محتوى مترجم
المصدر
Jacobian
التاريخ
2017/02/06
الكاتب
بريت إس. موريس

بعد فترة قصيرة من فوز دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأمريكية، أبدى الكثير من الجهاديين سعادتهم بتلك النتيجة حيث قال أحدهم: «فرحون بتلك المساندة من الله ونجدها أخبارًا سارة بالزوال الوشيك لأمريكا على أيدي ترامب».

وقال آخر: «إن ترامب يظهر العقلية الحقيقية للأمريكيين وعنصريتهم تجاه المسلمين والعرب. إن ترامب يظهر ما اعتاد أسلافه على إخفائه، لذا فانتصاره يكشف المزيد عن أمريكا وأذيالها».

إن ترامب، الذي تعهد في خطاب تنصيبه بتوحيد العالم المتحضر ضد الإرهاب الإسلامي المتطرف واقتلاعه بالكامل من على وجه الأرض، فضلاً عن سابق تعهده بتفجير داعش وطرد أهالي الإرهابيين، يرى نفسه على الأرجح معارضًا قويًا إلى ما يشير إليه هو والتيارات اليمينية بـ«الإسلام المتشدد».

إلا أن ثمة إشكالية فيما يتعلق بتصوره الشخصي: فسياسات ترامب المفترضة من شأنها أن تعزز وألا تعيق داعش والجماعات المتطرفة الأخرى. في واقع الأمر، بعد أن أصدر ترامب أمره التنفيذي بمنع دخول مواطني 7 دول إسلامية إلى الولايات المتحدة، احتفلت جماعات جهادية قائلة: «إن تلك السياسة الجديدة تؤكد صدق زعمهم بأن الولايات المتحدة تخوض حربًا مع الإسلام»، كما ذكر جوبي واريك في صحيفة واشنطن بوست.

في عام 2016، كتب كل من مارك ريفكين وأحمد مهيدي في مجلة فورين أفيرز، أن الجهاديين مبتهجون بتولي ترامب سدة الرئاسة، حيث يعتقدون أنه سيقود الولايات المتحدة إلى مسار تدمير نفسها».

واستنادًا لتحليلات لأحاديث ومقابلات لأنصار داعش الحاليين والسابقين على وسائل التواصل الاجتماعي، خلص كل من ريفكين ومهيدي إلى أن دعم تلك التنظيمات المتطرفة لترامب، يأتي لـ4 أسباب:

الأول: أن خطاب ترامب المناهض للإسلام يساعد في دعم سرد داعش عن العالم ثنائي القطب الذي يكون فيه الغرب في حالة حرب مع الإسلام.

الثاني: يأمل داعش في أن يقوم ترامب بحض مسلمي الولايات المتحدة وأوروبا على التطرف ويلهمهم لتنفيذ هجمات «الذئاب المنفردة» في بلدانهم.

الثالث: يؤمن أنصار داعش أن ترامب سيكون شخصًا متقلبًا وقائدًا غير عقلاني سيتسبب تهوره في اتخاذ القرارات في إضعاف الولايات المتحدة.

الرابع: يؤمن تنظيم داعش بنبوءة «المعركة الأخيرة»” التي ستحدث في مدينة دابق شمال سوريا، والتي ستنتصر فيها الخلافة بشكل حاسم على أعدائها.

لا يزال من المستحيل التنبؤ بجميع تفاصيل السياسة الخارجية لترامب بكثير من اليقين. على الرغم من ذلك، يمكننا أن نجد بعض الأدلة التي تشير إلى السياسة الخارجية التي ينوي ترامب الالتزام بها، عن طريق فحص تصريحات وكتابات الجنرال المتقاعد مايكل فلاين، الذي اختاره ترامب ليكون مستشاره للأمن القومي [1].


حقائق فلاين

فلاين، الذي عمل أيضًا كمستشار أول للأمن القومي خلال حملة ترامب، قضى 3 عقود عمل خلالها ضابط استخبارات مع الجيش الأمريكي ولديه خبرة في العراق وأفغانستان. في عام 2014، تم فصله من آخر المهام الموكلة إليه كمدير لوكالة استخبارات الدفاع بسبب مسائل إدارية.

لكن في كتابه «ميدان القتال»: كيف نستطيع الفوز بالمعركة ضد الإسلام المتشدد وحلفائه -بالاشتراك مع مايكل ليدين- يزعم فلاين أنه قد تم فصله بعد أن أخبر إحدى لجان الكونجرس أن بلادهم لم تعد آمنة كما كانت قبل سنوات.

