مصر المُحبة للحلوى تعاني من أزمة السكر…الشعب هيطق
أحد عناوين صحيفة «نيويورك تايمز» بخصوص أزمة السكر بمصر

أسابيع يعانيها الشعب المصري منذ غياب سلعة السكر في أغلب منافذ بيعها إلي جانب ارتفاع سعرها المبالغ فيه؛ فتتراوح أسعارها ما بين ثمانية إلي عشرة جنيهات تقريبًا إذا ما توافرت، وهو ما جعل الشعب في حالة من الغليان حيث يعتبر السكر واحد من أهم السلع الغذائية لدي المصريين.

يعد السكر المكون الأساسي في حياة المصريين اليومية؛مما جعل المصريين يستشيطون غضبًا بسبب نقص السكر الملحوظ وارتفاع سعره.


كيف ومتي بدأت أزمة السكر؟

إن مصانع السكر المحلية هي المتهم الأول وراء أزمة السكر في السوق المحلي هذه الفترة
«محمد رأفت رزيقة» رئيس شعبة السكر بغرفة الصناعات الغذائية

ترجع بدايات أزمة السكر إلي ما يقرب من عام عندما اتبعت الحكومة نظام جديد لتقديم السلع المدعومة للمواطنين على بطاقات التموين، فبعدما كان يتم توزيع السكر على المواطنين بسعر أقل من السعر المتاح بالأسواق، تم التحول إلى تقديم بطاقات تموينية ذكية مدعومة بمبلغ 15 جنيها شهريًا ليشتروا به السلع التي يحتاجون لها بأسعار السوق العادية.

وبعد عدة أشهر من تطبيق ذلك النظام ومع ارتفاع تكلفة إنتاج السكر محليًا وصل سعر كيلو السكر المحلي إلي 5.15 جنيه بينما كان سعر كيلو السكر المستورد 4.5 جنيه؛ مما أدي إلى توقف المستهلكين عن شراء السكر المحلي وتوقف «شركة السكر والصناعات التكاملية» -التابعة للحكومة المصرية- عن تحقيق أي أرباح.

أدى غياب الرؤى الاقتصادية وحساب نتائجها إلى تفاقم أزمة السكر إلى جانب التأخر في الاستجابة لبوادر الأزمة ومحاولة حلها مبكرًا

مع زيادة التعريفة الجمركية للواردات على السكر المكرر بدأ السكر المحلي ليعود إلى التنافسية مرة أخرى؛ مما جعل الحكومة تمدد رفع التعريفة الجمركية ليشمل الواردات على السكر الخام أيضًا مع بداية عام 2016، مع بدايات شهر مارس/ آذار 2016 أدرك التجار أن حصاد مصر من السكر الخام لن يستطيع أن يغطي نسبة العجز الذي يتوقع أن يصل إلى 700 ألف طن.

مع إدراك الحكومة للمشكلة التي حلت بالشركة والمزارعين بدأت في رفع التعريفة الجمركية على الواردات من السكر المكرر وليس الخام؛ فقبل إبريل/ نيسان 2015 كانت التعريفة الجمركية للواردات على السكر المكرر 2% لكنها قامت برفعها في إبريل/ نيسان 2015 إلي 10 أضعاف حيث وصلت إلى 20%.

في مايو/ آيار 2016 بدأت الحكومة في خفض التعريفة الجمركية على الواردات من السكر الخام وليس المكرر؛ من أجل أن يغطي نسب العجز في الخام المصري للتمكن المصانع المحلية من العودة مرة أخرى للإنتاج، لكن مع ذلك الوقت كانت تتفاقم أزمة الدولار وأصبح سلعة نادرة لا يستطيعون الحصول عليها من خلال البنك المركزي المصري حيث أن البنك لم يضع السكر ضمن السلع الأساسية التي يمكن لمستورديها الحصول على الدولار من أجل استيرادها.

مع نهايات شهر أغسطس/آب 2016 أعلنت وزارة التموين أنها سوف تشتري ما بين 450 إلي 550 ألف طن سكر سواء من السكر المحلي أو الخارجي؛ إلا أن أسعار السكر في السوق العالمي كانت قد ارتفعت بشكل مبالغ فيه.

النائب «إيهاب غطاطي» عضو مجلس الشعب عن دائرة الهرم

في الوقت ذاته يرجع عدد من المواطنيين والمسئولين أزمة السكر إلى جشع التجار، ولجوئهم إلى تخزين كميات كبيرة من السكر على أمل ضخها مرة أخرى عندما يرتفع سعر السكر في حالات النقص؛ فيرى البعض أن سبب تلك الأزمة هو فتح باب استيراد السكر المكرر، مما جعلهم يحققون مكاسب كبيرة خاصة بعدما تم تقليل التعريفة الجمركية مرة أخرى.

