في صيف 2009 انتقل النجم كريستيانو رونالدو في صفقة قياسية وقتها بلغت 94 مليون يورو من مانشستر يونايتد الإنجليزي إلى ريال مدريد، صفقة وصفها الكثيرون بصفقة القرن لا لقيمة الانتقال فقط بل ولقيمة رونالدو الفنية ومدى التأثير الذي أحدثه ذلك الانتقال سواء في مدريد أو في شمال غرب إنجلترا أو على رونالدو نفسه، لكن دعونا نتخيل سويًا تلك الفكرة؛ ماذا لو ظلّ رونالدو بقميص مانشستر يونايتد إلى يومنا هذا؟


سقوط فلورينتينو!

كان بيريز من المُحتمل ألا ينجح في انتخابات رئاسة ريال مدريد في تلك الفترة؛ لأن بيريز تعوًّد على وعد المُنخرطين في النادي الملكي بصفقة مُدوية قبل موسم الانتخابات، ففي عام 2000 قدم فيجو لاعبًا لريال مدريد في صفقة هزًّت الوسط الكروي العالمي وقبل انتخابات 2004 جلب المُهاجم الإنجليزي الأكثر صيتًا آنذاك من ليفربول مايكل أوين وبالتالي فكسر العادة في 2009 كان سيُهدد حظوظ بيريز في رئاسة البيت الأبيض.


أسطورة الرقم 7

من المُفارقات أن رقم 7 هو الرقم الأسطوري لكلا الناديين العملاقين، فمن جورج بيست إلى ديفيد بيكهام مرورًا بإريك كانتونا بالقميص الأحمر وأمانسيو وبوتراجينيو وخوانيتو وانتهاءً براؤول جونزاليس بالقميص الأبيض، حتى أن السير أليكس فيرجسون أجبر رونالدو نفسه على ارتداء الرقم 7 فور رحيل بيكهام من مانشستر-على غير رغبة كريستيانو- حتى يُكمل الأسطورة.

فلو أكمل رونالدو بين جدران الأولد ترافورد لوثّق أسطورية بمستوى آخر لهذا الرقم وما سمح لرقم مثل هذا أن يرتديه تارة فالنسيا وأخرى ديباي، وعلى الجانب الآخر ما استطاع أي من يكون أن يحصل على تيشيرت راؤول المُقدَّس، فرونالدو هو الوحيد القادر على الحفاظ على هيبة الرقم في مانشستر أو على حمل إرث راؤول الثقيل في مدريد.


كابوس روني وراؤول يضحك من بعيد

مكوث رونالدو في مانشستر بعد 2009 كان سيُعد تمهيدًا لتنصيبه أسطورة النادي الأولى واعتماده هدافًا تاريخيًا للنادي، ففي سن الثالثة والعشرين رونالدو كان قد أحرز 118 هدفًا مع مانشستر يونايتد في حين تسجيل روني 97 هدفًا فقط في نفس الوقت، فمع استمرار معدل تهديف كليهما في النمو كان سيصبح رونالدو الهداف التاريخي لمانشستر، رونالدو الذي سجل 390 هدفًا بعد رحيله عن الشياطين في حين حصد روني لقب الهداف التاريخي بتسجيله 250 هدفًا في تاريخه مع مانشستر كاملًا.

في حين كان سينعم راؤول حتى الآن بترتيبه الأول في هدافين البلانكوس، فمن يستطيع مُعادلة رقم استغرق راؤول صناعته في 16 عامًا في سبعة أعوام فقط غير رونالدو فقط؟!

بالمُناسبة على ألان شيرار أن يشكر إدارة ريال مدريد على استقدام رونالدو الذي كان سيُهدد عرش هداف البريميرليج التاريخي إذا ظل هُناك.