كانت تصريحات فلاين أحيانًا متناقضة وغير مترابطة وعبرت عن تقارب ضعيف مع الحقائق، حيث أطلق بعض أتباعه في وكالة استخبارات الدفاع على مزاعمه مصطلح «حقائق فلاين» ووصفه كولين باول في رسائله الإلكترونية الخاصة التي تم تسريبها، بأنه «يميني غريب الأطوار».

بالإضافة إلى تعزيز رواية الجهاديين، فإن منظور العالم بالنسبة لفلاين في أنه حرب بين الإسلام المتشدد ضد الغرب يؤول أيضًا إلى ما يمثل هوسًا غريبًا مألوفًا

على سبيل المثال، على الرغم من تصريحه بأن روسيا هي جزء من «تحالف الأعداء» المعارض للغرب، فقد وافق على إجراء مقابلة رسمية لقناة روسيا اليوم في العاصمة الروسية موسكو، حيث تناول وجبة العشاء مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

وعلى الرغم من أنه يتحدث دون الاهتمام بالتفاصيل، فإن فلاين لديه رؤية خطيرة تفتقر للدقة تجاه العالم يمكننا استنتاجها من تصريحه التالي: «نحن نخوض حربًا عالمية ضد عصبة عنيفة من الأشرار، أغلبهم تستلهمه أيديولوجية شمولية وهي: الإسلام المتشدد».

ووفقًا لفلاين، فإن «تحالف الأعداء» من الإسلاميين المتشددين وحلفائهم يتضمن مجموعات ودولاً كالقاعدة وداعش وحزب الله وإيران وسوريا وروسيا والصين وكوريا الشمالية وكوبا وفنزويلا وبوليفيا ونيكاراجوا.

بطبيعة الحال، ذلك التوصيف يعد مثيرًا للسخرية، لكنه بالنسبة لفلاين فإن ما يوحدها هو الكراهية المشتركة المفترضة للغرب والاتفاق على أن الديكتاتورية هي السبيل الأفضل لإدارة أي دولة أو إمبراطورية أو خلافة.

في عام 2016، كتب فلاين تدوينة على حسابه قال خلالها: «إن الخوف من المسلمين منطقي». يمثل ذلك مجموعة الافتراضات والتصورات عن الصدام القديم بين الحضارات الذي يتجاهل الأسباب الاجتماعية والسياسية والتاريخية للإرهاب والتطرف والصراع.

مما يثير السخرية في افتراضات وتصورات فلاين هو أن جماعات جهادية كالقاعدة وداعش تفكر بالأسلوب ذاته، بمعنى أن تلك الجماعات تؤمن بأن هناك صراعًا كبيرًا بين الإسلام والغرب فضلاً عن أن وجهة النظر التي يزعمها فلاين «أن الإسلام السياسي هو سرطان خبيث في جسد 1.7 مليار شخص على هذا الكوكب ولابد من استئصاله» تغذي وتشرعن رواية الجهاديين.

الجهاديون أنفسهم كتبوا بشكل إيجابي عن تلك الدوامة المتعاضدة من الكراهية والانقسام. فبعد المجزرة التي ارتكبها تنظيم القاعدة بحق رسامي كارتون مجلة «تشارلي إبدو» في فرنسا، تبنى داعش الهجوم في مجلته الإلكترونية المعروفة باسم «دابق» قائلا: «إن الهجوم استأصل المنطقة الرمادية» وهي المنطقة التي يسودها العيش السلمي بين المسلمين وغير المسلمين.

وأوضح داعش أن مسلمي الغرب سيجدون أنفسهم في القريب العاجل بين واحد من خيارين، إما الارتداد أو الهجرة إلى الدولة الإسلامية، وبالتالي يفرون من الاضطهاد الذي يمارسه المواطنون والحكومات الصليبية.

وكما لاحظ خوان كول الأكاديمي ومحلل شئون الشرق الأوسط في ذلك الوقت، فإن أحد أهداف مثل تلك الهجمات الإرهابية هو إيضاح التناقضات بين المسلمين وغير المسلمين. إذا تمكنت جماعات مثل القاعدة وداعش من جعل مشاعر المواطن الفرنسي غير المسلم وحشية تجاه المسلمين لمجرد كونهم مسلمين، فيمكنهم البدء في إيجاد هوية سياسية مشتركة تتمحور حول الشكوى من التمييز.

