انتهت قمة روما واليوفي في الأوليمبيكو بفوز روما بثلاثية مُقابل هدف في مُباراة كان يُسيطر عليها أمران لا ثالث لهما وهما إمكانية حسم اليوفي للقب الاسكوديتو السادس على التوالي كذلك أنها الأيام الأخيرة لملك العاصمة توتي كلاعب كرة الذي أعلن مونشي المُدير الرياضي الجديد اعتزاله نهاية الموسم.

توقع الجميع أن يكون توتي هو الملك المُتوج الليلة وأن يقوم الجميع بتكريمه خصوصًا أمام خصم بقيمة اليوفي وفي حضور أسطورة أُخرى كبوفون ولكن سباليتي لم يكن يُريد أن تكتمل الصورة وكرر ما فعله أمام الميلان في السان سيرو رغم انتقاد الجميع له.


المُباراة: بين أبطال أليجري وخداع سباليتي

بدأ سباليتي المُباراة بتشكيلة مُتوقعة فيما عدا غياب دزيكو المُهاجم الأساسي واعتماده على بيروتي كمُهاجم وهمي خلفه ناينجولان وعلى الأطراف صلاح والشعرواي ودي روسي وباريديس في وسط الملعب ورُباعي دفاعي يتكون من روديجير ومانولاس وفازيو وإيميرسون، يحرس مرماهم البولندي تشيزني.

سباليتي كان يُريد ألا يُحقق اليوفي الفوز عليه لأنه لا يُريد أن يحتفل اليوفي في الأوليمبيكو بلقب الاسكوديتو ولا يُريد أن يكون آخر لقاء لتوتي أمام اليوفي هو تتويج اليوفي باللقب.

في حين كان يدخل أليجري اللقاء بهدف خطف الفوز أو على أقل تقدير التعادل ولكنه يعلم أنه تقريبًا قد حقق لقب الدوري حتى لو خسر أمام ذئاب العاصمة، كما أنه يعلم أن هُناك نهائيين آخرين في الموسم، أحدهما نهائي دوري أبطال أوروبا البطولة التي تُمثل عُقدة بالنسبة للبيانكونيري، كذلك نهائي الكأس أمام لاتسيو المُتألق مؤخرًا، ولذلك نجد أليجري مُكررًا «لم نفُز بشيء حتى الآن».

كُل ذلك كان في رأس أليجري لذلك بدأ بتشكيل منقوص من نصف لاعبي الفريق الأساسي تقريبًا فلا ديبالا ولاكيليني ولا ألفيش أو ساندرو كذلك لم يُخاطر بماركيزيو، كُل ما كان يُفكر به ماسيمليانو أن يكون الكُل جاهزا لمواجهتي لاتسيو وريال مدريد حتي لو كلفه ذلك خسارة قمة الألومبيكو.

تشكيلة الفريقين وطريقة اللعب
تشكيلة الفريقين وطريقة اللعب

كان واضحًا من البداية رغبة كل لاعب من الجيالوروسي ألا يجعل اليوفي يحتفل في الأوليمبيكو وأن يجعل وداعية توتي أكثر إحترامًا، لذلك وبغض النظر عن استخدام أليجري لعدد بدلاء أكثر فقد كانت الرغبة والحماس أكبر عند أبناء العاصمة، ظهر ذلك جليًا في البداية الهجومية الضاغطة من فريق روما لكن ازداد الأمر وضوحًا بعد تقدم اليوفي بهدف ليمنا الذي عادله دي روسي بعده بثلاث دقائق فقط.

المُباراة كانت تُلعب في المنطقة خلف وسط ملعب اليوفي التي لا يُجيد لا بيانتش ولا ليمينا التمركز فيها كذلك لعب سباليتي على تلك المساحة بالتقدم الواضح لنايجولان ورجوع بيلوتي لاستلام الكرة فيها مما يضطر أحد قلوب الدفاع بنعطية أو بونوتشي للتخلي عن مركزه والضغط فيتم خلق مساحة لصلاح والشعراوي.

لذلك كان على أليجري إذا كان يريد أن يُريح لاعبيه أن يلعب 3-4-3 بحيث يمكن للمدافع الثالث تغطية تلك المساحة دون فتح مساحة في القلب يتحرك فيها الجناح العكسي ويُسبب المشاكل.

مناطق تحرك وعدد لمسات كُل من ثلاثي وسط روما (علي اليسار ) وثلاثي وسط اليوفي (علي اليمين) تفوق واضح للرومانيستا، المصدر: www.whoscored.com

من الخريطة الحرارية يتضح الضغط الذي قام به وسط ملعب روما خصوصًا نايجولان وتواجده في مناطق اليوفي عكس وسط اليوفي الذي كان مُشتتًا لا يقدر علي تقبل الضغط أو حتى تحرير باقي الفريق بتمريرات طولية لهيجواين ومانزوكيتش.

حاول أليجري الرجوع في المُباراة قدر الإمكان بدخول ألفيش وماركيزيو وديبالا ولكن رجُل المُباراة نايجولان قرر إنهاء كُل شيء بتسجيله الهدف الثالث وليؤجل حسم الاسكوديتو للمُباراة المقبلة على الأغلب.

ورغم نهاية المُباراة من الدقيقة 65 ورغم أن المُباراة لن تؤثر فعليًا على حسم اللقب ففي كل الأحوال اليوفي البطل حتى مع خسارته لكن سباليتي قرر أن يُقنع الجميع أن هُنالك ما يمنعه من دخول توتي للملعب قبل الدقيقة 92!

