عرضت الحلقة الأولى من المسلسل الأمريكي «westworld» في مساء يوم الأحد 2 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، المسلسل من إنتاج شبكة «HBO» التي أشتهرت بإنتاجها الضخم للأعمال الدرامية مثل «game of thrones»، و«Spartacus»، و«true detective».المسلسل مقتبس من فيلم يحمل الاسم نفسه ومن إنتاج عام 1973م، وتدور أحداثه حول منتزة خيالي يسكنه كائنات اصطناعية وتقوم على خدمة زواره من البشر. ولكن من الحلقة الأولى يعلن المسلسل عن تفرده واختلافه الكامل عن الفيلم الأصلي.قبيل عرض الحلقة الأولى بدأت بعض الآراء تتهافت من قبل النقاد، حيث وصف الناقد «أرك جولدمان» المسلسل بأنه «game of thrones» القادم وهو الرأي الذي اتفق عليه نقاد آخرين. ولكن وضع المسلسل في مقارنة مع «Game of Thrones» لهو تحدي ضخم بكل تأكيد، وخصوصاً أن المسلسل في موسمه الأول، ولم تتضح حبكته الرئيسية بعد. ولكن يمكننا تحليل عناصر العمل المختلفة من طاقم كتابة وتمثيل وإخراج، وكذلك ما رأيناه في الحلقتين الأولي والثانية، لنتمكن من الوصول لنتيجة هل يمكن أن يتربع «westworld» على عرش الأعمال الدرامية بعد أنتهاء game of thrones أم لا. نحن نتحدث عن الإمكانية فقط، لا ما سيحدث ولا ما سيؤول إليه المسلسل.


صناع العمل

المسلسل من إبداع «جونثان نولان» وزوجته «ليزا جوي نولان»، حيث قاموا بكتابة الحلقات ووضع الرؤية الإخراجية للمسلسل، وقام جونثان بتولي إخراج الحلقة الأولى والأخيرة بالأضافة لمشاركة العديد من المخرجين ذي المسيرة المهنية الحافلة في عالم المسلسلات، حيث شاركوا في إخراج حلقات من مسلسلات شهيرة مثل «lost»، و«csi»، و«Dexter»، و«gamed of thrones» ورشح بعضهم لجوائز الإيمي كالمخرج «نيل مارشال» و «ريتشارد لويس»، مما يجعلنا نتنبأ بمستوي إخراجي جيد.أما جونثان نولان مبدع العمل والمشارك في الإخراج فمسيرته حافلة، فاشتهر جونثان نولان مع أخيه المخرج «كروستوفر نولان» في كتابة الأفلام ذات الحبكة الصادمة أو مايطلق عليه الجمهور «mind fuck» وتمثل ثنائية الأخوين نولان حدث منتظر لمتابعي السينما العالمية، قام الأخوين جونوثان وكروستوفر نولان بكتابة أفلام مثل سلسلة «the dark knight» الشهيرة، و«interstelar»، و«the prestige»، أما «ليزا نولان» شريكة جونسان في كتابة العمل فليس لديها سجل فني كبير، حيث شاركت في كتابة بعض المسلسلات المغمورة والحملات الدعائية، وعليه فلا نستطيع الحكم عليها في الوقت الحالي.المسلسل من بطولة عدد من النجوم الذين شاركوا في العديد من الأعمال السينمائية الهامة منهم «إيفان راشل وود»، التي شاركت في فيلم «المصارع» من إخراج «دارين أرنفوسكي»، و«»the ides of march»، بالإضافة للممثل «جيفري رايت» الذي شارك في فيلمي «source code» و«the hunger game»، والممثلة «ثاندي نيوتن» الحاصلة علي جائزة البافاتا البريطانية عن فيلم «crash»، والممثل الكبير «أنتوني هوبكنز» الحاصل علي جائزة الأوسكار عن تأديته لدور «هانيبال ليكتر» في فيلم «صمت الحملان»، و«إيد هاريس» المرشح لأربع جوائز أوسكار.نستطيع القول أن المسلسل متميز في عناصره المختلفة من إنتاج وطاقم إخراج وتمثيل وكتابة، هذا من ناحية العناصر الفنية، أما من ناحية الموضوع فسنقوم بتحليله من خلال ما تبدي لنا من الحلقتين الأولي والثانية.