مثل تلك الهجمات تُعد محاولات لاستفزاز المجتمع الأوروبي وجره لارتكاب مذابح ضد المسلمين الفرنسيين، وعند تلك النقطة سيحقق تجنيد المقاتلين لدى القاعدة بعض النجاح.

بالإضافة إلى تعزيز رواية الجهاديين، فإن منظور العالم بالنسبة لفلاين في أنه حرب بين الإسلام المتشدد ضد الغرب يؤول أيضًا إلى ما يمثل هوسًا غريبًا مألوفًا يتشاطره الكثيرون من أنصار اليمين وهو الهوس المتعلق بإيران. ينتاب فلاين قلق بالغ حيال إيران، والتي يصفها بأنها الداعم الرئيسي في العالم للجهاد وأحد أكثر الأنظمة القمعية على وجه الأرض.

في حقيقة الأمر، ووفقا لفلاين، فإن إيران هي محور التحالف بين الإسلاميين المتشددين والدول القومية التي قال إنها تسعى لتدمير الغرب. ويشدد فلاين على أن إيران والقاعدة حليفان وثيقان (وهما ليسا كذلك).

في الواقع، يعتقد فلاين أنه: «إذا كانت مهمتنا الأساسية بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر هي هزيمة الإرهابيين والدول الداعمة لهم، فإن هدفنا الأساسي كان يجب أن يكون طهران، وليس بغداد» – على الرغم من اعتقاده بأن سبيل هزيمة طهران ينبغي أن يكون سياسيًا عن طريق دعم المعارضة الإيرانية الداخلية

إن اعتقاد فلاين بأن إيران تمثل التهديد المطلق للولايات المتحدة لا علاقة له بالواقع. فميزانية إيران العسكرية تقدر بـ10 مليارات دولار، أقل من 2% من الميزانية العسكرية لأمريكا 600 مليار دولار -مثل الإنفاق العسكري للجيش الأمريكي أكثر من ثلث الإنفاق العسكري لجميع دول العالم، وتنفق أمريكا أكثر من أعلى 7 دول إنفاقًا مجتمعة.

وكما يشير تقرير وزارة الدفاع الأمريكية للعام 2015، فإن النظرية العسكرية لإيران دفاعية في المقام الأول بمعنى أن أهداف إيران الدائمة هي الحفاظ على نظام الحكم الإسلامي للبلاد وحمايتها من التهديدات وجعلها القوى الإقليمية المهيمنة وتحقيق الرخاء الاقتصادي داخلها.

إن هوس فلاين بمناهضة إيران يعكس وجهة نظر السياسة الخارجية لأمريكا في أن إيران تمثل إحدى الإشكاليات الأساسية لها في الشرق الأوسط، لأنها لم تخضع للمطالب الأمريكية منذ عام 1979 عندما أطاحت الثورة الإيرانية بشاه إيران الديكتاتور المدعوم من أمريكا، الذي جاء إلى سدة السلطة عام 1953 في انقلاب تم بمساعدة أمريكا وبريطانيا ضد حكومة محمد مصدق المنتخبة ديمقراطيًا.

إيران هي دولة ثيوقراطية وحشية استبدادية مدانة بارتكاب انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، لكن ليس ذلك هو السبب الذي من أجله تعارضها الولايات المتحدة. وإذا كان ذلك هو السبب، لما كانت أمريكا دعمت حكومة أخرى تتبع نهج الحكم نفسه في المنطقة وهي المملكة العربية السعودية.


نفاق الصقور

بالنسبة لشخص يفترض أنه قلق حيال – الإسلام المتشدد – فإن فلاين ليس لديه ما يقوله عن المملكة العربية السعودية. يظهر فهرس كتاب فلاين أن إيران ورد ذكرها في 43 صفحة، بينما ذُكِرت السعودية على 4 صفحات فقط.

تُعد السعودية إحدى آخر الملكيات الاستبدادية المتبقية في العالم والدولة الوحيدة في العالم التي تحمل اسم العائلة الحاكمة – عائلة آل سعود – لايوجد في السعودية انتخابات وطنية أو أحزاب سياسية أو نقابات عمالية. الإسلام السني – وعلى وجه التحديد البديل المتطرف له المعروف باسم الوهابية – هو الديانة الرسمية للدولة وأي ممارسات علنية لأية ديانة غير الإسلام ممنوعة.

