عقب 30 يونيو/ حُزيران 2013 ومع التقارب المصري الروسي، تداولت وسائل الإعلام العالمية أخباراً حول نية روسيا إقامة قاعدة عسكرية لها في مصر لتعزيز تواجدها في البحر المتوسط.

وهو ما نفته موسكو والقاهرة أكثر من مرة، إلا أن تصريحات وتقارير استخباراتية عدة أشارت إلى حدوث تغيرات في ذلك الشأن بما يُفيد تعزيز التواجد العسكري الروسي في مصر وخاصة بالقرب من حدودها الغربية مع ليبيا التي تشهد عمليات عسكرية عدة تُشارك فيها قوات تابعة للواء خليفة حفتر المدعوم من روسيا والمقرب من النظامين المصري والإماراتي،حتى نقلت وكالات أنباء عالمية أخباراً عن تواجد قوات ومعدات عسكرية روسية في قاعدة مصرية هذا الأسبوع.


نوفمبر/تشرين الثاني 2013

في الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني عام 2013 ومع بدء مصر علاقات قوية مع روسيا تضمنت صفقات سلاح ضخمة، نشر موقع ديبكا المقرب من الاستخبارات الإسرائيلية تقريراً يُفيد بتقديم الجانب الروسي عرضاً لمصر بإقامة قاعدة عسكرية بحرية لها مع تحديد 4 مواقع مقترحة لتلك القاعدة، وهو ما أوضحه لاحقاً وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في تصريحات لوكالة «نوفوستي» الروسية الرسمية للأنباء.

والذي قال خلالها:

إن موسكو راغبة في توطيد مواقعها في منطقة البحر المتوسط. ومن أجل ذلك تريد روسيا أن تحصل على تسهيلات لقواتها البحرية من مصر

موضحاً أن وصف ذلك بإقامة قاعدة عسكرية هو كلام مبالغ فيه، على غرار وصف التواجد الروسي في ميناء طرطوس السوري بالقاعدة العسكرية البحرية أيضاً – وهي الميناء التي تحولت إلى قاعدة روسية بالفعل تضم منظومة الدفاع الصاروخية «إس-300» وسفن عسكرية وتقرر تعزيزها بمنظومة للتحكم، ومنظومة حراسة ودفاع، ومنظومة للدفاع الجوي وعناصر دفاع مضادة للغواصات، ومجموعة كبيرة من القوات البرية–.

إلا أن الخا رجية المصرية نفت أن تكون روسيا قد طلبت إقامة قواعد عسكرية على أراضيها، معتبرة أن تصريحات لافروف جرى ترجمتها بصورة «غير دقيقة».


أكتوبر/تشرين الأول 2016

وفي أكتوبر/ تشرين الأول عام 2016 وعقب انتهاء مناورات «جسر الصداقة» المصرية الروسية، التي أُجريت في البحر المتوسط، بين القوات البحرية المصرية ونظيرتها الروسية، نقلت وسائل الإعلام تصريحات من مصدر في الخارجية الروسية، ومقرب من وزارة الدفاع الروسية لـ صحيفة«ازفيستيا» الروسية تُفيد بمُشاركة روسيا في إعادة ترميم مواقع عسكرية مصرية في مدينة سيدي براني الواقعة على البحر المتوسط والقريبة من الحدود الليبية.

وأن مُحادثات جرت بين الطرفين خلال ذلك تم التطرق خلالها إلى إنشاء قاعدة عسكرية روسية ستكون جاهزة للاستعمال بحلول عام 2019، سيتم استخدامها كقاعدة عسكرية جوية في حال توصل الطرفان إلى اتفاق، حيث أشار المصدر إلى أن القاهرة مستعدة للموافقة على حل المشاكل الجيوسياسية التي تتماشى مع مصالح الطرفين.

موضحًا أنه ما تم التوصل إليه حتى هذه المرحلة، فإن روسيا ستزود القاعدة عن طريق النقل البحري، وأن عدد القوات الروسية هناك سيكون محدودًا، وأشارت الصحيفة إلى أهمية وجود تلك القاعدة لتعزيز التواجد العسكري الروسي في البحر المتوسط والذي يتوافق مع ما قاله نيكولاي بانكوف نائب وزير الدفاع الروسي أمام مجلس الدوما، مُشيرة إلى أن الاتحاد السوفيتي كانت له قاعدة بحرية في مدينة سيدي براني حتى عام 1972، وكان يستغلها لمراقبة السفن الحربية الأمريكية.