ويرجع بعض المزارعين خاصة بمحافظات الصعيد سبب الأزمة إلى وزارتي الزراعة والتموين؛ حيث رأوا أنه مع فتح باب التوريد واحتكار الموردين للسعلة، إلى جانب تراجع المساحات المزروعة بالسكر الخام بسبب ثبات أسعار الطن عند معدلها السابق ليتراوح ما بين 400 إلي 500 جنيه للطن مما أدى لعزوف المزارعين عن زراعته.


أبرز مناطق الأزمة والإبلاغ عن المحتكرين

بلغت نسبة العجز في السكر 70%، على الرغم من أن البقالين التموينيين والجمعيات الاستهلاكية التابعة للحكومة لا تصرف للمواطنين إلا ما تم تحديده لهم؛ فبالنسبة لمنافذ توزيع التموين على المواطنين -حاملي البطاقات التموينية- لم يعد يصرف السكر إلا بواقع كيلو واحد لكل فرد من أفراد البطاقة بعدما كان من حق المواطنين تبديل أي من السلع التموينية الأخرى بالسكر، وفي المجمعات الاستهلاكية لا يتم بيع سوا 2 كيلو فقط لكل مواطن بسعر 5 جنيهات.

تعتبر الإسكندرية من أكثر المناطق تضررًا من أزمة السكر فلم يصل للبقالين التموينيين سوى 30% من الحصص المقررة لهم والتي من المفترض أن توزع على المواطنين؛ وهو الأمر الذي تكرر للشهر الثاني على التوالي، بينما حاولت كلًا من محافظتي الدقهلية وبورسيعد بضخ كميات جديدة من السكر إلى المجمعات الاستهلاكية التي تقوم ببيع كيلو السعر بخمس جنيهات.

كما تعاني عدد من مناطق القاهرة الكبرى أيضًا من اختفاء السكر بها، مثلما هو الحال بالجيزة والهرم ومدينة نصر والتجمع الخامس، فتتلاشى تقريبًا وجود أية كميات للسكر بها.


تعامل الدولة مع الأزمة

كنا مستبشرين خير فى وزير التموين الجديد ولا نريد مزيدا من الأزمات، خاصة أزمة نقص أنابيب الغاز التي تختفي وتعود، وبدأت أزمة السكر تطفو على السطح وأصبحت طاحنة وتفاقمت وسعر الكيلو الحر وصل 10 جنيهات

وفي محاولة من الدولة لمواجهة عمليات تخزين السكر لبيعه عندما يرتفع سعره أكثر؛ قام وزير الداخلية اللواء «مجدي عبد الغفار» بإصدار تعليمات بصرف مكافآت مالية قدرها خمسة آلاف جنيه مصري لمن يعطي معلومات مؤكدة عن التجار المحتكرين للسكر وأماكن تخزينها في جميع محافظات الجمهورية، كما تم تخصيص رقم ساخن للإبلاغ عن أي حالات عجز بالمجمعات الاستهلاكية أو عن أي تجار يقومون باحتكار السكر لصالحهم.

على جانب آخر بدأ تنفيذ عدد من الحملات الأمنية لظبط هؤلاء التجار، ففي بني سويف تم إلقاء القبض على أحد أصحاب مخازن المواد الغذائية وبحوزته كميات كبيرة من السكر المدعم والذي كان ينوي بيعها بالسوق السوداء، وبمنطقة العامرية بالإسكندرية تم التحفظ على 35 طن سكر مخزن دون ترخيص.

تتفاقم أزمة السكر يومًا بعد يوم دون وجود أية استراجية طويلة المدى لحل تلك الأزمة، فما بين قرارات حكومية غير مدروسة أدت إلى تفاقم تلك الأزمة وغياب الرقابة على التجار والمستوردين، وعدم إدراك البنك المركزي لطبيعة المجتمع المصري وعدم إدراجه السكر ضمن السلع الأساسية، يقف المواطنون وهم يعانون ويبحثون عن كيس سكر يكفيهم، لتعود طوابير المواطنين مرة أخرى لكن هذه المرة ليس على الخبز أو على أنابيب البوتاجاز ولكن على المجمعات الاستهلاكية للحصول على كيلو أو 2كيلو من السكر لسد احتياجات أسرهم الأساسية.

المراجع
  1. تعرف على أسباب أزمة السكر من بدايتها (مترجم)
  2. Sweet-Toothed Egypt Endures a Sugar Crisis: ‘People Are Going to Snap’
  3. من المسؤول عن أزمة السكر بمصر؟