الحقيقة أن سباليتي نفسه قد لا يستطيع تفسير ذلك القرار، فمع كُل الخلافات والمشاكل مع توتي لا يحق لك أيًا من كُنت أن تُعامله هكذا، بل كان من الأفضل ألا يدخل توتي المُباراة. سباليتي دائمًا ما لا يُجيد التعامل مع تلك المواقف فتغييره لدجيكو أمام بولونيا وبيسكارا رغم فوز الفريق وبنتائج عريضة شيء غير مفهوم، فالبوسني يُنافس على لقب هداف الكالتشيو وأنت تقوم بتبديله في كُل مرة!


بين توتي وتوتي «حوار تخيلي»

مناطق تحرك وعدد لمسات كُل من ثلاثي روما (علي اليسار ) وثلاثي اليوفي (علي اليمين) تفوق واضح للرومانيستا
مناطق تحرك وعدد لمسات كُل من ثلاثي روما (علي اليسار ) وثلاثي اليوفي (علي اليمين) تفوق واضح للرومانيستا
فرانشيسكو توتي، روما، الأولمبيكو
جمهور روما في الأولمبيكو يكرم فرانشيسكو توتي.

دخل توتي الأولمبيكو للمرة قبل الأخيرة كلاعب ولكنها المرة الأخيرة في أجواء كتلك، المرة الأخيرة أمام خصم مثل بوفون، المرة الأخيرة التي سيُقاتل فيها الفريق لأجل توتي ولأجله فقط، هي كانت الأخيرة في كُل شيء.

حينما نظر للعُشب الذي طالما تألق عليه وللشباك التي ذاقت منه العذاب أكثر من الكُل، تأمل عُمره الذي فات، تذكر 15 عامًا من مُحاولاته المُستميتة لجعل روما يُجابه الكبار ويتفوق عليهم، تذكر نجاحه وفشله وتذكر دموعه وابتساماته، حينها قال لنفسه بصوت مسموع «من أنا؟ هل أنا من رفض ريال مدريد ومانشستر يونايتد أم الذي لا يمتلك سوى فرصة مُشاهدة المُباريات من على الدكة؟» ثم سكت بُرهة، وبدأ الكلام مرة أُخرى قائلًا: «الحقيقة أنني أُحب هذا المكان، اُحب كل شيء فيه أحب رائحته وصوت الناس. لقد تركت الكثير من أجل البقاء هُنا ولكن لم يكن هذا كافيًا لهم أن يتحملوني عندما زاد عُمري،الشيء الوحيد الذي لا أمتلك التحكم به يُريدون مُعاقبتي عليه رغم أنني لم أتركهم عندما كنت أتحكم بكل شيء،حسنًا! لا يجب أن يكون توتي هكذا تماسك يا رجُل وقم بدورك ككابتن للفريق قبل المُباراة».

دخل فرانشيسكو غُرفة تغيير الملابس وقام بتحفيز اللاعبين ولكنه لم يكن كعادته كان غريبًا بعض الشيء، المُباراة الآن على وشك البدء، الكُل يُصافح الكُل ويأخذ توتي موقعه من الدكة وتبدأ المُباراة.

بدأ توتي يهمس بصوت غير مسموع وبوجه عليه من التعب والإرهاق ما يكفي لإثارة الشفقة «هل سيتغير سباليتي اليوم ويجعلني أُشارك في وقت ما، أم سيتركني كعادته؟ سُحقًا لك يا لوتشيانو! لو تمكنت من رأسك لحطمتها، ماذا تعني المُباراة لك أيُها الغبي؟ اتركني أُشارك أرجوك أُريد الاستمتاع بآخر نسمات الأولمبيكو، أرجوك لوتشيانو وبحق كُل سنوات عُمري هُنا اتركني ولن تندم».

هجمة ليوفينتوس وكرة طويلة لهيجواين ثم هدف لليمينا، بدأ وجه توتي بالعبوس وتمنى بداخله ألا يكون قد وُلد حتى لا تكون نهايته كتلك، هُنا ظهر دي روسي وسجل التعادل سريعًا، سريعًا جدًا حتى لا يتأزم الأمر ولكن هدف التعادل كان بخطأ من بوفون، الحقيقة يبدو وأن جانلويجي يُحب توتي لدرجة لا تجعله يرضى بأن تكون نهايته هكذا.

بدأ الشوط الثاني ولاعبو روما يطمحون للفوز وبالفعل انتهت المُباراة في الدقيقة 65 هنا بدأ توتي بالحديث مرة أخرى «ألا يكفي ما فعلته كي تتركني ألعب مُباراة كتلك ونحن فائزون؟ لا أعلم ماذا ارتكبت كي تُعاملني هكذا؟ من أنت من الأساس؟ الجميع هُنا يعرفني ويُحبني ويُغني باسمي ولكنني الآن مُجرد عجوز يُشاهد فريقه فائزًا من على الدكة».

الآن المُباراة على وشك الانتهاء، يأس توتي من كثرة التمني وإذ به يسمع صوت لوتشيانو قائلًا « فرانشيسكو! هيا لقد حان دورك» نظر توتي لساعة الملعب ووجدها الدقيقة الثانية بعد التسعين لم يكُن يدري يضحك أم يبكي وبالفعل دخل المُباراة ليذوق طعم الحياة للمرة قبل الأخيرة أو الأخيرة رُبما مع سباليتي، دخل ليسمع تصفيق الجماهير له.

انتهت المُباراة واحتفل الجميع في الملعب من لاعبي روما إلا توتي الذي فرّ مُسرعًا من الجميع نحو غُرف تغيير الملابس لأنه لا يُريد أن يرى أحدهم توتي وهو يبكي.