وقد أرجع بعض المتابعين إلى أنه من الممكن أن يكون ذلك الطلب بمثابة ترضية مصرية لروسيا عن حادث إسقاط الطائرة الروسية فوق سيناء جراء عملية إرهابية تمت عن طريق عبوة ناسفة في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2015 تم إدخالها من مطار شرم الشيخ، وكمقابل لاستمرار الدعم الروسي للنظام المصري، إلا أن المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية نفى نفياً قطعياً إمكانية بناء قواعد أجنبية في السواحل المصرية.

والذي تزامن حديثه مع تصريح صدر عن مصدر عسكري لجريدة الأهرم قال فيه:

في إشارة إلى ما أعلنته الولايات المتحدة الأمريكية في وقت سابق سعيها إلى بناء قاعدة عسكرية في السواحل المصرية.


دعم روسيا لحفتر

ومع تزايد حدة الصراع في الأراضي الليبية قامت روسيا بإرسال حاملة الطائرات «أدميرال كوزنيتسوف» إلى المياه الإقليمية الليبية في طريق عودتها للوطن بعد نهاية مهمة دعم للقوات الحكومية السورية، حيث قام القائد العسكري الليبي خليفة حفتر بزيارة حاملة الطائرات كإشارة على الدعم الروسي له في الصراع الدائر هناك والذي يُعارض فيه حفتر الحكومة الليبية المدعومة من الأمم المتحدة.

حيث قام بإجراء اتصال بالفيديو مع وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، حسبما قالت وكالة الأنباء الروسية «ريا» نقلا عن وزارة الدفاع الروسية، والتي أفادت بأنهما قاما بمناقشة قضايا عاجلة في الحرب ضد جماعات الإرهاب الدولي في الشرق الأوسط.

وهو ما يأتي بعد زيارة قام بها حفتر لروسيا في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي التقى خلالها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف وطلب دعم روسيا في الصراع، وتلك الحاملة التي كانت مواقع روسية أشارت إلى توجهها للبحر المتوسط مع بعض من حمولتها من الطائرات والأسلحة إلى السواحل المصرية، والتي أشارت مصادر عسكرية روسية إلى احتمال مشاركتها في مناورات في المتوسط للتدريب على مكافحة الإرهاب.

هذا إلى جانب حاملتي المروحيات المصريتين «جمال عبد الناصر» و«أنور السادات»، اللتين بنتهما فرنسا في البداية لصالح روسيا ومن ثم فسخت العقد وباعتهما للقاهرة، وهما من طراز «ميسترال» المصممتان خصيصًا لحمل مروحيات روسية الصنع على متنيهما.


مصالح موسكو بليبيا

إن دولاً كبرى سعت من قبل إلى إنشاء قاعدة عسكرية على الأراضي المصرية، وهو ما ترفضه القيادة السياسية كمبدأ

وفي سياق تلك التحركات عادت الأخبار عن القوات الروسية فوق الأراضي المصرية، بعد أن نشرت وكالة رويترز للأنباء تقريراً يُفيد بوجود قوات وطائرات دون طيار روسية في قاعدة عسكرية مصرية بالقرب من الحدود الليبية.

وهو الأمر الذي أكده كل من موقع ديبكا الاستخباراتي الإسرائيلي والذي أوضح أن تلك القوات جزء من قوات النخبة الروسية، وهو ما أوضحته صحيفة يدعوت أحرنوت الإسرائيلية بقولها إن ذلك التحرك الروسي يهدف إلى دعم الجنرال حفتر، الذي مني مؤخراً بهزيمة عبر هجوم قوات بنغازي (BDB) على آبار النفط التي كان يسيطر عليها.

تلك القوات التي أشارت إلى تواجدها عمليات استطلاع جوي أمريكي، والتي قالت إنها تضم طائرات نقل وطائرات دون طيار روسية وفق ما نقله موقع CNN، والذي أشار إلى شهادة الجنرال والدهاوزر أمام لجنة الخدمات المسلحة في مجلس الشيوخ الأمريكي والتي قال فيها إن:

روسيا تحاول التأثير على القرار النهائي حول الكيان الذي سيصبح مسؤولاً عن الحكومة داخل ليبيا. إنهم يعملون على التأثير على ذلك

وفي سؤال للسيناتور الجمهوري، ليندسي غراهام، حول ما إذا كان الروس يحاولون فعل في ليبيا ما يقومون به في سوريا، أجاب ليرد والدهاوزر بـ«نعم، هذه صيغة مناسبة لوصف ذلك».

وهي المعلومات التي نفاها المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية والذي صرح بأن «ليست هناك وحدات قوات خاصة روسية في سيدي براني في مصر»، تزامناً مع تصريح للمتحدث باسم الكرملين والذي أفاد بأنه ليس لديه «أي معلومات» حول إرسال قوات روسية إلى مصر، نافياً أيضاً أن تكون لموسكو مصلحة في تعميق نشاطاتها في ليبيا.