حرية التعبير محظورة بشكل أساسي بموجب قانون 2014 حيث يُعتبر كل من التجديف والدعوة إلى الإلحاد والتشكيك في ثوابت الدين الإسلامي كلها أعمال إرهابية قد تؤدي بصاحبها إلى السجن لمدة تصل إلى 20 عامًا، كما توضح الناشطة الأمريكية البارزة ميديا بنجامبين في كتابها عن السعودية بعنوان «مملكة الظلم: ماوراء العلاقات الأمريكية – السعودية».

السعودية هي أكثر الدول في العالم التي يجرى فيها الفصل بين الجنسين، حيث لا يمكن للنساء الزواج أو الحصول على جوازات سفر أو السفر دون إذن «ولي أمرها» وعادة ما يكون الزوج أو الأب. السعودية هي الدولة الوحيدة في العالم التي لايسمح فيها للنساء بقيادة السيارات. يتم تطبيق عقوبة الإعدام هناك بحرية ومعظمها يُنفذ على جرائم غير عنيفة مثل حيازة المخدرات.

وعادة ما تنفذ الإعدامات عن طريق قطع الرأس أمام الجمهور. يحظر القانون السعودي إعدام القُصّر، لكن يمكن الحكم عليهم بالإعدام – حيث تقوم الحكومة بتولي أمرهم حتى يبلغوا ثمانية عشر ربيعًا، وعندها يمكن إعدامهم.

وحتى أنهى قرار من المحكمة العليا إعدام القُصّر في عام 2005، كان ذلك الأمر شائعًا داخل الولايات المتحدة أيضًا، حيث تم إعدام 22 من الجناة القُصّر في الولايات المتحدة ما بين عامي 1985 و 2005.

الشئ الذي يثير القلق بنفس الدرجة التي يثيرها سجل حقوق الإنسان المروع هو دعم السعودية للمتشددين خارج حدودها. في عام 2009، اعترفت وزيرة الخارجية آنذاك هيلاري كلينتون بأن المانحين في المملكة العربية السعودية يشكلون المصدر الأكبر والأهم للجماعات الإرهابية السنية في جميع أنحاء العالم بما في ذلك تنظيم القاعدة.

على الرغم من ذلك، فالسعوديون تحميهم واشنطن بما توفره له من دعم ومبيعات أسلحة ضخمة. في حقيقة الأمر، تُعد السعودية أكبر مشترٍ للأسلحة الأمريكية في جميع أنحاء العالم.

في عام 2010 أبرمت إدارة أوباما عقدٍا لبيع الأسلحة للسعودية بقيمة 60 مليار دولار، وهو أكبر عقد بيع أسلحة في تاريخ الولايات المتحدة. تتضمن تلك الأسلحة طائرات مقاتلة من طراز إف – 15، ومروحيات هجومية من طراز أباتشي، ومنظومات دفاع صاروخي، وقنابل، وعربات مدرعة، وفقًا لما ذكرت ميديا بنجامين. واستخدم السعوديون الأسلحة الأمريكية بشكل مكثف منذ عام 2015 للهجوم على أهداف مدنية مثل المدارس والمستشفيات والأسواق.

لم يكن لدى مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية مشكلة قط في العمل مع الإسلاميين، عندما يناسب ذلك مصالحها. يبدو أن فلاين يؤمن بالبروباجاندا التي تؤكد على صدام الحضارات، والتي تُعد مجرد واجهة لتبرير تدخلات واشنطن العنيفة في الشرق الأوسط.


الصقور لن ينقذونا

لم يكن لدى مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية مشكلة قط في العمل مع الإسلاميين، عندما يناسب ذلك مصالحها

لقد جعلت سياسات وتدخلات واشنطن بالشرق الأوسط مشكلة الإرهاب الإسلامي أكثر سوءًا، بعدما ترسخ في أذهان الكثير من المسلمين أن الولايات المتحدة عازمة على تدمير الإسلام. وبوصفه شخصًا مهووسًا بضرورة كسب الحرب ضد الإسلام المتشدد، فإن هوس فلاين يمثل رأيًا خطيرًا من شأنه أن يحفز العدو الذي يزعم معارضته، وقد يؤدي إلى المزيد من العنف والتصعيد والصراع والإرهاب.