غموض المستقبل

المشكلة يا برنادر أن الذي نفعله أنا وأنت معقد جداً، نحن نمارس السحر، ننطق الكلمات الصحيحة ثم نخلق الحياة بنفسها من رحم الفوضى، لا يمكنك لعب دور الإله من دون التعرف على الشيطان.
روبرت فورد، أحد شخصيات المسلسل

تدور أحداث المسلسل في مستويين، المستوى الأول يعرض فيه حياة مجموعة من مطوري منظومة الذكاء الصناعي والمستثمرين فيها، تمتلك هذه المنظومة المتطورة ذكاء ومشاعر وتصرفات وجسد مثل بقية البشر، يعيشون في أرض مصطنعة تسمي «westworld» ويسمون فيها بالمضيفين، وهذه الأرض يذهب إليها الرجال الأغنياء من البشر ويطلق عليهم «الضيوف» لعيشوا حياة عصابات «الكاوبوي»، وممارسة القتل والاغتصاب والنهب في هؤلاء البشر المصنعون، يستطيع الضيوف «من البشر» قتل المضيفين، ولكن لا يمكن حدوث العكس.المستوى الثاني وهو حياة المضيفين، وحياتهم هي قصص مكتوبة من مخيلة بعض كتاب القصص المختارين ضمن طاقم تطوير westworld، وعندما تنتهي أحد هذه القصص يتم إيقاف تشغيلهم، ثم إعادة تشغيلهم في قصة أخرى بذاكرة جديدة، ولا يستطيعون تذكر قصصهم، ولا مشاعرهم، ولا علاقاتهم الماضية.ويبدأ المسلسل بحبكته الأكبر وهو بداية إدراك المضيفين لأجزاء من قصصهم الماضية وما تعرضوا له من أهوال على يد الضيوف (البشر الحقيقيون) مما يجعلهم يتساءلون عن وجودهم وعن معنى الكوابيس التي يرونها.يبدو أن هذا العمل سينضم لمجموعة الأعمال الفنية التي تتسائل عن المستقبل الغامض، والعلاقة بين البشر والذكاء الصناعي، ومن يستطيع السيطرة على الآخر، بالأضافة للبحث عن مفهوم الإله والخلق. فلو أصبح الذكاء الصناعي لديه قدرات بشرية أو أي قدرة تشبه الوعي الإنساني، فقد أصبح الإنسان خالق أصيل لكائن آخر. فهذا سيطرح تساؤلات عن علاقة الإنسان بالخالق وغيرها من الأسئلة ذات الطابع الأنطولوجي.بدأت الأعمال الفنية ذات الصبغة الفلسفية التي تتحدث عن علاقة الإنسان بالذكاء الاصطناعي، بسلسلة «the matrix» وحققت شهرة جماهيرية ونقدية، وفي عام 2013م تم عرض فيلم «her»، الذي يربط بين تطور الذكاء الصناعي والقضايا الذاتية للبشر، ومفاهيم الحب والوحدة والإبداع، وحصل الفيلم علي جائزة الأوسكار لأفضل نص أصلي. ثم رأينا فيلم «Ex machina» الذي يطرح سؤال واضح، هل يمكن للذكاء الصناعي أن يكون أقوي من البشر؟، وقد جاوب الفيلم على هذا السؤال بالجمع بين القصة الدرامية والواقعية التقنية، حيث تحدث الفيلم عن ماهو ممكن مستقبلاً بمعادلات برمجية، هذا هو الجزء الأكثر رعباً في الفيلم.نعم مسلسل «westworld» يمتلك الإمكانيات الكافية ليحل محل «game of thrones»، بل يمكن القول أيضا أنه يمتلك قصة أكثر تعلق بالتساؤلات الإنسانية عن المستقبل وما يمكن أن يحدث فيه، هذا ما ستكشفه لنا الحلقات والمواسم القادمة.