة إليها. حيث عرفت أن رحلتها إلى فلوريدا هي بهدف واحد يجب أن يتحقق؛ وهو الالتحاق بالوكالة.


لوز مارينا كالي

تعمل كالي كباحثة رئيسية في مرفق التعرض الخارجي حيث تدرس ميكانيكية ومسببات التآكل. نشأت وظيفتها نتيجة لبيئة معيشتها؛ حيث نشأت مهتمة باليراعات الصغيرة، والتأثيرات الجوية على الأحياء والتربة عمومًا.

تعمل كالي على أبحاث تمنع الصدأ للآلات في الوكالة. فوفقًا لتصريحاتها، فإن تكلفة استبدال الآلات الصدئة في الوكالة تقدّر بنحو تريليون دولار!.

بدأت كالي مسيرتها في دراسة التآكل عام 1966 خلال برنامج أبولو عندما بدأ مركز كينيدي للفضاء بإجراء اختبارات الموقع لتقييم الطلاء للمركبات الفضائية، وإجراءات الصيانة والحماية من تآكل الفولاذ الكربوني.


كيلي مالوني

تعمل كيلي مهندسة التصميم الميكانيكي الذي يعمل على تصميم الدعم الأرضي للمعدات والأسلحة وخراطيم الإمدادات – umbilical، والتي تتصل بالسفن الفضائية قبل الإطلاق، وفي الغرفة التي يستقلها الروّاد في طريقهم للمركبة التي تعرف باسم الغرفة البيضاء – white room.


باربرا براون

فكر قليلًا في عدم توفر الخضروات الطازجة لعدة أشهر أو سنوات. وإذا ذهبت إلى المريخ سترى مدى صعوبة ذلك، كما سيعمل إنتاج الخضروات والفاكهة الطازجة على مساعدة النظام الغذائي للفرد، وتبقيه على اتصال دائم بجو الأرض أثناء وجوده في الفضاء.

تعمل براون رئيس مكتب التنفيذ الإستراتيجي في برنامج البحوث وتكنولوجيا الاستكشاف في مركز الفضاء.

منذ أن كانت طفلة، كانت باربرا لا تعرف حدودًا للإبداع أو الشغف والتعلّم، وعلّمها والدها أنه يمكنها فعل أي شيء. كانت تريد فعل كل شيء؛ مثل الكتابة، الغناء، قيادة الشاحنات، وأن تعمل في وكالة ناسا!.

وفي وكالة ناسا منذ عام 1986، عملت براون في منصب إدارة تكامل مركز الفضاء للبحوث والتكنولوجيا.

أحد المشاريع التي عملت عليها باربرا؛ هو بناء الأنظمة الآلية ومناطق التحكم الذاتي لمراقبة عمليات التزود بالوقود عند إطلاق الصواريخ، والتي يجب أن تبقى باردة.

أخيرًا؛ لم تنتهِ النماذج النسائية التي تعمل في الكواليس في الوكالة للعمل من أجل تطوير وإنتاج أدوات تساهم في تطوير المركبات والصواريخ، وتساهم أيضًا في تقنيات استكشاف الفضاء.

ولم يقتصر الأمر على النساء في الوكالة بهؤلاء النسوة في الكواليس فحسب؛ بل هناك أيضًا رائدات الفضاء اللائي صعدن على متن عدة رحلات فضائية؛ آملين في الحصول على معلومات واستكشافات علمية جديدة من الجهة الأخرى فوق الأرض.

المراجع
  1. When the Computer Wore a Skirt: Langley’s Computers, 1935–1970
  2. Onward and Upward
  3. Jeanette A. Scissum, Scientist and Mathematician at NASA Marshall
  4. Dr. Luz Marina Calle, Lead Scientist and Principal Investigator, Corrosion Technology Laboratory, Kennedy Space Center
  5. Crew Access Arm Reaches for New and Heritage Technologies
  6. Women@NASA