محتوى مترجم
المصدر
TIME
التاريخ
2016/05/19
الكاتب
إيان بريمر

في ظل انهيار اقتصادي مروع، أعلنت رئاسة اللجنة الوطنية للانتخابات في فنزويلا مطلع أغسطس/آب الجاري أن 98% من التوقيعات الـ 408 آلاف التي قدمت لها من قبل المعارضة، لإجراء استفتاء على استمرار الرئيس الاشتراكي نيكولاس مادورو، هي توقيعات صحيحة. ستسعى الحكومة الفنزويلية إلى المماطلة بكل ما تستطيع لتأخير موعد إجراء الاستفتاء إلى العام القادم، فبعد العاشر من يناير/كانون الثاني المقبل قد تتمكن المعارضة من إسقاط مادورو لكن «التشافيزية» ستستطيع الاستمرار في سدة الحكم في كراكاس، أما إن تم الاستفتاء قبل ذلك التاريخ فربما تكون هذه نهاية 17 عام من الاشتراكية في فنزويلا، قلعة الاشتراكية اللاتينية. هذه الحقائق الخمس تشرح ما تحتاج إلى معرفته بشأن مقدمات ومصير الوضع الراهن في فنزويلا.


حجم الأزمة

في آخر مرة فحصنا فيها الوضع في فنزويلا، كانت البلاد بالفعل مكبلةً بفعل النقص في السلع. لكن الوضع ازداد تدهورًا. توقف صنع مشروب الكوكاكولا في فنزويلا – فلم يعد هناك ما يكفي من السكر. ولا يزال مشروب «كوكاكولا دايت»، منزوع السكر، موجودًا بالأسواق – إلى أن تنفذ مادة الأسباراتام – لكن اختفاء أحد رموز العولمة من أرفف المتاجر يمثل آخر ضربة لاقتصادٍ يقف على حافة الانهيار. في أبريل/نيسان، أغلقت شركة «إمبريساس بولار Empresas Polar SA» أبوابها، وهي أكبر شركة خاصة بالبلاد والمسؤولة عن تصنيع 80 بالمئة من الجعة التي تستهلكها فنزويلا. ترشد الحكومة الآن استهلاك المياه، وقد حُذر بعض السكان من أنهم سيُزودوا بالمياه لمرة واحدة كل 21 يوم بعد جفاف خزان البر الرئيسي. لذلك بدأ الفنزويليون بسرقة المياه من الشاحنات الناقلة وأحواض السباحة. كما طال النقص الكهربائي أيضًا. أمر الرئيس نيكولاس مادورو المكاتب الحكومية بالعمل ليومين فقط أسبوعيًا في محاولة لتوفير الطاقة. يأتي ذلك بالإضافة إلى الأمر بقطع التيار الكهربي لمدة أربع ساعات في أنحاء البلاد، علاوة على انقطاعات التيار الكهربي العشوائية التي أصبحت جزءً من الحياة اليومية. لا يمكن العثور على الأدوية الأساسية مثل الأسبرين، وأرفف المتاجر عادة ما تكون خالية، جزئيًا لأن الرقابة على الأسعار أعاقت إنتاج المواد الغذائية، ويهدد مادورو بمصادرة المصانع المغلقة وتأميمها.


كيف وصلت فنزويلا إلى هذا الوضع؟

مثلما قد يقول هيمنجواي، أفلست فنزويلا تدريجيًا، ثم فجأةً. فطوال سنوات، كانت البلاد معتمدة بشدة على احتياطياتها الهائلة من النفط، التي تشكل 96 بالمئة من عائدات التصدير وحوالي نصف ميزانيتها الاتحادية. كان ذلك معقولًا عندما كان سعر النفط يتجاوز 100 دولار للبرميل. اعتمدت فنزويلا سعر 40 دولار للبرميل لمدة سنوات وكان بإمكان صناع القرار أن يوفروا الفائض المالي لفترات الأزمات. ذهب بعض تلك الأموال لانتشال الفقراء من الفقر، لكن الحكومة أنفقت الكثير من أموال النفط المخصصة للطوارئ أو تعرضت للسرقة. ستحتاج فنزويلا الآن إلى وصول أسعار النفط إلى 121 دولار للبرميل لموازنة ميزانيتها – لكن بدلًا من ذلك، براوح سعر البرميل عند 50 دولار. تفاقم الضرر الواقع على الاقتصاد الفنزويلي بفعل الجفاف المستمر. فحوالي 65 بالمئة من كهرباء البلاد تُولد بواسطة سد هيدروليكي وحيد، والذي يواجه حاليًا مشكلات خطيرة.