يتسم البعض من تصريحات فلاين حول التدخلات الأمريكية في الشرق الأوسط بالتناقض. يظهر أن فلاين يدرك إلى أي مدى يسهِم العنف الذي ترتكبه الولايات المتحدة في العالم الإسلامي في المشكلة، لكن نظرًا لالتزاماته الأيديولوجية فهو غير قادر على إدراك أن السياسات الأمريكية والسعودية هي التي خلقت مكامن الدعم لجماعات كالقاعدة وداعش في المقام الأول.

فمن ناحية، سبق وأن صرح: «كلما أعطينا مزيدًا من السلاح، أسقطنا مزيدًا من القنابل، مما يؤجج الصراع»، و «عندما تسقط قنبلة من طائرة دون طيار، فإنك تسبب أضرارًا أكثر من الفوائد» وصرح أيضًا بأن الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 كان خطأ استراتيجيًا سكب الزيت على النار.

من ناحية أخرى، يعتقد فلاين أن الإسلاميين المتشددين تغذيهم رؤيتهم للهيمنة العالمية، والتي تتحقق عبر العنف وإراقة الدماء. وفي كتابه، يوضح أنه من أجل الفوز في الحرب، فإنه ينبغي علينا تنشيط كل عنصر من عناصر القوة الوطنية بطريقة متماسكة متزامنة من أجل التمويل الفعال للصراع الممتد عبر أجيال.

يعتقد فلاين أن الولايات المتحدة يجب أن تشتبك مع الإسلاميين المتطرفين أينما كانوا، وأن تطردهم من ملاذاتهم الآمنة وأن تقتلهم أو تأسرهم. وأية دولة تقدم ملاذًا آمنًا لأعدائنا، ينبغي أن تُمنح واحدًا من الخيارين – إما أن تتخلص منهم أو أن تشترك في جهود التخلص منهم.

لقد نما الملايين من المسلمين في عالم يشكله التدخل الأمريكي والدعم للأنظمة الاستبدادية الرجعية. وحتى مع اعتراف البعض داخل المؤسسة العسكرية الأمريكية بهذه الحقيقة: يوضح تقرير الهيئة العلمية للبنتاجون نُشِر عام 2004 التالي:

إن المسلمين لا يكرهون حريتنا لكنهم بالأحرى يكرهون سياساتنا. تعبر الأغلبية الساحقة من المسلمين عن اعتراضاتها لما تراه بأنه دعم أحادي الجانب لصالح إسرائيل ضد الحقوق الفلسطينية ودعم متزايد طويل الأمد لما يصفها المسلمون بالأنظمة الاستبدادية وأبرزها مصر والسعودية والأردن وباكستان والدول الخليجية.

ويشير التقرير إلى أن التدخل الأمريكي المباشر في العالم الإسلامي قد جاء بأثر عكسي وزاد من المكانة والدعم اللذين يحظى بهما الإسلاميون المتشددون. إن حرب العراق وحدها، أحد الأسباب الأساسية لظهور تنظيم داعش، آلت إلى مقتل مليون شخص وزيادة سبع مرات في الإرهاب بجميع أنحاء العالم.

بالنسبة لفلاين، كان هذا التدخل خطأ استراتيجيًا، لكنه فشل في الاعتراف بفداحة ذلك الخطأ. وبدلاً من البحث في الأسباب الجذرية لنمو جماعات كداعش، تعامل فلاين مع مشكلة الإسلام المتشدد بأسلوب عسكري لن يتسبب سوى في المزيد من العزلة بين المسلمين وغير المسلمين وإثارة المزيد من التدخلات ضد الدول الإسلامية (لاسيما إيران) وتقديم المزيد من الدعاية للجماعات الجهادية التي تستمد شرعيتها السياسية من انطباع أن الولايات المتحدة والغرب يسعيان لتدمير الإسلام.

وكما أوضح أحد الحسابات الموالية للقاعدة بعد الإعلان عن فوز ترامب «سيكون ترامب بمثابة رجل القش (الذي يشوه الحجة للرد عليها) خلال الأعوام الأربعة المقبلة، كما فعل بوش قبله».

وبوصفه مستشار أمن قومي، فإن فلاين سيضمن للقاعدة وداعش الحصول على مايريدانه.


[1] استقال فلاين من منصبه في 14 فبراير، علي خلفية تصاعد الاتهامات باتصاله بالسلطات الروسية إبان حملة ترامب