الكرة الذهبية للجميع

رونالدو ليس في مدريد إذًا ليس هُنالك رونالدو أمام ميسي في الكلاسيكو وبالتالي الأضواء لن تتسلط على النجمين فقط؛ بسبب ابتعاد المُنافسة ولو جُزئيًا بينهما بل وستسنح الفُرصة لكل نجوم أوروبا المُنافسة على الكرة الذهبية وذلك بسبب قوة الجهاز الإعلامي لقُطبي إسبانيا في الترويج لنجومهما.

وبالتالي مهما بلغ مستوى رونالدو في مانشستر لن يستطيع أن يحظى بدعم مثلما حظي في مدريد في مسألة الكرة الذهبية.


مويس العظيم

فرضية تواجد رونالدو في مانشستر بعد 2009 كانت ستضع احتمالات قوية لبقاء السير أليكس فيرجسون في منصبه وكان ذلك سيُغير من شكل المنافسة في إنجلترا، ولكن حتى لو رحل السير أليكس فيرجسون كان مويس سيُصبِح مُدربًا كبيرًا وكان من الممكن أن يحصل على البريميرليج، فرونالدو الذي يُسجل هدفًا على الأقل في المباراة كان سيضع مانشستر يونايتد في قمة ترتيب الجدول بسهولة، فالكل شاهد تأثير مهاجم هداف في البريميرليج على فريقه، فسواريز ومع فريق يمتلك لاعبين أغلبهم متوسط كان سيقود ليفربول للبريميرليج وهاري كين جعل من توتنهام مُنافسًا على اللقب بدلًا من مُجرد فريق يُريد التأهل لدوري أبطال أوروبا، وبالتالي لم يكن ليرحل مويس ولم يكن ليأتي فان خال ووقتها لن يستطيع مورينيو إيجاد فريق كبير يُعيده للواجهة بعد حادثة تشيلسي وربما كان ذهب لتدريب البرتغال أو عاد لإيطاليا.

على كل حال يجب أن نشكر الأقدار التي ساقت رونالدو إلى مدريد قبل قدوم فان خال إلى مانشستر، بالتأكيد كان سيستخدمه الهولندي كظهير جناح أيسر في خطة 3-5-2.


جمهور ريال مدريد البائس

وجود ميسي في برشلونة بتلك الموهبة والعطاء العظيم جعل كل من ينتمي لكتالونيا يفتخر بالأرجنتيني ويتباهى به أمام كل مشجعي الفرق الأخرى، وليس هناك أفضل من مدريدي كي تُذكره بما فعله ميسي بهم. ولذلك فإن عدم قدوم رونالدو إلى مدريد ما كان ليؤثر على الأداء الفني وتحقيق الفريق للألقاب فقط، وهو أمر مؤكد نظرًا لقيمة رونالدو كلاعب موهوب وهداف وقيمته كقائد في الملعب يُعطي الثقة لزملائه بالفوز الذي كان سيصعُب تحقيقه بدونه خصوصًا في حالة التردي التي كان يعيشها أبناء العاصمة قبل قدوم البرتغالي، بل وأيضًا كان سيمنع جمهور الميرينجي من التغني بنجم يُجابه ميسي في الإنجازات الفردية حتى يستطيعوا أن يُقيموا رأسهم في النقاشات، فمن يقوى على مواجهة وحش كميسي سوى غول مثل رونالدو؟!

على الجانب الآخر كان سيستمتع جمهور مانشستر بالنجاحات التي يُقدمها الفريق مع نجم العالم الأول من نظرهم وكانوا سيغضبون عند تحقيقهم لمركز مثل الثاني وهم يتمنون تحقيقه الآن، وبالطبع لم نكن لنشاهد جمهور مانشستر يُرسل رسالة عبر طائرة تُخاطب رونالدو قائلة له «عُد إلى منزلك رونالدو».