مشكلات على المدى الطويل

طوال عقود، كان الفساد حاضرًا في سياسة فنزويلا. فهي الدولة الأكثر فسادًا في الأمريكتين، وتاسع أكثر دولة فسادًا في العالم، وفق بيانات منظمة الشفافية الدولية. يبلغ معدل جرائم القتل بها 90 لكل 100,000 مواطن، وهو ثاني أعلى معدل في العالم، بعد السلفادور. بشكل غير مفاجئ، الشعب غاضب. ويحدث بشكل متوسط 17 مظاهرة يوميًا في أنحاء البلاد، وفق المرصد الفنزويلي للصراع الاجتماعي. يبلغ معدل البطالة الحالي 18 بالمئة، وستبلغ نسبة مشروعات صندوق النقد الدولي حوالي 21 بالمئة العام المقبل. يتوقع وصول معدل التضخم إلى 481 بالمئة بحلول نهاية العام، و1642 بالمئة بحلول العام المقبل، وفق بيانات صندوق النقد الدولي. لتوضيح ذلك تجدر الإشارة أن وجبة «هابي ميل» من مطاعم «ماكدونالدز» في كراكاس تبلغ قيمتها 146 دولار حسب سعر الصرف الرسمي، 6,3 بوليفارات لكل دولار.


تغيير الحرس القديم

سلمت الانتخابات التشريعية التي جرت في ديسمبر/كانون الأول الماضي البرلمان الفنزويلي إلى ائتلاف الوحدة الديمقراطية، وهو تجمع سياسي لأحزاب يمين الوسط، يسار الوسط والوسط. كانت تلك المرة الأولى منذ 17 عام التي تفشل فيها «التشافيزية»، النسخة الفريدة من السياسات الشعبوية والاشتراكية التي قادها الرئيس الراحل، هوجو تشافيز، وتابعها مادورو، خليفته الذي اختاره، في الفوز بالانتخابات العامة. بلغ مستوى شعبية مادورو في ديسمبر/كانون الأول 22 بالمئة؛ واليوم أصبح 15 بالمئة. يريد حوالي 70 بالمئة من الفنزويليين عزله من منصبه. فالشعبويون يحتاجون إلى الدعم الشعبي، ورصيد مادورو ينفذ.


سباقٌ مع الزمن

تحقيقًا لهذه الغاية، جمعت المعارضة توقيعاتٍ كافية لإجراء استفتاء على بقاء مادورو. احتاج النشطاء إلى 200,000 توقيع، أي واحد بالمئة من جميع المصوتين، لبدء العملية. وادعوا أنهم جمعوا بالفعل 1,85 مليون توقيع، وقدموا قائمتهم إلى المجلس الانتخابي الوطني للحصول على الموافقة، لكن المصادقون موالين للحكومة وكانوا يماطلون. (مطلع أغسطس أعلنت رئاسة لجنة الانتخابات أن 98% من التوقيعات الـ 408 آلاف التي قدمت لها من قبل المعارضة لإجراء الاستفتاء هي توقيعات صحيحة).

لماذا؟ توقيت الاستفتاء حاسم. فوفق الدستور الفنزويلي، إن تمت الإطاحة بالرئيس خلال العامين الأخيرين من مدته، تمرر الرئاسة إلى نائب الرئيس – وهو أريستوبولو إستوريز، أحد المناصرين للتشافيزية. إن مر ذلك مرور الكرام – يوم 10 يناير/كانون الثاني 2017 هو التاريخ السحري – تخشى المعارضة أن الحركة التشافيزية ستضحي ببساطة بمادورو لحماية التشافيزية. وفي غياب انتفاضة شعبية قوية كفايةً لإجبار الحكومة على التحرك بشكل أسرع، فذلك تحديدًا هو ما سيحدث. يبدو مرجحًا أن مادورو سيُعزل من منصبه قبل انتهاء مدته رسميًا؛ لكن السؤال الحقيقي هو ما إذا كانت التشافيزية ستغادر معه أم لا.