ميسي يهبط إلى الأرض ورونالدو الأليف

اللاعب الذي يروق للكثيرين تلقيبه بالفضائي لقُدراته الخارقة داخل الملعب من مرواغات وأهداف وصناعة لعب مُقابل اللاعب الآخر السريع القوي الهداف الذي لن تستطيع حماية مرماك من أهدافه مهما فعلت ولن يقوى أحدهم على الارتقاء بجانبه، ميسي مقابل رونالدو، تلك المُنافسة التي دامت لثمانِ سنوات حتى الآن جعلت كلًا منهما تزيد رغبته في الاستمرار بالنجاح لمجرد ألا ينهزم من الآخر، حيث إنه يرى كثيرون أن نجاح رونالدو وميسي لم يأتِ فقط نتيجة لموهبة إلهية ولكن بعمل شاق استمر سنوات وحافز معنوي قلما يستطيع البشر تجديده، ولكن جمهور وإعلام إسبانيا أبى أن يترك النار تخمد وجعل التنافس يشتعل أكثر،

فبدون مجيء رونالدو إلى إسباينا لن يجد ميسي من ينافسه مُباشرةً وكان سيجد نفسه الأفضل في الليجا دون نقاش، إذًا فلماذا العمل والاستمرار؟ لمنافسة بنزيما؟!ن وبالتالي المستوى الخرافي الذي نشاهده كان سيصبح ضربًا من الخيال، كذلك رونالدو الذي سجل في مدريد أهدافًا تفوق عدد مُبارياته في إعجاز كروي هل كان يمتلك الإرادة لفعل ذلك وهو ينافس دروجبا و توريس؟، بالطبع لا.

كذلك العداء الواضح بين جمهور برشلونة ورونالدو كان سيختفي أو على الأقل سيظهر في أوقات أقل بل وستجد البعض يُشيد بأسطورة الشياطين الحُمر ويتمناه لو كان في فريقه، وبالطبع لم نكن لنسمع مصطلحات مثل «المُنتهي» و«بينالدو».


انهض يا بيل

الكُل يتذكر تعليق فهد العتيبي على هدف بيل الرائع في مرمى ويستهام عندما كان يلعب لتوتنهام وهو يُخاطبه «انهض يا بيل، حاول يا بيل»، فبدون رونالدو في منصب ملك مدريد كان الطريق سيكون مُمهدًا لبيل ليُصبح نجم الفريق الملكي الأول بدلًا من الاكتفاء بدور ثانوي في فيلم بطولة كريستيانو، بيل كان سينهض هُنا ليُثبت أنه يستطيع تقديم أكثر بكثير مما يُقدم الآن. بالطبع لن يُصبح مثل رونالدو أو يقترب ولكن مُقارنةً ببيل الحالي كان سيُصبح أكثر لمعانًا وتألقًا ليس بسبب أن رونالدو ظالم أو بيل مظلوم ولكن لأنه لا يوجد فريق في العالم يتحمل بطلين وبطل مدريد دون شك هو رونالدو.


رونالدو بدون تاجه الأوروبي

عدم وصول رونالدو للنادي الأكثر تتويجًا بدوري الأبطال بالطبع لم يكن ليسمح له أن يُصبح الهداف التاريخي للبطولة وأكثر من صنع أهدافًا فيها وأكثر من سجل في أدوارها الإقصائية، ولم يكن يتسنى لرونالدو المُنافسة عليها كل عام.

قد يجد البعض هذا مُبالغة في قيمة ريال مدريد في أوروبا ولكن إذا نظرت للهدافين التاريخيين لدوري الأبطال ستجد الخمسة الأوائل منهم 4 حملوا القميص الأبيض.

فبقاء الدون في مانشستر كان سيجعله يلعب دوري الأبطال بشكل مُنتظم، ولكنه كان سيجد صعوبة في تحقيق الأرقام القياسية التي حققها في مدريد وكان سيضيع عليه الدخول في القائمة العاشرة المُنتظرة التي على الأغلب لم تكن لتأتي بدونه.

على كل حال انتقل رونالدو في النهاية لمدريد ولو لم ينتقل وظلّ في مانشستر لكنا وقتها عانينا من أجل تخيل شكل المُنافسة الرائع الذي كان سيحتدم بينه وبين ميسي وأننا كم افتقدنا أن يحدث هذا!